مواضيع اليوم

النقاب بين الوجوب والامتناع ..

Fatma alzahra

2010-05-05 18:18:56

0

 

السلام عليكم .. موضوع النقاب موضوع شائك جدا .. ويثير الكثير من الجدل واللغط هذه الأيام .. و يحتاج منا مزيدا من البحث والدراسة و التفصيل .. و إحاطته من كل جوانبه ما أمكن  .. وذكر التفاصيل المهمة التي تجعل منه فرضا في ظروف معينة وغير مناسب في ظروف أخرى .. خصوصا أن كثير من المسلمين بدأت موجات التعميم تعتري أفكارهم و آراءهم وتخرجها من مصداقيتها وشفافيتها .. فمنا من يرى النقاب واجبا في كل حال و في كل زمان ومنا من يراه تخلف ورجعية .. وكلنا حقيقة يحكم عليه من خلال بيئته وخلفيته الثقافية .. وأحكامنا عليه حقيقة تفتقر للتجريد والمصداقية ..
لذلك أرى من الواجب أن نفصل في موضوع النقاب أكثر حتى نضع النقاط على الحروف ..
أولا سأطرح الأسئلة التي سيدور بحثي هذا حولها ..

ما هو النقاب من الناحية التعريفية ؟ ولمَ لبسته المرأة العربية قديما و رفضته حديثا ! وهل هي عادة ( لبس النقاب ) عربية كانت قبل ظهور الإسلام ونزول القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم !! أم أنه عبادة وإحسان تتقرب به المرأة المسلمة من ربها وتحفظ به أعين الرجال عن الفتنة بها فيكون الرجل الشرقي في مأمن أثناء التعامل مع تلك المرأة ! وهل هو فرض على كل النساء المسلمات في كل حال وفي كل مكان ! أم أن شرعيته ترتبط بظروف المرأة والبيئة التي تعيش بها !!

كل هذه الأسئلة سأحاول – بعون الله – الإجابة عليها من بعض الكتب والمراجع تارة ومن رأيي المتواضع تارة أخرى .. وأحب أن أنوه أن هذا البحث يمثل رأيي الشخصي وليس رأيا شرعيا ..


أولا ما هو النقاب لغة واصطلاحا :


قال صاحب المصباح المنير : ونقاب المرأة جمع نقب مثل كتاب وكتب وانتقبت وتنقبت غطت وجهها بالنقاب .. وهذا لغة .. أما شرعا فقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في مجموع الفتاوى والجلباب : هو الملاءة وهو الذي يسميه بن مسعود وغيره الرداء ويسميه أحيانا العمامة و الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي سائر رأس المرأة وسائر بدنها وقد حكي أبو عبيده وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينيها ومن جنسه النقاب.. انتهى


ولهذا أقول إن كلمه النقاب مصطلح قديم موجود ومستعمل وله أصل في الكتب اللغوية وكذا الشرعية المعتمدة .. وهو غير مستحدث كما يدعي البعض وهو لباس المرأة العربية المسلمة الرسمي سواء كانت مصرية أو جزائرية أو سورية علاوة على المرأة الخليجية وإليكم الأدلة بالصور

زي المرأة المصرية قبل 100 عام

وهذا أيضا الزي الرسمي للمرأة المصرية قديما ..

لباس المرأة المصرية في الماضي

زي المرأة الجزائرية قديما ..

لباس نساء مكه قديما عندما تخرج من بيتها ..

 في النمسا  كانت النساء تقتدين بالمرأة المسلمة في زيهن ولباسهن ..

 لمحة تاريخية :
ولو تأملنا قليلا دوافع المرأة العربية في ارتداء النقاب في الماضي .. لرأينا أنها تختلف تماما عن دوافع المرأة العربية في ارتدائه اليوم .. فالمرأة العربية قديما تغلب على فطرتها الحياء والستر مما يجعلها ترتدي الحجاب الكامل بقناعة تامة ودوافع ذاتية ( محضة ) .. إذاً لم تكن المرأة العربية قديما مرغمة على ارتداء زيها الرسمي الموضح أعلاه .. إنما حياؤها ( الفطري ) هو دافعها الحقيقي في ارتداء الحجاب الكامل ..
 
