مثلما اُتهم نظام معمر القذافي في ليبيا بخطف المرجع الشيعي اللبناني السيد موسى الصدر، الذي دخل التراب الليبي نهاية سبعينيات القرن الماضي، ولم يعثر له على أثر إلى يومنا هذا، فإن النظام نفسه متهم في الكثير من القضايا ذات صلة بالمعارضين في الداخل والخارج، مثلما حدث مع منصور الكيخيا الذي اختفى في القاهرة يوم 11 ديسمبر 1993 التي دخلها من أجل المشاركة في اجتماع أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتجهت أصابع الاتهام بالطبع إلى النظام الليبي المستفيد الأول من اختفاء المعارض البارز الذي لعب دورا بارزا في توحيد المعارضة الليبية المشتتة في الخارج ضمن إطار التحالف الوطني الليبي• ونظام معمر القذافي الذي يقول إن الشعب الليبي يحكم نفسه بنفسه، بمقتضى الكتاب الأخضر، لا يعترف إطلاقا بالمعارضة، ويسمي معارضي الداخل الليبي زنادقة، بينما يصف معارضي الخارج بـالكلاب الضالة، ويعمل المستحيل من أجل استئصالها• وزيادة على التصفية التي تعرض لها معارضو الداخل في السنين الماضية عندما تم إعدام الكثير منهم شنقا في الساحات العامة، فإن مصير الكثير من معارضي الخارج كان الاغتيال في ظروف غامضة أو الاختفاء القسري• وبعد أكثر من أربعين سنة من حكم العقيد بذات الأسلوب، أصبح من الصعب جدا الحديث عن معارضة ليبية منظمة، ويعترف المعارض الليبي البارز عاشور الشامس المقيم في بريطانيا أن جماعة الإخوان المسلمين يشكلون أكبر التنظيمات المعارضة في الوقت الحالي، ورغم ذلك فإن هذا التنظيم يبقى مشتتا ولا يعرف له قائد حقيقي على غرار ما هو كائن في بلدان أخرى رغم وجود بعض الأسماء المعروفة المنتمية إلى هذا التنظيم• وما عدا هذا التنظيم المعروف، فإن بقية عناصر المعارضة لا ترقى لأن تكون تنظيمات حقيقية، فهي مجرد منابر لا يزيد عدد أفراد الواحد منهم عن الثلاثة، قضى الكثير منهم سنين طويلة بعيدا عن البلاد ويقيم معظمهم في أوروبا وأمريكا، ولا تشكل أي خطر على النظام• وبالنظر إلى هذه المعطيات، التي تسبب فيها تقادم نظام القذافي وسياسة تجفيف منابع المعارضة بشتى الوسائل، فإن الحديث عن تغيير تقوده المعارضة لا يستقيم بشهادة رموز المعارضة أنفسهم، لكن بالمقابل فإن هذا العنصر يخدم حركة التغيير الحالية التي يبدو أنها شعبية بالأساس وهي تشكل الآن أكبر خطر على نظام القذافي منذ نشأته قبل 24 سنة كاملة•
التعليقات (0)