ان الصهيونية في مطالبتها بفلسطين تستند الى الدين اليهودي حيث تدعي ان التوراة قد وهبت لهم ارض فلسطين هدية من ربهم"يهوة" لتكون هذه الأرض وطناَ لشعبه المختار وهي مايطلقون عليها "ارض الميعاد The Promised Land"من هنا فهم يعتقدون ان لهم كامل الحق لاحتلال فلسطين بالقوة والمكر وطرد سكانها وإبادتهم ومانراه اليوم من بطش وانتهاك لحرمات الفلسطينيين كل ذلك وهم مستندين على الدين اليهودي والتوراة التي كتبها الحاخامات في بابل تحقيقاَ لأغراض مبيته،فهم يستولون على الأرض بأسم الدين ويقتلون الناس بأسم الدين ويفعلون كل مايغضب الله بأسم الدين مموهين الناس بسياستهم التي جعلوها تستند الى التوراة من اجل التأثير على الغرب وأمريكا .
ان الصراع بين الصهيونية والأمة العربية لم يكن محدد بالجانب العسكري والسياسي او الاقتصادي بل هو قبل كل شيء صراع فكري وثقافي وحضاري بين الحضارة العربية الإسلامية الأصيلة والآداب اليهودية الدخيلة فهم ينظرون في صحفهم وكتبهم والمناهج الدراسية لطلابهم ان ارض فلسطين ملك لليهود طوال التاريخ وان البلاد العربية بمافيها جزيرة العرب هي وطن اليهود الأصلي وأنها ارض يهودية على مر التاريخ وان الهجرة الإسرائيلية قد بدأت من الجزيرة العربية وفتحت بلاد فلسطين وان تاريخ اليهود يرجع الى ماقبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد "وانهم ظهروا في العراق وهاجروا مع إبراهيم الخليل الى فلسطين ويدعي اليهود ايضاَ ان اللغة العبرية هي من أقدم اللغات السامية بل يذهبون الى أنها أم اللغات والثقافات السامية وان التوراة أساس لجميع الديانات السماوية وبطبيعة الحال ان هذه الادعاءات لاتستند الى سند تأريخي ،ان الصهاينة في الحقيقة لايدينون بدين لكنهم يستغلون الدين اليهودي من اجل تحقيق أهدافهم وغاياتهم السياسية فهم يعملون على خلق قومية يهودية مرتكزين على الدين اليهودي بالرغم من افتقارها بشكل مطلق للمقومات الأساسية والخصائص للحركة القومية التي تستند الى الوطن الواحد والثقافة المشتركة والتطور التاريخي ومن هنا نلاحظ ان الصهاينة قد حولوا الدين الى قومية فهم يقولون"ان يهوديتنا وصهيونيتنا متلازمتان متلاصقتان ولايمكن تدمير الصهيونية دون تدمير اليهودية "هذا الكلام ليس كلامنا انما هو كلام "حاييم وايزمانChaim Azriel Weizmann " احد دهاقنة الصهيونية وأول رئيس لإسرائيل وكذلك يقول " ثيودور هرتزلTheodor Herzl " في كتابه "دولة اليهود Der Judenstaat " بأن المسألة اليهودية لن تعد مسألة اجتماعية ولادينية ولايمكن حلها الا عن طريق عدها مسألة قومية سياسية عالمية تناقش وتحل على يد الدول المتمدنة في العالم مجتمعة"ويقول العقاد :"ان اقوى دعامة يعتمد عليها الصهيونيين في دعايتهم بين الأمم الغربية وأمم امريكا الشمالية والجنوبية على الخصوص،هي دعامة الجهل المطبق بكل شيء يتعلق بالصهيونية وجهل مطبق بأغراض الصهيونية ،جهل مطبق بتاريخ اليهود وجهل مطبق بحقيقة الأحوال في فلسطين وجهل مطبق بحقيقة الأحوال في فلسطين ،وجهل مطبق بأغراض الصهيونية من أنشاء الوطن القومي المزعوم في ارض الميعاد".
لقد اتخذت الصهيونية من وجود "عداء للساميةAnti-Senitism "احد الركائز الأساسية من اجل تحقيق أهدافها وهنا نشير الى السؤال الذي وجه الى "هرتزل" حول ما الذي سيحمل اليهود على مغادرة بلدانهم وتأسيس دولة يهودية،فقد أجاب بشكل قاطع "العداء للساميةAnti-Senitism "وقد ذهب "بن غوريونBen Gurion " الى ابعد من ذلك حين قال "ولو كان الأمر بيدي لأرسلت أولئك الشبان الكفوئين المخلصين لقضيتنا من الذين يتحرقون شوقاَ لتحقيق أهدافها الى تلك البلدان التي يعيش فيها اليهود غارقين في شعور الرضا الآثم عن النفس،على ان يتستروا بروح العداء للسامية ويلاحقوا اليهود بشتى الأساليب الفظة التي يستخدمها أعداء السامية ويرفعوا شعارات "أيها اليهود اغربوا عنا وعودوا الى فلسطين"أني أؤكد لكم ان الهجرة كانت حينذاك ستتجاوز عشرة أضعاف ماهي عليه الآن".
