أتبت الشعب الليبي من جديد إنه شعب عظيم وحضاري . لقد كنت متخوفا من سلامة الأمن في الأنتخابات، فوجود السلاح في كل بيت ليس من السهل إجراء إنتخابات أمنة معه . ولكن قوات الأمن والجيش قامت بواجبها على أحسن وجه كما أتبت الثوار مسئوليتهم الوطنبة وساهموا في حفظ الأمن بعد ما كنا نلومهم على تمسكهم بسلاحهم ورفضهم تسليمه . وكانت عظمة شبابنا الذين تولوا الأشراف على الأنتخابات وحرص الناخبون على الأدلاء بأصواتهم رغم أن معرفتهم عن المرشحين شبه معدومة. وقد مرت الانتخابات بسلام وأتبتت النتائج التي أعلنت حتى الأن إن الليبيين أختاروا عناصر لها الكفاءة والخبرة ووطنية وإستعدادا للمساهمة في بناء دولة الاستقلال . وإختيار تحالف القوى الوطنية يدل على أن الليبيين يريدون التركيز على ليبيا وإحياء الشخصية الليبية والأبتعاد عن الأيدولوجيات وتجنب المشاكل التي خلقها الأخوان المسلمين في مصر وتونس . فالليبيون مسلمون ويتقيدون بتعاليم الدين الأسلامي ولا يريدون من يعلمهم دينهم . ولا يريدون من يحكمهم بأسم الاسلام لأن الأسلامين أتبتوا في البلاد العربية إنهم سعاة مناصب وليسوا دعاة إصلاح . والشعب الليبي يريد علاقت قوية مع دول الناتو التي ساعدته ضد الطاغية والتعاون الأقتصادي مع الدول الصناعية الكبرى لمساعدته لتنمية بلاده وجعلها في مستوى الدول الأوربية . كما يريدون علاقات طيبة مع الدول العربية بصفة عامة وعلاقات عادية مع الدول العربية التي لم تعترف بالثورة إلا بعد نجاحها وتلك التي حافظت على علاقاتها مع الطاغية حتى مقتله . ووقف العلاقات الليبية مع الدول العربية التي لم تسلم عائلة وأزلام القذافي وأنصاره إلى ليبيا ما لم تقوم بتسليمهم لمحاكمتهم على ما أرتكبوه من جرائم ضد الشعب الليبي .
وأمام المؤتمر الوطني مسئوليات هامة أولها تأليف الحكومة وأختيار العناصر القادرة على تسيير الامور بكفاءة ونزاهة وأختيار شخصيات سياسية قوية لها خبرة بالبلاد ومشاكلها للوزارات السيادية مثل الداخلية والدفاع والخارجية والمالية والنفط ، وأختيار عناصر متعلمة خبيرة متخصصة في مجالها لوزارات الخدمات والتنمية مثل الصحة والتعليم والممواصلات والخدمة المدنية وغيرها . والمهمة الثانية للمؤتمر الوطني هي إختيار الجمعية التأسيسية من 66عضوا لوضع الدستور من علماء في مجالات القانون والأدارة والأقتصاد وفي المجالات الأخرى بالتساوي بين محافظات ليبيا الأحدى عشر المذكورة أدناه .
وأول خطوة لوضع الدستور هو إختيار نوع الحكم رئاسي او برلماني ، إتحادي أو مركزي وفي هذا المجال أود ان أتقدم بالملاحظات التالية المتواضعة .
الفدرالية كلمة شريرة بالنسبة لليبيين تخبي ورائها دعوة إنفصالية ومطامع للمنادين بها وهي لا تعني ما تعنيه الفدرالية باللغة الأنجلزية التي أطلقت على توحيد دول صغيرة قامت تاريخيا مثل سويسرا والمانيا والنمسا ، أو مقاطعات مستقلة في دول كبيرة كثيرة قسمها الأستعمار القديم للسيطرة تحت شعار فرق تسد قبل الأستفلال مثل الولايات المتحدة الأمريكية و كندا والهند و نيجيريا و الأمارات والسودان و ليبيا قبل الأستقلال . والحكم اللامركزي قد يكون أقرب إلى الوضع الليبي على أن يقوم على أسس سليمة وهو إعطاء المناطق الأدارية سلطات محلية لمباشرة مهامها قريبة من المواطنين في ضوء السياسات العامة للدولة . وتجربة ليبيا الفدرالية التي فرضتها الأدارات العسكرية التي كانت تحتل ليبيا منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية والتي قبلها الليبيون إضطرارا وتجنبا لأعادة القضية الى الأمم المتحدة لفرض التقسيم والوصاية حسب مشروع بيفن سفورزا اتبتت فشلها في ليبيا منذ السنوات الأولى لأستقلال ليبيا . ورغم قرار المحكمة الأتحادية العليا بأخضاع الولايات الى الحكومة الأتحادية قانونيا وضروة توقيع رئيس الوزراء الأتحادي على كل المراسيم الولائية بما فيها مرسوم تعيين الوالي ورئيس وأعضاء المجلس التنفيذي إلا أن هذه التفسير لم يجدي فقد تشبت الولايات بسلطاتها المستقلة عن الأتحاد مما دفع الملك ومجلس الأمة بمجلسيه والمجالس التشريعية للولايات بالغاء النظام الأتحادي وأنشاء نظام مركزي . ورغم إعلان الوحدة إلا أن النظام المركزي رغم تنفيذه شكلا إلا أنه لم ينفذ واقعيا على الوجه الكامل لأسباب كثيرة أهممها رواسب النظام الفدرالي وعدم التعاون بين المناطق الفدرالية السابقة . مما أضعف النظام الملكي وساعد المتربصين للسلطة على السيطرة على البلاد بسهولة .
