مواضيع اليوم

بركان الطائفية في لبنان.

محمد مغوتي

2010-09-21 00:08:42

0

           بركان الطائفية في لبنان.
   لا تكاد أجواء التوتر تنقشع عن الواقع اللبناني حتى تعود الغيوم لتتلبد من جديد تحت وقع حروب كلامية ضارية لا تنخفض أصواتها إلا من أجل استرجاع الأنفاس لجولات جديدة من الصراخ الذي لا ينتهي.

     جولة التوتر الجديدة أو ما بات يطلق عليها في الصالونات الإعلامية بأزمة شهود الزور، تشهد على مرض مزمن يعانيه الجسد اللبناني الذي دخل غرفة الإنعاش الصحي منذ سنوات. و في كل لحظة تزداد فيها وطأة المرض يتدخل المسعفون بحقن للتبريد السياسي إلى حين. فالفرقاء السياسيون في لبنان لا يعدمون الأسباب لتصعيد الموقف في كل لحظة. لذلك يعيش هذا البلد و ضعا أشبه بمسلسل للأزمات المزمنة التي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بخاتمتها. و في معمعان الإتهامات المتبادلة بين أطياف المشهد السياسي " الطائفي " في بلاد الأرز، يضع أبناء الشعب - المغلوب على أمرهم- أياديهم على قلوبهم خوفا من تكرار جحيم الحرب الأهلية. و هم محقون في خوفهم و عدم شعورهم بالأمن و الأمان. ذلك لأن التراشق الكلامي الحاد الذي تغذيه و سائل الإعلام المحسوبة على كل الأطراف ( أو الطرفين كما يوحي المشهد الحالي بذلك ) ينذر بالعودة إلى السلاح لحسم المعارك الكلامية و الصراع الطائفي على السلطة.

     لعبة شد الحبل بين حزب الله و تيار المستقبل باعتبارهما اللاعبين الأساسيين في المشهد السياسي منذ عدة سنوات هي مجرد حلقة في صراع طويل قدر للبنان أن يكون مسرحا له ربما كضريبة على الصدفة التي جعلت من هذا البلد أرضا للتعدد و الإختلاف في ثقافة لا تؤمن بالتعدد و الإختلاف. و من الطبيعي في ظل هذا الوضع أن يتشبث كل طرف بقناعاته و رؤيته الخاصة، و يقدم نفسه في صورة من يحمل الهم اللبناني و يحاول الحفاظ على الوحدة الوطنية. أما المواطن المسكين فلا حول له و لا قوة لأنه يجر جرا إلى أتون حرب أهلية هي في الوقت الحالي كلامية، لكنها قد تنطق بلغة الدم في أية لحظة. و هو لا يمتلك إلا أن يلعن السياسة و السياسيين الذين يفوق خطرهم على مستقبل و أمن لبنان أي خطر آخر حتى و لو تعلق الأمر بإسرائيل نفسها.

    مشكلة لبنان إذن لا تتعلق بالخلافات السياسية الآنية، و ليست وليدة قضية اغتيال رفيق الحريري و تداعياتها أو الإختلاف بشأن سلاح المقاومة. إنها تتجاوز ذلك بكثير لتتجذر بعيدا في أعماق طبيعة التفكير التي ينتظم ضمنها الواقع اللبناني. ومن تم فالوضع السياسي الهش ليس إلا الوقود الذي يغذي الطائفية و يكرسها على مستوى الممارسة. فهذا البلد ليس استثناء في العالم العربي رغم أنه كان من الممكن جدا أن يشكل الإستثناء فعلا لو تم استغلال التعددية العرقية و الدينية بشكل إيجابي. إنه جزء من واقع أكبر يكرس للقبلية و لا يستطيع الفكاك من أسرها رغم كل التغييرات التي يعيشها العالم. واقع يحاول فيه كل طرف نفي الآخر و سلب حقه في الوجود المعنوي على الأقل.غير أن لبنان اختار التعايش بين مكوناته الفسيفسائية، لكنه تعايش قسري ومغلف بالعصبية و التجييش العاطفي. لذلك يظل مهددا في كل لحظة و حين.

     و عندما لا يتأسس التعايش على مبادئ إنسانية يستوعبها كل أفراد المجتمع و يضعونها فوق كل اعتبار، عندما تغطي الألوان الحزبية و الإنتماءات العرقية على المصلحة العامة و المشتركة. عندما تتم المتاجرة بالشعب في دهاليز صناعة القرار السياسي، فإن النتيجة لا يمكن أن تكون أفضل مما يعيشه لبنان حاليا.

محمد مغوتي.21/09/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !