نسبت بعض الصحف والقنوات الإخبارية للصحفى الكبير والمخضرم محمد حسنين هيكل أنه قال : إن المشير السيسى هو الرئيس الضرورة - وقد لقى هذا الوصف الكثير من التعليقات بعضها مؤيد وبعضها معارض , إلا أنه كان هناك ما يشبه الإجماع من الذين تناولوا الأمر بالتعليق أن مثل هذا التصريح يمثل عودة للغة القديمة التى أدمنها بعض الكتاب فى مصر والعالم العربى والتى تمجد القادة وتسبغ عليهم من الصفات ما يرتفع بهم فوق مستوى البشر العاديين , وهو ما أُطلق عله : - الإعلام الذى يصنع الطغاة
ولقد تعجبت فعلا من ان ينزلق الكاتب الكبير هذا المنزلق الأدبى بعد خبرته الطويلة ومعايشته للأحداث ورصده لنتائجها منذ حوالى سبعين عاماما . إلا أن الرجل قد رد على ذلك بان بين ان نص تصريحه هو (أن السيسى هو رئيس الضرورة ) وليس (الرئيس الضرورة ) . وهنا يتضح للقارئ ميزة الغة العربية ودقة دلالاتها وثرائها الغريب . فقد درسنا فى علم النحو أن حرفى الألف واللام يفيدان تعريف الأسماء فحين نريد أن نعرف كلمة كلمة - قائد- نضع عليها الألف واللام فتصبح القائد , أو نضيفها إلى اسم معرفة بعدها مثل قائد المعركة أو قائد الضرورة فتصبح معرفة بالإضافة . وبتغيُّر أداة التعريف يتغير المعنى تماما , والقضية التى أمامنا أوضح دليل على ذلك . فكلمة القائد الضرورة تعنى وصف المشير السيسى بأنه القائد الحتمى والذى لا شبيه له ولا نظير حيث إن قدراته القيادية ومواهبه الفذة هى التى أملت ضرورة قيادته لمصر . أما التعريف بالإضافة فى كلمة قائد الضرورة فهى تعنى معنى مغايرا تماما للمعنى الأول حيث تدل على أن هناك ظروفا خاصة اضطرت مصر إلى اختيار رجل عسكرى لرئاستها , وبالتمعن فى معنى الكلمتين نجد أن التعبير ب -القائد الضرورة - يمتدح المشير السيسى ويضعه فى مصاف القادة التاريخيين الذين لا غنى عنهم بينما التعبير ب -قائد الضرورة - يدل على أن الوطن مضطر إلى هذا القائد العسكرى فى هذه الظروف حتى وإن لم يكن هو الرجل الأنسب , حيث قامت الثورة ضد الحكم الدينى والحكم العسكرى معا . وهكذا ترون أن مجرد الألف واللام فى كلمة الرئيس فى -الرئيس الضرورة - وحذفها منه فى : رئيس الضرورة قد عكس المعنى تماما !
هذا ملمح من ملامح مراوغات لغتنا العربية واختلاف دلالاتها باختلاف وضع الحروف او تشكيلها اختلافا يغير المعانى والدلالات وهى ملا حظة أردت وضعها أمام القراء الأعزاء .
التعليقات (0)