تقول الحكمة إن العاقل هو من اتعظ بغيره , هذا ينطبق على الشعوب كما ينطبق على الأفراد , من هذا المنطلق فأنا أوجه هذه الرسالة إلى ثوار سوريا , وإلى كل القوى النزاعة إلى التحر ر بأن يقرءوا المشهد جيدا , هذا المشهد الذى ألخصه فى أن قدر شعوبنا فى هذه المرحل من تاريخها أن تكون مخيرة بين السىء والأسوأ , بين الاستبداد السياسى وبين الطائفية الدينية وتعريض وحدة الوطن للخطر , التجربة تقول - إن الثورة يصنعها الأحرار ولكنها تسقط فى يد التيار الأكثر تنظيما وتطرفا وبعدا عن قيم الوطنية . سورريا قبل الأحداث الأخيرة كانت تنعم بالاستقرار وبالحرية الدينية والاجتماعية , قال لى أحد الأصدقاء إنه حين زار سوريا لا حظ أن الكنائس لا يوجد أمامها أى جندى حراسة مقارنا بما فى مصر , هذا فضلا عن اندحار الطائفية وسيادة الوطنية السورية وحرية الفنون . وهبت ثورات الربيع العربى لتتحول إلى صقيع , فهذه ليبيا تعلن إدى مدنها الاستقلال , وهناك مشاكل قبلية ضاغطة فضلا عن انتشار تنظيم القاعدة فيها , وتلك تونس يقتحم السلفيون جامعتها ليفرضوا النقاب على إدارتها , ويجرى التخطيط لإجهاض القوانين التى أعطت المرأة حقوقها الإنسانية , مصر يطول الحديث بشأنها , وأعتقد أن ما حدث فيها هو غزوة ثقافية لن تتخلص من تبعاتها بسهولة , وأن سقوط بشار وحزب البعث العلمانى سيمثل دعما لحركة الردة الحضارية فى مصر , وأن بقاءة سيمثل مركزا للمقاومة . يبقى أن ننظر إلى العراق , حيث هناك رأى عام حتى عند المواطن البسيط , وهو أن العراق لا يصلح له إلا مثل صدام حسين ! انظروا إلى أنهار الدم الطائفية التى تتفجر بطريقة شبه يومية فى العراق , واحتمالات تقسيمه , هذه الطائفية لم يحدث منها حادث واحد أثناء حكم صدام حسين . انظروا يا رعاكم الله فإذا كنا مخيرين بين استبداد سياسى يحفظ وحدة دولنا ويصون النسيج الوطنى ويضرب الطائفية , وبين ثورات تؤدى إلى القهر الدينى وتهدد وحدة الوطن وتقاوم الحريات الدينية , إذا كان الأمر كذلك فلنؤجل هذه الثورات إلى أن يتغير الحال ويصبح العقل العربى معافى من هذه الأمراض , هذا مع تعاطفى مع أسر الشهداء وحزنى لأرواح الضحايا التى ذهبت دفاعا وطلبا لحرية حقيقية لا تتهيأ تربة أوطاننا لإنباتها ورعايتها فى هذا الزمن
التعليقات (0)