سماحة العلامة السيّد محمّد عليّ الحسينيّ- حفظه الله- المرجع الاسلامي لشيعة العرب
لهذه الأسباب لم تستقبل السعودية المالکي
العلامة السيد محمد علي الحسيني
المأزق السياسي الغريب و الفريد من نوعه الذي يمر به العراق حاليا، وان يکن في الاساس من تداعيات ونتائج الاحتلال الامريکي الإيراني للعراق، فإنه أيضا ذو علاقة وطيدة وقوية بفترة حکم نوري المالکي والتي مهدت واسست لترسيخ بنيان سياسي يقوم على أساس من التقسيم الطائفي والعرقي غير المسبوق في العراق وهو امر ساعد على إثارة مکامن التوجس والقلق والشك من تأثيرات هذا النسق من النظام السياسي على المحيط الاقليمي مما دفع أکثر الدول العربية والاقليمية تأثيرا وقوة(ماعدا إيران) من التلويح صراحة بعدم ترحيبها بعودة المالکي الى کرسي رئاسة الوزراء مرة أخرى ودعم ترشيح أي شخصية أخرى.
الجولة الاخيرة لنوري المالکي والتي کانت من منظور معظم المراقبين السياسيين، جولة خاصة بحشد الدعم العربي والاقليمي اللازم لضمان عودته لمنصب رئاسة الوزراء، لايبدو أنها قد کانت موفقة ومثمرة مثلما خطط لها المالکي، بل وان بعضا من الدول التي استقبلته لم يکن إستقبالها حارا بالدرجة التي تکفي لکي يعول عليها کضمانة لإعادة الترشيح، بل وانه وبحسب ماقد نقل عن اوساط سياسية واعلامية مطلعة في بعض من العواصم العربية، فقد کان الاستقبال في دول محددة فاترا بالعرف الدبلوماسي وکان إستقبال بروتوکولي وليس"حميمي"او"خاص"من باب الدعم والمساندة.
وقد لفت نظر المراقبين والمحللين السياسيين في بعض من العواصم الأوروبية، الموقف السعودي الخاص بعدم الاستعداد لإستقبال نوري المالکي، وهو موقف أربك المالکي وأحرجه بعض الشيء خصوصا وانه کان يريد توظيف مجرد زيارته للملکة العربية السعودية من أجل إحراج خصومه وتقوية وضعه على حسابهم، ولئن کانت السعودية منتبهة بفطنتها لمأرب المالکي، فإنها إمتنعت اساسا عن إستقباله لأسباب عدة بالامکان إختصارها في النقاط التالية:
ـ المالکي يتبع نهجا سياسيا يرتکز على البناء العرقي والطائفي والذي يمهد اساسا لتقسيم العراق.
ـ المالکي لايريد عراقا موحدا ومتماسکا بمعنى الکلمة ويجاهد و بکل وضوح من أجل إبعاده عن المحيط العربي والنفس العروبي الاصيل.
ـ المالکي، وبحسب ماأکدت الظروف والمستجدات السياسية الکثيرة، رجل إيران الاول في العراق(حاليا على الاقل) و قد عهد إليه لتنفيذ المشروع الخاص بها وهو يضع مصلحة النظام الايراني فوق کل الاعتبارات الاخرى.
ان المملکة العربية السعودية التي دأبت ومن خلال خطها السياسي الاعتدالي و القويم المبني وفق اسس ومبادئ تستند على مقومات اسلامية عربية، على مد يد المساعدة لأشقائها العرب في کافة أقطار الوطن العربي، لم تجد في المالکي ذلك السياسي المحنك الذي يمکن الاعتماد عليه في إرساء دعائم سياسة سليمة تعتمد على نهج عربي شفاف بإمکانها إعادة العراق الى الحضن العربي و کسر کل حواجز التردد و الشك التي وضعت بعد الاحتلال الامريکي للعراق وان المملکة العربية السعودية التي تبتغي عراقا عربيا موحدا ذو سيادة واستقلال وغير خاضع لدول خارجية، رأت و ترى في سياسة المالکي نهجا مغايرا ومناقضا لما تبتغيه ومن هنا فإنها رفضت استقبال نوري المالکي لکي ترسل رسالة من خلال ذلك الموقف لکل الاطياف السياسية العراقية مفادها ان الرياض لن تراهن مطلقا على أية شخصية او جهة سياسية عراقية لاتضع المصلحة والاعتبار العروبي للعراق فوق أي شيء آخر.
المرجع الإسلامي لشيعة العرب
.www.arabicmajlis.org
التعليقات (0)