عقدت اللجنة العراقـيّة-الكويتـيّة اجتماعها الخامس في الكويت برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة عن الجانب العراقيِّ، ورئاسة صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجيّة عن الجانب الكويتيّ.
استهلَّ الدكتور الجعفريّ الاجتماع بإلقاء كلمة سلـَّط فيها الضوء على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين، ودعم العراق، والتأكيد على وحدته، وسلامة أراضيه، مُبيِّناً: أنَّ العلاقة بين دولتينا علاقة مُستجيبة لحقائق التاريخ، والجغرافية، والمُجتمَع، ونطمح أن نمتدَّ أكثر فأكثر لإرساء العلاقات على قاعدة عريضة.
الجعفريُّ شدَّد بالقول: الكويت تـُؤدِّي دوراً مُهمّاً على الصُعُد كافة، والخطاب الكويتيّ يُراعي المصالح العراقـيّة، مُشيراً إلى أنَّ: العراق يتعرَّض اليوم إلى انتهاك لسيادته، ونـُعوِّل على الكويت أن تدعم العراق في موقفه من الجارة تركيا.
مُوضِحاً: العلاقات العراقـيّة-الكويتـيّة على أحسن وجه، وتمُّ طيُّ صفحة الماضي، وفتح صفحة أساسها الحُبُّ، والثقة، وتبادل الاحترام، وهو السمة البارزة في العلاقات بيننا، مُضيفاً: يُمكِننا أن نستفيد من الكويت في مجالات الاستثمار، والاقتصاد، ويُمكِن للكويت الاستفادة من العراق؛ لذا نتطلع لتعزيز العلاقات، واحترام السيادة، وامتداد آليّات الاستثمار، ونـُجدِّد شكرنا، وتقديرنا للشيخ صباح، ونأمل أن تشهد بغداد عُرساً جديداً من هذه الأعراس في عقد الاجتماع المقبل للجنة.
فيما أكـَّد الجانب الكويتيُّ أنـَّنا: نشعر عندما نتحدَّث عن العلاقات بين البلدين أنـَّنا ننتهج المسار الصحيح، مُعتبراً أنَّ المُشارَكة الواسعة من قبل الجانبين تـُؤكـِّد حِرْص الجانبين على العلاقات.
ووقـَّع الطرفان على محضر اجتماع وعدة مذكرات تفاهم في العديد من المجالات وبما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين، كما أدلى الطرفان بتصريحات لوسائل الإعلام إليكم نصَّها:
وزير الخارجيّة الكويتيّ: بسم الله الرحمن الرحيم
يطيب لي في البداية الترحيب بأخي معالي الوزير الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير خارجيّة جمهوريّة العراق الشقيق أخاً عزيزاً بين أهله، والأفاضل أعضاء الوفد الكريم كافة.
تشرَّفنا صباح هذا اليوم بلقاء سيِّدي سُموِّ نائب الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، واستمعنا لرؤى سُموِّه الحكيمة حيال تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، ومُبارَكة سُموِّه -حفظه الله- لكلِّ جهد مبذول لخدمة مصالحنا المُشترَكة، والارتقاء بمجالات التعاون بما يُحقـِّق آمال، وتطلـُّعات شعبي البلدين الشقيقين، كما تشرَّفنا بلقاء سُموِّ الشيخ جابر المبارك الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء إذ أحطنا سُموَّه بأعمال، وإنجازات اللجنة، وسُبُل الارتقاء بأهدافها، ومضامينها، وأجرينا اليوم مُباحَثات مُعمَّقة، ومُثمِرة مع معالي الأخ الدكتور إبراهيم الجعفريِّ عكست التطابُق في وجهات النظر حيال مُجمَل القضايا، ومنها: تجديد التأكيد على رفضنا، وإدانتنا الشديدتين للأعمال الإرهابيّة الإجراميّة التي تعرَّضت لها الدول الصديقة، والشقيقة، وأهمّـيّة الوقوف كتفاً بكتف في مُواجَهة الإرهاب، ولاسيَّما أنَّ كلا البلدين الشقيقين قد تعرَّضا لتلك الهجمات الإرهابيّة مُسانِدين، وداعمين بهذا الصدد للإجراءات، والخطوات التي تـُتخـَذ على المُستوى الدوليِّ لمُواجَهة الأعمال الإرهابيّة، كما جرى التأكيد على موقف دولة الكويت الثابت في دعم العراق الشقيق، والوقوف معه في مُواجَهة الإرهاب، وجُهُود القضاء عليه مُجدِّدين الدعوة للمُجتمَع الدوليِّ للوقوف مع العراق في كلِّ ما يضمن أمنه، وسلامته، وسيادته على أراضيه.
