مواضيع اليوم

المتدين يقتل الاختلاف

Riyad .

2015-03-13 01:59:52

0

المتدين يقتل الاختلاف  

الاختلاف طبيعة بشرية وليست خيالاً أو ترف كما يعتقد البعض , الاختلاف يعني عدم الاتفاق أو الإجماع على رأي أو عمل معين , تختلف المجتمعات فيما بينها حول مختلف القضايا , ذلك الاختلاف الطبيعي يحاول البعض تحويله من حالة طبيعية إلى حالة شاذة عبر إشاعة الخلاف بدلاً من الإختلاف .

الخلاف يعني التصادم والتصارع والتشتت عكس الاختلاف الذي هو التعايش والتعددية وقبول الأراء المعتدلة ضمن حدود الثوابت وبما يضمن وحدة المجتمعات وسلامتها , الاختلاف يعني أقبلك كما أنت بأرائك وأفكارك وأطروحاتك وتقبلني كما أنا لا إقصاء أو إكراه أو فرض أو تهميش وفق قانون لك حريتك ولي حريتي !.

الاختلاف عامل بناء يفضي للتعددية الشاملة الفكرية والغير فكرية , فالاختلاف ليس قضية بل طبيعة إذا كان اختلاف معتدل لا تطرف فيه , الدين قيمة والتدين سلوك الخطأ فيه أكثر من الصواب , المتدين يمارس أعمالة وفق اجتهادات يؤمن بها تلك الأعمال تطبيق عملي لما يؤمن به وذلك حق إذا كان مراعياً للخصوصية الفردية لكن عندما يرغب المتدين في تعميم تلك الأعمال  على الآخرين بالتضليل تارة وبالإكراه والوعظ تارة أخرى فإن ما يقوم به تعدي على خصوصية الآخرين وجريمة بحق الدين  , المجتمعات المسلمة متفقة على الأصول والأركان واختلافها محدود في نطاق قضايا معدودة  تبدأ بحكم صلاة الجماعة وتنتهي بالحجاب والغناء وبعض القضايا الفقهية التي تندرج تحت بند فقة العبادات الصغرى  , الإسلام دين سماحة وليس دين أحقاد وخلافات , المتدين وعبر التاريخ قتل سماحة الدين بآراء وممارسات جعلت من الدين محل إتهام من قبل مجتمعات لا تعرف شيئاً عن الدين سوى بعض الممارسات الشاذة التي هي تطبيق لآراء شاذة يقوم بها المتدين ومن سار معه .

التطرف والتشدد لا ينحصر في قضايا التكفير والدموية بل يشمل الممارسات والعبادات , فكم من متدين يحاول أن يفرض آراءه ويمنع الناس من ممارسة ما يعتقدون أنه صحيحاً وصواباً , كثيرٌ من المتدينين يمارسون الوعظ والتنظير وكأن الناس خرجوا من الملة وأنكروا الأصول المجمع عليها , الوعظ وسيلة المتدين التي تحولت من وسيلة تذكير بالأصول إلى وسيلة مسخ و أدلجة وتضليل  .

المتدينون يسعون لمسخ المجتمعات وإلغاء الاختلاف الطبيعة الإنسانية التي باختفائها أصبحت المجتمعات مهمشة كقطعان الماشية تٌساق دون تفكير أو رغبة , الاختلاف لا يعني التعدي على حريات وحقوق الآخرين ولا يعني الإساءة للثوابت كما يعتقد البعض بل تعني حماية المجتمع من الأصوات المتطرفة المتشددة التي لا تؤمن بالحرية كقيمة وضرورة إنسانية .

المتدين يسعى لأن تكون المجتمعات صورة طبق الأصل منه دون أن يعي أن المجتمعات الحقيقية لا يمكن استنساخها , المتدين وصل لمرحلة التدين عن طريق التدين الهروبي المبني على ردة فعل نفسية أو سلوكية أو عن طريق الجهل فالمتدين ليس على الصواب دائماً عكس الشخص الذي يمارس عباداته وحرياته دون أن يتدخل في خصوصية الآخرين , المتدين يسعى وبكل جهد لأن يدخل القلوب والعقول البشرية ويزرع بها الأفكار الدموية والأفكار المتشددة المتطرفة وهو بذلك يقتل سماحة الدين وقيمة الأصيلة, فالمتدين شخصية هلامية تدينت لأنها فشلت في حياتها أو لأنها حٌقنت بآراء وبعض النصائح المتناثرة من هنا وهناك  ؟.

الاختلاف الحق البشري الأصيل لا ينمو في بيئة الوعظ والتدين بل يموت ويصبح الخلاف هو المشاع , من حق المتدين أن ينصح ويمارس طقوسه وحرياته بشرط أن لا يكون ضمن القضايا المختلف حولها منذ قديم الزمان فالمتدين والواعظ لا يتقيد بالكثير من القواعد ومن بينها قاعدة " لا إنكار في مسائل الخلاف  " فالمتدين لا يعترف بمسائل الخلاف ويحاول مسخ المجتمعات وإعادتها لعصور الجهل والظلام فهو ضد الفنون والمعرفة والتحديث والعلم والتعددية والسبب خوفه من النور والحياة والفطرة البشرية  .

المتدين فرد من منظومة إذا لم يتم تفكيكها بالمعرفة والعلم والتعددية فإن المشكلات سوف تتفاقم أكثر وأكثر فالمتدين أقحم نفسه في كل شيء حتى وصل به الأمر إلى تفسير النصوص وفق رؤيته لا وفق سياقها الطبيعي  .

الاختلاف حق وطبيعة إنسانية ووجودها مرهون بإنتهاء حقبة المتدين التي ومنذ مئات القرون ما تزال طاغية وحاضرة فالمجتمعات بسبب التدين تهرب من قضاياها وأحلامها باتجاه المتدين لا باتجاه العلم والمعرفة والفنون وتلك ردة فعل تسبب فيها المتدين الذي مسخ البشرية بشذوذه الفكري والمعرفي والسلوكي  ! .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات