ما مفهوم الشعب؟ ما هو الشعب؟ قد يختلف البعض في تعريف "الشعب" فقد يعرف البعض الشعب بسكن بلد ما، وقد يعرف اخرون الشعب بسكن بلد ما وأصحاب قومية عالية. أما تعريفي أنا للشعب فهو الحاكم الأصلي لأي كيان سياسي. في معظم الأحيان يكون الشعب راضياً عن حاكمه أو المسؤول عنه والحكام يرون أن هذا فرض أساسي على الشعب، لكن الحكام نسوا أو تناسوا أن فرضهم كحكام هو الحصول على رضا الشعب الحاكم الأصلي. الشعب يملك القوة الكافية لإطاحة أي حاكم مهما كانت قوته أو سلطته عالية. الحاكم الذكي هو الذي يحصل على حب ومودة شعبه حتى يبقى في منصبه وليس بقوته وجبروته.
أود أن أروي قصة حاكم مصري حكم في القرن العشرين وهو الملك فاروق. كان الملك فاروق محبوباً من شعبه حتى فترة معينة من مدة حكمه. عارضت بعد فئات الشعب أن يبقى هو الحاكم المسؤول، لكنهم لم يحاولوا الاطاحة به، لكن الضباط الأحرار قاموا بالواجب وأعلن الإنقلاب العسكري عليه فتتحول المملكة المصرية إلى الجمهورية المصرية العربية. لقد سموا هذا الانقلاب ثورة لكنها في الحقيقة ليست بثورة. الثورة هي حينما ينوي الشعب على الاطاحة بالحكم من خلال ممارسات شعبية مثل المظاهرات وأعمال الشغب. الحال في مصر كان غير ذلك، فكان الوضع إنقلاباً عسكرياً بحتاً حيث التنظيم كان عسكرياً وليس شعبياً. لماذا إذاً سميت بالثورة؟ هذا السؤال جوابه بسيط وهو حتى يكسبوا حب وود وإحترام الشعب والبلاد المجاورة والعالم حتى. إذاً فثورات يوليو ليست بثورة شعب، بل إنقلاب جيش. لماذا أقحم الشعب إذاً في هذا الإنقلاب؟ كما قلت سابقاً الشعب هو القاعدة الأساسية لأي بنيان سياسي أو قيادي، وللحصول على رضا الشعب سمي الإنقلاب بالثورة. أنا لا أقول أن إنقلاب يوليو عمل مشين، بل إستخدام الشعب لتحقيق مساعي خاصة هو المشين لأن الشعب كان إما المتضرر الأساسي أو الرابح الأساسي في هذه المعادلة الجديدة.
الشعب يشكل سرب طيور متحد. قد يفرق الشعب إختلاف الأديان، الأعراق، الألوان، لكن يجمعهم حب الوطن. هذه ميزة الشعب الواحد، حب الوطن. سوف أضيف على تعريف الشعب عبارات: "والمدافع عن حقوق الدولة الأساسي،" بعد الحاكم الأصلي. مسؤولية القيادات هي الدفاع عن الدولة وحقوقها، لكن الشعب يتحمل مسؤولية أكبر كونه الواجهة الأساسية لأي دولة. أرى شعوباً عربية مثل الشعب المصري، الأردني، اللبناني، والسعودي الذين يتشابهون في حبهم اللا متناهي لأوطانهم حتى اصبحوا جنوداً مدنيين للدفاع عن إسم الوطن فالمحافل الدولية والشبكة العنكبوتية أيضاً. هناك الشعب الأمريكي الذي رغم جهله بالأمور السياسية الخارجية فهو صاحب ولاء تام للشؤون الداخلية ولأمن البلد ككل. الشعوب تمثل السلاح الأقوى لأي دولة. الشعب المثقف هو شعب صاحب قوة فكرية وسط باقي الشعوب، الشعب الرياضي شعب صاحب إحترام ومسؤولية بين الشعوب الأخرى، لكل شعب ميزة، ولكل ميزة جائزة، والجائزة هي الأمن والإستقرار.
ما هي حكاية الشعب؟ أي سياسي سيصف حكاية الشعب بالنضال السياسي والكفاحي للأمة ضد المحتل حتى الحصول على الاستقلال وكلنا نعرف باقي هذه الرواية. بالنسبة لي حكاية الشعب هي حكاية الحضارة، حكاية النجار الذي بنى ذاك الباب الذي منه ندخل إلى بيت المناضل الذي من خلاله نتعرف على تاريخ أصيل لشعب أصيل. حكاية الشعب هي حكاية الطفل المجتهد الذي كبر ليتعلم وليرفع إسم شعبه عالياً. حكاية الشعب هي حكاية الأم المضحية التي صبرت ليالي طول لتربي أجيالاً وأجيال من أجل الشعب. الشعب ليس نتاج سياسي بل نتاج حضاري وإنساني بحت. السياسة لم تخلق الشعب بل الشعب خلق السياسة. وللأسف تمردت السياسة على الشعب فأصبحت ذات سلطة أقوى، لكن يبقى الشعب الأساس لأي بنيان ثقافي، سياسي أو إنساني.
الشعب كتلة إنسانية واحدة تشدو نفس اللغة، تنحت نفس الكلمات، ترسم نفس الصور، وتحكي نفس الحكايات. فلماذا أصبح الشعب سياسة؟
التعليقات (0)