مرة أخرى تتحطم على صخرة المقاومة , خزعبلات الكيان الصهيوني وترهاته , سقطت كل الرهانات , ومعها إسودت الوجوه , وتعلثمة الألسن وتاهت الأفكار , سقطت معها المعنويات والماديات , هذا هو النصر الثامن للمقاومة الإسلامية العالمية , على المشروع الإمبريالي الصهيوني العالمي , ( حسب ترتيب الكاتب الأديب المناضل منذر إرشيد ) رعاه الله واطلق لسانه لقول الحق وتبيان الحقيقة , نعم هذا هو الإنتصار الذي وعدنا به ( الصادق الأمين ) أكتفي بهذا العنوان .....
لعل من المفارقات العجيبة والتي لم يتوقعها أحد , لامن السياسيين ولا من الباحثين في الشؤون الأمنية , أن الكيان الصهيوني , والمعروف أن من يقوده هو المؤسسة الأمنية , يصل به الحال الى تطويع , بل إخراج طرف مهم من أطراف القيادة فيه , وهو عدم الإنصات الى تلك المؤسسة التي إعتادت على فرض إرادتها وتسويق فرضياتها وصحة إحتمالاتها , فيما يخص الصراع بين كيانهم الزائل من جهة , والعالم الإسلامي من جهة أخرى , فهي سقطت في وحل الكذب ومستنقع النفاق , وبعد أن تكشفت ألاعيب رموزها للصهاينة القتلة , نرى اليوم الهزيمة النكراء التي منيت بها هذه المؤسسة المهترئة المتآكلة , أمام الفئة السياسية الضالة والمعتوهة .
نعم بعد إنتهاء حرب التحرير والدفاع , التي خاضتها المقاومة الإسلامية على ثرى الجنوب اللبناني , وعبق الشمال الفلسطيني , قد أفرزت الكثير من التداعيات , وعلى كافة الأصعدة والمستويات , وأفضت بنتائجها الى كما هائلا من الحلول للكثير من الملفات التي كانت عالقة, تبحث عن حلول تفك عقدها وطلاسمها , ولينت الكثير من المواقف الجامدة والمتصلبة ,وأبعدت الى غير رجعة بعض المشاريع التي كان من الممكن تمريرها على المنطقة , ووجهت صفعة قوية للمشروع الأمريكي الخاص بلبنان وما حوله , إضافة الى لجم الأصوات المتحالفة التي تريد الشر للمنطقة عموما .
نعم , المقاومة الشريفة تمكنت , وهذا ليس جديدا , إنما للتذكير فحسب , أن تجعل مفهوم المقاومة حاضرا في وعي الجماهير الإسلامية في العالم ككل , والعالم الإسلامي خاصة , وهذا أدى الى الإعتزار بهذه المقاومة , مع تساوق ظهور الكثير من المجاميع والخلايا التي إتخذت من منهج المقاومة مشروعا لها في نضالها اليومي ضد كل ماهو عدائي للأمة الإسلامية , كذلك زرعت بذور الأمل في عقول الأمة بالمستقبل الزاهر للأجيال القادمة , وعنونت الجهاد في بذل الغالي والنفيس من أجل الوطن والعرض والأرض والشرف , غاية لايدركها إلا الطامحين لكسب الرضا الإلهي في النهاية , وعربت إسم المقاومة وتعميم مشروعها وشمولية دفاعها عن كل المسلمين إينما كانوا وحيثما وجدوا , وهذا أكسبها سمعة طيبة بين المسلمين , وزاد من دعم الأحرار لمشروعها .
نعم , تمكنت من أن تجعل المقاومة تتجاوز الجغرافية , وتذهب الى أبعد نقطة إسلامية في هذا الكون , لم تفصل أي قضية لها علاقة بالوجود العقائدي للمسلمين , ولم تفاضل بين تلك القضايا مطلقا , بل جعلت كل أمر يهم العالم الإسلامي هو في سلة واحدة , وينبغي أن تحمل على الأكتاف مرة واحدة , أيضا , وهي في السابق كما هي اليوم تعرض كل قدراتها على المسلمين من اجل الإستفادة منها , وترجمة مفرداتها على الأرض وفي ميادين وسوح الوغى , علمت الشعوب على كيفية الدفاع عن سيادتها , والحفاظ على أمنها , وصنع إستقرارها , وكسب حريتها , وبناء وطنها , ودفع الشرور عن مواطنيها من كل عميل وقاتل ومجرم .
اليوم تضيف المقاومة نصرا آخر للإنتصارات التي حققتها , وأوفت بوعدها الذي قطعته لكل مسلم حر وشريف , بتحرير الأسرى الأبطال وإرجاعهم الى حضن الوطن , لمواصلة نضالهم ضد العدو الصهيوني , شملت المفاوضات الغير مباشرة والتي تختص بموضوع الأسرى , كل الأسرى دون إسثناء , لم تشر الى وطن أو قومية أو طائفة أو مذهب , بل مطالبها شملت الجميع , لأنها في النهاية هي مقاومة الجميع , صنعت معادلة جديدة في التعاطي مع أي ملف من ملفات الصراع بيننا وبين العدو , نعم لقد رضخ هذا العدو المتغطرس القاتل الهمجي المجرم المستوطن , لكل مطالبنا وإملاءاتنا في قضية الأسرى , والآتي أكثر , هو مأزوم في سياسته , مهزوم في داخله , مرعوب في عقله , كالفأر في جحره , يلوذ بكل صخرة ليحتمي بها من ضربات الشرفاء في المقاومة .
لم ينجح العدو في تحجيم دور المفاوضات الغير مباشرة مع المقاومة , وجعلها تختص بقسم من الأسرى وتسميتها بأنها لبنانية , بل لم يكن قادرا على فرض أي من شروطه في هذا الملف الشائك والمعقد , بالتالي إنعقد لسانه امام إصرار المفاوض المقاوم, ولم يجد بدا من القبول بما الزمه به ذلك المفاوض القوي المؤمن , وهنا قد حققت المقاومة نصرا سياسيا مؤكدا , يضاف الى النصر الميداني الذي كان في حربها سابقا , وتركت أثرا إيجابيا في شق صفوف العدو , السياسية والأمنية والعسكرية والشعبية , مما حدى بهذا العدو الى إعلان الهزيمة وعلى كل المستويات , أمام ضربات المقاومة وأيضا على كل المستويات ودون فصل , وهذا واضح من خلال خضوعه وإعترافه في الهزيمة العسكرية , والسياسية وعدم قدرة مؤسسته الأمنية, من التوفر على المعلومات التي تساعده في معرفة الأرضية التي تتحرك عليها المقاومة , مما أدى الى فشله في تحقيق أي تقدم على جبهة القتال .
نعم , أراد العدو الصهيوني أن يلعب بورقة لم يعرف أنها في النتيجة ستكون خاسرة أما صلابة وإرادة المفاوض المقاوم , ليعلن بعدها في حال نجاحه في تحقيقها , أن حزب الله هو حزب طائفي أو مذهبي , لايهتم إلا بأسراه وما يعنيه أمرهم , وذلك بتحييد الأسرى من بقية المسلمين القابعين في السجون والمعتقلات السرية والعلنية , لكن هذه الخطوة كان الحزب لها بالمرصاد , وأفشلها لأن منهجه يقوم على عدم الفصل بين قضايا الأمة مجتمعة , وفي نظامه الداخلي , يقول بعالمية المقاومة ,ولم يحصرها في زمان معين أو يختار لها مكان معين , بل أطلق الزمان والمكان , ونتذكر مرة وفي أحد المفاوضات حول بعض الأسرى , كيف تحرك العدو بإطلاق ثلاثة من الأردنيين , قبل التوقيع مع المقاومة على إطلاق مجموعة منهم , وذلك كخطوة إستباقية بعدم جعل المفاوضات شاملة لكل الأسرى المسلمين وغيرهم , مما يعطي إنطباعا لدى العامة من الناس أن غير اللبنانيين حصرا لاتعبأ بهم المقاومة , لكنه فشل فشلا ذريعا .