لقد قام زعماء الصهاينة باتصالات مع "أدولف هتلرAdolf Hitler " في عام 1942م على أمل ان يبادر الى إرسال أسطول كبير يحمل عشرات الألوف من اليهود الى البحر الأبيض المتوسط لكي يحاربوا الحلفاء وكان "أبراهام شتيرن Avraham Stern" احد قادة الصهاينة يعمل من اجل تعاون مشترك مع النازيين في نشاطهم ضد الحلفاء وفي العام 1942م تم اعتقاله في تل أبيب على يد الانكليز ثم تم تنفيذ حكم الإعدام فيه بعد ان تبين انه جاء الى فلسطين من اجل تحقيق الأهداف التي اتفق عليها مع الهتلرية النازية وهو يهودي من أصل بولندي والأب الروحي "لمنظمة شتيرن" الصهيونية التي أطلقت عليها قوات الانتداب البريطانية في فلسطين أسم "عصابة شتيرن".
في العام 1953م تمت محاكمة الدكتور "رودولف كاستنرRudolph Kastner " احد القادة البارزين في "حزب ماباي الصهيوني Israel Labour Party-Mapai "وقد كان خلال الحرب العالمية الثانية ممثلاَ للوكالة اليهودية في هنغاريا أحد زعماء الحركة الصهيونية في المجر، ترأس عدداً من المنظمات الشبابية الصهيونية، ورأس تحرير مجلة "أوج كيليت "Uj Kelet -أي " الشرق الجديد " وكان نائب رئيس المنظمة الصهيونية في المجر، ثم أصبح مسئولاَ عن إنقاذ المهاجرين اليهود من بولندا وتشيكوسلوفاكيا، فقد كان يشغل منصب رئيس لجنة الإغاثة في بودابست التابعة للوكالة اليهودية. قام "كاستنر" بالاتصال بالمخابرات المجرية والنازية التي كان لها عملاء يعملون داخل المجر، حتى قبل احتلال القوات الألمانية لها"، ثم استمر في التعاون مع النازيين بعد احتلالهم للمجر، وتشير بعض الدراسات إلى أن "أيخمان" حضـر إلى المجـر ومعـه" 150 موظفاً" فقط، وكان يتبعه عدة آلاف من الجنود المجريين، هذا بينما كان يبلغ عدد يهود المجر ما يزيد عن" 800 ألف"، وهو ما يعني استحالة ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال "السخرة والإبادة" إن قرروا المقاومة، ومع هذا نجح" أيخمان" في مهمته بفضل تعاون" كاستنر" معه، إذ يبدو أن" كاستنر" أقنع أعضاء الجماعة اليهودية في المجر بأن النازيين سيقومون بنقلهم إلى أماكن جديدة يستقرون فيها أو إلى معسكرات تدريب مهني لإعادة تأهيلهم وليس إلى معسكرات الاعتقال ومقابل ذلك سمحت السلطات النازية في عام 1941م بإرسال "318 يهودياً "ثم "1386 يهوديا"ً من أحـد معسـكرات الاعتـقال إلى فلسـطين " يهود من أفضل المواد البيولوجية " على حد قول "أيخمان"، استقر" كاستنر" في فلسطين عام 1946م، وانضم إلى قيادة "حزب الماباي الصهيوني Israel Labour Party-Mapai " ورشح للكنيست الأول وانتقلت معه" مجلة أوج كيليت Uj Kelet "، وأصبح رئيساً لتحريرها، بل كان يعد مسئولاً عن شئون يهود المجر "أو من تبقى منهم" في الحزب الحاكم. ولكن في عام 1952 م أرسل المواطن الإسرائيلي "مايكل جرينوولدMalchiel Greenwald " كتيباً لبعض القيــادات الصهـيونية اتهم فيها "كاسـتنر" بالتعاون مع النازيين، وأنه قام بالدفاع عن أحد ضباط الحرس الخامس (الإس. إس.SS ) أثناء محاكمات" نورمبرجNuremberg "الأمر الذي ادى إلى تبرئته وإطلاق سراحه. وقد قام الحزب الحاكم في إسرائيل بمحاولات مضنية لإنقاذ "كاستنر" وتبرئته. كما بيَّن كاستنر أثناء محاكمته أنه لم يكن يسلك سلوكاً فردياً وإنما تَصرَّف بناءً على تفويض من الوكالة اليهودية "التي أصبحت الدولة الصهيونية عام 1948م". ولم يكن" كاستنر" مبالغاً في قوله فالمواطن الإسرائيلي "جويل براندJoel Brand " كان على علم ببعض خفايا القضية وبمدى تورط النخبة الحاكمة في عملية المقايضة الشيطانية التي تمت، وقد طُلب منه الإدلاء بشهادته، ولكنه آثر ألا يفعل وبدلاً من ذلك كتب كتاباً بعنوان" الشيطان والروح" يقول فيه " إن لديه حقائق تبعث على الرعب وتدمغ رؤوس الدولة اليهودية "الذين كانوا رؤساء الوكالة اليهودية" وأضاف قائلاً "إنه لو نشر مثل هذه الحقائق لسالت الدماء في تل أبيب"وقد قضت المحكمة الإسرائيلية بأن معظم ما جاء في كتيب" جرينوولد" يتطابق مع الواقع. وبعد إشكالات قضائية كثيرة، حُسمت المسألة "لحسن حظ الحزب الحاكم" حينما أطلق أحدهم الرصاص على" كاستنر" وهو يسير في الشارع، وقد تمت الجريمة رغم ورود تحذيرات لسلطات الأمن الإسرائيلية عن وجود مؤامرة لاغتيال "كاستنر"، بل كانت السلطات تعرف موعـد تنـفيذ المؤامـرة. وقد سـجل "موشـيه شاريتMoshe Sharett "، رئيس الوزراء الإسرائيلي، هذه الكلمات في مذكراته: "كاستنر. كابوس مرعب. حزب الماباي يختنق. بوجروم.". ويشير" براند" في كتابه إلى أن "رجال السياسة الذين يتسمون بالحذر، كانوا لا يعرفون ماذا سيفعلون مع هذا الرجل بعد محاكمته"، وكانوا يفكرون في "إسكاته".