شهدت العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين تقدُّماً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة عكست حرص قيادتي البلدين على تعزيز، وتطوير مجالات التعاون المُشترَكة، وتجسَّدت بانتظام اجتماعات اللجنة الوزاريّة العليا المُشترَكة الكويتـيّة-العراقـيّة التي تـُعَدُّ نموذجاً حقيقـيّاً وصادقاً للرغبة المُشترَكة في دفع أطر العلاقات التاريخيّة بين البلدين الشقيقين نحو مُستقـبَل أكثر إشراقاً؛ وفي هذا الإطار الأخويِّ عقدت اللجنة دورتها الخامسة بمُشارَكة أكثر من 15 جهة في البلدين، وتمَّ بحث العديد من الموضوعات، والآلـيّات التي من شأنها تعزيز العلاقات الأخويّة بين البلدين، وتناولنا الإنجازات التي تحققت في اجتماع العام الماضي في بغداد على مُختلِف الصُعُد، والقطاعات كافة، مثل: افتتاح قنصلـيّـتين عامّتين لدولة الكويت في مدينتي البصرة وأربيل، وتوطيد العلاقة التجاريّة، ورفع حجم التجارة البينيّة إلى أكثر من 20% منذ عام 2014، وتسهيل حركة انتقال المُواطِنين عبر المنافذ الحُدُوديّة بين البلدين إذ عبر أكثر من 142 ألف مُواطِن عراقيّ، وفي المقابل ما يُقارب 50 ألف مُواطِن كويتيّ، وتمَّ التوقيع كما شهدتم على أربع وثائق ثنائيّة تناولت مجالات التفاهم في مجال التقييس والسيطرة، والشباب والرياضة، وتفعيل الربط البينيِّ للاتصالات عبر وصلة الألياف البصريّة؛ ليصبح العدد الإجماليُّ للاتفاقيات المُبرَمة بين البلدين 49 اتفاقـيّة ومُذكـَّرة تفاهم.
ختاماً نتمنى لمعالي الأخ الوزير، والوفد المُرافِق لمعاليه طيب الإقامة، وللعلاقات الثنائيّة المزيد من التطوُّر، والنـُموِّ. والآن يُسعدني أن أعطي الكلمة إلى معالي الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير خارجيّة جمهوريّة العراق الشقيق.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..
وهكذا يبقى طود العلاقة العراقـيّة-الكويتـيّة شامخاً جديراً بمُواجَهة رياح التحدِّي التي تـُريد بالبلدين السوء، والضرر، وتبقى العلاقات المُتجذرة في مُجتمَعيهما أقوى من كلِّ تحدٍّ، وقد برهنت الأحداث الماضية أنَّ هذه العلاقة في أتمِّ الصِحّة، وفيها أقوى درجات المصداقـيّة.
عندما يئنُّ أبناء كلِّ شعب لإخوانه، وأعزائه من أبناء الشعب الآخر تلتحم حقائق الجغرافية، والتاريخ، والحقائق الحيويّة، والمُجتمَعيّة بين الشعبين لتصوغ أحسن علاقات تصلح أن تكون نموذجاً مُعاصِراً لدول العالم تنحني إعجاباً، وإجلالاً للعلاقات العراقـيّة-الكويتـيّة.
أنا سعيد بما سمعته من اللقاءات التي جرت هنا؛ إذ كانت مُوشَّحة بإكليل الانسجام، وعازمة على العُبُور إلى شاطئ الاتفاق كان شراعها شراعاً فكريّاً، وقيميّاً، وأخلاقـيّاً، وودّياً، وكما التقيت اليوم بعض السادة المسؤولين التقيتُ نائب سُموِّ الأمير، ودولة رئيس الوزراء كانت العزيمة، والخطاب النابض بالصدق، والتأكيد، والحرص على حفظ العلاقات العراقـيّة-الكويتـيّة على أحسن ما تكون.. كان موضع ارتياحنا، وتقديرنا، واحترامنا جميعاً.
أمّا عن مُواجَهة الإرهاب فهذا هو العدوُّ الحقيقيُّ، وليس هو عدوّاً وهميّاً.. العداوات المُفتعَلة التي تتخذ من الفروق الطبيعيّة، والإنسانـيّة على الصعيد المذهبيِّ، والقوميِّ، والسياسيِّ كلـُّها خلافات مُفتعَلة.. أعداؤنا يُغذون هذه العداوات التي لا أساس لها.. إنـَّما العداوة الحقيقـيّة هي الإرهاب؛ لأنـَّه لا يُصالِح أحداً منا، ولا يستثني رأساً من رُؤُوسنا، حتى لا يُصالِح نفسه.. هؤلاء هم الأعداء الحقيقـيّون...
لا نستبدلنَّ هذه العداوة الحقيقـيّة بعداوات وهميّة.. الإرهاب هو العدوُّ الحقيقيّ.. العراق اليوم خط المُواجَهة الأوَّل للإرهاب، وخط الدفاع الأوَّل ليس عن نفسه فقط، وإنـَّما عن كلِّ دول العالم من دون استثناء؛ لأنَّ عناصر داعش جاؤوا إلى العراق من أكثر من 100 دولة، والعراقـيّون يُواجهون هؤلاء، ويُسطـِّرون أروع الملاحم بدمائهم الزاكية في كلِّ مكان؛ ليُطهِّروا هذه المناطق التي احتلتها داعش، وقد هزموهم، وابتعدوا بعد أن كانوا على مقربة من بغداد، وكانت قذائفهم الظالمة تصل إلى عمق بغداد في السنة الماضية اليوم بغداد بمأمن من شُرُور هؤلاء. كانوا في خاصرة المنطقة المعروفة بالفرات الأوسط بين كربلاء والحلة منطقة جرف الصخر، وكانوا إلى الأمس القريب في منطقة ديالى في حمرين، وكانوا في طريق سامراء في الإسحاقي، ومناطق أخرى.. اليوم هُزِموا أمام ضربات القوات العسكريّة المُتلاحِقة، ويتراجعون إلى الخلف.
القوات المُسلـَّحة العراقـيّة اتسعت لكلِّ المُكوِّنات، ولم تستثنِ أحداً هي تعبير أمين عن مُكوِّنات الشعب العراقيِّ بسُنـَّته وشيعته، بعربه وأكراده وتركمانه، مُسلِمين وغير مُسلمِين كلهم يُدافِعون صفاً واحداً عن حياض العراق، وكرامته. ومَن يُدير عجلة المُواجَهة البريّة على الأرض العراقـيّة هم العراقيون فقط.
نحن -العراقـيِّين- مسؤولون عن بلدنا، الذي يقول لكم: إنَّ قوات برّية تدخل العراق، وتـُدافِع عنه لا تـُصدِّقوه.. العراقيون وحدهم يُدافِعوا عن العراق، نعم.. تـُنسِّق معنا قوات التحالف في توفير غطاء جويّ، وأحياناً تـُوفـِّر لنا بعض المُستشارين، وفرص التدريب. هذا ليس عيباً علينا لكنَّ السيادة العراقـيّة يذود عنها أبناؤها فقط.
لا تـُوجَد لدينا شِحّة رجال -الحمد لله-، ولا نـُريد من دول العالم أن ترسل أولادها بدلاً عن أولادنا يُقاتِلون في العراق.
في العراق ما يكفي من رجال، وأبناء العراق يتبارون، ويتسابقون للذود عن كرامتهم.. نحن بحاجة إلى أمور أخرى.
مثلما أصبح الإرهاب حالة عالميّة في الأساس بدأت رياحها في القرن الحادي والعشرين من أميركا من نيويورك وواشنطن، ثم ضربت أوروبا، وامتدَّت إلى الشرق الأوسط، ثم جاءت إلى أفغانستان، والشام، ومن الشام رحلت إلى العراق، ومن العراق الآن إلى مناطق أخرى؛ نحن الآن أمام إرهاب عالميٍّ، وكذلك الأزمات المالـيّة، والاقتصاديّة -هي الأخرى- اتخذت منحى عالميّاً، والعراق يواجه، ويُقاتِل على أكثر من جبهة؛ حتى يصمد، ويستقرَّ على الأرض؛ لذا نحن ننظر بعين الاحترام، والتقدير، والعرفان بالجميل لكلِّ دولة من الدول التي تقف إلى جانب العراق خُصُوصاً في ظروف المحنة. العراقـيُّون لن ينسوا أبداً مَن يقف إلى جانبهم عندما يمرّون بتحدِّيات مُعيَّنة؛ لذا ينظر إليهم بعين الإكبار، والتقدير.
الكويت من الدول التي ننظر إليها بكلِّ احترام؛ لأنها وقفت إلى جانب العراق، ودوَّت بصوتها، وعبَّرت عن المظالم التي تعرَّض لها العراقـيُّون.. موقف الكويت موقف قويٌّ، وساند للسيادة، ونحن نـُقدِّر هذا الموقف خصوصاً أنَّ مواجع الكويت لم تبارح الذاكرة والوجدان عندما مُسَّت سيادتها من قِبل صدام، ويُدركون جيِّداً أنَّ صدام الذي مسَّ سيادتهم، واخترق أمنهم قد مسَّ سيادة العراق، ومسَّ أمن العراق، ونهب ثرواته، ثم نهب ثروات الكويتـيِّين..
ها هي سفينة العلاقات العراقـيّة-الكويتيّة قد رست على شاطئ الاستقرار؛ لأنـَّها تـُمثـِّل الشعبين؛ لذا لا خشية عليهم مادام لا دكتاتوريّة في العراق.
نحن نـُجدِّد شكرنا لمعالي الأخ شيخ صباح على كرم ضيافته، وعلى جدّيته، ومُثابَرته، وعلى حُسن خطابه في الأروقة الدوليّة بتوضيح الموقف الكويتيِّ الواعد الذي ينسجم مع قِيَمنا، ومحبَّـتنا، وهو رسالة يُقابلها شعبنا العراقيُّ بكلِّ احترام، وتقدير.
عُبُور هذه الثنائيّة العراقـيّة-الكويتيّة إلى الأروقة الإقليميّة عربيّة كانت، أو إسلاميّة، وإلى الأروقة الدولـيّة سواء كانت في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن مثار إعجابنا، بل مثار إعجاب العالم، وهكذا مع حفظ سيادات هذه الدول، ومع حفظ كرامة هذه الدول، ومع عدم التدخـُّل في شؤون هذه الدول..
نحن بأمسِّ الحاجة لتفعيل النموذج العراقيّ-الكويتيّ الذي يتعامل لتحقيق المصالح، وإنشاء بنى تحتـيّة اقتصاديّة، وتعامل سياسيّ، والتعاون على حفظ الأمن حتى نـُرسِي قاعدة العلاقة السياسيّة التي تطير بجناحين جناح الاقتصاد، وتبادل المصالح الاقتصاديّة، وجناح الأمن.
مرّة أخرى أجدِّد شكري، وتقديري لمعالي الأخ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجيّة، وأشكره على هذه الحفاوة، وهذه الجدية، وأشكر الذين عكفوا على هذه الاتفاقـيّات، وتابعوها خطوة خطوة، ومضوا بها شوطاً بعد آخر حتى وصلت إلى حالة أعتقد أنـِّها تـُشكـِّل مُنعطفا تاريخيّاً في العلاقات العراقـيّة-الكويتـيّة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وزير الخارجيّة الكويتيّ: بطبيعة الحال العلاقة الكويتـيّة-العراقـيّة شهدت خلال السنوات الماضية تجاوز كلِّ العقبات، وبحث كلِّ الملفات العالقة على مدى عقود من الزمن، وتمَّ إنجاز الكثير من هذه الملفات العالقة، ونحن ننطلق من أرضيّة صلبة لتعزيز، وتعميق العلاقات بين البلدين.
انطلاق أعمال اللجنة في دوراتها الخامسة تـُضيف في كلِّ اجتماع إلى الاجتماع الذي سبقها إضافة إيجابيّة.
نحن نتطلع -إن شاء الله- في اجتماعنا السادس في بغداد السنة المقبلة لأن يكون هناك تقليص في كلِّ الملفات التي تمَّ بحثها على مدى السنوات القليلة الماضية انطلاقاً من حرص البلدين على التوصُّل إلى اتفاقات حول كلِّ القضايا في كلِّ المجالات.
نحن سعداء بما توصَّلنا إليه من نتائج إيجابيّة، وحريصون على بُلوغ أكبر، وأكثر في تنوُّع المجالات التي نتعاون من خلالها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: قبل أن أجيب أودُّ أن أعزِّي مجلس الأمّة اليوم بفقدان النائب المرحوم نبيل الفضل، ونسأل الله -تعالى- أن يتغمَّده بواسع رحمته، ويُلهم أهله، وذويه، ومتعلقيه الصبر، ويُنزل عليه الرحمة.
أمّا عن طموحاتنا. بالنسبة للعلاقة هل هي بمُستوى الطموح؟ بكلِّ تأكيد سقف الطموح دائماً أعلى من الواقع الموجود. علاقتنا مع الدول العربيّة مُتميِّزة مبنيّة على رؤية تـُبنى على بنية تحتـيّة هي الشُعُوب؛ لذا لا تأخذ صفة موجيّة، وتتغـيَّر من حكومة إلى أخرى إذا تغـيَّرت الحكومات وإنما قائمة على أساس واقع عند كلِّ دولة عربيّة، والعلاقة الوطيدة والثابتة على الأرض تقوم على المُجتمَعيِّات، نعم.. الحكومات تتفاوت، وأحياناً الحكام يتفاوتون، لكنَّ موقفنا ثابت. نحن ننظر إلى الحكومات من خلال الشُعُوب، وعندما يكون الشعب مُتلاحِماً، وراضياً عن حكومته فنحن نشعر بالانسجام.
طموحاتنا أعلى، ونودُّ أن نصل إلى ما نطمح إليه من الناحية الاقتصاديّة، والتعاون الأمني، وكذلك تبادل الثقافات بيننا وبين دول المنطقة خُصُوصاً أننا ننتمي إلى تاريخ واحد إضافة إلى دول الجوار بصورة خاصّة.
الطريق رُبَّما يكون فيه بعض الطول، لكننا قطعنا أشواطاً لابأس بها، واليوم -الحمد لله- تتمتع العلاقات العراقـيّة مع الدول العربيّة بعافية إذا ما قـُورِنت بالسابق إذ كانت مأزومة، وكانت الأجواء مُختنِقة من العراق بين مُنقطِعة وبين مُقاطِعة أمّا الآن فنشعر أنَّ العلاقات العراقـيّة مع الدول العربيّة، وإن لم تصل إلى سقف طموحنا إلا أنـَّها جيِّدة، ومُمتازة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أمَّا عن مسألة التوازن التي فلا نعتقد ثمّة تناقض بين أن نتمسَّك بسيادتنا إلى أقصى الحُدُود، ونعدَّها خطاً أحمر لا نسمح لأحد بالتجاوز عليها، وكذلك بالنسبة للدعم الخارجيِّ الذي نحتاجه بموجب الشرعيّة الدولـيّة المُتمثلة بالأمم المُتحِدة، ومجلس الأمن، وكنا إلى الأمس القريب نتحاشى الوصول إلى الحلول التي تسمح للدول بأن تتدخـَّل، ومازلنا نتطلع، ونتوق للرجوع إلى طاولة الحوار، والمناقشة بلغة القلم لا بلغة البندقـيّة، لكنَّ حرصنا على هذا التعامل لا يتعارض مع أننا قد نلجأ إلى الحلول الأخرى؛ لأنَّ السيادة خط أحمر لا يُمكِن تجاوُزه، ونحن لجأنا إلى مجلس الأمن بشكل طبيعيّ.. نحن عندنا تحالفات مع بعض الدول، وتركيا صديقتنا، وجارنا، وكما قلتُ قبل قليل: نبني العلاقة على الانسجام المُجتمَعيِّ بيننا وبينهم، ولكن عندما تـُخترَق السيادة لابُدَّ من إعادة السيادة، وإعادة هذه القوات إلى خارج الحدود، وحفظ كرامة العراق.
العراق جدير أن يُدافِع عن نفسه، ولا يُؤذي أحداً، ولا يُبادِر بإيذاء أحد، لكنه لم ولن يسمح بتجاوز سيادته. هذا لا ينبعث من إرادات ديكتاتوريّة كما حصلت في زمن صدام عندما اعتدى على دول الجوار إيران، والكويت، والسعوديّة، وإنما المُواطِنون العراقـيُّون يعتبرون الدفاع عن سيادة العراق شرفاً لهم، وخطاً أحمر لا يُمكِن تجاوزه.
دول العالم التي تقف إلى جانبنا مُلزَمة أن تلتزم معنا مثلما تلتزم مع بقـيّة الدول.
سمعنا عن وجود مُبادَرة تحالف الدول الإسلاميّة. هذا بالنسبة لنا كان غريباً؛ لأنَّ العراق لا يُخاطـَب من خلال شاشات التلفزيون العراق يُمثـِّل عمق حضارة، وعمقاً عربيّاً، وعمقاً إسلاميّاً، وعمق مُواجَهة الإرهاب لا يُدعى عبر شاشات التلفزيون. العراق يجب أن يُفاتـَح مثلما تـُفاتـَح بقـيّة الدول ذات السيادة.. كلُّ الدول تـُفاتـَح، وتأخذ حِصّة كافية من الوقت، والحوار حتى يخرج هذا المُقترَح إلى الوجود.
أمّا أن تكون دولة سُنيّة فليست مُشكِلتنا نحن مع السُنـَّة، ولا مُشكِلتنا مع الشيعة، بل مُشكِلتنا مع الطائفـيِّين الذين يدَّعون أنـُّهم سُنـّة، والطائفيِّين الذين يدَّعون أنـَّهم شيعة، مُشكِلتنا مع الإرهابيِّين من الطرفين.. نحن لا نضيق ذرعاً بالسُنـَّة والشيعة.. العراق يجمع هذين المُكوِّنين بكلِّ مَحبّة، ويتعايش في كلِّ مدينة السُنة والشيعة. لعله أبلغ شعب برهن على قدرته في التعامل بين الشريحتين هو العراق؛ ففي كلِّ مدينة عراقـيّة يُوجَد سُنة وشيعة، ولا تـُوجَد مدينة عراقـيَّة من دون هذه الثنائيّة المُتكامِلة، ولا تـُوجَد قبيلة عراقـيّة كبيرة إلا وفيها سُنـّة وشيعة. فأرجو أن لا نشتبه، ونتصوَّر أنَّ السنيَّ يُشكـِّل مصدر قلق لدى الشيعة، أو الشيعيّ يُمثـِّل مصدر قلق لدى السُنيِّ. نحن بحاجة إلى ثقافة التآخي، وبحاجة إلى رُمُوز مقبولة لدى الطائفتين رموز سُنيّة مقبولة سُنيّاً، وشيعيّاً، ورُمُوز شيعيّة مقبولة شيعيّاً، وسُنيّاً؛ حتى نحفظ الوشائج، ونحفظ العلاقات بين هاتين الشريحتين.
برهن العراق في السابق والآن هو يُواجه رياحاً من التحدِّي من هنا وهناك لإشعال فرقة طائفيّة بين السُنـّة والشيعة، وهذه فرصة لأن أقول: إنَّ السُنـَّة والشيعة حقيقة تاريخيّة، وحاضرة لا نتضايق منها، ومن جملة احترامنا لكثير من الدول هو كيف ترعى هذه الثنائيّة بطريقة تبعث فيها روح المَحبّة، والتآخي، والودّ؛ لأنَّ السُنـّة ينطلقون من القرآن في فهمهم، والشيعة ينطلقون من القرآن في فهمهم، ومَن ينطلق من القرآن الكريم فالقرآن دين المَحبّة، ودين الثقة، ودين السلم.
وزير الخارجيّة الكويتيّ: فيما يتعلق بالعلاقة بين البلدين أعتقد أنَّ قوة الدفع الموجودة فيها كفيلة بدفع كلِّ الانسدادات، والرواسب الموجودة في طريقنا، وقد مشينا، وحققنا نتائج باهرة خلال المُدَّة القصيرة، وعلى نفس هذا النسق، وبهذه الروحيّة، وبهذا الزخم سنـُواصِل عملنا.
الأمم المتحدة في قرار 833 توقـَّفت عند النقطة البحريّة 162، ومسؤولـيّة الكويت والعراق الآن أن يجلسا سويّة لبحث ما بعد 162، وهذا ما تمَّ الاتفاق عليه بين البلدين.
في الفترة الماضية كنا نـُناقِش الطريقة المُثلى لبحث هذا الموضوع، وتمَّ الاتفاق على الآلـيّة المُناسِبة لبحث هذا الموضوع فيما يتعلق بالملاحة البحريّة.
نحن وقـَّعنا على مُذكـَّرة تفاهم فيها كلّ المُتطلـَّبات لضمان عمل هذه اللجنة المُشكـَّلة لإدارة الملاحة، وتوصَّلنا إلى مذكرة تفاهم تفصيليّة للعمل سيبدأ في القريب العاجل. أمّا ما يتعلق بالاجتماع العربيِّ فموقف الكويت واضح، وصريح وهو إننا مع سيادة العراق التامّة، وهذا هو المبدأ الذي ننطلق منه في سياستنا الخارجيّة. مبدأ سيادة الدول. نحن كدولة صغيرة نحترم المواثيق الدولـيّة، ومنها: ميثاق الأمم المتحدة، ونحترم ميثاق الجامعة العربيّة الذي ينصُّ على سيادة الدول.
هذا هو موقفنا الواضح، والمُعلـَن.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أمَّا عن التصريح الذي نـُسِبَ إلى مجلس التعاون الخليجيِّ فالعراق لم يكن مسؤولاً عن أصل اختطاف، ولا تـُوجَد أيُّ مجموعة عسكريّة تابعة للخارجيّة، أو الداخليّة قد تورَّطت في مثل هذا العمل، بل العكس نحن نـُؤمِّن الضيوف الذين يأتون غطاءً مُسبقاً، ونعمل على أن يكونوا في منطقة آمنة بعيداً عن مُتناول أيادي السوء. والذي حصل هو خنجر وُجِّه إلى العراق مثلما وُجِّه إلى قطر، وأيِّ ضيف يأتي إلى الأرض العراقـيّة موضع احترامنا، وتقديرنا، ويحظى بحمايتنا، فلا نسمح بأن يُختطـَف، أو يُساء له، أمّا إذا قِيلَ: إنَّ الحكومة مسؤولة عن مُتابَعته فالحكومة منذ الساعات الأولى انبرت، وتتصل بهذه الجهة، أو تلك الجهة لمعرفة أسبابها، وظروفها، وأطلق سراح بعضهم، وبقيت مجموعة حتى الآن ننتظر، وأنا أتابع الأمر من خلال الهاتف رغم كوني مُسافِراً إذ كنتُ في نيويورك، واليوم في الكويت، وقد أذهب إلى مصر لأتواصل مع زملائي وإخواني المعنيين لمعرفة آثار وجودهم، وكيفيّة الوصول إليهم، وإطلاق سراح البقـيّة.
لا يُشرِّفنا أن يُختطـَف أحد في العراق؛ لأنه خلاف مبادئنا، وخلاف سيادة العراق، وخلاف أخلاقنا، وقيمنا. الضيف الذي يأتي إلى العراق هو في حمايتنا.
