المعتصمون
كنت فى القاهرة أراجع الطبيب . بشأن تنفيذ تعليماته و المتابعة الدورية معه .
أخذت أولادى الصغار معى كى يروا للمرة العاشرة ميدان التحرير بعد الثورة .
الميدان ليس هو الميدان . الناس ليسوا هم الناس . حتى الثوار الحقيقيون لم يعودوا موجودين .
ماذا حدث ؟
الميدان امتلأ بالباعة الجائلين . من الفشار و البطاطا الى غزل البنات و حمص الشام . حتى الأحذية ضمن المفروشات . و للمثقفين و المدعين نصيب فى هذه الكتب و اللوحات .
حالة القذارة تفضح المكان . و رائحة اليوريا والنشادر تنتشر فى الجو كأنها قنابل دخان .
الوجوه شاحبة . و معظم الأشخاص شعت غبر . رائحة دخان السجائر و عادم الشيشة هى الغالبة . فكأنه محظور دخوله على غير المدخنين .
الذين يفترشون البطاطين و يلتحفون بها . منظرهم يدعو للريبة .
لا ... لا ... ليس هؤلاء هم الثوار الحقيقيون الذين رأيناهم فى بدايات و منتصف العام الماضى .
فعلا الثوار الحقيقيون تفرغوا الان . اما فى مجلس الشعب الذى نجح بعضهم فيه أو فى الجلوس فى الفضائيات للتقعر و التنظير و الفلسفة و لا مانع من التطاول و التجاوز و الاجتراء .
اخذت اولادى ودخلنا الى شوارع وسط البلد ،
يقع شارع عدلى قرب نهاية شارع سليمان .
وجدت حشودا . و كر وفر . وقفت أراقب ماذا يحدث هنا . فى البداية ظننت أنها مشاجرة بين أصحاب المحلات و بين الباعة الجائلين الذين يفترشون الرصيف و يعوقون حركة الدخول و الخروج الى المحال التجارية .
حب الاستطلاع دفعنى للاقتراب .
وجدت مجموعة من المعتصمين يفترشون نهر الشارع . و يعطلون حركة المرور فيه . و معهم البطاطين و الألبسةالشتوية الثقيلة و الشنط الخاصة بهم . و معهم بعض السيدات حالتهم تدعو للأسى لدرجة أننى فى البداية أعتقدت أنهم متسولون . و رأيت المارة تدفع لهم بعلب العصير و بعض المأكولات .
حالة الهرج و المرج مردها ان احدى السيارات دخلت الشارع بطريق الخطأ . فأعتقدوا أن هناك من يريد أن يكسر حالة الصمت المرورى . فهرعوا اليه يعلمونه الأدب .
سيارات الأمن المركزى و جنوده يقفون من بعيد يراقبون الموقف .
أصحاب المحلات يسبون و يلعنون على " وقف الحال " الذى أصابهم و سمعت أحدهم يقول لعامل لديه أطفىء الباترينه كى نخفض استهلاك الكهرباء " و أصلا مفيش زباين " .
وجدت أحد المعتصمين يعاكس الفتيات المارات .
قلت لأولادى . هؤلاء ليسوا هم الثوار . فالثوار تبدلوا . أو قد تم استبدالهم .
eg_eisa@yahoo.com
التعليقات (0)