تقرير خاص / ارتفعت الأصوات التي تطالب الشعب الفلسطيني ، وخاصة في الاراضي الفلسطينية ، في غزة والضفة والقدس الى تصعيد المواجهة الشعبية السلمية ، ضد الاستيطان والاعتداءات الاسرائيلية اليومية ، وكاد الكفاح الشعبي السلمي الذي انطلق في ظل الانتفاضة الحالية أن يتجسد مفهوما واقعيا بعد مسيرات بلعين وتعلين واخواتها في الضفة ، والتي انطلقت بشكل اسبوعي ، ضد الجدار العنصري.
وليست التجربة هذه هي البداية للكفاح الشعبي السلمي ، عبر التاريخ ، بل القول الضبط في الأمر أن الكفاح الشعبي السلمي جاء في الانتفاضة الثانية بعد العمليات المسلحة والعسكرية والتي تعامل معها العدو الاسرائيلي بشهوة القتل وترسيم الجرائم تحت حجة السلاح الاسرائيلي يواجه سلاحا فلسطينياً ، والجهوزية هنا الكل يعلم انها للعدو ، ففكر من فكر للخروج من تحت النار الاسرائيلية ، وسحب الذرائع لإنطلاقة ، لا ضير أنها مهمة وتحتاج الى مساندة وتوسعة ، والعودة الى المسيرة والمظاهرة والمواجهة السلمية ، طفل وشيخ وامرأة عزل في مواجهة جند مدججين بالسلاح والنار ، في هذا المشهد الذي سيحكم عليه العالم بأن صاحب الحق ، لا أداة قتل بيده غير جسده المملوء بالعزيمة.
مع زيادة الدعوات الى توسيع الكفاح الشعبي السلمي ضد الاحتلال ، رصد (أمد) أراء بعض الناس بمدينة غزة فكان :
حامد وهو عامل بناء كان يعمل في داخل الخط الأخضر ، توقف عن العمل بعد رفض الإحتلال اصدار تصريح عمل لعمال قطاع غزة ، واصبح يبحث عن أي شيء وبأي أجر لكي يسد حاجة اسرته المكونة من عشرة أفراد ، يقول لـ (أمد) : نحن العمال أكثر من الساسة نفهم كيف يكون التعامل مع الاسرائيليين وخاصة اليهود منهم ، بحكم عشرتنا الطويلة معهم ، وكلهم على اختلاف مزاجاتهم ودرجات فهمهم ، يتعاملون مع العرب كما يتعامل الاسياد مع العبيد ، وهم أكثر من يفهم أننا مندفعين دوما وعقولنا في أيدينا وليس في رؤوسنا ، لذا كان من المفروض بعد أن نجحت الانتفاضة الاولى ، أن نتعلم بأن تسليح الانتفاضة الثانية فيه مخاطر كثيرة علينا ، وحدث ما حدث طيلة سنوات الانتفاضة الثانية ، ورأينا كيف تعامل الاحتلال معنا ، مواطنين وعسكريين ، بيوت مدنية ومقرات حكومية كله زي بعضه والجميع دفع الثمن الغالي ، وماذا أحدثنا في سديروت وغيرها غير أننا اعطيناهم الذرائع لتصفية انجازاتنا ، اسرائيل لا تريد سلاحاً لمواجهتا فلسطينيا ، والسلاح ممكن أن يكون هو الخيار الامثل لو كان العرب والمسلمون معنا في نفس المعركة ، ولكن وحدنا لن نستطيع فعل ما يمكن أن يحرر شبراً من أرض ، او إرجاع سياج او تدمير جدار او حتى فتح معبر ، لا بد من العودة الى الكفاح الشعبي والسلمي لإحراج الاحتلال أمام العالم ، واخضاعه بحكم جرائمه للقانون البشري والانساني .
