رام الله - أحمـد موسـي : في أول حوار مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس للصحافة المصرية والعربية بعد قرار المركزي بشأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية, واستمرار أبومازن في مسئوليته كرئيس للسلطة لحين الانتخابات المقبلة,
أجاب عن التساؤلات حول الأسباب التي دفعته لكي يعلن عدم ترشيح نفسه لولاية ثانية, وكشف الرئيس الفلسطيني عن الأسباب الحقيقية لتوقف المصالحة بين الفصائل برغم توقيع حركة فتح علي الورقة المصرية, وعما إذا كانت هناك أطراف حاولت الدخول كبديل عن مصر.
وكشف محمود عباس عن مطالبته بالإفراج عن القياديين مروان البرغوثي, وأحمد سعدات من سجون الاحتلال, وأزاح النقاب عن دور الوسيط الألماني في محاولة إنجاز صفقة تبادل الأسري الفلسطينيين مع الجندي الإسرائيلي شاليط.
وتحدث الرئيس الفلسطيني عن أسباب عدم زيارته سوريا حتي الآن, والموقف الحالي من عملية السلام, ومصير المبادرة العربية في ظل المستوطنات التي تحاصر المدن والقري الفلسطينية,
وأجاب عن سؤال عما إذا كانت لديه شروط للجلوس مع قيادات حماس, وشرح الضغوط الشديدة التي تعرض لها من الولايات المتحدة حتي لا يشارك في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في دمشق العام الماضي, وحدد محمود عباس موقفه تجاه مصر في مسألة تأمين حدودها مع غزة.
وهذا نص الحوار:الأهرام:
ما هي الأسباب التي تدفعك لترك موقعك كرئيس للسلطة؟ وهل أنت جاد أم أن ما طرحته يستهدف لفت الانتباه فقط, وأنك ستستمر في موقعك؟!
محمود عباس: ماذا يريدون مني, عملية السلام متوقفة, والمصالحة كذلك, والتداعيات التي حدثت علي الساحة الفلسطينية في الفترة الماضية, فالطرق مغلقة أمامي ولا توجد ثمة حلول, ومادمت لا أستطيع التطوير وأحصل علي الهدف الكبير فلن أستمر في موقعي,
فحققت الأمن, وتحسين الوضع الاقتصادي, وإصلاح فتح, ومنظمة التحرير, وصولا إلي النهاية في المصالحة مع باقي الفصائل, وكذلك المفاوضات مع الإسرائيليين ثم أقفلت الأبواب.
الأهرام: هل لو أن المصالحة وقعت فستتراجع عن قرارك؟!
محمود عباس: لو أن هناك تغييرا في المواقف فسوف يتم مع من يخلفني في المكان.
الأهرام: هذا قرار نهائي؟!
محمود عباس: طبعا.. ولن أرشح نفسي, ولابد من العمل بشكل جدي ولن ننتظر للأبد, حتي لا نترك مصير الشعب الفلسطيني ومستقبله في يد حماس, هم مبسوطون ومرتاحون بإمارتهم في غزة
الأهرام: إذا جرت الانتخابات وأصبحت حماس هي التي تدير السلطة الفلسطينية ما هو العمل؟!
محمود عباس: هذا يتوقف عليهم, ماذا سيحدث ورئيس السلطة في هذه الحالة التي تقولها ـ لو حدثت ـ يتعامل معه العالم وهو ضد القانون الدولي وعملية السلام, لن يتعامل أحد معه, وحماس عليها تغيير مواقفها لكي يتم إعمار غزة, فالمليارات التي وافقت الدول علي ضخها في مؤتمر شرم الشيخ لم يتم ضخها بسبب مواقف حماس.
الأهرام: هل مستعد للجلوس مع حماس؟
محمود عباس: جلسنا مع حماس, ولو طلبوا الجلوس مع أي شخص لن أرفض.
الأهرام: حتي لو كان الرئيس أبو مازن؟
محمود عباس: أجلس معهم عندما أشعر ببارقة أمل, وأننا نوقع المصالحة, فقد كان هناك اتفاقات مع مصر وتحدث معي الوزير عمر سليمان عن الترتيبات الخاصة بالمصالحة الاحتفالية, وقلت علي رأسي سوف أحضر للقاهرة, لكن عندما يرفضون ماذا يصير معهم؟!
الأهرام: في حالة المصالحة من جديد ماذا ستفعل؟!
محمود عباس: لن أرفض الجلوس معهم مادامت هناك مصالحة.
الأهرام: هل لدي الرئيس عباس شروط للجلوس مع حماس؟
محمود عباس: علي الإطلاق.. سوي التوقيع علي ورقة المصالحة والذهاب للقاهرة طبقا للبرنامج الذي عمله الوزير عمر سليمان.
الأهرام: أنتم وقعتم علي المصالحة التي ترعاها مصر.. وحماس وافقت ثم تراجعت في آخر لحظة.. ما تفسيرك لهذا التراجع؟!
محمود عباس: ضغوط تعرضت لها حماس, فالمقيمون في دمشق يأخدون تعليمات.
الأهرام: من أين التعليمات.. سوريا.. إيران مثلا؟!
محمود عباس: تعليمات من إيران.
الأهرام: إيران بشكل قاطع؟
محمود عباس: نعم إيران.
الأهرام: إيران عطلت المصالحة؟!
محمود عباس: نعم.
الأهرام: ما مصلحة إيران في تعطيل المصالحة بينكم وبين حماس؟
محمود عباس: إيران لاعب إقليمي, وفي الوقت نفسه عينها علي العلاقة مع أمريكا وتريد أوراقا في يدها تبيعها.. وهي تدفع قيمة هذه الأوراق.
الأهرام: كم تدفع نظير هذه الورقة؟!
محمود عباس: ما أعرفه250 مليون دولار.
الأهرام: سنويا تدفع هذا المبلغ؟
محمود عباس: لا أعرف كل6 أشهر.. كل سنة.. حماس عايشة علي أموال إيران.. هم يقولون تبرعات.. لكن هذه التبرعات لا توازي المبلغ الذي تحصل عليه من إيران, ولا ربع ولا خمس ولا حتي1% مما يحصلون عليه من إيران.
الأهرام: هذا سبب الزيارات المتكررة من خالد مشعل لإيران؟!
محمود عباس: طبعا.. وهو موجود الآن ـ وقت الحوار الأربعاء الماضي ـ هناك.
الأهرام: قبل أيام كان الرئيس مبارك يتحدث من تركيا عن عملية السلام وضرورة البدء فيها, هل دور مصر في هذا الأمر تراه يزعج البعض؟!
محمود عباس: لنا علاقة خاصة بالرئيس مبارك, فهو الذي يتحمل الأمر والقضية تتحملها مصر منذ بدايتها, لكن هذا لا يمنع من الحديث مع أي دولة عربية أخري, وعندما أذهب لأمريكا وتحدث أشياء أعود إلي مصر والأردن والسعودية وأحيانا سوريا, ونذهب للإمارات وبعض الدول الأخري التي نضعها في الصورة, وكذلك الأمين العام للجامعة العربية, ونحن متفقون علي هذا لكي يضع الدول العربية علي التطورات, واللقاءات مع مصر تتواصل نظرا لدورها وموقفها في دعمنا, والكل يعرف هذا.
الأهرام: لكن هل هناك دول دخلت علي الخط؟
محمود عباس: هناك كثير من الدول العربية وغير العربية تدخل علي الخط, ودول غير عربية حاولت.. وكان موقفنا: يا اخواننا.. أي جهد إحنا جاهزين, تحبوا تشاركوا جاهزين بس من خلال مصر. فنري أن تعدد القنوات سيؤدي إلي الفشل, وبصراحة مصر ليس لها بديل, هناك من يعلم دور مصر ويساندها, لكن لا يوجد من يقول إنه البديل عن مصر.
الأهرام: عملية السلام متوقفة الآن, هل هناك بادرة أمل في ظل تصريحات الرئيس مبارك ونظيره التركي جول؟!
محمود عباس: لا أظن أن هناك تحركا في عملية السلام حاليا, ونحن مع الدور التركي بالنسبة للمسار السوري ـ الإسرائيلي, وسهلنا العقبات, وذللنا الكثير منها التي كانت في طريق الحوار السوري ـ الإسرائيلي برعاية تركيا..
وأمريكا كانت ترفض هذا الحوار, وقلنا للإدارة الأمريكية السابقة إن هذا الأمر ضرورة, وأقنعنا بوش بترك الحوار يسير ونشجع تركيا علي الاستمرار في مهمتها علي المسار السوري ـ الإسرائيلي, وبالنسبة لقضيتنا فدورها مؤيد من بعيد وليس أساسيا.
الأهرام: كيف يأتي السلام والاستيطان يحاصركم من كل جانب؟
محمود عباس: موقفنا أن الاستيطان غير شرعي, ولو هذه المستوطنات أدخلت الرعب فينا, فسوف نخسر القضية, يجب ألا تبقي هذه المستوطنات علي الإطلاق, وتم من قبل تفكيك مستوطنة ياميت وغيرها, ولن نتوقف حتي تتم إزالة هذه المستوطنات.
الأهرام: هناك من يقول إن المستوطنات تبني لتكون ورقة ضغط تستخدم وقت الحاجة إليها؟
محمود عباس: كلها أوراق ضغط تستخدم من جانبهم.
الأهرام: هل سيأتي اليوم الذي نجد حل القضية؟!
محمود عباس: لا وقت محدد, بقالنا60 سنة.. الشعب الفلسطيني لابد أن يكون له وطن وهوية, وأقابل الجاليات اليهودية وأقول لهم تريدون العيش في سلام, فعليكم أن تعطوني دولتي ونعيش مع بعض, وفي هذه الحالة سوف تعترف بكم57 دولة عربية وإسلامية. أنتم تعيشون في جزيرة منعزلة, وأمامكم فرصة تاريخية, وكل ما أخشاه أن الدول العربية تزهق وتسحب المبادرة.
الأهرام: معظم القادة العرب قالوا إن المبادرة لن تطرح للأبد؟!
محمود عباس: صحيح, وهذا موقف عربي, وعند طرح المبادرة في2002 كان70% من الإسرائيليين مع المبادرة, لكن هذه النسبة تراجعت الآن, ولم يضغط العرب بقوة, ومنذ سنة نشرت المبادرة في كل أرجاء العالم حتي داخل إسرائيل صحفها وتليفزيونها وفي الشوارع,
وهدفنا من هذا إعادة تذكرة الرأي العام بالمبادرة التي يجب أن تستمر, والآن هي ليست في أيدينا حتي نسحبها فهي جزء من خريطة الطريق.
الأهرام: أين خريطة الطريق الآن؟!
محمود عباس: موجودة.. الإسرائيليون لا يحترمون خريطة الطريق, ونحن متمسكون, وهم غير ملتزمين بأي شيء, عملنا كل الالتزامات التي علينا, هذه وثيقة من الرباعية الدولية, وبقرار من مجلس الأمن.
الأهرام: لديك إحساس بأن بعض الدول العربية تؤيد موقف حماس كاملا, ولا تدعم موقف السلطة, فهل هذا يغضبك؟!
محمود عباس: طبعا غاضب.. حدث انقلاب, ما موقف هذه الدول فيما حدث؟ أنتم لستم الصليب الأحمر, ووقعت المصالحة, فمن الذي لا يريد الحل, هناك دول تؤيد حماس ولست مرتاحا لموقفهما وأطالبهما بإعطاء مبرر لهذا.
الأهرام: بعض الدول العربية تتراجع عن دعمكم؟!
محمود عباس: فيه تراجع من عدد من الدول العربية بسبب مشكلاتها, أو نتيجة للانقسام بيننا, لكن هناك دولا لم تتوقف عن دعمنا.
الأهرام: ماذا عن الوضع مع سوريا؟!
محمود عباس: منذ أكثر من3 سنوات ولدينا اتصالات مستمرة مع السوريين حول كل القضايا, وهم دائما كانوا يقولون: الدور الأساسي لمصر, وأخيرا: وأنا أتكلم بصراحة, عندما حدث تقرير جولدستون كانت فيه زيارة لسوريا, وفوجئت أنهم ألغوها ولا أعرف السبب, وسألنا, وقلت لهم أنتم وجهتم الدعوة فكيف تلغونها؟!
الأهرام: سوريا التي دعتك للزيارة؟!
محمود عباس: طبعا الدعوة منهم.. وبعد جولدستون ألغوها, سأحافظ علي العلاقة مع سوريا, وآمل أن تتم الزيارة, خاصة بعد أن وضحت الأمور للجميع.
الأهرام: في غزة حماس تديرها ويريدونها منفصلة عنكم, وأن السلطة لا علاقة لها بأي شيء؟!
محمود عباس:هم يسيطرون عليها, لكن نحن ننفق ونصرف58% من الميزانية, وهي الأموال الوحيدة التي يسمح بدخولها إلي حماس, فنصرف علي المياه والكهرباء والموظفين والصحة, وكل شيء مسئول منا, فأبناء غزة جزء من وطننا ولن نتخلي عنهم.
الأهرام: هذا يعني أن حماس تستحل أموالكم ؟!
محمود عباس: طبعا هم يستحلونها.. والحلال والحرام صار عندهم نسبيا.
اأهرام: الجندي الإسرائيلي شاليط ومسألة الإفراج عنه كيف تراها, خاصة أن حماس تريد الإفراج عن أكبر عدد من الأسري مقابل إطلاق سراحه؟!
محمود عباس: لا نتدخل في هذا الموضوع وليس لنا دور, وعندما نسأل نقول رأينا, وبالفعل قلنا تسير هذه الصفقة لأن أي أسير يفرج عنه من أي طريق فهو مكسب لنا جميعا, وقبل فترة أفرج عن50 أسيرة عن طريق حماس, وكنت أول من استقبلهن,
وتحدثت حماس بشكل سييء عن أنني عطلت الإفراج عن مروان البرغوثي حتي لا ينافسني في الانتخابات, وأنا لن أدخل الانتخابات مرة ثانية, فكيف عطلت الإفراج عنه, فقد طلبت عشرات المرات من أولمرت أن يفرج عن البرغوثي ومازلت, وأتمني اللحظة التي يفرج فيها عنه ومعه أحمد سعدات وباقي الأخوة.
الأهرام: لكن إسرائيل قالت لن تفرج عن مروان البرغوثي؟
محمود عباس: من الممكن إسرائيل تقول هذا, فأنا ألح بالإفراج عن البرغوثي, وقصة شاليط لا أتدخل فيها, أعرف بعض المعلومات عن شاليط من خلال مصر, وأحيانا من خلال إسرائيل, فلي اتصالات قائمة مع الإسرائيليين في كل القضايا ما عدا العمل السياسي, و
أبلغوني عن وجود خلافات علي الأسماء التي يفرج عنها والمناطق, وقالوا ما رأيك؟ قلت لنسير في هذا, كفي2587 شهيدا فلسطينيا بسبب شاليط, الذي أصبح أشهر وأهم شخصية في العالم, كيف هذا؟ ليس معقولا, نحن الذين ندفع الثمن غاليا, وكل دولة لا تتحدث سوي عن شاليط.
الأهرام: ما سبب توقف تلك الصفقة, وهناك كلام عن رفض وإبعاد الفلسطينيين المفرج عنهم إلي الخارج؟
محمود عباس: هذه قضية بين حماس وإسرائيل, ومصر تقوم بدور كبير, ودخل أخيرا وسيط ألماني, وعلمت من إسرائيل, وليس من أحد آخر, أن الوسيط الألماني أعطي مدة محددة وإذا لم تحل صفقة التبادل فسيوقف التفاوض مع الجانبين.
الأهرام: هل ذكر لك الإسرائيليون المدة التي حددها الوسيط الألماني؟
محمود عباس: نحو أسبوعين أو ثلاثة, ورأيي من الأول ما كان يدخل وسيط ألماني أو غيره, لأن مصر تقوم بالدور كله, والوزير عمر سليمان يبذل جهدا كبيرا ويتجول كثيرا لإنهاء الأمر, وأعتبر هذا خطأ من أخطاء حماس أنها ذهبت للحديث مع الألمان وغيرهم, والذي لا تقدر عليه مصر لا يستطيع الآخرون حله.
الأهرام: تتخذ مصر إجراءات لتأمين حدودها مع غزة, ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط تحدث عن ذلك صراحة بأن تلك الإجراءات تخص السيادة, كيف تري هذا الموقف؟
محمود عباس: أنا مع مصر والإجراءات التي تأخذها, ومصر تعمل ما تستطيع لخدمتنا, ومعبر رفح تم الاتفاق عليه وفق وجود قوة أوروبية لتشرف علي المعبر من الجانب الفلسطيني, فهناك من حول المشكلة علي مصر, وكان لدينا الوعي ولم نسمح لأحد بانتقاد مصر والأردن.
الأهرام: كان هناك فخا قد تم نصبه لمصر في موضوع المعبر؟
محمود عباس: طبعا كان فخا لمصر, لصرف الأنظار عن الحقيقة, فقد طلبت من حماس تمديد مهلة وقف إطلاق النار, فكنا نعرف المخطط القادم من خلال ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية, لكنهم رفضوا طلبي وأصروا علي موقفهم وحدث ما حدث في غزة, وتحول الأمر كله ضد مصر لتفتح المعبر,
والموضوع لم يكن قصة معبر, فمصر هي التي تتحمل القضية من أولها, ومع الأسف.. الإعلام التابع لحماس أساء لمصر كثيرا.
الأهرام: نعرف أن إسرائيل تراقب وترصد وتسجل كل شيء.. ألا تخشي من تسجيل اتصالاتك؟
محمود عباس: لا أخاف.. وأعرف أنني مكشوف أمام العالم.. وكل شيء يسجل.. وأعرف أنه لو بعد100 سنة أرفع رأسي.. ليس عندي شيء أخفيه..
عندما تحدثوا عن كشف اتصالات مع أولمرت وقت العدوان علي غزة وخلال تقرير جولدستون قلت: فليعرض التقرير من جديد وطلبت أن يكشفوا عما لديهم من تسجيلات, فأين هذه المكالمات؟ أنا أتحداهم.
التعليقات (0)