الفدرالية نظام تتبعة الدول إما لأعلان إتحاد بين دولتين أو أكثر تتنازل فيه الدول المتحدة عن بعض سيادتها إلى دولة الأتحاد كخطوة أولى نحو إنشاء دولة موحدة . وحدث هذا في سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية والمانيا مثلا التي تفقد الان فيها الولايات سلطاتها شيئا فشيئا لصالح حكومة الأتحاد بمرور الزمن وتعقد السياسات الأقتصادية والتجارية . أو قيام سكان أقاليم دولة بالمطالبة بالأنفصال وإعلان دولة فدرالية كخطوة أولى تؤدي عاجلا أو أجلا إلى الأستقلال التام لصعوبة فصل السلطات بين الاتحا د والولايات كالسودان والأتحاد السوفييتي سابقا وقد تتبعه بريطانيا بين إنجلترا وسكوتلاندا وويلز وإيرلندا الشمالية ،لان الهدف في هذه الحالة هو الأنفصال و ليس الأتحاد كما يحصل بين الدول المستقلة التي تدخل في إتحاد فدرالي كخطوة أولى نحو الدولة الواحدة . والدعوة الى الفدرالية لا تعني الدعوة ألى اللامركزية والتخلص من المركزية في الحكم كما يزعم البعض ، فالمركزية نظام ضروري لأمن الدولة ورفاهيتها في الدول الموحدة والدول الفدرالية على السواء ، وأعني بها المركزية في السياسة العامة للدولة في مجالات الامن والدفاع والمالية والأقتصاد والشئون الأجتماعية كالصحة والتعليم . فالبرلمان والحكومة سواء في الدولة الفدرالية أو الدولة الموحدة يجب ان يكونا المصدر الوحيد للتشريع في هذه الشئون كما أن اللامركزية لا تعني الفدرالية او الإستقلال الذاتي لأقاليم الدولة بل تعني تمكين السلطات المحلية من الأهتمام بالشئون المحلية والشئون البلدية في ضوء السياسات العامة للدولة . واللامركزية لا تعني تدخل سلطات الاقاليم في سياسات الدولة التي يرسمها البرلمان وتنفذها الحكومة بل تقوم بالمشاركة في تنفيذ هذه السياسات بما يتمشى والحاجات المحلية للسكان وبمعنى اخر يستعمل أحيانا هو تقريب الخدمات العامة من المواطنين . كما أن اللامركزية لا تعني أيضا تدخل المجالس التشريعية المحلية في إختصاصات البرلمان في رسم السياسات العامة وتشريع قوانين الأساسية كالدستوروالقوانين الجنائية والمدنية والشئون الخارجية ، بل تهتم بوضع قوانين ولوائح تتمشى وقوانين البلادالعامة والمتطلبات المحلية . فمثلا الأتحاد الأوربي الذي كان دولا مستقلة وبدخولها الأتحاد الأوربي كان لها لا بد من التنازل عن بعض سيادتها في مجالات كثيرة تشريعية وتنفيذية وقضائية ، وتلنزم الدول الاعضاء فيه بما تقرره سلطات الأتحاد في بروكسل. والأتحاد الأوربي لم يصل بعد إلى درجة الفدرالية كأتحاد الولايات المتحدة والأتحاد السويسري لان الدول الأعضاء اصبحت مترددة في التنازل على المزيد من سلطاتها ألى بروكسل عاصمة الأتحاد بعد أندفاع الساسة الاباء القدامى لأقامة الأتحاد الأوربي كخطوة أولى لأنشاء دولة أوربية موحدة . وهذا التردد جعل الأتحاد الأوربي يفقد الحيوية التي تأسس بها وخاصة بعد توحيد العملة وإرتباط معظم دول الأتحاد الأوربي باليورو الذي أصبح العملة الرسمية لمعظم دول الأتحاد الأوربي . وكان تردد بعض الدول في الدخول في منطقة اليور زاد من ضعف الأتحاد . واليورو خلف صعوبات بين الدول الأعضاء والمفوضية الأوربية لان عدم تقيد الدول الأعضاء بسياسات الأتحاد في تخفيض العجز في ميزانياتها بالحد الأعلى الذي حدده الأتحاد الاوربي واستمراربعض الدول الأعضاء من جنوب أوربا الاقل غني في العيش على القروض الدولية لتحقيق مستوى معيشي أعلى لمواطنيها والأنفاق لتحسين رفاهيتهم أسوة بدول الأتحاد الغنية كألمانيا وفرنسا وبريطانيا مما أدى إلى إزدياد الدين العام بشكل أصبحت حكوماتها عاجزة عن دفع فوائد ديونها والزم الدول الغنية بتقديم العون المالي لها بشروط تحد من سيادتها . كما أن الدين العام يثقل كاهل الأجيال القادمة لمواجهة مشاكل الديون المتراكمة . وهذا أدى بسلطات الأتحاد الأوربي ألى زيادة الأشراف على ميزانية الدول الأعضاء ومراقبة الصرف وتغطية بعض ديونها وتأجيل دفعها ، وفرض سياسات التقشف لتمكين الدول الأقل غنى من دفع ديونها للدول الغنية ومؤسسات القطاع الخاص . وهذه السياسات أدت إلى أنخفاض دخول المواطنين والموظفين في هذه الدول الاقل غنى وأنتشرت الأضرابات والمظاهرات التي أصبحت تهدد اتحاد اليورو والأتحاد الأوربي نفسه، وعودة اوربا إلى الأنقسام من جديد إلى دول غنية ودول فقيرة تواجة مشاكلها الأقتصادية في حدود إمكانياتها مما يخلق مشاكل سياسية وإجتماعية في القارة الأوربية التي تمتعت برخاء منقطع النظير خلال العقود الماضية في ظل الوحدة وقيام الأتحاد الأوربي والعملة الموحدة اليورو . وتعيش الوحدة الأوربية اليوم هذه المشاكل الأقتصادية بين متفائل بالتغلب عليها بتصميم سياسي ومتشائم بنهاية الأتحاد الأوربي واليورو الذي قد يساعد على عودة النزاعات القديمة في أوربا الغربية أو عودة الحرب الباردة من جديد بين الشرق والغرب .
التعليقات (0)