انسحاب الحنفاء المسلمين من "حركة النهضة التونسية" واجب شرعي ..؟
أنا على يقين أن كل عقلاء أمتي سينسحبون من التحالف مع النهضة لأنها برهنت أنها تعيش بعقلية سلفية متخلفة.. لن تزيد مجتمعنا إلا تخلفا وانحطاطا و صراعات إيديولوجية وهمية تقذف بنا إلى مؤخرة ما تطمح إليه كل شعوب الأرض من تقدم و رفاهية ..؟
"وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم" سورة التوبة 101/
هؤلاء المنافقون ممن عايشوا الرسول محمد عليه السلام من نقلوا لنا ما يسمى "بالسنة النبوية المحمدية " لورثتهم من المنافقين /إسلاميو العصر الحديث / و سلفييه بعد أن كانوا قد طالبوا النبي محمدا أن يأتيهم بقرآن غير القرآن المعجز الذي تنزل به الروح الأمين على قلب الرسول ليكون من المنذرين /؟
"السنة النبوية المحمدية " لن تنفع أحدا في غير زمنها وهي ليست مصدرا للتشريع ...؟
و من أنا حتى أعترف أو لا أعترف "بسنة النبي محمدا عليه السلام " أنا تدبرت كلمات رب العالمين ، فوجدتها كلمات أزلية وهي تمثل سنن الله في الذين خلوا من قبلنا من البشر و قد بشر بها كل الرسل عليهم السلام منذ نوح عليه السلام و انتهاء بمحمد عليه السلام " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ..سورة الشورى الآية 13 "و يهديكم سنن الذين من قبلكم " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء "
بل إن الإيمان بالله يدعونا للإيمان بجميع الكتب السابقة على رسالة محمد و بجميع الرسل السابقين مع التأكيد على عدم التفريق بين أحد منهم عليهم السلام ، بل إن التفريق بينهم كالإيمان بسنة للنبي محمد يعد دلالة قاطعة على كفر المحب للنبي محمد و المؤمن بسنة له دون بقية الرسل ..
و كل هذا واضح في آيات بينات لا لبس فيها ...فعلمت يقينا أن السنة التي استنها النبي محمد بمعية صحابته ما هي إلا استجابة لأمر الله بالاستمساك بالوحي و مشاورة أصحابه في كل ما يتنزل عليه من أمر "وشاورهم في الأمر " و بالتالي نفهم "أن السنة النبوية المحمدية " قد صلحت فقط لزمن النبي محمد و صحابته " خاصة إذا تأكدنا أن الفعل البشري و أقوالهم هي أقوال نسبية خاضعة لما يمرون به من ظروف حضارية وهي متغيرة بتغير الزمان و المكان على عكس كلمات الله التي لن تجد لها تبديلا و لن تجد لها تحويلا ... ؟
السلفيون هم رموز النفاق و الجهل و الكفر و النجاسة القولية و الفعلية في العصر الحديث ؟
مفاهيمك – أيها السلفي - كلها مستمدة مما وجدت عليه آبائك و سلفك المنافقين، و لو كان كلامك صحيحا لما قال الله في كتابه أنه عز وجل قد : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا .. سورة الشورى الآية 13
ما يعني أن محمدا لم يأتي بشرع جديد خاص بأمته بل هو قام بالتذكير "بسنن الله في الذين قد خلوا من قبلنا" من الأقوام و الرسل عليهم السلام ، كما أن الإيمان يكون بالغيب و ليس بكلام البشر " يؤمنون بالغيب "
إضافة إلى كون الله يؤكد على كفر من يفرق في إيمانه ( و الإيمان بمعنى ما وقر في القلب و صدقه العمل ) بين جميع الرسل أو بين الكتب تأكيدا لوحدة كل الكتب المنزلة و وحدة الرسالة التي بشر بها جميع الرسل وانتماؤهم جميعا لأمة واحدة بما يعنيه من "وحدة شريعة الأمة الإسلامية" منذ خلق الله الكون قال تعالى في سورة المؤمنون مخاطبا جميع رسله و مؤكدا انتماءهم جميعا لأمة واحدة و انتماؤكم أنتم السلفيون لأمة الكفر و النفاق و تشتيت الأمة الإسلامية الواحدة لفرق و أحزاب متناحرة ...:( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)/
فعليكم أيها الأوباش من ربكم ما تستحقون ؟/
واجب الشدة مع السلفيين و إبداء العداوة و البغضاء تجاههم ؟
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ
[آل عمران:159] =
من أبسط مفاهيم الفطرة التي يتداولها الناس أن لكل مقام مقال ، و إسقاط الآيات على وقائع الحياة و إخراجها عن سياقاتها الزمنية خاصة ، من أبشع الأسلحة التي يستعملها الأصوليون لتحريف كلمات الله و البرهنة على تضارب كلمات الله حتى يجدوا المبررات الشرعية للاعتماد على ما يسمونه " سنة نبوية " و هجر القرآن المجيد ، و هذا ما يسميه الله تحريف الكلم عن مواضعه و إلباس الحق بالباطل وهي عادة تعود عليها منذ القديم أهل الكتاب من اليهود و المسيحيين و المسلمين يقول تعالى مصورا عملية التحريف : وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون .
و نعود للآية المذكورة أعلاه ، فهي آية مدنية تصور التفاف الصحابة المؤمنين بالله حول رسول الله يستفسرونه الرسالة التي بعثه الله بها للناس كافة ، و واقع حال هؤلاء المؤمنين يستوجب ضرورة معاملتهم بالرفق و الاستجابة لأمر الله بمشاورتهم في الأوامر التي أوجبها الله على المؤمنين و المؤمنات لأخذ ما يتناسب و وضعهم الحضاري و المعيشي ، فالله إذ يأمر بالزكاة لا يحدد مبلغا أدنى أو أقصى حتى يختار المؤمن ما يناسب حاله ، و الله إذ يأمر المؤمنة بغض البصر و بالستر ، يترك لها حرية ترك بعض الأعضاء من بدنها مكشوفة راسما حدود لباسها الشرعي قائلا في خطاب مباشر للمؤمنات :وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[النور:31]
و هكذا هو الحال في جميع الأوامر و النواهي فالمنطلق الأساس هو رضا المؤمن و المؤمنة و التشاور حول أفضل ما يناسبهما في زمنهما المعيش ...
إن هؤلاء السلفيين ينطلقون أساسا من عقيدة فاسدة و باطلة وهي الاعتماد في التشريع " على مصدر بشري وهو النبي البشر " و بالتالي لا فائدة أصلا من الحوار مع هؤلاء قبل أن يكفروا بربوبية البشر التي كان منطلقها عبادة النبي الكريم وانتهاء بعبادة رجال الدين المجرمين الذين صاروا يتخيلون أنفسهم مصدرا للتشريع بناء على ما يسمونه اجتهادا ...
يقول تعالى مفندا عقيدة هؤلاء السفهاء المتقولين على رسول الله :ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون
= إن هؤلاء لا ينطلقون من جهل بالإسلام يستوجب تذكيرهم به بلين و حكمة كما طلب الله من جميع رسله في بداية دعوتهم ، و لكنهم ينطلقون من قناعة : "شراكة الأنبياء و الفقهاء مع الله في التشريع و التحليل و التحريم " و يحفظون المرويات في هذا المجال "كحديث الأريكة" الذي فندنا محتواه في أكثر من مناسبة ...؟
و لذا و جبت الشدة مع هؤلاء السلفيين استجابة لأمر الله لأنه الأعلم بنفسياتهم يقول تعالى في حق من يتشدد مع هؤلاء الوثنيين عبدة البشر و الحجر و الآباء :( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم - صدق الله العظيم /
أيها التونسيون أين يبدو لكم عقلانية من يؤمنون "بالمذهبية الدينية" و "التشيع للمذهب المالكي"...؟
و الله يقول بكل وضوح في سورة الأنعام :( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ( 159 ) ) . و يقول تعالى في سورة الروم :وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) )
و يقول في سورة الأنبياء عليهم السلام :( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ( 92 ) وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون ( 93 ) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ( 94 ) ) .
التعليقات (0)