مواضيع اليوم

بين نكسة الماضى وهزيمة الحاضر

أحمد قيقي

2013-06-05 22:38:43

0

حلت  علينا الذكرى السادسة والأربعون  للنكسة  المروعة التى منيت بها مصر  ومعها كل من سوريا والأردن عام 1967 , ولقد لا حظت أن وسائل الإعلام العربية والمصرية قد تجاهلت هذه المناسبة تجاهلا شبه تام , مع أن يوم 5يونية سيظل علامة فارقة فى التاريخ العالمى عامة والعربى خاصة والمصرى بصفة أخص  ,  وأنا هنا لن أكرر الحديث عن أسباب هذه الهزيمة التى يعرفها الجميع  , ولكنى سأوجز الحديث فى عدة نقاط  - 1 -  لكى نستفيد من تجارب التاريخ علينا أن نرد النتائج لأسبابها الحقيقية ومن هنا أقول  إن هزيمة اكثر من مائة مليون عربى على يد ثلاثة ملايين إسرائيلى لم تكن هزيمة عسكرية فحسب ولكنها فى جوهرها هزيمة ثقافية : هزيمة عقل غارق فى الأوهام امام عقل مؤمن بالعلم والتجريب , هزيمة جموع تبحث عن القائد الذى يحقق المعجزات ولا يحق عليه الخطأ  أمام شعب ينتقد قادته ويحقق المعجزات بفكره الجمعى وعلومه ومخترعاته  - 2-   ظللت زمنا طويلا  وأنا أحمّل عبد الناصر مسؤولية الهزيمة وحده , ولكن الآن اعتقد  أنه أيضا أحد ضحايا  الثقافة التى كونت فكره , والتى أحاطته بجماهير حاشدة تتغنى بحبه وتهيم فى هواه وتجعله فوق مستوى كل قادة العالم  بل فوق مستوى البشر العاديين فكان أن ركز فى وعى عبد الناصر ما أوحت به الجماهير من كونه القائد الفذ الملهم  وابتدأ يتخذ من القرارات المصيرية ما يمليه عليه هذا الإلهام  ! - 3 -  الأمر المخيف أن الفكر الذى قادنا إلى الهزيمة لا يزال نفس لفكر , بل زاد تخلفا وظلامية ووصل بنا الحال إلى أن أصبح لدينا بعض أعضاء فى مجلسنا النيابى يرون أن المرأة مكانها البيت وتربية الأبناء  وأن النساء ناقصات عقل ودين  وأن تهنئة المسيحيين بأعيادهم محرمة شرعا - 4-    من هنا فأنا أعتقد  أن ما تعيشه مصر الآن هو الهزيمة الحقيقة , وأن هزيمة  67  كانت مرضا عارضا رغم قسوتها وفداحة نتائجها , أما ما ينتاب مصر الآن فهو مرض مزمن , وأخشى أن أقول إنه مرض خبيث , وأتمنى حصاره حتى لا ينتشر فى جسد الوطن  .  إن  الهزائم العسكرية تستنهض همم الشعوب وتصهر معدنها وتوحد صفها , أما الهزيمة الكبرى فهى  الهزيمة الحضارية  والثقافية  والتى تتمثل أن يقفز على حكم الوطن من لا يؤمن  بالهوية الوطنية , ويفرق بين المواطنين على أساس الدين ,  ويحرم  الفكر الحر  ويقاوم إبداع الوجدان الإنسانى ,ويحاول القضاء على أهم وأقوى منجزات الإنسان المصرى وشواهد حضارته     . , ولعل ما قام به المسؤولون من تعيين وزير ثقافة جديد , ليس له أية علاقة بالثقافة  , ولم يُعرف له  أى منجَز ثقافى أوإبداعى , ثم يتخذ من القرارات ما من شأنه إبعاد الكوادر الفكرية المثقفة ليحل محلهم  بعض أعداء حرية الفكر والإبداع  من المقربين للسلطة الدينية الحاكمة , هذا الموقف فى غاية الخطورة ويحمل دلالات مزعجة  - 5-   أعتقد أن كل يوم يمر تتخذ فيه سلطة الإخوان من القرارات  ما يزيد من الإحتقان  وما يجعل يوم الثلاثين من هذا الشهر يوما مليئا بالاحتمالات المخيفة  حيث سينطلق الشباب ومعظم القوى التى تشعر بالإهانة من حكم الإخوان  , سينطلقون فى ذكرى اعتلاء مرسى لمقعد الرئاسة  ليحاولوا إرغام مكتب الإرشاد  على سحب  كوادره  من مقاعد السلطة , ولن ينفع هؤلاء هذه الحركات العبيطة والتى تتمثل فى محاولة استغلال حساسية الشعب تجاه مياه النيل  فيتنادون بالوحدة فى مواجهة أثيوبيا , وفى هذا الصدد  دعت الرئاسة المصرية بعض رموز قوى المعارضة للمشاركة فى اجتماع أطلقوا عليه ( مؤتمر الأمن القومى  )  تبارى البعض فيه بإطلاق  العبارات الخطابية  التى تهدد أثيوبيا  , ومما يدخل فى مساخر حكم الإخوان  أنه تمت إذاعة هذا المؤتمر على الهواء مباشرة  فى تصرف طفولى عبيط  لأن الذين يجتمعون ليضعوا خطط  مواجهة خطر  محدق بحياة الوطن   لا يكشفون  مخططاتهم  أمام الجميع ,  ومن هنا فقد أخذ المسؤولون الأثيوبيون الأمر بكثير من الاستخفاف وأدركوا أن الرسالة لم تكن موجهة لأثيوبيا ولكنها موجهة للداخل المصرى وللشعب الذى يفترض فيه حكامه  الغفلة و السذاجة , فاستغلوا حدث سد النهضة  استغلالا  إعلاميا أقرب إلى الغوغائية للتأثير على عواطف  الشعب  حتى ينالوا تأييده ويقنعوا شبابه الثائر  بأنهم مهمومون بأخطر قضاياه وهى قضية مياه النيل , وهى محاولة ساذجة  لأن ماء الحرية  وحماية الإبداع المصرى أهم من مياه النيل .  مياه الحرية  هى التى  تضمن  وحدة هذا الشعب  وتصون إبداعه وتألقه الحضارى , وهو بهذا يكون  متحمسا  وقادرا على حماية  مائه وأرضه وكل تراثه .      أكرر إن ما تشهده مصر اليوم  اخطر كثيرا من هزيمة 67 التى تحل ذكراها فى ظروف عصيبة أرجو ألا يكون ثمن تخطيها  هو المزيد من الدماء




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !