يحتاج الاسد في مشروعه لاقامة دويلته الى عنصرين فقط لضمان استمراريتها وهما، مصادر الثروة السورية، وطريق بحري لبيعها، اي انه يحتاج الى الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) وللمناطق الكوردية (لانها المصدر الوحيد للثروات النفطية) ، حيث يتركز النفط السوري والغاز في المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا وهي منطقة القامشلي في حقول رميلان، كما ان الثروة الزراعية السورية ايضا تتركز في المناطق الكوردية (القمح والقطن)، وايضا تعتبر جبال عفرين مركز الثروات المعدنية ومنبع زيت الزيتون.
بالاضافة الى اهمية الشمال السوري (المناطق الكوردية) كطريق بري مكمل للهلال الشيعي الايراني من خلال الاراضي العراقية، بحيث تشمل حدود دويلته العلوية الشمال السوري بالاضافة الى الساحل السوري، لتامين خط بري للبترول الايراني العراقي مرورا بمعبر على نهر دجلة في منطقة عين ديوار التابعة لمنطقة المالكية(ديريك) ليمتد عبر الشمال الى الساحل السوري من خلال انابيب حقول رميلان النفطية الى موانئ اللاذقية وطرطوس.
يخطئ من يظن بان الاسد يسقط بسقوط حلب ودمشق، بل بسقوط اللاذقية والقامشلي، فان تحصينات المناطق الكوردية عسكريا وسياسيا وعاطفيا لمنع سقوطها كتحصينات الساحل ( اللاذقية وطرطوس) مع فارق نوعي في الشحن والاستثمار العاطفي، الطائفي والقومي، في الساحل يستثمر في العاطفة العلوية من خلال ممارسة القتل العام باسمها في باقي انحاء سوريا لدفعها للتقوقع في حصن طائفي خوفا من مجازر سنية بحقهم اذا سقط الاسد، يترافق ذلك مع تصريحات وكلاء للنظام الداعين الى الجهاد السني ضد الاسد العلوي والمحرضين على قتل العلويين وتصفيتهم انتقاما لمجازر الاسد، بينما في حقيقة الامر هم موظفون في اجهزة المخابرات الاسدية في الداخل والخارج، يقومون بمهمة نوعية لارهاب ابناء الطائفة العلوية من التغير.
بينما على الساحة الكوردية استعان الاسد ببعض حلفائه القدامى من احزاب الممانعة والمقاومة الكوردية، لاستثمار العاطفة القومية، وجهز الى جانبهم مجموعات مسلحة تضم مجرمين كورد واصحاب سوابق في السرقة وتجارة المخدرات والسلاح وعلى علاقة وثيقة بالاجهزة الامنية بالاضافة الى عملاء ومخبري هذه الاجهزة في الوسط الاجتماعي، واستهلاكهم بالقيام بمهام الاجهزة الامنية بالانابة من خلال تكليفهم بالملاحقات واعتقال النشطاء وقمع مظاهرات الشباب الكورد المنتمين الى الثورة السورية بحجة سلفيتها واخوانيتها، وهي ذات المصطلحات التي يطلقها نظام الاسد على ثورة الشباب السوري، بالاضافة الى التصفية الجسدية لرموز الواقعية السياسية من القادة الكورد بتهمة خيانة القومية حيث لاتختلف احزاب الممانعة الكوردية عن مثيلاتها من احزاب الممانعة العربية في التكوين، واستلاب العقل، وممارسة ثنائية الاستبداد(القومي والخائن، الوطني والعميل)، وبطبيعة هذه الثنائية اما ان تكون منتمي الى الحزب الواحد، واسير ابدية القائد الاوحد، او تكون خائن وعميل، لان القضية القومية والشعب يتم اختزالهم بشخص القائد والحزب.
وقد منحهم الاسد ميزة رفع سقف الشعارات القومية البراقة كتشكيل الدولة الكوردية والادارة الذاتية، بشكل مرحلي مؤقت، حتى يتمكنو من كسب الشارع واغراء شباب الثورة الذين تم سحبهم خلف هذه الوعود وتفريغهم من محتواهم الثوري وتجنيدهم لخدمة الاسد بشكل غير مباشر لضبط المناطق الكوردية والحفاظ على بعدها عن التصعيد الثوري ضد الاسد الى ان يتفرغ من معاركه في باقي المحافظات السورية ويلتفت للكورد فيخضعهم لدويلته العلوية، عندها ستغير هذه الاحزاب من استراتيجيتها السياسية لتطالب للكورد السوريين بالحقوق الثقافية في ظل الدولة العلوية باستهتار مفرط بعاطفة الشعب الكوردي، وتلاعب ساذج بمصيرهم في سوريا، والتاريخ خير شاهد على سقف شعارات هذه الاحزاب وتغيراتها المفاجئة بين ليلة وضحاها، في الصباح يطالبون بالفيدرالية والحكم الذاتي وفي المساء يطالبون بالحقوق الثقافية، وبحسبهم فان تغير المبادئ والاهداف يسمى استراتيجية مرحلية، وبيع تاريخ شعب اصيل وفصله عن الحرية وثورتها في سوريا يسمونه مصالح استراتيجية، هكذا يرى القائد الاوحد ؟
وما تم ترويجه قبل ايام عن تحرير المناطق الكوردية، والتطبيل له اعلاميا، لم يكن سوى تسليم مقرات حزب البعث لبعض هذه الاحزاب مع بقاء علم حزب البعث الى جانب اعلامها مرفوعا في بعض المقرات في عفرين والحفاظ على صور حافظ الاسد داخل المقرات.
