الشعر الغنائي يحتضر
الشعر الغنائي أساس لفن الغناء , فلأغنية عبارة عن قصيدة موزونة ولحن موسيقي منسجم مع الكلمات , الشعر الغنائي السعودي في هذا التوقيت يحتضر ويعيش حالة وفاة دماغية نظراً لدخول أسماء كثيرة للساحة بقصائد ركيكة ووجود أصوات غنائية باحثة عن المادة ولو على حساب الأرث التاريخي للشعر المحلي !.
أسماء قديمة نقشت أسمها في صخور الزمن والتراث وليست ثريا قابل أو الأمير عبدالله الفيصل أو إبراهيم خفاجي الأسماء الوحيدة قديماً وحديثا بل هناك الكثير والكثير من الأسماء التي قدمت للذائقة المحلية أعمال لا تٌنسى وفتحت نافذة التواصل مع الخارج في عملية إتصال معرفي فريدة من نوعها في العصر الحديث !.
الأغنية السعودية تعيش أزمات وأزماتها المختلفة لا تنحصر في ركاكة الأعمال الشعرية فقط بل تتعدى للإنتاج والإحتكار والضغوط وغياب المهرجانات المحلية لأسباب فكرية بحته , القصائد الشعرية الغنائية جزء من الأزمة وتحتل المساحة الأكبر فالأعمال الغنائية في السنوات العشر الأخيرة واكبت الإنفتاح الإعلامي والأعمال الغنائية الركيكة الخارجية وخصوصاً العراقية وبعض الأعمال الغنائية الخليجية والمصرية وهي محاكاة لتلك الأعمال الركيكة التي تميزت بعرض الجسد المتمايل دون التركيز على النص الغنائي أو على الفنان الذي يقدم الأغنية للجماهير أو مستوى اللحن الموسيقي فالمساءلة كانت تجارية بحتة وتسلق أصحاب الأهواء سلم الحياة الفنية ومحاولة مواكبة ذائقة الجماهير الشابة الباحثة عن الأجساد الراقصة في الفيديو كليبات في غالب الأحيان !..
الشعر الغنائي المحلي تاريخ وإرث كبير لا يستطيع كاتب أو باحث الإحاطة به سواءً في الأعمال أو الأسماء لكن هناك من دخل على ذلك الإرث والإنتاج البشري ومارس التشوية بأعمال لا تستحق إطلاق إسم عمل عليها !..
الذوق والذائقة البشرية بحاجة لأن تتذوق كل شيء لتميز بين الأشياء الجميلة والغير جميلة وذائقتنا الفنية بحاجة لأن تعيد تذوق الأعمال الفنية القديمة لتقارن بين القديم الجميل والحديث الذي بلا طعم أو رائحة ..!
تنمية الذوق البشري عمل يحتاج لجهود مؤسسية ولعل غياب المهرجانات والفعاليات والمنافسات الغنائية والإحتكار التجاري للأسماء والأعمال وضعف المؤسسات الفنية والثقافية في تبني المواهب وتدعيم الساحة بأسماء وأعمال إبداعية عوامل جعلت من الذائقة أسيرة لفيديو الكليبات والقنوات الغنائية الفضائية والإلكترونية والتي تحتضن العمل الإبداعي والغير إبداعي تحت سقف واحد لهدف تجاري وليس معرفي ثقافي..
لكي تنهض الأغنية المحلية وينهض جزئها الأصيل " الشعر الغنائي" يتوجب إعادة صيانة البنية التحتية والمتمثلة في جملة مؤسسات ولوائح والبداية تكون بتنمية الذائقة المحلية عبر برامج وفعاليات وبأدوات معرفية وتعليمية ومسرحية فالإرث والإنتاج البشري إذا لم يتم المحافظة عليه وصيانته فإنه يكون عرضة للإندثار والموت وبداية ولادة إنتاج بشري مشوه لا يمت للماضي بأي صلة !..
التعليقات (0)