كما ذكرنا تبين ان "رودولف كاستنر "لديه تعاون وثيق مع "أدولف ايخمانAdolf Eichmann " الذي أود ان أدرج كلماته الشهيرة في أخر أيام محاكمته حيث وقف وانتصب في وقفة عسكرية وأدا التحية النازية "رفع اليد إلى الأمام" وقال أمام عدسات الكاميرات:
" أردت اعتناق اليهودية ليس حباً فيها ... ولا حباً في إسرائيل ,, إنما أدرت بذلك أن أهتف لنفسي أن كلباً يهودياً قد أعدم ليدرك من سبقوه من الكلاب ... وأنه لكم يسعدني قبل أن أموت ... أن أوجه رسالة اعتذار إلى الإسرائيليين ... تحمل كل ندمي وحرقتي.. وأنا أقول لهم أن أشد مايحز في نفسي أنني ساعدتكم على النجاة من أفران هتلر ... لقد كنت أكثر إنسانية معكم ... بينما كنتم أكثر خبثاً وقذارة أيها الكلاب ... إن أرض فلسطين ليست إرثكم ولا أرضكم ... فما أنتم إلا عصابة من الإرهابيين والقتلة ومصاصي دماء الشعوب ... ما كان لكم إلا الحرق في أفران هتلر لتنجو الأرض من خبثكم وفسقكم ويهنأ الكون بعيداً عن رذائلكم ... فذات يوم سيأتيكم هتلر عربي يجتث وجودكم اجتثاثاً ... ويحرق عقولكم وأبدانكم بأفران النفط.. أيها الكلاب … يؤلمني أن أشبهكم بالكلاب ... فالكلاب تعرف الوفاء الذي لاتعرفونه. لكن نجاسة الكلاب وحيوانيتها من ذات سلوككم ...اهنئوا ماشئتم بإجرامكم في فلسطين ... حتى تجيء اللحظة التي تولون فيها الأدبار.. وتعلو صراخاتكم تشق العنان.. فتذوقوا مذلة النهاية التي لا تتصوروا أنها بانتظاركم وعندها ستكون الكلاب الضالة أفضل مصيراً منكم " ومع "بيخرBecher " وهو احد جنرالات فرق الصاعقة النازية واستطاع بفضل معونتهما تهجير خمسة ألاف من أثرياء اليهود ومن أعضاء "الشبيبة الصهيونيةZionist Youth " وبعض من أقاربه من هنغاريا مقابل شاحنات ومقطورات كان الجيش النازي الهتلري في حاجة ماسة اليها كما قام بتسليم النازيين خمسمائة ألف يهودي مجري لكي يتم إرسالهم الى معسكرات الموت ،وغير خافي ان المصير الذي كان ينتظر يهود هنغاريا ولكنهم لم يقوموا حتى بتحذيرهم بل على العكس من ذلك "فرودولف كاستنر" الذي علم من رجال "البوليس السري الألماني -الغستابوGestapo" التفاصيل الكاملة لخطة تصفية الآلاف اليهود وبالرغم من ذلك فقد كان يطمئن محاولاَ تضليلهم ويعمل مابوسعه من جهد من اجل عدم يقظتهم كي يتمكن الجلادين النازيين من تنفيذ جريمتهم بالشكل الذي تم التخطيط له وقد كشفت محاكمات "كاستنر" ان الزعماء الصهاينة في لندن وفي الولايات المتحدة الامريكية كانوا على علم تام بالخطط التي وضعها مكتب "أدولف ايخمان"لإبادة اليهود في ألمانيا وقد سمح "بن غوريون" و "موشي شاريت Moshe Sharett" و"وايزمان"بذبح عشرات الآلاف من هؤلاء من اجل ان ينجح الصهاينة المتطرفون في أقامة دولة يهودية"،فقد ساهم القادة الصهيونيون ومنظماتهم في تطهير الأراضي التشيكوسلوفاكية من اليهود فقد كشف النقاب عن تفاصيل ذلك في مجلة "تريبونا" الأسبوعية التي تصدر في براغ عدد يناير 1973م"فيتضح من المعلومات الواردة فيها ان أقسى مامورس من اعمال بربرية في هذا الصدد كان قد تم على يد "الطائفة الدينية اليهوديةJewish Religious Community "و"مجلس الوجهاء اليهودJewish Notables " وكلا المنظمتين قد تم تأسيسها على غرار المنظمات النازية ، ان تعاون مسؤولي وقادة مجلس الوجهاء اليهود مع مركز"ايخمان"النازي في براغ كان يأخذ بعين الاعتبار قبل اي شيء المفاهيم السياسية التي أصدرتها "المنظمة الصهيونية العالميةWorld Zionist Organization" والتي قررت التضحية بذلك الغصن اليهودي الأوربي اليابس والمتمثل في القوميات الأخرى ،مقابل الحفاظ على عدد من الآلاف من الصهاينة النشطين"،في بولونيا كذلك فقد جرت مذابح ضد اليهود بالتعاون مع مناضلي "اسرائيل الكبرى"وتمتاز المنظمة الصهيونية العالمية ومقرها نيويورك بشبكة تنظيماتها لأغراض الدعاية في جميع دول العالم حيث لديها فروع في سائر أرجاء الكره الأرضية تابعة لها في اكثر من ستين بلد وتعمل تحت قيادة هذه المنظمة منظمات اخرى ايضاَ تعمل تحت قيادتها وكذلك منظمات نسائية صهيونية عالمية ولها ايضاَ منظمات تابعة لها في عدد من الدول وبلاشك فأن هذه المنظمة لها دور فعال في حياة "اسرائيل" فقد ورد اسمها في نص الدستور الإسرائيلي حيث ورد على ان"تعرف دولة اسرائيل بأن المنظمة الصهيونية العالمية هي هيئة مفوضة ستعمل في المستقبل ايضاَ في دولة اسرائيل لما فيه مصلحة وتطوير البلاد وإحلال المهاجرين القادمين من الغربة وتنسيق نشاط اسرائيل مع مختلف المؤسسات والمنظمات اليهودية التي تسعى للتوصل الى هذه الأهداف وان الجهاز الأعلى في المنظمة الصهيونية العام 1897م عندما انعقد المؤتمر الصهيوني في بازل حيث كان أهم مهامه تشكيل الوحدات العسكرية وشؤون التدريب العسكري لأعضاء المنظمات الصهيونية وفي العام 1936م تشكل لمساعدة المنظمة الصهيونية العالمية مايسمى "بالمؤتمر اليهودي العالمي" الذي يستهدف ضم اليهود الذين رفضوا تقبل الأفكار الصهيونية تحت لواء الأشراف السري للمنظمة الصهيونية العالمية ،لقد ركزت الصهيونية على الدعاية في تسويق غاياتها وأهدافها لعلمها بالدور المهم الذي تلعبه الدعاية في انتشار أفكارها على المستوى العالمي حيث يؤكد "هرتزل"" في يومياته على أهمية الدعاية في تحقيق الأهداف الصهيونية وهو يسميها"بالضجيج" معتبراَ ان الضجيج هو كل شئ..ان الضجيج في الحقيقة يعادل صفقة عظيمة ...ان ضجيجاَ دائماَ هو بحد ذاته ميثاق جدير بالملاحظة ان تاريخ العالم لاشيء غير الضجيج ...ضجيج السلاح وضجيج الأفكار المتقدمة..ان الرجال يجب ان يستفيدوا من الضجيج"وقد نجحت الصهيونية بشكل كبير في مجال الدعاية حيث استطاعت ان تؤثر بشكل كبير على الرأي العام الاوربى والأمريكي وبدأت بتشكيل مجموعات ضغط وهو مايطلق عليه "اللوبي الصهيوني" حيث يعتبر "الحاخام ستيفن وايز Stephen Wise " مؤسس " المؤتمر اليهودي الأمريكي "في العام 1918م وهو أقدم واكبر منظمة يهودية امريكية ونواة اللوبي الصهيوني في امريكا بعد صدور "وعد بلفور" والذي بموجبه تم منح اليهود وطناَ قومياَ في فلسطين عام 1917م بعث الرئيس الأمريكي "وودروويلسونWoodrow Wilson " عام 1918م مذكرة الى الحاخام "ستيفن وايز" يؤكد له فيها تأييده لوعد بلفور كما أيد الكونغرس الأمريكي في عام 1922م وعد بلفور واصدر بمجلسيه بياناَ مشتركاَ في 21 أيلول/ سبتمبر 1922م يؤكد ماعبر عنه من قبل مجلس النواب ومجلس الشيوخ ويعد"ستيفن وايز" زعيم الكونغرس اليهودي الأمريكي فهو حاخام أمريكي وقائد صهيوني توطيني وقد تحدث" ستيفن وايز" بلسان الحركة الصهيونية. وأسس، مع آخرين، المؤتمر اليهودي الأمريكي عام 1916م، وكان نائباً لرئيسه في الفترة 1922 م ـ 1925م ، ثم ترأسه بين عامي 1936 م و1949م . وفي هذه الفترة، عمل على إفشال المؤتمر اليهودي العالمي الثالث والمؤتمر الذي دعا إليه الممول الأمريكي اليهودي "أُنترماير"، وقد كانا يحاولان تنظيم حركة المقاطعة اليهودية للنازية في وقت كانت الحركة فيه آخذة في التنامي. وقد قام بذلك حتى تستطيع الحركة الصهيونية الاستمرار في التعاون مع النظام النازي من خلال "اتفاقية الهعفراه Haavrah (Transfer) Treaty". ورغم حربه الشرسة ضد يهود العالم لصالح المستوطنين، كان " ستيفن وايز" صهيونياً توطينياً من الدرجة الأولى، فبعد إعلان الدولة لم يهاجر إليها، ولعله لو طال به العمر لاصطدم ببن جوريون ولتم القضاء على نفوذه كما حدث مع بقية القيادات الصهيونية التوطينية التي كانت تتصوَّر أن بوسعها التحكم في المستوطن الصهيوني من خلال المنظمة. و يدين اليهود بالفضل إلى " ستيفن وايز" فيما يتعلق بخلق رابطة لا تنفصم بين اليهود و الأمريكيين على مستوى صناعة القرار في واشنطن .فقد بدأت تلك العلاقة – عملياً – على يدي " ستيفن وايز" ، و بالتحديد في عهد الرئيس الأمريكي" وودور ويلسون "، الذي بارك وعد بلفور في رسالة مفتوحة إلى " ستيفن وايز "الحاخام الأكبر في أمريكا ، و بارك فيها تهويد فلسطين كما تمثل في قوله : " لا تقلق يا دكتور وايز. . إن فلسطين لكم"و يعتبر " ستيفن وايز" هو مؤسس " المؤتمر اليهودي الأمريكي " و هو منظمة يهودية أمريكية انبثقت عن المؤتمر اليهودي الأمريكي الأول الذي انعقد في فيلادلفيا عام 1918م بهدف حماية الحقوق الدينية والمدنية للجماعات اليهودية داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومحاربة كل أشكال التمييز ضدهم، وكذلك مساندة إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.
ولم يتم تشكيل المؤتمر إلا بعد أن تم الاتفاق على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة ولهدف محدد هو إرسال وفد إلى مؤتمر فرساي للسلام يعمل على ضمان حقوق الجماعات اليهودية وحقوق غيرهم من الأقليات في معاهدات السلام، وكذلك المطالبة بالاعتراف بتطلعات الشعب اليهودي وبمطالبه التاريخية "فيما يختص بفلسطين" طبقاً لوعد بلفور، وتأكيد تحويل فلسطين إلى كومنولث يهودي، على أن يتم حل المؤتمر بعد ذلك، ولكن أنصار المؤتمر اليهودي الأمريكي نجحوا في تحويله إلى منظمة دائمة عام 1922م تحت زعامة "الحاخام ستيفن وايز"، ولكنها لم تتحول قط إلى مظلة واسعة القاعدة بديلة عن اللجنة اليهودية الأمريكية كما كان يتطلع مؤسسوها.وقد هاجم المؤتمر الكتاب الأبيض البريطاني عام 1939م، ولعب دوراً مهماً في تنظيم المؤتمر اليهودي الأمريكي عام 1943 م الذي أقر مبدأ الكومنولث اليهودي في فلسطين كما تزعم الجهود الرامية إلى تأسيس المؤتمر اليهودي العالمي عام 1936 م وعمل حتى عام 1948 م على فرض القضية الصهيونية على الساحة الأمريكية.والمؤتمر اليهودي الأمريكي مسجل كمنظمة دينية معفاة من الضرائب، وهذا يعفيه من تقديم تقرير سنوي علني، وتصل عضويته إلى ما بين "40" و"50" ألف عضو، وقد تحول المؤتمر عام 1938م من عضوية المنظمات إلى العضوية الفردية، وهو من مؤسسي المجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية وعضو فيه، ويعقد مؤتمراً كل عامين تحضره شخصيات إسرائيلية وأمريكية مرموقة، وتشمل منشوراته "جودايزم اليهوديةJudaism "وهي مجلة فصلية تركز على الأبحاث العلمية اليهودية، و"كونجرس منثليCongress Monthly "وهي المجلة الشهرية للمؤتمر التي تنشر مقالات عامة مع الاهتمام بالموضوعات الخاصة بإسرائيل ونشاط الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة.كما يعتبر وايز مؤسس المؤتمر اليهودي العالمي و هو منظمة يهودية دولية تم تأسيسها عام 1936م وتضم ممثلين عن الجماعات والمنظمات والهيئات اليهودية في أكثر من 70 دولة تعمل على الدفاع عن الحقوق المدنية والدينية لأعضاء الجماعات اليهودية وعلى حماية مصالحهم وتنمية حياتهم الثقافية والاجتماعية، كما تعمل على توحيد جهود المنظمات المنتمية إليها على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كما تعمل المنظمة على تمثيل المنظمات التي تنتمي إليها أمام الهيئات الحكومية والدولية في شأن القضايا التي تهم الجماعات اليهودية في العالم ومعنى هذا أن مجال نشاطها لا علاقة له بالاستيطان الصهيوني .
وقد تأسس المؤتمر اليهودي العالمي بمبادرة من المنظمة الصهيونية العالمية حيث رأى زعمائها (ماكس نوردوMax Nordau ، وناحوم سوكولوفNahum Sokolov ، ولويس برانديزLouis Brandeis ، وناحوم جولدمانNahum Goldman ، وستيفن وايزStephen Wise وغيرهم) أن من المفيد أن تؤسس منظمة عالمية موازية تضم كل اليهود الصهاينة واليهود غير الصهاينة سواء بسواء.
وقد اعترفت المنظمة الصهيونية العالمية بالمؤتمر فور تأسيسه ودعت كل الصهاينة للانضمام إليه، وقد بدأ المؤتمر نشاطه بدعوة يهود العالم لمقاطعة ألمانيا النازية اقتصادياً، ولكن الدعوة فشلت بسبب تعاون المستوطنين الصهاينة في فلسطين، وكذلك بعض الزعماء الصهاينة، مع الحكومة النازية.أما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . فقد قام المؤتمر اليهودي العالمي بدور الوسيط بين إسرائيل وألمانيا لعقد اتفاقية التعويضات، ووقع "ناحوم جولدمان Nahum Goldman "عام 1952 م ممثلاً عن المؤتمر،على اتفاقية لوكسمبورج للتعويضات التي حصلت إسرائيل بموجبها على تعويضات قدرت بحوالي"90" مليار مارك ألماني.كما شارك المؤتمر اليهودي العالمي في محاكمات جرائم الحرب النازية" نورمبرجNuremberg "، وكذلك قدم الوثائق المهمة وساهم في بلورة المبادئ والمعايير التي استندت إليها "محاكمات نورمبرجNuremberg " وللمؤتمر علاقات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية وبالمنظمة الصهيونية العالمية، ولكنه بسبب طابعه الدولي غير الصهيوني، يتمكن من تقديم الكثير من المساعدات لإسرائيل عبر اتصاله بالحكومات والدول التي لا تستطيع إسرائيل الاتصال بها "الاتحاد السوفيتي قبل انهياره والعالم العربي" أو الاتصال بالجماعات اليهودية في هذه البلاد، وقد تجسدت هذه العلاقة الوثيقة في رئاسة "ناحوم جولدمان" للمنظمة الصهيونية العالمية ورئاسته للمؤتمر اليهودي العالمي في أواخر الخمسينات.