أمّا عن الوجود الأميركيِّ فنحن عندما وُقـِّعت مُذكـَّرة على قبول إسناد التحالف الدوليِّ اشترطنا مجموعة نقاط، وكانت إحداها: لا يُوجَد شيء برّيّ على الأرض؛ لئلا يُعيد شبح الاحتلال إلى وجدان الإنسان العراقيِّ، كما حصل في ألمانيا، وتركيا، واليابان، وكوريا، والكويت عندما كانت مُحتلة.. هذا يقضُّ مضجع المُواطِن العراقيِّ؛ لذلك نرفضه، وقلنا: لا مانع من أن يكون غطاء جويّ بإذن عراقيٍّ، واحترام السيادة العراقـيّة، والابتعاد عن المناطق الآهلة بالسكان، وبإذن القوات العراقـيّة يتحدَّد الهدف، ويقتصر على الجانب الإرهابيِّ فقط.
أمّا ما يُنقـَل من هنا وهناك فأنا شخصيّاً قضايا الإعلام لا أستطيع نفيها، ولا أستطيع إثباتها، ولكن كانت لو لديَّ أرقام أبلغ احتجاجي علناً، ولن أستحي من ذلك، ولن أتردَّد لأننا اشترطنا أن لا يكون هناك تواجُد عسكريٌّ على الأرض العراقـيّة.
وزير الخارجيّة الكويتيّ: فيما يتعلق بالغاز من العراق فقد تمَّ التوصُّل إلى اتفاق بشأن الاستفادة من فائض الغاز الموجود عند أشقائنا الموجود في العراق، والقطاع النفطيُّ لكلا البلدين سيضعان كلَّ التفاصيل. فيما يتعلق بهذا الموضوع أنا ذكرتُ في كلمتي ازدياد 22% من التجارة البينيّة، و142 ألف من أشقائنا العراقـيّين قدوماً إلى الكويت، و50 ألف ذهابا إلى العراق. نحن نأخذها في مُؤشِّرات مدى تطوُّرها على السنوات الماضية التي شهدنا فيها قفزة كبيرة في تواجدنا في الاستثمار بالعراق، وتواجُد العراق في الاستثمار بالكويت، أو الحركة بين الكويت والعراق.
اليوم نتكلم وعندنا ثماني رحلات بين البلدين في الطيران، والمنافذ البريّة تشهد ازدحاماً شديداً في أوقات مُتعدِّدة.
نحن على ثقة بأنَّ قدرة العراق والكويت أكبر بكثير ممّا تحقق، ولدينا قناعة راسخة بأنَّ الذي يتوافر لدى الكويت والعراق من إمكانيّات مُتاحة سنتكلم عليه في اجتماع اللجنة السادس بدرجة أكبر من هذا بكثير.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما يتعلق بالسؤال المُوجَّه حول جهات قريبة من الحشد الشعبيِّ.
العراق نظامه دستوريّ، فلا الدستور يسمح بهذا الشيء، ولا أخلاقه تسمح له بأن يكون مُزدوَج الشخصيّة (يقول شيئاً، ويفعل شيئاً آخر على الأرض)؛ لذا أرجو أن لا يشتبه البعض في أنَّ المُفارَقات التي تحصل من الناحية الأمنيّة تعني وُجُود تواطؤ من قبل النظام مثلما اشتبهت في وقت ما الحكومة التركـيّة، ونحت باللائمة على وجود الـ(بي كي كي)، واعتبرت نشاطهم ضدَّ تركيا بموافقة عراقـيّة.. هذا اشتباه، وإلا فإنَّ داعش لم تدخل الموصل بموافقة عراقـيّة، وليس كلُّ شيء موجود على الأرض يعني موافقة الحكومة.. هناك تخلخل أمنيّ يجب أن نعترف به استغلـَّه أعداؤنا فتمثل مصداقيّاً بالموصل مرّة، وفي مناطق حُدُوديّة مع تركيا مرّة ثانية، والآن اختطاف مرّة ثالثة.
الموقف العراقيّ المسؤول أمنيّاً تـُجسِّده القوات المُسلـَّحة العراقـيّة، وسياسيّاً الحكومة العراقـيّة، واقتصاديّاً كلّ بحسب اختصاصه.
أنا أنفي بضرس قاطع أن تكون للقضيّة علاقة بالحكومة العراقـيّة.
التعليقات (0)