الجعفريّ: هذا الموقف ينطوي على مجموعة منطلقات، منها: المنطلق الوطنيّ العراقيّ؛ قوات الحشد الشعبيّ قوات مُقاتِلة على الأرض، وفي خط التماسِّ الأوَّل ضدَّ داعش، وسجَّلت انتصارات باهرة، فكان من الطبيعيِّ أن نـُعبِّر عن حبِّـنا ليس فقط بالدعوات، وبالخطاب، وبالحضور الدوليِّ، والإقليميّ، وإنما يجب أن نـُعبِّر كذلك بالدعم اللوجستيِّ. والمنطلق الآخر: السيارات والآليات مُلك الدولة سواء كانت من وزارة الخارجيّة، أم الداخليّة، أم أيّ وزارة من الوزارات.
هي مُلك الشعب للشعب.
إذا كنا نعطي من أموالنا الشخصيّة، فكيف وهي مال الدولة؟!
نعتقد أنه تعبير عن دعم، وشُعُور بأننا يجب أن نكون إلى جانب أبنائنا أبناء الحشد الشعبيِّ في مُواجَهتهم. هذه السيارات جاءت لتـُعبِّر عن هذا الشُعُور الصادق من قبل عُمُوم الوزارة. أنا رأيتُ أنَّ كادرنا في وزارة الخارجيّة كافة كان مُتفاعِلاً مع هذه الخطوة.
الجعفريّ: افتتاح السفارات كلها ينضوي تحت عنوان واحد اسمه: إصرار العراق على جعل العلاقات بينه وبين دول العالم كافة تقوم كحقيقة على الأرض العراقيّة. هذه هي دبلوماسيّـتنا الجديدة.
الأصل عندنا هو إقامة العلاقات مع الدول كافة: الدول العربيّة، ودول الجوار الجغرافيّ، والدول الإسلاميّة، ودول أوروبا، وأميركا، وأميركا اللاتينيّة.
نحن ننوي إقامة العلاقات على أحسن ما يكون مع كلِّ الدول، وننطلق في ذلك من أصل العلاقة عندنا هو هذا بحدّ ذاته هدف، وفي الوقت نفسه هناك مصالح مُشترَكة قد تتفاوت من بلد إلى آخر، لكننا عندما نلتقي أيَّ دولة من هذه الدول نفتح هذه الملفات؛ لتحقيق المصالح المُشترَكة خُصُوصاً أنَّ المصالح الآن أصبحت عابرة للقارّات، يُضاف إلى ذلك الخطر الإرهابيّ المُتمثـِّل الآن بداعش، وهو نقطة استراتيجيّة مُشترَكة بيننا وبين دول العالم؛ لذا نعتقد أنَّ العزلة لا تـُؤدِّي إلى نتيجة -الساحة لمَن حضر-؛ لذا سجَّل عدَّاد التحرُّك العراقيِّ مع الآخر العربيّ، والآخر الإسلاميّ، والآخر الأوروبيِّ، والآخر الأميركيّ امتدادات إيجابيّة لصالح العراق.
عندنا ثابت عراقيّ، وعندنا مُتغيِّر مع إقليميّ، ومُتغيِّر دوليّ. قد تختلف مصالحنا من دولة إلى أخرى، هذه المصالح لا يُمكِن أن تـُحقـَّق إلا من خلال الحوار المُباشِر، والحُضُور المُباشِر؛ لذا اعتمدنا مبدأ الإصرار على فتح هذه العلاقات، ولكنَّ هذا لا يعني أننا بعض الأحيان لا نختلف مع هذه الدولة، واختلافنا مع هذه الدول يُحَلُّ بالحوار المُباشِر، والاستنكار المُباشِر، لا القطيعة؛ لأنَّ القطيعة لا تـُؤدِّي إلى نتيجة، وليس لدى العراق شيء يخجل من التعبير عنه؛ لذا نجلس، ونتحدَّث، ونتحاور، وما يسمح به المجالس بالإعلان نـُعلِن عنه، وإلا ما كان يتأتى الحُضُور العربيّ بالإجماع حيال الموقف التركيِّ المُؤسِف. هذا ما جاء اعتباطاً، وإنما جاء بسبب الحوار، والحُضُور المُباشِر، والعلاقات الثنائيّة؛ فحقق إجماعاً عربيّاً في أوَّل مرّة في تاريخ جامعة الدول العربيّة.
نحن نـُصِرُّ على ضرورة جعل العلاقات مُتحرِّكة مفتوحة لا تشوبها شائبة سواء كان مع المملكة العربيّة السعوديّة، أم قطر، أم أيّ دولة أخرى.
الجعفريّ: ضمن نفس المبدأ نعدُّها خطوة جيّدة.
منذ أوَّل التصدّي لوزارة الخارجيّة قبل سنة وأربعة أشهُر، أو خمسة أشهُر نحن بدأنا المُحاوَلات، وتحدَّثنا مع الإدارة السعوديّة السابقة مُمثــَّلة بالملك الراحل خادم الحرمين عبدالله بن عبد العزيز حديثاً مُباشِراً، ومع سعود الفيصل وزير الخارجيّة عن مسألة استئناف العلاقة.
