أنا والليل وخواطر جياشة تبحث عن الكلمات فتتوارى ،وتستدعى التعابير فتتأبى ، فأنا الليلة أعيش ذكرى قدومى لهذا الوجود وحلولى جزءا من مكونات هذا الكون ، ووجودى ضمن منظومة الحياة .، والحقيقة أن العمر قد امتد بى إلى ما يشبه المعجزة ، فقد تجاوزت السبعين من العمر ، وأقول معجزة لأننى ولا أحد من أصدقائى أو أقاربى تخيل أن يمتد بى العمر لهذا الحد ، وسبب ذلك أننى كنت معظم الوقت ثائرا ناقما على حياتى وعلى أوضاع وطنى ومجتمعى ، وقد أورثنى ذلك حالة نفسية وعصبية لا زلت أعانى من آثارها ورهقها منذ أكثر من ثلاثين عاما ، مما جعلنى أكرر أن حالتى تجاوزت ما أجمع عليه الأطباء من كون مرض النفس يفتح باب الجسد للأمراض التى سرعان ما تقضى عليه وتهلكه .. وأنا هنا أؤكد أن السبب الأول لمأساة وجودى يعود لهذا الناقض بين طبيعة روحى وصياغة عقلى وبين فكر وعقل المجتمع الذى أعيش فيه والثقافة التى توجه سلوك أفراده ، فأنا مؤمن بحرية العقيدة والفكر دون سقف أو حدود ،وفى نفس الوقت أعيش فى مجتمع يقهر الفكر لصالح التراث ويقتل العقل فى سبيل الغيب ! .كماأننى عشت أحداث الوطن بكل مشاعرى ووجدانى ، عشت آمالا كبارا فى تقدم مصر ونهضتها ، ولكن تم طعن هذا الأمل طعنات متوالية ، إلى أن جاءت ثورة 30 يونيه وأسقطت حكم الإخوان فداعب الأمل قلبى مرة أخرى إلى أن ظهرت الحقيقة الأليمة وهى أن الجيش قد أسقط الحكم الإخوانى ولكنه لم يسقط الحكم الدينى فقد رأينا سجن بعض المفكرين الأحرار بطريقة غير مسبوقة ...... المهم أننى أعانى تقدم العمر وأثر الأيام وآلام الآمال المجهضة ، ولست أدرى إلى متى سيمتد بى العمر : العمر المعجزة الذى صرت به ومعه وبرغمه صرت لا أزال قادرا على الحياة وعلى التفكير وعلى الكتابة والتعبير عن الرأى بالعزف على الحروف وأرجو أن أظل كذلك حتى النبضة الأخيرة
التعليقات (0)