حينما أنظر إلى مسيرتى فى هذا الوطن أشعر بالكثير من الاكتئاب والمزيد من الأسى , يعتصرنى اليأس اعتصارا , أحدث نفسى : ماذا بقى لك من العمر يا هذا كى تنفقه حزنا على وطن ضاع منه طريق المستقبل , ؟ , ماذا بقى لك من أيام تذهب حسرات على أهل وصحبة وطن مال بهم الطريق وجار عليهم قدرهم و فأصبح يومهم أسوأ من أمسهم وأفضل من غدهم , وهذا هو التاريخ يشهد على ذلك . فنحن المصريين وقبل قيام ثورة عبد الناصر عام 52 كنا نضيق بالعصر الملكى , ونراه عصرا متعاونا مع الاستعمار ضد القضية الوطنية , ونأخذ عليه التفاوت الطبقى الشاسع بين مكونات المجتمع , وبعد قيام الثورة امتلأت النفوس بالآمال فى مستقبل مشرق , وترددت الأغانى التى تشيد بالزعيم والقائد ,الذى يمثل أول رئيس مصرى يحكم البلاد من عصر الفراعنة , وبمرور الوقت , ظهرت سوءات النظام الناصرى , من استبداد وتكميم للأفواه إلى أن كانت هزيمة 67 التى سببت العار لشعب مصر , والتى لا نزال نسدد بقايا ثمنها حتى الآن , وشعر الناس بالفجيعة وأخذوا يترحمون على العصر الملكى . وبعد أن مات عبد الناصر جاء السادات , واستبشر الناس خيرا , لأنه تحدث عن الحرية , وتعهد ألا يقهر رأى أو يكبت فكر , كما وعد بالانفتاح الاقتصادى الذى سيغرق مصر فى نهر الخيرات , وبمرور الوقت اتضح أن السادات سلّم اقتصاد الوطن لمجموعة من اللصوص , وأن الانفتاح لم يعد على الشعب بأية فائدة , وضج الناس بالشكوى , وأخذ المصريون يتباكون على عصر عبد الناصر . ومات السادات , وجاء عصر مبارك , وبدا الرجل بسيطا فى أول عهده , وقال إنه ليس من طلاب الزعامات , وأبدى زهده المالى , قائلا عبارته الشهيرة : إن الكفن ليست له جيوب - , وعاد الأمل للمصريين مرة أخرى , ولكن بمرور الوقت سلّم مبارك البلاد لتيار من الفساد الذممى والأخلاقى , وانتشر الفساد فى مصر بطريقة غير مسبوقة , وصار للكفن جيوب وسراديب , وظهر انسداد الأفق فى التغيير خاصة بعد ظهور إمارات توريث السلطة بكل فساد ها , ومرة أخرى يشعر المصريون بأن السادات كان أفضل من خليفته , ويتملكهم اليأس والغضب , وأخيرا حدثت ثورة 25 من يناير , وعاش المصريون فرحة غامرة وأطل الأمل عليهم قويا عفيا , خاصة أن الثورة بُذلت فيها دماء شباب عزيز وغال , وتطلع المصريون إلى غد كريم فى دولة قائمة على أسس من الحرية والمساواة والعدالة بين مواطنيها , ولكن ويا للفجيعة ! فقد سطا على الثورة أعدى أعداء الحرية من تجار الدين وسماسرة العقائد , فأخذوا ينكلون بالثوار الحقيقيين , ويضعون انصار فكرهم فى المواقع الحساسة , ويمهدون لقيام دولة دينية قمعية تفرق بين الناس بحسب الجنس والدين , كما هاجموا الإعلام الحر , ونالوا من استقلال القضاء . , وحين هب الشعب للمقاومة بعد أن أدرك هول الخديعة التى تعرض لها , أخذوه بالعنف والإرهاب , واستخدموا من الأكاذيب وألوان الخداع والتضليل ما من شأنه أن يسىء إلى الإسلام وإلى كل المثل العليا . و مرة أخرى يشعر الناس بالحنين إلى العهد السابق , وبدأ المصريون يترحمون على أيام مبارك , ! ماهذا ؟ ماذا يحدث لك يامصر ؟و هل قدر شعبك أن يكون كل عهد يمر عليه هو الأسوأ من سابقه ؟ وإلى متى ؟ . وكأن الشعب المصرى كله يردد بيت الشعر القائل : كلُ عهد بكيت منه فلما / صرت فى غيره بكيت عليه
التعليقات (0)