نستخلص من هذا النصر العبر التالية ,
أولا :: إنه نصرا سياسيا وأمنيا تحقق من خلال جلوس العدو على طاولة المفاوضات , وهذا من نتائجه هو إعتراف العدو بالمقاومة وحضورها الفاعل والمؤثر في الميدان .
ثانيا :: فرضت المقاومة إرادتها السياسية وإنتزعت الإعتراف الضمني من العدو بوجودها على الأرض مع مشروعية برنامجها المقاوم , وهذا ادى الى حالة من الوعي الجديد في ظاهرة الصراع .
ثالثا :: إبعاد الموؤسسة الأمنية من حلبة صنع القرار في دوائر العدو , مما ادى الى إضعاف دورها في السابق ,ويؤدي الى إلغائهما في رسم الدور العدواني على أمتنا الإسلامية لاحقا , وهنا يفقد العدو أهم حلقة في مسلسل صناع القرار , وهذا حتما يعتبر عامل مساعد ومهم في إضعافه كليا .
رابعا :: الإعتراف بشمولية منهج المقاومة في التعاطي مع شؤون الأمة , وعدم حصرها بجهة دون أخرى , وهذا أعطاها وهجا وبريقا شعبيا واضحا من خلال الإعلام الصادق على مستوياته .
خامسا :: إعطاء دفعا إيجابيا للمقاومة في حالة حصول أي مفاوضات لاحقة , وذلك بفرض شروطها المسبقة للتفاوض على أي من الملفات العالقة مع هذا العدو , مع الأخذ بنظر الإعتبار , القوة التي تتميز بها المطالب المشروعة التي تتقدم بها المقاومة للبدء بالتفاوض الغير مباشر .
نقول :: للنافخين في بوق التقليل من اهمية هذا النصر المكلل بالغار , أن العدو إنهزم , وسقط في وحل الرذيلة السياسية , وأمنه أصبح في مهب الريح من قوة وسطوة الأجهزة الأمنية المقاومة , وهو الآن يفكر فقط , كيف يمكن إزالة شبح التصريحات والإلتزامات والتعهدات التي تلتزم وتتعهد بها المقاومة بأن الكيان الصهيوني الى زوال قريب , فضلا عن أن الوعي لدى المستوطن الصهيوني أضحى حاضرا ,لايفارقه أبدا , وفي معدلات الهجرة الى دول أوروبا وأمريكا من قبل الصهاينة لدليل واضح على مانقول , كذلك العزوف الواضح من قبل اليهود في العالم عن الهجرة الى الكيان الصهيوني وتفضيلهم البقاء في اوطانهم والعيش هناك .
أو قد يقول قائل , أن هذه من بعض الخطط التي تدخل ضمن سياسة طمانة الشعب الإسلامي , وإرسال إشارات من بشائر السلام المزمع بين الكيان من جهة , وبين من يريدون الإنبطاح عند أقدام هذا العدو , نقول :: كما أن هذا العدو فشل في المنازلة من جناح بسيط من هذه المقاومة الواسعة , فهو عاجز عن المنازلة مع أكثر من جناح , فهو الآن في موقع الدفاع , بل في مرحلة الإحتضار أو أكثر , ونطمأنهم أن أمريكا والصهاينة , الآن عاجزين من ان يقوما بأي مغامرة أو حماقة جديدة , فهما يلعقان جراحهما في كل الميادين .
هنيئا للأمة الإسلامية بأبطالها الميامين الأشاوس , هنيأ لكل ماجدة وضعت وأرضعت هذه الأسود , طوبا للأيدي التي مدت العون والمساعدة في إستنهاض الهمم من أجل التحرير , الى الأمام ياسادة الأرض وعمارها , الى الأمام يارياحين رياض الدوح العطرة .
التعليقات (0)