حامد خريج أدب انكليزي انصرف عن التعليم قبل عشرين سنة الى العمل في البناء داخل فلسطين التاريخية ، لا ينكر انجازات المقاومة المسلحة وفضلها الكبير في تحقيق توازن نسبي من الرعب مع الاحتلال ، واستشهد بأسر جلعاد شاليط وأخر عملية قام بها المقاومون في خانيونس وقتلهم لضابط برتبة رائد وجندي وجرح أخرين ، ولكنه يقول هذا الجهد الكبير فلسطينيا والغير مسند عربيا بل المحارب من قبل الجميع سيبقى تحت الطائرة والبارجة والدبابة الاسرائيلية ، وسيبقى شعبنا يدفع الثمن الباهظ ، ويقول : على المقاومة أن تجهز ليوم بعيد وعلى الشعب أن يخرجوا الى واجبهم اليوم في المسيرات الشعبية قرب الحدود والجدار والمعابر ، لا بد من خروجهم فهذا وقت نضال الجميع .
السيدة احسان وهي مدرسة مرحلة ثانوي تقول لـ(أمد) : الفعل الجماهيري والشعبي هو الانجح لنا ولقد مارسناه في الانتفاضة الاولى ، فالمرأة التي واجهت الجيب العسكري وانزلت ابناء الحارة بعد اعتقالهم ، كانت لا تملك سكيناً ولا حديدة ، بصوتها وشتمها للعدو وصراخها في وجوههم إستطاعت اطلاف سراح ابناء البلد قبل اعتقالهم ، والشيخ المسن بعصاه لاح في وجه الجنود وسط مخيم الشاطيء واخرجه من المسجد الكبير ، قبل أن يدخله ، كان أقوى من مجموعة مسلحة لو اشتبكت مع الجنود لقتلوا منا الكثير واقتحموا المسجد ودمروه ، لابد من التعقل واعادة الاعتبار الى النضال الجماهيري الذي كان في الانتفاضات السابقة منذ ثورة 1936 حتى نهاية الانتفاضة الأولى وبداية الانتفاضة الثانية ، وهنا لا أقول انها دور الرصاصة الفلسطينية كان عبثيا لا كل الاحترام للمقاومة المسلحة الفلسطينية في فلسطين ، ولكن ذراعها الماجدة قصيرة في ظل غياب الدعم المسلح العربي ، وعلينا أن نعيد حساباتنا جيداً ، فكل فترة تحتاج الى مراجعة .
وتضيف إحسان : اليوم إسرائيل تتعامل مع قطاع غزة كمخزن للإسلحة تريد أن تفجره بكل ما فيه ، والعالم يسكت بفعل تقارير اسرائيلية بأن هذه الاسلحة تشكل خطر على وجودها ، وكل من يريد أن يحتج على جرائم اسرائيل فهو مع نهايتها ، هكذا يروجون للعالم ، بغض النظر عن استخدام المقدسات والسامية في عمليات الترويج والكذب ، فعلينا اليوم أن ندقق في طريقنا الى الحرية ، وأن لا نندفع بشكل يكون فيه العدو متربصا لنا فيلحق بنا كما فعل بالحرب الأخيرة على قطاع غزة ، من خسائر فادحة بالارواح والممتلكات .
وفي خبر سابق يقول : على خطى بلعين ونعلين والمعصرة تواصل بلدة برقة شق طريقها الكفاحي، لتصبح إحدى البؤر الملتهبة في وجه الاحتلال والاستيطان.. فللأسبوع الثالث على التوالي تقوم-- اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في محافظة نابلس-- بتنظيم فعاليات كفاحية في منطقة مستوطنة حومش، رافعة شعار ( لن نسمح لكابوس حومش بالعودة من جديد ).. فقد تجمع ومنذ ساعات الصباح الباكر حشد كبير من أهالي بلدة برقة، ومن نشطاء المقاومة الشعبية، لينفذوا ما كانوا قد اقروه في خططهم النضالية، حيث جهزوا العشرات من أشجار الزيتون التي قدمتها لهم مؤسسة الإغاثة الزراعية، وكذلك أدوات الحفر.. وانطلقوا بمسيرة مكونة من السيارات الخاصة والجرارات الزراعية، باتجاه إحدى التلال التي كان المستوطنون فيما مضى يمنعون أصحابها من فلاحتها
هذا المشهد القديم الذي انطلق من الضفة الغربية أصبح واقعا في قطاع غزة أيضاً ليقول الخبر:
نظمت الحملة الشعبية للدفاع عن الأراضي مسيرة جماهيرية حاشدة احتجاجاً على ما يسمى الحزام الأمني الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على امتداد الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة والذي يبتلع 20 % من مساحة الأراضي الزراعية وحرم آلاف الأسر من الوصول لحقولهم ومزارعهم ومنازلهم التي جرفها ودمرها الاحتلال.
هذا وانطلقت المسيرة الجماهيرية من دوار العطاطرة في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع وسارت باتجاه المنطقة الحدودية و تقدم المسيرة محمود الزق منسق الحملة الشعبية وقد شارك في المسيرة نشطاء فصائل العمل الوطني و متضامين أجانب من حركة التضامن الدولية وممثلي عن المؤسسات الحقوقية واللجان الزراعية وحشد كبير من المواطنين المتضررين من الحزام الأمني حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية و اليافطات التي تندد بالحزام الأمني و جرائم الاحتلال.
بالأمس دعت قيادات حركة فتح الى تفعيل المقاومة الشعبية في الاراضي الفلسطينية ، كرد على تعنت الاحتلال وتوسيع المستوطنات ورفض المفاوضات حسب الشروط الدولية ، ولكن حركة حماس اعتبرت دعوت فتح للمقاومة الشعبية اعترافا بفشل المفاوضات السلمية ، وطالبت حركة فتح بالإعتذار للشعب الفلسطيني ، وربما تطلب حركة فتح من حركة حماس الاعتذار للشعب الفلسطيني ايضا لأنها مارست العمل العسكري الذي اسفر عن خسائر فادحة كان نتيجتها تدمير قطاع غزة بالكامل ، والصواب يقول أن يستمر الشعب في مقاومته السلمية بالصوت والراية والجسد العاري .
و تحولت الجلسة التي خصصتها سلطات الاحتلال لمحاكمة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي في سجن عوفر العسكري، صباح اليوم، ساحة مواجهة سياسية واعلامية بين القيادة الفلسطينية وحكومة الاحتلال، وسط التأكيد على مواصلة خيار المقاومة الشعبية السلمية الذي اعلنت عنه قيادة حركة فتح ويحظى بدعم رسمي من القيادة الفسطينية.
وفي الوقت الذي اعلن فيه زكي رفضه المثول أمام المحكمة العسكرية، كانت المواجهات تشتد خارج اطار السجن العسكري في اعقاب حرص القوى الفلسطينية على تنظيم اعتصام جماهيري امام السجن تضامنا مع زكي وبقية المعتقلين الذين اعتقلوا برفقته في بيت لحم من قبل قوات الاحتلال.
ولم ينجو القضاة العسكريين الذي حضروا جلسة المحكمة وجنود الاحتلال من شم رائحة الغاز المسيل للدموع الذي اطلقته قوات الاحتلال باتجاه المواطنين والمتضامنين الدوليين الذين تجمهروا امام السجن ورفعوا الاعلام الفلسطينية ورايات حركة فتح، الامر الذي يؤشر على اصرار حركة فتح على توسيع نطاق المقاومة الشعبية السلمية حتى امام جلسات المحاكم التي تخصصها سلطات الاحتلال لقادة العمل الشعبي المقاوم والذي يعتبر زكي من ابرزهم بعد اعتقاله من قبل تلك القوات في احدى المسيرات الشعبية في بيت لحم نهاية الاسبوع الماضي.
التعليقات (0)