تـُوجَد مصالح بيننا وبين المملكة العربيّة السعوديّة؛ فهي دولة جوار جغرافيّ، وبلد الحرمين الشريفين يتقاطر عليها العراقـيّون في مواسم الحج والعمرة، وتـُوجَد مصالح كثيرة مُشترَكة؛ لذا سارعنا، وهيَّأنا المُقدّمات لإيجاد مناخات جيِّدة من شأنها أن تجعل العلاقات السعوديّة-العراقيّة في مُنعطـَف إيجابيٍّ، وعلى شفا ارتقاء نوعيٍّ حادٍّ، وهو يجب أن يكون، لكنَّ هذا الشيء لا يعني أننا لا نختلف، فلا يُوجَد في العلاقات السياسيّة عالم بلا اختلاف، ولكننا مسؤولون عن إدارة الاختلاف بطريقة صحيحة تحقق الأهداف، وتمنع المشاكل.
الجعفريّ: ما أقوله بحقِّ المملكة العربيّة السعوديّة أقوله بحقِّ قطر مع فارق ميدانيٍّ؛ وهو إنَّ السعوديّة مُحادِدة للعراق، وقطر أبعد قليلاً، ولكن تبقى ضمن البيت العربيِّ. واليوم نحتتُ مصطلحاً بأنَّ دول الجوار الجغرافيّ نـُعبِّر عنه بدول الجوار العربيّ؛ لماذا نـُحدِّده بالجغرافية؟ الآن مصر كبرى الدول العربيّة في أفريقيا، وأرض بعيدة عن أرض العراق، ولكن تبقى دولة جوار عربيّ، وإن لم تكن دولة جوار جغرافيّ، وقـُلْ مثل ذلك في الجوار الإسلاميِّ، والجوار الإنسانيِّ، وجوارات جديدة.
يجب أن نـُطوِّر مصطلحاتنا؛ حتى تـُعبِّر عمّا نحمل من مشاعر طيِّبة، وبمجموعها تـُعبِّر عن إحساسنا الإنسانيّ.
يجب على العالم أن يعيش حالة تقارب حقيقيّ عربيّاً، وإسلاميّاً، وأفريقيّاً، وهي مُتداخِلة في الأصل.. نحن نتجه لفتح العراق على هذه الدول.
الجعفريّ: باشرتُ، واتصلتُ بحوالى 6 أو 7 من السادة المسؤولين في لبنان، وجيبوتي، ومصر الأخ سامح شكري، واتصلت بوزير خارجيّة الإمارات، واتصلت بكثير من الوزراء، وكانت الاستجابة جيِّدة، ونأمل أن يُسجِّلوا حُضُوراً في العراق.
العراق يجب أن يتنفس بالرئة الإسلاميّة المفتوحة، كما تنفـَّس بالرئة العربيّة المفتوحة.
الفرصة مُؤاتية على منبر بغداد إذ تصدح الأصوات الإسلاميّة، كما صدحت الاصوات العربيّة، وأتمنى أن يحضروا على أعلى المُستويات، ويُساهِموا. أعتقد أنَّ هذا مكسب لعُمُوم الحالة الإسلاميّة؛ لأننا في أمسِّ الحاجة لضمِّ الصفِّ الإسلاميِّ خُصُوصاً أنَّ الإسلام يُقدَّم الآن بطريقة لا تمتُّ إلى الإسلام، ولا إلى رسول الإسلام بصلة؛ لذا ليس لنا إلا أن نـُقدِّم المُعادِل الإسلاميَّ الصحيح الذي يُعبِّر بحقٍّ عن قِيَم الإسلام، وأخلاق الإسلام، ووحدة الدول الإسلاميّة.
الجعفريّ: الموقف الذي اتخذه الأخ جبران وزير الخارجيّة أعتبره موقفاً صحيحاً وجيِّداً بإزالة اسم حزب الله ممّا وَرَدَ في البيان، ونحن لا نختلف معه، وكنت أتمنى أن تكون القضيّة أوسع.
أنا عبَّرتُ عن رأيي بشكل مُباشِر، ودوَّناه على شكل مُلاحَظات على البيان، والقرار، وتحفـُّظات، وعبَّرت عنه بالخروقات، لكنَّ حرصنا على وحدة الموقف العربيِّ خُصُوصاً أنَّ الموقف العربيَّ السابق صبَّ في صالح العراق إزاء موقف تركيا الذي اخترق السيادة.
نحن ثـبَّـتنا هذه التحفـُّظات، ولكننا جمَّدنا التعامل بها تماشياً مع وحدة الصفِّ العربيِّ، ونأمل أن يلقى هذا النوع من التعامل احتراماً، وقد انعكست مردوداته بالاحترام من الدول العربيّة، وغير العربيّة بأنه كان موقفاً حافظ بشكل مُتوازن، ونحن ما اختزلنا قضيّة، أو قضيَّـتين، وتكلمنا بصراحة بأننا عندنا تحفظات، لكنَّ الحرص على وحدة الصفِّ العربيِّ تجعلنا نتماشى معكم، ونـُجمِّد هذ الموقف.
التعليقات (0)