"هعفراه" كلمة عبرية تعني "النقل" والنقل هو أحد مكونات الصيغة الصهيونية الأساسية، و"الهعفراه "Haavrah (Transfer) Treaty هو اسم معاهدة وقعها المستوطنون الصهاينة مع النازيين. وقد كان الصهاينة الاستيطانيون في الثلاثينيات يبحـثون عن وسـائل لدعم المسـتوطن وحماية مصالحهم بأية طريقة، ومن ذلك التعاون مع النظام النازي، بينما كان صهاينة الخارج التوطينيون وقادة الجماعات اليهودية مشغولين بعمليات إنقاذ يهود ألمانيا، وضمنها تنظيم مقاطعة اقتصادية ضد هذا النظام. ومن أهم الشخصيات القيادية في عملية المقاطعة "صمويل انترمايرSamuel Untermyer" المحامي الأمريكي اليهودي "الصهيوني" الذي نجح في تكوين حركة جماهيرية تضم اليهود وغير اليهود بقيادة الرابطة الأمريكية للدفاع عن حقوق اليهود، وأسس منظمة دولية أطلق عليها "الاتحاد اليهودي الاقتصادي العالمي" في أمستردام للتنسيق بين جميع المنظمات الداعية إلى المقاطعة. وشكلت المقاطعة، وخصوصاً في الشهور الأولى، تهديداً خطيراً للنظام النازي. ويذهب "إدوين بلاك Edwin Black""مؤلف "كتاب الهعفراه"، وهو أهم كتاب صدر في الموضوع في جميع اللغات" إلى أنه لو اتحدت المنظمات اليهودية والصهيونية خلف حركة المقاطعة، فلربما كانت قد نجحت في تعبئة الجماهير غير اليهودية، وانضمت بعض الحكومات إليهـا، ولما نجـح النازيون، وخصـوصاً في الأشهر الأولى من تسلمهم السلطة، في الإمساك بزمام الأمور "فاستجابة مباشرة وموحَّدة كان من الممكن أن تقصم ظهر ألمانيا قبل شتاء عام 1933م".
ولكن المستوطنين الصهاينة كانوا قد قرروا تبني خطة تخدم مصالحهم، فسافر الزعيم العمالي الصهيوني ورئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية "حاييم أرلوسوروف " Hayyim Arlosoroff إلى ألمانيا لمناقشة إمكانية التعاون والتبادل الاقتصادي معها. وكانت المسألة بالنسبة إلى المستوطنين ملحة للغاية، فقد فشل المستوطن الصهيوني في اجتذاب المهاجرين ولم يصل إليه رأس المال اليهودي المتوقع "وقد تم اغتيال أرلوسوروف بعد عودته من ألمانيا بعدة أيام". وكان " وولف هنريش "Wolf-Heinrich قنصل ألمانيا العام في القدس قد مهد الجو له وللمبعوثين الصهاينة من بعده عندما كتب مؤيداً وموضحاً المزايا التي سيجنيها النظام النازي من التعاون معهم وفي النهاية تم توقيع الاتفاق عام 1933م الذي كان يقضي بأن تسمح السلطات الألمانية لليهود الذين يقررون الهجرة من ألمانيا إلى فلسطين بـ "نقل" جزء من أمـوالهم إلى هـناك رغم القـيود التي فرضتها ألمانيا على تداول العملة الصعبة، وكان ذلك يتم بتمكين أولئك اليهود من إيداع المبلغ المسموح بتحويله "ألف جنيه إسترليني" في حساب مغلق يفتح في" بنك واسرمان" في برلين و"بنك ووربورج" في هامبورج ثم يُسمَح باستعمال هذا المبلغ فقط لشراء تجهيزات وآلات زراعية مختلفة من ألمانيا ويتم تصديرها إلى فلسطين. وهناك تقوم "شركة هآرفا المحدودة "Harva Co.,Ltd ببيع هذه البضائع وتسدد بأثمانها المبالغ المستحقة لمودعيها بعد وصولهم كمهاجرين إلى فلسطين، وتحتفظ بالفرق كعمولة أو ربح لها.
وقد تم تعديل الاتفاقية بحيث أصبح في مقدور اليهود الألمان الذين لا ينوون الهجرة مباشرةً، ويريدون مع هذا تأسيس بيت في فلسطين والمساهمة في تطويرها، أن يستعملوا الحساب المغلق وأن يودعوا أموالهم فيه شرط ألا يزيد المبلغ الإجمالي عن ثلاثة ملايين مارك تستعـمل لشـراء بضـائع ألمانية أياً كان نوعها. وأثناء تنفيذ الاتفاقية، اعترضت بعض العناصر في وزارة الخارجية الألمانية على هذه المساهمة النازية في بناء المستوطن الصهيوني. كما قام المستوطنون الألمان في فلسطين "من أتباع جماعة فرسان الهيكل" بالضغط ولكن دون جدوى، إذ أن هتلر نفسه قرر وجوب الاستمرار في العمل بالاتفاقية.
