ذابت سريعا كل مشاعر القلق والغربة التي قد يشعر بها من يدخل إلي عالم جديد كهذا العالم من نفسي أنا والضابط سيف بفضل الرائد شاكر الذي يشيع روح الدعابة والحزم في نفس الوقت علي أي مجموعة لدماثة خلقه ولقدرته علي القيادة وكسب القلوب بسرعة غريبة ....كنا في إجتماعنا الأول ولأول ليلة في جبهة القتال الرائد شاكر ومجموعة الضباط القدامي وأنا وسيف في هذه البقعة من الصحراء نتسامر كأننا من أسرة واحدة تجمعت حول كبيرها الرائد شاكر وكانت المواقع كلها تقريبا تحت الأرض ...ورشة التسليح التي نتبعها فيها خمسة ضباط مع القائد كل ضابط متخصص في نوع من الأسلحة وكنت أنا طبقا للتدريب الذي مارسته في ورشة 3 تسليح مختصا في المدفع مضاد للطائرات عيار 57ملم .......كان من زملائنا القدامي في الموقع الضابط سليمان إمام سليمان متخرج من المعهد الفني للقوات المسلحة وكان متخصصا في البصريات ( أجهزة الرؤية والرؤية الليلية إلخ) وهو من المنوفية وكان رجلا تقيا لا يخلو كلامه من الذكر والصلاة علي النبي عليه الصلاة والسلام ...ورشتنا كانت في موقع منخفض نسبيا عما حوله وفي غربها تبة (مكان مرتفع قليلا) وفي شرقها ملجأ الرائد شاكر وبالقرب منه ملجأ النقيب عصمت ثم شاحنات الزيل المجهزة ورشا مختلفة (خراطة حدادة مولدات كهرباء ماكينات لحام ورشة أسلحة خفيفة إلخ) ثم في شرق ملجأ القائد كان الملجأ الذي خصص لي وللضابط سيف تعلوه تبة أخرى في الجهة الشرقية تقود إلي سرية الشحن وسرية الوقود وسرية التعيينات وموقد قائد خلفي الفرقة 19 وفي شمال الورشة وعلي بعد كيلو واحد تقريبا طريق السويس الصحراوي وفي الجنوب سلسلة جبال تسمي جبال عتاقة ولها قصة طريفة نتعرض لها فيما بعد إن شاء الله.... وليعرف القارئ ماهي صورة الملجأ ليتخيل المنظر أشرحه بسرعة ... الملجأ عبارة عن شبكة من أسياخ الحديد علي شكل قوس ارتفاعه يسمح بالوقوف تحته وبطول مترين تقريبا أو أقل يوضع اثنان منه متجاورين بالطول (حتي يصل طول الملجأ إلي أربعة أمتار تقريبا) في حفرة تحت الأرض ويوضع فوقهما طبقات من الخيش ثم طبقة من التراب بسمك 50 سنتيمتر تقريبا وأمام الملجأ حفرة علي شكل مجري بطول يسمح بدخول الملجأ وفي سقف الملجأ تركب هواية لتجديد الهواء ......نعود إلي اجتماعنا....فيما نحن نستمتع بالبطيخ والجبن الأبيض كان القائد يحدد لكل ضابط مهامه في تلك الليلة وفي نهار اليوم التالي ... تم وضع كل النقاط علي الحروف وعرف كل المطلوب منه وتمت مراجعة دفتر الأحوال الذي يسجل فيه كل شيء وقد اطلعنا القائد عليه ليعطينا فكرة عن دفتر الأحوال وقرأنا فيه تعبيرا عرفناه لأول مرة ( بند رقم.....سمع أزيز هيل في ساعة .........وبنود كثيرة بعد ذلك) وهو تعبير لم يتكرر كثيرا لأن القوات المصرية منعت وصول طائرات الهليكوبتر التي تصنع الأزيز (أزيز هيل) بعد ذلك بقليل أثناء حرب الاستنزاف.....إنتهينا من البطيخ وقيل لنا ... ياللا بقي قوموا مع السلامه ياخويا انت وهو .......تصبح علي خير يا فندم ...وانتم من أهل الخير.....إنصرفنا ولم نكن نريد الانصراف .......... كانت أول مهمة لي هي النبطشية (النوبتجية) ومعناها مهمة الحراسة الليلية وهي المرور علي الموقع لمنع أي خطر و (التتميم) علي أن كل شيء علي ما يرام وبالطبع الحراسة (برنجي) ..و(شنجي).. و(كنجي).... ألا تعرفون برنجي وشنجي وكنجي؟....... في الحلقة القادمة إن شاء الله
التعليقات (0)