أما وقد تبدلت طبيعة المرأة العربية - الملتزمة والغير ملتزمة على حد سواء - وأصبحت أكثر انفتاحا .. وفارقها الحياء  .. فالملتزمة أصبحت ترتديه من أجل أن ترفع راية ( أنا ملتزمة ) .. أما الغير ملتزمة فبدأت تشعر بمشاعر سلبية تجاه ( النقاب ) و أن غطاء وجهها امتهان لها ولكرامتها الإنسانية .. فما عاد اليوم الدافع الذاتي الداخلي ( الحياء ) يدفع المرأة لتغطية وجهها عند كلا الطرفين ..
 
ولذلك كانت حركات التحرر في الماضي التي قادتها إحدى العلمانيات في ميدان التحرير المشهور في مصر .. وخلعت النقاب في مظاهرة نسائية مصرية .. فاتبعتها النساء اللاتي كن معها في تلك المظاهرة .. و هذا التمرد على النقاب وتغطية الوجه لم يكن إلا لأن المرأة فعلا بدأت تتحلل قليلا من حيائها الفطري .. والذي شجع المرأة على هذا التحلل في الماضي هو الرجل العربي – للأسف – و الذي بهر بتجارة الغرب وجاء لعرض بضاعته هذه على نساء المسلمين .. أمثال قاسم أمين ورفاعة الطهطاوي في مصر .. مما نتج عنه خروج نساء مسلمات عربيات أمثال هدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا العميل لجيش الاحتلال الإنجليزي و صفية زغلول وغيرهن من اللاتي أسهمن في مسخ فطرة المرأة السوية وتجردها من دوافعها الداخلية في الستر والاحتشام ..
 
ولو سألنا أنفسنا ولمَ المرأة العربية – أمثال هدى شعراوي - تحللت من حياءها الفطري لكانت هنالك الكثير من الأجوبة .. وممكن أن نختصرها بعاملين أساسيين أول هذان العاملان .. هو التحلل الأخلاقي الذي أصاب المجتمع بأسره بسبب الإحباطات المتوالية منذ بداية القرن المنصرم .. و حاضرنا مع إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية يشهد على أن الانهزامات والإخفاقات سبب في التدهور الأخلاقي للمجتمع ، فكلنا يرى ما يعتري مجتمعاتنا من تدني أخلاقي ملحوظ .. وثاني هذه الأسباب هو الاستعمار العسكري وما تبعه من انفتاح المجتمع العربي على حضارة الغرب و انفتاح المرأة على نماذج نسائية غربية سيئة تجعل من حيائها المجبولة عليه ينصهر ويذوب شيء فشيء ..
 
 
هل كان النقاب لباسا للمرأة العربية قبيل ظهور الإسلام !
 
كلنا يعلم أن المرأة العربية في الجاهلية كانت تحج و تطوف حول الكعبة عارية وتضع السلال والأصفاد على جسدها العاري .. فلم تكن هنالك أي ضوابط للباسها ولم تكن تميل بفطرتها آنذاك للاحتشام والستر .. و يقول الفقهاء إن المرأة بعد ظهور الإسلام كانت تخرج في المدينة بالجلباب أو بلا جلباب و يرى الرجل وجهها ويديها وذلك قبل نزول آية الحجاب . . فلما نزلت آية الحجاب سترت وجهها وكفيها .. و هذا يدل على أن النقاب شريعة ودين تتقرب المؤمنة به لربها .. ولا أصل له في العادات الجاهلية أو في المجتمع القبلي قبل ظهور الإسلام ..
 
متى يكون فرضا ومتى تمتنع المرأة عن لباسه :
 
إن الإسلام دين عالمي .. بمعنى أنه جاء لكل الأجناس ولم يكن يوما للعرب فقط .. ويتسم الفقه الإسلامي بالسعة والتنوع .. فالاختلاف حاضر في أغلب المسائل الفقهية مما يجعل من هذا الدين ديننا عالميا يستوعب كل الأجناس البشرية ويقبل بكل الاختلافات الثقافية مادامت في الإطار الشرعي المباح ..
 
ومن هنا نستشف أن ثمتَ اختلافات تشريعية تلازم الاختلافات الثقافية والبيئية التي ينحدر منها الأصناف البشرية .. ومن هنا تأتي عالمية الرسالة المحمدية .. ولابد أن توضع هذه الاختلافات في عين الاعتبار عند إصدار أي فتوى أو تشريع معين ..
 
وفي هذا الصدد أذكر لكم قصة أحد الشيوخ الكبار في السعودية مع المتصلة الشامية التي سألت الشيخ عن زوجها الذي يسب الله ليل نهار ! أخبرها أن تسأل أحد المشايخ في بلادها .. لمَ فعل الشيخ ذلك ! لأن دوافع الذي يسب ربه في بلاد الحرمين تختلف عن دوافع الذي يسبه في بلاد الشام ، ومع اختلاف الدوافع تختلف الأحكام التشريعية .. ومن هنا ندرك تماما أن الفتوى تختلف باختلاف البيئات ..
 
و نأتي لمسألة النقاب في بلادنا العربية .. ولننظر لطبيعة الرجل العربي الذي تنتقب المرأة عنه .. فالرجل الشرقي معروف بشهوانيته و بانجذابه الشديد للمرأة باختلاف الرجل الغربي الذي عادت يكون كطبيعة بيئته الباردة ..وهذا بحكم الطبيعة المناخية التي يعيش فيها الرجل الشرقي ..
 
وليس هذا امتهانا للرجل أو تشبيها له بالحيوان المفترس – كما يدعي البعض - و الذي لا يعرف أن يتعامل مع المرأة إلا من خلال شهوته .. أبدا .. هذا كلام فارغ صاغته لنا أفلام رشدي أباظة وغيرهم في حقبة الستينات والسبعينات .. والتي كانت دائما ما تأتي بالبطل الشريف العفيف الذي لا تهتز منه شعرة واحدة مهما رأى من نساء عاريات من حوله .. وفي مقابل هذا البطل يكون هنالك شاب ( عيونه زائغة على البنات ) ويحاول المخرج مليا إقناع المشاهدين أن هذا الشاب الملازم للبطل هو حالة شاذه لابد للمجتمع أن يتخلص منها !!!!!
 
 ولن يكون رشدي أباظة أو شكري سرحان أشرف وأكثر عفة من نبي الله يوسف عليه السلام الذي خاف علي نفسه من فتنة النساء و أن يصبو إليهن و دعا ربه أن يصرف عنه كيد النساء اللاتي فتن بجماله ..
 
وخلاصة القول ..
 
أن النقاب جزء من الشريعة الإسلامية و ليست عادة عربية موروثة و الأدلة مذكورة أعلاه .. كذلك  لا نستطيع القول أن المرأة في الخليج العربي مثلا متساوية مع المرأة في كندا في فرضية النقاب من عدمه .. فالنقاب يكون فرضا على المرأة الفاتنة وفي البيئة التي يكون فيها مجرد كشف الوجه فتنة عظيمة على الرجل .. ويكون إحساننا منها في بيئة تهبط وتخف فيها تلك الفتنة .. ويكون مباحا في بيئات لا يوسم الإسلام بالتخلف والرجعية إذا ما ارتدته المرأة المسلمة .. ويكون غير مرغوب فيه في البيئات المعادية للإسلام أو التي لم يصلها الإسلام كما وصلنا وكما وصل لأمة العرب في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأن المرأة المنتقبة في تلك البيئة تشوه سمعة الإسلام ، لأن الذي ينظر للنقاب دون أن يعرف دوافعه سيحكم على الإسلام برمته بعشوائية وتخبط تتحمل المنقبة وزرها يوم الدين إن أدركت ذلك وتعامت عنه ..
 
إن أصبت فمن الله سبحانه و إن أخطأت فمن نفسي والشيطان   ..

                                                                                                  
أطيب المنى ..

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات