القرآن والتوراة رحلة عبر الزمن.. سورة التين
نتناول في هذه الدراسة المقتضبة بعض الرموز الدينية اليهودية التي ورد لها ذكر في سورة التين في القرآن.. يقول ابن القيم الجوزية إن التين لم يكن بارض الحجاز والمدينة ولم يأت له ذكر في السنة.. وذهب المفسرون المسلمون في موضوع التين والزيتون مذاهب شتى فقيل إن المقصود بالتين مسجد دمشق ويقول ابن كثير في تفسيره قال كعب الاحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم ان المراد بالزيتون مسجد بيت المقدس.. على اية حال نحن اذ نتحدث عن السنوات الاولى لبعثة محمد اي بضعة سنوات بعد عام 610 للميلاد هي فترة نزول السور المكية ومنها سورة التين، نذكر ان القدس في ذلك الزمان كانت تخضع لحكم الروم وكانت الديانة المسيحية قد اصبحت هي الديانة الرسمية لدولة الروم فيما بيت المقدس اليهودي في ذلك الزمان كان قد أصبح أطلالا وكانت آثاره بادية للعيان وقد منع اليهود من اعادة اعماره ما ادى الى انتشار بيوت العبادة اليهودية ( بيت كنيست ) في ربوع ارض اسرائيل خصوصا في مناطق الجليل حيث اقيمت كنس عديدة في قرى جليلية مثل كفار ناحوم وكورازيم والجش وبرعام وغيرها.. وغلب الطابع الروماني على بيوت العبادة الاسرائيلية في تلك الفترة فيما الرسومات والزخارف كانت مستوحاة من التراث اليهودي حيث زينت جدرانها الخارجية بنقوش حجرية لمختلف الاشجار المثمرة كالعنب والتين والزيتون إضافة الى زخارف من الفن اليهودي كصور البوق والشمعدان والخزانة المقدسة..
علما ان التين والزيتون يندرج ضمن سبعة انواع من المحاصيل والاشجار تباركت بها ارض اسرائيل "فلسطين" ، وخصتها التوراة والتلمود بمكانة سامية وبذكر في آيات ومواضع عدة، وقد ورد في السفر الخامس من اسفار موسى "سفر التثنية" ان الله خص ارض اسرائيل وميزها بسبعة انواع من المحاصيل والاشجار المثمرة واصفا ارض اسرائيل أنها ارض الحنطة والشعير والعنب والتين والرمان والزيتون والنخيل.. فنقشت صورها على النقود والاختام وخواتم العرس والشموع والحلي والأواني الزجاجية..
وعندما كان بيت المقدس الاسرائيلي ( الهيكل ) قائما في القدس في القرون السابقة يشكل مركز العبادة والطقوس اليهودية وتقديم القرابين اي الاضاحي، دأب الاسرائيليون على احضار ما نضج من الغلة والثمار الى بيت المقدس .. من قمح وشعير وعنب ورمان وتين وزيتون ورطب .. ذلك في الفترة ما بين عيد الحصاد ( الاسابيع ) وعيد جمع الغلال ( المظال ).. وثمة مجموعة من الادعية تختص بهذه المحاصيل والثمار مثل ادعية الطعام والشراب.. ويعتبر التين في المراجع اليهودية رمزا للسكينة والطمأنينة.. تقول الآية 4 اصحاح 4 من سفر ميخا "كلّ يجلس تحت جفنته وتحت تينته فلا خوف عليهم".. وترمز شجرة التين في كتاب اليهود ( التناخ ) الى شعب اسرائيل والى ارض اسرائيل ووفرة غلالها.. وتربط التقاليد اليهودية بين شجرة التين وشجرة المعرفة التي ورد ذكرها في التوراة.. واما الزيتون فيرتبط رباطا وثيقا بارض اسرائيل التي تعتبر موطنه الاصلي وتحظى شجرة الزيتون بمنزلة سامقة في التراث الاسرائيلي والوجدان اليهودي.. فهي ترمز الى الجمال والخصب والعزة وهي رمز للسلام والأمل والحكمة والسعادة.. وقد ورد ذكرها في مواضع لا حصر لها في المراجع اليهودية وكانت وما تزال فخر الصادرات الاسرائيلية الى جانب حضورها الدائم في الطقوس وايقاد الشموع وبزيتها ظل يسرج بيت المقدس على مر العصور.. وقد اعتمدتها دولة اسرائيل شعارا لها حيث يتمثل شعار الدولة في شكل غصني زيتون يتوسطها شمعدان..
واما مكانة "طور سينين" او جبل سيناء في التاريخ اليهودي والعقيدة اليهودية فغنية عن الشرح والبيان لارتباطها بحادثة تعتبر علامة فارقة في التاريخ اليهودي هي حادثة نزول التوراة على النبي موسى في جبل سيناء..
دمتم بود
التعليقات (0)