وأرى إن تقسم ليبيا اليوم الى 11 محافظة ويمكن تسميتها ولاية إذا كان الأسم مفضلا وهذه المحافظات هي 1)الغربية وعاصمتها الزاوية 2) طرابلس وتضم جنزور وتاجوراء 3) مصراتة التي تضم زليتن وتاورغاء وسرت 4)الجبل الغربي وتضم غريان ومزدة 5 ) الخمس وتضم ترهونة ومسلاتة والقره بولي 6) سبها 7) أوباري 8)بنغازي وتضم إجدابيا والبريقة 9) الجبل الأخضر ومركزها البيضاء وتضم المرج و10) درنة وتضم طبرق 11) الكفرة. هذه المحافضات يمكن تسميتها بالولايات ويكون لها واليا أو محافظا منتخبا يرأس الأدارات العامة التابعة للحكومة المركزية في المحافظة ومجلس تشريعي منتخبا . ويكون لكل وزارات الحكومة المركزية إدارات عامة تتبعها في المحافظات لها كامل الصلاحيات في الشئون التي تهم المواطنين مباشرة مثل صرف جوازت السفر والعلاج في الخارج وإرسال البعثلت التدريبية وتخضع لأشراف الوالي المنتخب ويقدم تقريرا عنها للحكومة المركزية والوزارات المختصة . وتتولى السلطة التنفيذية في الدولة حكومة مركزية يختارها مجلس النواب . وتتألف السلطة التشريعية من مجلس للنواب ينتخب حسب عدد السكان ومجلس شورى يتألف من ثلاتة أعضاء لكل محافظة منتخبين ويكون لمجلس الشورى إختصاصات متساوية لمجلس النواب ويبث في أي تعديلات دستورية لعرضها في إستفتاء شعبي عام . ويكون لكلا المجلسين نفس السلطات التشريعية وكل التشريعات بما فيها الموافقة على الميزانية وفي حالة الأختلاف يعرض التشريع على مجلس الأمة من مجلسيه الشيوخ والنواب مجتمعين للموافقة عليه . وأعنقد إن هذا يرضي دعاة الفدرالية إذا كان هدفهم نظاما لامركزيا ويرضي كل مناطق ليبيا الأخرى التي ترى أنها لها نفس الحق في أدارة شئونها محليا. وهذا التقسيم يعطي الولايات أو المحافظات الغربية الخمسة ذات كثافة السكان المرتفعة 15 عضوا في مجلس الشورى ويعطي الولايات أو المحافظات الشرقية والجنوبية الستة ذات الكثافة السكانية المنخفضة 18 عضوا في مجلس الشورى مما يوازن وجود أغلبية الأعضاء من المحافظات الغربية في مجلس النواب .
أما بشان إختيار أحد النظامين الرئاسي أو البرلماني فهناك من يرى صلاحية النظام الرئاسي لانه ملائم لوضع ليبيا وخاصة في المراحل الأولى للحكم الديمقراطي التي تحتاج إلى سرعة انجاز مشاريع البناء والتنمية وأصلاح الأدارة ولكن خبرتنا في العالم العربي عن النظام الرئاسي اليمة فقد ساعد هذا النظام على خلق رؤساء دائمين تحولوا إلى دكتاتوريين وفقدت الشعوب دورها في حكم نفسها . ولهذا فيجب تجنبه في ليبيا . وإعتماد النظام البرلماني الذي قد يكون أكثرضمانا للحريات والديمقراطية وتلبية حاجات الشعب في كل أرجاء البلاد . كما يساعد على تبادل السلطة وهو النظام المناسب لليبيا ولكنه يستدعي نظاما حزبيا متقدما . واعتقد إن إنتخابات المؤتمر الوطني إظهرت أنحصار اصوات الناخبين في عدد قليل من الأحزاب مما يساعد على أرساء نفوذها وخروج الأحزاب الصغيرة من التنافس مستقبلا وهذا يثري النظام الحزبي ويتعوده الناس ويساعدهم في اختياراتهم في الأنتخابات . والعدد المثالي للأحزاب هو ثلاتة أحزاب يميني محافظ راسالي ،أويساري إشتراكي وليبرالي ووسطي بين سياسة الحزبين .
التعليقات (0)