مواضيع اليوم

العلاقات المغربية – الجزائرية...رأي خارج السياق

أحمد سالم أعمر حداد

2013-11-01 15:04:11

0

   

أن تشهد العلاقات المغربية الجزائرية فصلا جديدا من فصول التوتر والتصعيد ليس حدثا جديدا،لأن علاقات البلدين في توتر مستمر منذ عشرات السنين ، لكنه في الوقت نفسه حدث سخيف بامتياز لتجدده في  ظل ظروف إقليمية وعالمية ليست عادية،وتتميز بفرض معطيات جيواستراتيجية جديدة لا يمكن إغفالها،ذات صلة بالفوضى الخلاقة التي تم سحبها على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،روج لها إعلاميا بشكل مخادع بمسمى الربيع العربي، وهو واقع ضاعف من حجم المخاطر الأمنية والإستراتيجية،ويضيف المزيد من الصعوبات إلى حزمة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها البلدين وتجعل البلدين الشقيقين المغرب والجزائر في مرمى انتقادات حادة واختبار تاريخي لسياساتهما ذات الصلة بحسن الجوار ومبادئ الأخوة التي لا يمكن تجاهلها.                                        

 
 من جهة ثانية أعتقد أن هذا التوتر الجديد في العلاقات بين مغاربة المملكة المغربية ومغاربة الجمهورية الجزائرية لأن الجميع في النهاية ينتسب إلى إقليم المغرب العربي في زمن لا يعترف سوى بالتكتلات والأقاليم، يساءل بعمق وجهة النظر النمطية في منابر الإعلام وتصريحات الدبلوماسيين الصادرة من البلدين،مساءلة موضوعية تدعوا إلى الإصلاح وإعادة إنتاج خطاب جديد يتميز بالايجابية والإدراك الجيد للمصالح المشتركة ، حيث أصبح  الجميع في نظري أمام تهم الإدراك المشوه للمصالح الإستراتيجية وإنتاج خطاب سالب بحجة الدفاع عن المصالح الوطنية،لأن الدفاع عن الوطن ومصالحه لا يقتضي بالضرورة تبني خيارات الصراع والمواجهة بشكل نمطي ومستدام.
                                     

 
لقد أخطأت الجزائر الرسمية في معاكسة مصالح المغرب من خلال التصريحات التي كان قد أدلى بها الرئيس بوتفليقة يوم الاثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول  في رسالة وجهها إلى ندوة انعقدت في أبوحا، بأن "بلاده لا تزال على قناعة بضرورة توسيع صلاحيات البعثة الأممية في الصحراء الغربية "المينورسو" لتشمل حقوق الإنسان". لكن هذا الخطأ قوبل بجملة أخطاء مقابلة من طرف الدبلوماسيين والإعلاميين المغاربة حيث انبرى الجميع في هجوم شرس على الشقيقة الجزائر وإضاعة الوقت والجهد الكافيين لشرح وجهة النظر المغربية للإخوة الجزائريين عبر القنوات الرسمية والمدنية والإعلامية والشعبية بدل سكب الزيت على النار،بسبب مواقف وآراء ليست جديدة أبدا. ولا يمكن تغييرها بالتصعيد من طرف إلاعلاميين المغاربة والجزائريين  الذين أعتقد أن جلهم لا يفقهون الكثير لا في مشكلة الصحراء ولا في مخاطر أن تتصارع الدولتين الشقيقتين المغرب والجزائر و لا يقدرون بشكل صحيح أهمية عنصر التعاون بدل الصراع في العلاقات المغربية الجزائرية.                                                                                    

 تصريحات الرئيس بوتفليقة سبقها التصعيد الإعلامي غير المسئول من طرف بعض الصحفيين المغاربة،حيث تناولت العديد من المقالات بشكل مفرط صحة الرئيس الجزائري في مقالات ومواد كاريكاتورية جريئة جدا استمرت لمدة طويلة، تم الرد عليها من طرف الصحفيين الجزائريين بنفس الطريقة وتم تناول  صحة الملك محمد السادس بنفس الجرأة والإفراط في الإعلام الجزائري .

  في هذا السياق أوجه رسالة إلى إخواني الإعلاميين أبناء المغرب العربي الكبير سواء في الجزائر أو في المغرب، إلى تغيير إستراتيجية تناول العلاقات المغربية الجزائرية إلى نمط جديد من المواد الإخبارية والتحليلية مسئولة وتميل إلى جلب التعاون بدل الصراع والتوتير. وعلى أي فالملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة إخوة قبل أن يكونوا أعداء بسبب سوء فهم سياسي،وصحتهما أمور شخصية وأخوية ولا شماتة في هذا الجانب، متمنيا لهما دوام الصحة والعافية.
                             

  

 من جهة ثانية يستمر بعض الأكاديميين والمحللين وأصحاب الرأي من البلدين الشقيقين المغرب والجزائر في تسويق فرضية تقول بأنه إلى جانب النزاع الإقليمي حول الصحراء، يساهم تنافس البلدين على منطقة الساحل في توتير علاقات البلدين،ورغم ما تحمله الفرضية من عناصر واقعية لكن لا ينبغي الاستمرار في تصوير تحركات كلا البلدين في المنطقة على شكل صراع تنافسي سالب،لكون البلدين ينتميان معا لنفس العمق الإفريقي، والعلاقات الدولية والإقليمية الحالية أصبحت تميل إلى التعاون والتكتل الإقليمي بدل الصراع،خاصة بعد التحديات التي تفرضها فوضى ما يسمى بالربيع العربي،وأعتقد أن أصحاب الرأي والفكر والتحليل من البلدين يجب أن يقدموا مساندات منهجية وتحاليل تساعد البلدين في تمتين علاقات التعاون والأخوة بدل تعميق خطاب الصراع الذي يؤثر على تصرفات وتصريحات السياسيين وأصحاب القرار في البلدين.
                                                    

  
    العلاقات المغربية الجزائرية تعاني أيضا من مشاكل ذات صلة بصيغ وخطابات التواصل الدبلوماسي، سببها فقدان المرونة السياسية والدبلوماسية التي من المفروض أن تميز علاقات البلدين الجارين،فبينما تستمر الجزائر في اغتنام فرصة المؤتمرات الدولية للتعبير عن موقفها الأزلي  المعاكس لمصالح جاره الشقيق المغرب بخصوص النزاع الإقليمي حول الصحراء،  يستمر المغرب في تغييب وجهة نظره في نفس المؤتمرات،تفضيلا لمعادلة الفراغ واستراتيجيات الهجوم الاعلامي والدبلوماسي ألتصعيدي،لأن تغيير مواقف الجزائر بخصوص نزاع الصحراء يحتاج إلى  إستراتيجية متجددة وفق المعطيات الإقليمية والدولية  وتشكيل خلية حوار مستمرة بين البلدين،تتكون من خبراء وحكماء مختارين بعناية وتعيين مخاطبين دائمين في هذا الإطار بدل التوتر الذي تسببه تصريحات تتغير بين الحين والأخر بسب تغير وزراء  الخارجية في البلدين ، وما يصاحب ذلك من أخطاء دبلوماسية سببها الارتجال والصورة التي تسبب الإعلام في ترسيخها في أذهان شعبي البلدي لأسباب سياسية بكون الآخر عدو أزلي لا يمكن أن يصبح في يوم من الأيام جارا وحليفا استراتيجيا وما تسببه أخطاء الإعلاميين من البلدين في تأجيج الصراع.                                                                                   
      
  رغم أن العلاقات المغربية الجزائرية وصلت إلى حد أن سحب المغرب سفيره من الجزائر للتشاور، وهو قرار انفعالي لا يتناسب مع الوقائع ويفتح الباب أما مزيد من التأزم والمسارات المفاجئة إعلاميا وسياسيا،وهي مناسبة لأشكر للإخوة الجزائريين خطوتهم الرصينة غير المتسرعة بعدم ردهم بالمثل وسحب السفير الجزائري من بلده الثاني المغرب، وأغتنمها فرصة لأطلب من جلالة الملك محمد السادس أن يعيد السفير المغربي إلى مكتبه في بلده الثاني الجزائر،وهو بلا شك ملك عبقري يدرك أنه في السياسة يمكن أن نتصارع ونتنافس ونحن نتعاون، مع استمرار الجهود البيضاء ذات الخبرة الجيدة غير المتطفلة  لتبديد سوء الفهم بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر،وفتح صفحة جديدة تبشر بالمزيد من المسؤولية الإعلامية والدبلوماسية، ويمكن أن أقترح في هذا الجانب عقد مؤتمر مشترك يرصد الواقع ويستشرف مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية في أجهزة الإعلام وتصريحات الدبلوماسيين من البلدين، بعد صياغة  شعار أخوة وصداقة  يدرك مخاطر الاستمرار في الصراع بين البلدين الشقيقين في ظل نظام عربي إقليمي يتميز بعدم الاستقرار الأمني والسياسي وعنصر المفاجئة.

بقلم: أحمد سالم أعمر حداد         
باحث في العلاقات الدولية وكاتب صحفي مغربي.
                
newsdata1@gmail.com








التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !