المتفوقون ..............فى الثانوية العامة
أتصل بى صديق كى نبرم موعدا للذهاب لتهنئة صديق مشترك .
سبب التهنئة حصول نجله على الثانوية العامة .
ليس نجاحا تقليديا , بل تفوق , وليس تفوقا عاديا بل حصل على 101 % .
قلت (اللهم صلى على النبى ) حينما أبلغنى صديقى , وقلتها فى وجه الطالب المتفوق نجل صديقى وأنا أصافحه وأشد على يديه مهنئا .
جلسنا , وتناولنا المرطبات فى جو بهيج ملؤه السعادة , بل وبعض الافتخار .
لم أشأ أن أسأل نجل صديقى عن كليته المزمعة , فمن المنطقى والطبيعى أنها كلية الطب .
بل سألته : كم واحدا على مستوى الجمهورية حصل على أكثر من مائة فى المائة , أو مائة بالمائة كما ينطقها الأخوة الشوام . فأخبرنى بأنهم ستمائة وبضع عشرات فى كل الشعب ( علوم – رياضة – أدبى ) .
غادرنا بيت صديقى , وأنا مستغرق فى التفكير ,
ما معنى ان يحصل طالب على النهايات العظمى فى امتحان - أى امتحان - وفى كل المواد ؟
بل يزيده درجات المستوى الخاص – المستوى الرفيع – فيتجاوز فى المجموع الكلى النهاية العظمى ؟
أية عبقرية ؟ وأى ذكاء ؟ وأى قدرة على التحصيل ؟ وأى ابداع وتركيز ؟ وهى الأشياء التى يقيسها الامتحان .
على أيامنا كان من ضمن المعجزات السبع أن يحصل طالب على نهاية فى أى مادة . فهل كنا أغبى أو أقل ذكاءا ؟ أم ان قدرتنا على التحصيل كانت أقل ؟ أم ان واضعى الامتحانات كانوا من الحرفية بحيث لا يستطيع طالب مهما كانت قدراته ان يجيب على الأسئلة كاملة ؟
كنت شخصيا متفوقا – الى حد ما – وكنت أمتاز بالذكاء وسرعة البديهة – التى خفتت رويد رويدا حتى تلاشت الآن – وكان من يعرفوننى لأول مرة يقولون ان بريق ذكاء يقفز من عينيك – طبعا الآن لم يعد له أثر – وكان هذا أول عهدى بأن الذكاء يظهر فى العيون .
فبدأت أتعرف على الأذكياء من بريق عيونهم , ليس بريق جمال العيون ولكنه بريق الذكاء يشع من العيون , فكم من عيون جميلة يقفز منها الغباء قفزا .
عندما قابلت نجل صديقى – المتجاوز مائة بالمائة – كنت أتلمس بريق الذكاء وأتفقده , اذا لابد ان هناك أسبابا أخرى – اضافة الى توفيق المولى عز وجل – هى ما أوصلته الى هذه النتيجة المعجزة .
ولكن ما هى هذه الأسباب ؟
سؤال آخر : هل فكر أحد المراكز البحثية المتخصصة فى تتبع مسيرة هؤلاء المتفوقون ؟ أو محاولة الوقوف على ما آل اليه حالهم بعد عشرين عاما من التفوق فى الثانوية العامة ؟
ولماذا لم تمتلىء مراكزنا العلمية والبحثية بهؤلاء النوابغ ؟
ولماذا لم يسجل أحدهم أية براءة لأى اختراع ؟
ولماذا لم نسمع عن عالم مصرى نبغ فى مصر أو فى خارجها , وعندما أستضافته المذيعة ليحكى لها عن سيرته الذاتية لم يقل لنا : أنا فى الثانوية العامة كنت جايب ميه فى الميه .
التعليقات (0)