ويبدو أن الهدف الأساسي والمباشر من الاتفاقية كان"من المنظور النازي" كسر طوق المقاطعة اليهودية في العالم للبضائع الألمانية في أنحاء العالم. وفي محاولة لتوضيح الموقف النازي، قال وزير الاقتصاد الألماني لوزير الخارجية إن الاتفاقية تقدم أحسن ضمان لأقوى تأثير مضاد لإجراءات المقاطعة اليهودية للبضائع الألمانية. كما أكد القنصل الألماني العام في القدس الفكرة نفسها حين قال: "بهذه الطريقة، يمكن أن نقوم نحن الألمان بحملة ناجحة في مواجهة المقاطعة اليهودية في الخارج ضد ألمانيا. وقد يمكننا أن نحدث ثغرة في الحائط". ولاحَظ القنصل أنه في الصراع الدائر، بين الصهاينة التوطينيين "في الخارج" والصهاينة الاستيطانيين "في فلسطين"، بدأت مـوازين القوى تتغيَّر لصالح المستوطنين: " إن فلسطين هي التي تعطي الأوامر، ومن الأهمية بمكان أن نحطم المقاطعة في فلسطين في المقام الأول، وسيترك هذا أثره على الجبهة الأساسية في الولايات المتحدة ".
وقد أيده في ذلك" فريتز رايخرت" عميل الجـسـتابو في فلسـطين حين قـال: "إن مهمتنا الأساسية هي أن نمنع، انطلاقاً من فلسطين، توحيد صفوف يهود العالم على أساس العداوة لألمانيا... لقد دمرنا مؤتمر المقاطعة في لندن من تل أبيب لأن رئيس "الهعفراه" في فلسطين، بالتعاون الوثيق مع القنصلية الألمانية في القدس، أرسـل برقـيات إلى لنـدن أحدثت الأثر المطلوب".
ويقول إدوين بلاك: "إن احتمالات انهيار الاقتصاد الألماني بدأ بالتناقص بسرعة بمرور الوقت. فحينما عقد أُنترماير اجتماعاً لاتحاده الدولي في أمستردام في أواخر تموز/ يوليو 1933م، كانت الفرصة لا تزال جيدة. ومع نهاية أغسطس، عند انعقاد المؤتمر الصهيوني الثامن عشر في عام 1933م كانت الفرصة صعبة لكنها ممكنة".
فماذا حدث في هذا المؤتمر لعل دراسة الوقائع وتوقيتها يعطينا صورة دقيقة ومثيرة عن المعركة بين المستوطنين الصهاينة وصهاينة الخارج التوطينيين وكيفية إدارتها، وكذلك عن بعض الأساليب التي استخدمها المستوطنون لإحكام قبضتهم على الفريق المعادي. فقد وُقِّعت الاتفاقية بشكل مبدئي في 17 آب/أغسطس 1933م وسُوِّيت كل النقاط الفنية المعلقة في 22آب /أغسطس1933م بعد افتتاح جلسات المؤتمر الصهيوني الثامن عشر في براغ - تشيكوسلوفاكيا. وقد أدرك النازيون الأهمية غير العادية للمؤتمر وركزوا كل جهودهم عليه حتى يتسنى إفشال المحاولات الرامية لإصدار قرارات من شأنها دعم المقاطعة اليهودية. وبعد افتتاح جلسات المؤتمر، ألقى "سوكولوف" خطبة ملتهبة عن يهود ألمانيا وبؤسهم دون أي ذكر للمقاطعة. ولكن النازيين كانوا يودون إحراز المكاسب الإعلامية التي يطمحون إليها، ولهذا أعلنوا عن الاتفاقية يوم 24 آب/أغسطس1933م، وهو اليوم الذي كان محدداً لمناقشة وضع يهود ألمانيا في المؤتمر، وقد تناقلت صحف أوربا الخبر، وألقى "سوكولوف "خطبته قال فيها: "إن اليهود يحترمون إسبانيا القديمة أكثر من ألمانيا الحديثة لأن خروج اليهود جميعاً أفضل من أهانتهم على هذا النحو". ورغم أن ألفاظه جاءت غاضبة شكلاً إلا أن مضمونها كان نازياً صهيونياً، فهو لا يتحدث عن حقوق اليهود في أوطانهم وإنما عن حقهم في الخروج الكامل والنهائي منها.
وقدم الصهاينة التصحيحيون قراراً محدداً خاصاً بالمقاطعة، ولكن العماليين نجحوا في فرض قرارهم. وكان النازيون قد أوقفوا مجلة يوديش روندشاو عن الصدور مدة ستة أشهر، فرُفع عنها الحظر وصدرت في اليوم نفسه وهي تحمل مقالاً تتباهى فيه بأن المؤتمر الصهيوني هزم بأغلبية ساحقة اقتراح التصحيحيين الذي كان يهدف إلى تحويل المنظمة الصهيونية إلى وحدة مقاتلة. وصدرت الصحف النازية مرحبة هي الأخرى بالموقف الإيجابي للمؤتمر.
وحينما افتتحت جلسة 25 آب/أغسطس1933م، انهالت برقيات الاحتجاج من يهود العالم لأن الاتفاقية ستهز مصداقية حركة المقاطعة اليهودية من جذورها وتقضي عليها تماماً في نهاية الأمر. فصعَّد النازيون حملتهم الإعلامية الذكية، وأعلنوا يوم 27 آب/أغسطس1933م عن صفقة برتقال ضخمة مع المستوطن الصهيوني أشار إليها أحد صهاينة الخارج بـ "البرتقالة الذهبية" قياساً على "العجل الذهبي" وأرسل "أُنترماير" برقية يطلب فيها أن ينكر المؤتمر أن مثل هذه الصفقة قد أبرمت، وهدد بأنه إن كـان الأمـر حقيقـة ولـم يتـم إلغـاء الصفقة، فإن المنظمة الصهيونية الأمريكية ستنسحب من المنظمة الصهيونية. وفي يوم 31آب /أغسطس1933م، نشرت الحكومة الألمانية النص الكامل لاتفاقية الهعفراه، فقُوبل الحدث بعدم تصديق من جانب يهود الخارج. ونشرت" جويش كرونيكل The Jewish Chronicle "النص باعتباره نكتة نازية رائعة، كما أنكرت الدائرة السياسية للوكالة اليهودية أية علاقة لها بالموضوع، ولكنها تراجعت عن ذلك بالتدريج واعترفت بإبرام الاتفاقية.
وفي يوم 2 أيلول/سبتمبر1933م ، طرح العماليون مشروع قرار يحكم سيطرتهم الكاملة على الصهاينـة التوطينيين جاء فيه: "كجـزء من الانضباط الصهيوني، لا يُسمَح لأي فرد أو مجموعة داخل المنظمة الصهيونية أن يشتغل بالسياسة الخارجية، أو أن يتصل بالحكومات الأجنبية أو بعصبة الأمم، أو أن يقوم بأية نشاطات سياسية من شأنها المساس بصلاحيات اللجنة التنفيذية". ويتضمن هذا القرار تحريماً لكل أشكال الاحتجاج ضد النازية وضمن ذلك اتفاقية الهعفراه. وقد تم التصويت على القرار الساعة الثالثة صباحاً ووُفق عليه، وأُجِّل التصويت على الاتفاقية ذاتها حتى آخر يوم. وبعد طرح مشروع قرار عمالي ومشروع قرار مضاد، قام الزعيم العمالي "برل كاتزنلسون" فتحدث عن الانضباط وكيف أن مناقشة الهعفراه خرق له، وبيَّن للمؤتمرين أنه توجد، في كل الاجتماعات الديمقراطية، مسائل مهمة لا يمكن مناقشتها. ثم اختتم كلمته قائلاً إن على كل هيئة صهيونية أن تعترف بأن إرتس يسرائيل لها أولوية على أي شيء آخر، وأهم واجب هو إنقاذ حياة اليهود وممتلكاتهم من الخطر الذي يتعرضون له "ورغم أنه استخدم لغة الإنقاذ والإغاثة إلا أنه أحاطها بالإطار الأيديولوجي بتأكيده أولوية المستوطن على أي شيء آخر". وقد وافق المؤتمر على مشروع القرار العمالي، الذي لم يأت فيه سوى أنه لن يتم اتخاذ أي شيء من شـأنه أن يتعـارض مع موقف المؤتمر فيما يتصل بالمسـألة اليهودية الألمانية، أي أنه لن يقوم أي شخص بأي نشاط وسيُترك الأمر برمته للجنة التنفيذية. وقد وافـق المؤتمرون في الجلسة نفسها على أن يصبح علم المنظمة هو علم الدولة، وأن يصبح نشيد" الهاتيكفاه Hatikvah "النشيد الوطني للدولة عند إنشائها، وأنشد المؤتمرون النشيد واختتمت أعمال المؤتمر. وقد أدركت "جويش كرونيكل" في 3 أيلول/سبتمبر1933م أن الاتفاقية لم تكن نكتة نازية خفيفة بل حقيقة صهيونية نازية ثقيلة مريرة، ونشرت جرائد أخرى أنباء الاتفاقية وما حدث في المؤتمر.
من كل هذا نستخلص بأن هذه الاتفاقية التي أبرمت بين الوكالة الصهيونية وألمانيا النازية في 25 آب/أغسطس 1933م قد تم تصميم بنودها للمساعدة في تسهيل تهجير اليهود الى فلسطين العربية بشرط ان يتنازل اليهود عن ممتلكاتهم لدولة ألمانيا حوالي "50000"يهودي تم تهجيرهم بناءاَ على هذه الاتفاقية وتمت تصفية ممتلكاتهم وتحويلها الى أنتاج بضائع ثم تصديرها الى فلسطين مما ساعد الاقتصاد الألماني وقد تم تأسيس "شركة هآرفا المحدودة "Harva Co.,Ltd كنتيجة لهذه الاتفاقية وقد أشرفت هذه الشركة على عملية التهجير،وهم بهذه الاتفاقية قد مكروا وخادعوا حتى اليهود حيث تم تهجير الألمان اليهود الأغنياء بينما بقي اليهود الغير أثرياء وكذلك من هم لايؤمنون بالصهيونية فكراَ في ألمانيا داخل معسكرات الموت،هذا هو جزء من تاريخ الصهيونية المبني على كل الزيف وكل المكر وكل المراوغة وكل الأساليب التي تنبذها الإنسانية من اجل تحقيق أهدافهم وابتلاع أراضي الشعوب تحت ذرائع واهية مستندين بذلك الى التلاعب بعواطف ومشاعر العالم من خلال الدين اليهودي.
التعليقات (0)