القذافي بين الصهيونية والجنون
يعيش العالم اليوم لحظات حرجة وحساسة بكل ما يحمله الإحراج من حصر في الزاوية، وما تعنيه الحساسية من تفاعلات مع المنطقة والعالم من حولها.
ومع أن قلوبنا الآن مشدودة لما يمر به إخواننا في ليبيا عامة وأهلنا في طرابلس خاصة، إلا أن إيماننا بالله الذي لا يساوره شك ثم ثقتنا في الشعب الليبي العظيم يجعل القلوب المشدودة مليئة بالقوة والحماس، منتظرين لحظة الحسم لنحتفل مرة أخرى بأحد شعوبنا المنتصرة والعودة للعمل الجاد فالتحديات صارت جسيمة.
ملخص الحالة الليبية في نظري تدور رحاها بين ثلاثة أطراف وإحتمالين، أما الأطراف فهي بين مغيَّب عن جهالة يرعى كالغنم، وشعبٌ ليبيّ أصيل بمكوناته القبلية والإيديولوجية والإجتماعية، وشاذٌّ ممّن باع نفسه بأبخس الأثمان عميلاً لشخص معمر القذافي، ومن حوله تسعة رهط من أبنائه وعملائهم ومرتزقتهم مشكّلين بؤرة شيطانية حان وقت التخلص منها.
مهما فتحنا المجال أمام أفق الإحتمالات فإنها ستنحصر في أحد القذّافَيْن:
الإحتمال الأول:
أن القذّافي مجنون صهيوني، وسيحاول السفاح في هذه الحالة قتل أكبر عدد من الليبيين الذين ثاروا ضد ثورته، وسيحرق أوسع رقعة ممكنة من ليبيا، وهذا احتمال سيكلفنا أثماناً باهضة من الشهداء والجرحى والدمار والتآمر والتبعات، وسط صمت (كثيراً ما يكون التماطل والصمت مترادفان في السياسة والدبلوماسية) عربي وعالمي يتعامل منذ لحظة السقوط الأولى للقذافي بمنطق ملئ الفراغ ومعادلة المصالح، لكن عبقرية الشعب الليبي وصموده كفيلان بدحض الأعداء واستعادة الحرية.
الإحتمال الثاني:
أن القذافي صهيوني مجنون، تماماً كما وصفه منذ زمن كل من عرفه عن قرب، ناهيك عن الليبيين الذين عبروا عن شكوكهم في أن مجنونهم يهودي صهيوني وماسوني، في مزيج مقنع لكفر الرجل بكل ما يؤمن به شعب ليبيا الأبيّ.
إحداثيات الواقع وأبعاده مختلفة في هذه الحالة، حيث يصبح الصمت ثم التباطؤ العالمي منطقياً ومفهوماً، باعتباره جزء من صفقة ممتدة لأيدي بعض العربان الملطخة بدماء شعوبها، وخطة تحاول خلق واقع جديد.
الصهيوني المجنون قد يلعب دوراً محورياً بعد أن تلاشت الخطط القديمة على أيدي شباب الميادين، كما أحبط حاملي رايات الحرية والتغيير مشروع الشرق الأوسط الجديد، فصار لزاماً على المجتمع الدولي المزعوم التماشي مع الواقع الجديد، وإدارة الأزمة بخطة يكون القذافي أحد أبرز وجوهها بتفانيه في تحقيق الممكن من الأهداف، وذلك بمحاولاته التالية:
- إجهاض الثورة في ليبيا والوقوف ضد أيّ إصلاح حقيقي.
- إشعال القبلية والفتنة الداخلية لنشر الفوضى.
- تمزيق ليبيا جغرافياً وضرب الوحدة العربية في الصميم.
- بسط المجال لعبث المصالح بالفضاء البترولي الليبي.
- شرخ الإمتداد القائم للثورة العربية بين مصر في مشرقها وتونس في مغربها.
- توسيع المدى أمام بعبع القاعدة.
- خلق بؤرة جديد للتوتر في منطقة شمال إفريقيا.
- خلط الأوراق الأفروعربية.
- كبح حركات التغيير في المنطقة ومنع انتقال العدوى المباركة والعليّة.
- خلق حالة من الرعب والفزع لما يمكن أن تواجهه الشعوب العربية الزاحفة عموماً في ثوراتها نحو إسقاط أنظمتها.
- إخراج سيناريوهات تشوش إعلامياً على الرأي العام في الوطن العربي.
- تسويق لقناة الجزيرة على أنها ضد مصالح الأمة وبالتالي المحاول الجدية لمهاجمتها.
- تأكيد الفوضى الخلاقة بدل الإستقرار الديمقراطي.
كل هذه المحاولات هي لأهداف عمل القذافي على تحقيقها طوال أربعة عقود، وهو اليوم يسفك الدماء لضمان النتائج المرتقبة والمرجوة، كفدائي أو كاميكاز يستميت في تحقيق أهدافه السامية.
سقطت كل أقنعة القذافي بعد أن أعلن عن نواياه الشيطانية، فاتضحت تقاسيم وجهه الذي يزداد سواداً وقرافة، كما لم يعد يختلف العقلاء حول جنون الرجل وعدائه لشعبه و وطنه وللعرب والإسلام والديمقراطية والحرية والإستقرار.
من المؤكد أن في قصة الطاغية المجنون وما ستؤول إليه نهايته لعبرة لمن يعتبر.
لكن السؤال المُلِّح الذي يبقى مطروحاً هو هل القذافي مجنون صهيوني، أم صهيوني مجنون...!؟
التعليقات (0)