الصراف الآلى
يالها من كلمات جميلة ( الصراف الآلى ) .
بدلا من التوجه للبنوك . و معاناة زحام المواطنين . و تعامل موظف الشباك معك باستعلاء . فهو فى قرارة نفسه لا يحس بأنه يقدم خدمة مفروض عليه تقديمها لقاء ما يتقاضاه من راتب و حوافز و مكافآت . و لكن شعور " المنح " لديه يتعاظم بمرور الوقت للدرجة التى ينسى معها الغرض الأساسى من و ظيفته و يحس كأنه واهب العطايا و المنح و أنه يعطيك هذا المال من جيبه الخاص . و لولاه - يا حبة عينى – كان زمانك بتتسول .
لا أحد ينكر أهمية التكنولوجيا الحديثة من كروت ذكية وبطاقات الائتمان و الفيزا كارد . فانه بوسعك ان تتحصل على جزء من اموالك . وقتما تشاء و أينما تشاء بشرط توافر و جود الماكينة و شرط ألا تكون معطلة و الشرط الأهم أن يكون لديك رصيد .
بل ان رجال الأعمال و دائمى السفر لم يعودوا كما فى الماضى مضطرين لحمل أموالهم معهم أو تغيير عملات فالبنوك - و الماكينات و الكروت - حلت جميع المشاكل .
و لم يعد للدائنين حجة فى أن يقول لك الساعة دلوقتى 4 و البنوك قفلت .
أو النهاردة الجمعة أو السبت و البنك أجازة .
ماكينة الصراف الآلى حلت المشكلة .
ماكينة الصراف الآلى . دائمة التعطل . ماكينة الصراف الآلى عددها محدود مقارنة بالموظفين أو أرباب المعاشات الراغبين فى الحصول على مستحقاتهم . ماكينة الصراف الآلى فى الشمس الحارقة . ماكينة الصراف الآلى ليس بها أى نوع من الخصوصية فالواقف خلفك - ملتصق بك – كأنه يفعل بك الفاحشة والعياذ بالله , أو يتحرش بك جنسيا – على أقل تقدير - و يقرأ رقمك السرى و يقرأ المبلغ الذى سوف تسحبه . بل يرقبك و أنت تعد النقود للتأكد من صحة المبلغ . ناهيك عن رائحة العرق و رائحة السجائر التى تفوح من فيه و قد يدخن و ينفث فى قفاك . وهنا لن أحدثك عن اللصوص .
ما علينا :
أنا انسان رجعى و ضد التطور و ضد استخدام ماكينات (ATM) للأسباب المذكورة بأعلاه . ساقتنى قدماى للبنك الذى أتعامل معه لكى أحصل على راتبى.
ملحوظة : أغلب المصريين لا يحبون دخول البنوك بل ولا يحبون دخول أماكن عدة مثل أقسام الشرطة و المحاكم و المستشفيات و البنوك . و يدخلونها مضطريين اضطرارا .
بعد الانتظار نصف ساعة لكى أحصل على دورى . سألتنى موظفة الشباك أو ليس معك كارت كى تحصل على راتبك من الماكينة . فأجبتها بنعم . و لكنى لا أحب استعمال الماكينة للأسباب المذكورة سلفا . تخيل الرد قالت لى : بوسعك استعمالها بالليل و حبذا لو متأخرا . تخيل الاقتراح فقلت لها ولكنى أحتاج راتبى الآن و ليس بالليل . فقالت : سوف نستقطع مبلغ ( كذا ) نظير استخدامك للشباك .
قلت لها : و رواتبكم نظير ماذا ؟
قالت : و الله هذا هو ما عندنا اذا كان عاجبك .
فقلت لها : كل هذا كى تدفعوا الناس دفعا لاستخدام الماكينات ؟ .
و عدت فوافقتها كى أغادر أولا , و لأن المبلغ المستقطع بسيط ثانيا ، .
قدمت لها اثبات الشخصية . و قدمت لها الكارت الخاص بالبنك الذى يفيد أننى من المتعاملين معهم بهذه الخدمة ( استلام الراتب ) .
أعطتنى عدة نماذج ورقية كى أوقع عليها .
قمت بالتوقيع عدة مرات حسبما طلبت , وفى الأماكن التى أشارت عليها .
فوجئت بها تقول : التوقيع غير مطابق .
يا سيدتى , يا آنستى , هذا هو توقيعى منذ حوالى ثلاثون عاما , وأوقع به يوميا – بحكم وظيفتى – حوالى مائة مرة , وأستلم راتبى لديكم بهذا التوقيع منذ عدة سنوات .
أبدا هذا ليس توقيعك المحفوظ لدى البنك , وأرتنى اياه على الشاشة , قائلة لى : حاول تقليده , حاول أن تجعله مثل هذا تماما .
قلت لها لا أستطيع تقليده , وأوقعه بعفوية للدرجة التى معها أستطيع التوقيع وأنا مغمض العينين .
قالت لى : عليك ان تدخل الى المدير وتطلب تغيير نموذج التوقيع .
قلت لها : لا أرغب فى تغييره لأنه لن يتغير عما فى يديك , علا صوتى , ومارست هوايتى فى الشخط والنطر , واستعرضت بعض موهبة الخطابة لدى , فحضر المشرف عليهم , ووقع على النموذج بما يفيد بأن التوقيع مطابق .وأستلمت راتبى وغادرت وانا أسب البنوك وأسب ماكينات الصراف الآلى .
فعلا :
يجب ادخال التكنولوجيا الى الأفراد قبل ادخالها الى الماكينات ,
رغم ان موظفة الشباك صغيرة فى السن , الا انها تدربت على يد جهبذ , من القرن التاسع عشر , أول ما علمه اياها , هو الجبن وعدم القدرة على اتخاذ قرار , والحيطة والريبة الشديدة وان تنظر الى كل الناس بشك , وافتراض ان المواطن حرامى أو نصف نصاب , وان تعامل المواطنين باستعلاء , فما سوف يحصلون عليه هو منحة من جيب أبوها , وليس مستحقاته .
فعلا تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين بعقلية موظفى القرن التاسع عشر .
أخشى ما أخشاه ان يتم تأويل هذا الكلام على انه اضرار ومساس بالاقتصاد . وننسى ان من يتحصل على اموال لقاء خدمة كى يدفع الناس دفعا لاستخدام ماكينة الصراف الآلى ويزيد من حنقهم وسخطهم هو من يضر بالاقتصاد ,
عموما , ولكى لا نترك بابا لتأويل خاطىء لما قلناه ,
نعود فنقول : عاشت ماكينة الصراف الآلى .
التعليقات (0)