من السذاجة والغباء الاعتقاد والتصديق بان الاسد سيفتح طريق البترول السوري مفروشا بالورد امام هذه الاحزاب المكلفة بمهمة مؤقتة
بالطبع رافق مراحل تثبيت اقدام الممانعة القومية الكوردية حملة شنها وكلاء النظام من الجانب الاخر الموظفين(كشوفينين عرب) باطلاق تصريحات تنفي الوجود الكوردي وتلغي اي حق من حقوقه القومية والوطنية لاضفاء الشرعية على جماعة الممانعة القومية الكوردية في الدفاع المسلح عن القومية الكوردية المختزلة باحزابهم وشخوصهم،وتصفية من يخالفهم الراي.
لذا فان على شباب الثورة (الكورد والعرب) الحذر وعدم الانجرار بسذاجة وراء الاعيب الاسد من خلال وكلائه في الداخل والخارج، الطائفيين ، الشوفينين العرب، المتطرفين الكورد، فهؤلاء اخطر ما يهدد الثورة ومسارها ومستقبلها.
كما علينا التخلي عن السطحية في الوعي والعفوية في فهم التنوع السوري، وادراك حتمية التعايش المشترك القائم على الاحترام الكامل للاخر بكل مايميزه قوميا ودينيا وطائفيا، لا الاضطهاد القومي يجدي نفعا، ولا الابادة العرقية تجدي في عدم الاعتراف بالاخر المتمايز قوميا، ولا وجود لقانون طلاق الشعوب، فلا مناص من التعايش المشترك في الوطن المشترك، والقبول بالاخر المتميز بلونه ولسانه وتاريخه وثقافته، بدون هذا الاحترام لن يكون هناك سوريا موحدة، ولن نرى مستقبل بل سنبقى نراوح في الماضي، ونشتت احلام المستقبل.
ينقصنى الوعي بحقيقة الاخر، يجب ان يعي الاخ العربي الشريك في الوطن السوري تاريخ الشعب الكوردي، وحقيقة الجزءالكوردستاني الغربي الذي اصبح جزء لايتجزء من الوطن السوري الحديث الذي ساهم الكورد الى جانب باقي المكونات السورية ببناءه وحمايته والدفاع عنه عبر التاريخ الحديث، فلن تكون سوريا لوحة فسيفساء جميلة اذا لم تفتخر بكوردستانها كما تفخر بحورانها ، ولن نتحرر من الاسد اذا لم نفتخر برفع العلم الكوردي تحت لواء العلم الوطني الام السورية، كما نفخر برفع العلم الاشوري والسرياني ايضا، فكلها الوان سورية اصيلة وليس من حق احد حرمان سوريا منها، لا الشوفينين ولا العفلقيين ولا المتطرفين ولا الطائفيين.
كما يجب ان يعي الشباب الكورد الذين ثاروا لدرعا ولحمص ولكافة المدن السورية، بانهم هم الضمان الحقيقي لتثبيت كافة حقوقنا القومية والوطنية في سوريا المستقبل وليست الوثائق والضمانات الموقعة في اسطنبول والقاهرة واربيل وواشنطن، لان من يحضر هذه المؤتمرات من اصحاب العقول الانهزامية والانسحابية الكوردية لايمثلنا كما ان من يوقع عليها من الطرف الاخر لايمثل السوري العربي وما الضمان ان نراه في المستقبل او ان يدخل سوريا بعد سقوط الاسد لذا لن نجد من ينفذ هذه العهود والمواثيق.
فالضامن الحقيقي لمستقبل الشعب الكوردي في سوريا الوطن هم شباب قامشلو وعفرين وكوباني وعامودا والدرباسية والحسكة وراس العين وديريك و.....، وعموم شباب سوريا عندما يدركون حقيقة الشعب الكوردي ويعتبرون القضية القومية الكوردية قضية وطنية بامتياز ويسعون للدفاع عنها بالتكافل والتضامن السوري.
فلنعد الى بداية الثورة السورية المباركة ونؤكد عن سابق وعي وادراك تام على شعار ( واحد واحد واحد الشعب السوري واحد)(عربي كوردي سني علوي واحد) هذا الشعار الوحيد الذي سيسقط الاسد وعصابته ومرتكزات نظامه.
محامي وناشط ساسي
عضو في تيار المستقبل الكوردي في سوريا
dostocan@gmail.com
التعليقات (0)