مواضيع اليوم

السُنّة الحقيقية والسُنّة المُزيّفة .... الواقعية والرجعية

سامح عسكر

2012-05-14 19:52:31

0

 السُنّة الحقيقية والسُنّة المُزيّفة


الواقعية والرجعية

كثيراً ما نسمع عن مُصطلح الرجعية فيعتقد البعض أنه خاصاً بفكرة العودة إلى الأزمان الماضية بمفاهيمها وثقافتها وأعرافها، ولكن أرى أن المُصطلح أشمل من ذلك، فالرجعية تصف حالة عامة أكثر من وصفها واقعاً منقوداً، وهنا قد يأتي النقد في غير محلهِ فيُكتشف بعد فترة من الزمن أن الصواب كان ما تم نقده، ويحدث هذا كثيرا في مجالات البحث العلمي وجدليات الفلسفات المختلفة، إذاً فالرجعية قد تصف تياراً يقضي بمفاهيم ماضية في واقعه كانت ناجحة في ذلك الزمن، أما محاولة عصرنتها منه دون إدخال أية تعديلات تُحاكي كافة المؤثرات فهذه المحاولة هي رجعية بحتة، والعكس صحيح ومدار ذلك على منفعة الإنسان وصلاحية الفكرة للتطبيق.

فالسُنّي المزيف يعتمد اعتمادا رئيسياً على مفاهيم سلفه التي يظن أنها صالحة لكل الأزمان، فلو دخلت بيته ستجد مكتبة قد تملأ حُجرات بيته المتعددة، وفي حين وجود هذا العلم الغزير لديه فلا تجده ينتفع من أي كتاب من هذه المكتبة ،أو ينعكس ذلك على سلوكه أوأهلية أفكاره للتطبيق، فيجد نفسه معزولا بأفكاراً يظن أنها المُخلّص الاول للبشرية!، هذا العلم الغزير في مكتبته هو أصل عُزلته، فالواقع الإفتراضي أياً كانت حالته يتغير كل ساعة وليس كل عام ، يتغيربمفاهيم جديدة وبثقافة جديدة عبر مؤثرات ودوافع جديدة، هكذا يتطور الإنسان فالعقل البشري منذ 1000 عام لا يُمكن مُقارنته بالعقل البشري المُعاصر، هناك ثوابت عقلية ولكنها في الغالب محكومة بالعلم وبالتطور البشري على مر العصور.

فما بالنا بعقول قاصرة على البحوث الدينية والمذهبية دون القفز إلى العلوم العقلية التي وإن قفز إليها الباحث وشربها ودَوّنها في كُتبه ربما تصلح أفكاره لمجاراة أكثر العصور، فالعقل البشري له قدرة على التفكير لا تتغير، هذه القدرة هي التي جعلت فيلسوفاً قديراً كأرسطو كان يعيش منذ أكثر من 2000 عام جعلته أذكى وأكثر قدرة على التفكير من ملايين البشر ممن جاءوا بعده، وما دون العلوم العقلية التي تبحث في الواقع والمستقبل أكثر من تقيدها بنصوص قد تحصر تفسير النص في بيت زُجاجي مغمور لا يسع عِدة سنتيمترات، بينما لو كان عقلانياً لاتسع عقل هذا الباحث ليكسر البيت الزجاجي ويخرج إلى فضاء الواقعية.

أما السني الحقيقي فهو المُتحد مع نفسه ولا يؤمن بتناقضات، ويخضع كافة الشُبهات للسؤال والعمل على تحريرها بإجابات منطقية تُحاكي الواقع أكثر من كونها إرضاءاً للنفس..فقد تجد السني الحقيقي يبحث في مسألة تحريم الموسيقى مثلا فيجد أمامه نصوص موافقة ومعارضة لا تتفق جميعها على نتيجة واحدة، فيلجأ السني الحقيقي إلى إخضاع هذه النصوص للعقل حينها سيسأل نفسه ولماذا خلق الله لنا الكروان يغني ويُطرب الآذان أو عصافير الزينة وهي تُزقزق بألحاناً عطرة، أو نسمع ألحاناً عذبة من فيض الطبيعة كحفيف الشجر، ثم يُحرم الله علينا سماع كل هذا؟؟..حينها سيكشف التناقض، أن تحريم هذه الأشياء ليس له أصل في دين الله، وأن كل ما وُرِدَ من نصوص تحريم لا ينبغي النظر إليها..

طرحت مسألة الموسيقى وكيفية التفكير العقلاني فيها كمثال للسني الحقيقي المُفكّر، وغيرها من المسائل التي اختُلِفَ فيها بين علماء الشرع المسلمون، فبِحسبة عقلانية بسيطة سنخوض في أمر آخر هو أكثر أهمية..أمامنا الآن رجلين الأول يؤمن بوجوب قتل المُرتد ورجم الزاني المُحصن حتى الموت، أما الثاني فيؤمن بوجوب قتل المرتد مع النظر في مسألة الرجم هذه كونها عملية إعدام بشعة تفوق قوة إعدام قتل المرتد، فخياراته انحصرت في بيان رُتبتي الزنا والكُفر، فلو آمن بوجوب الرجم حتى الموت لصارت هناك شُبهة عقلانية تُجزم بأنا جريمة الزنا أعظم عند الله من جريمة الردة..وهنا إشكالاً ليس عقلانياً فحسب بل هو إشكالاً شرعيا أيضا..

في المُجمل سترى الرجل الأول يؤمن بالمتناقضين، أما الثاني فكان أكثر اتحاداً مع نفسه وبالتالي سيكون أكثر التزاماً بالسُنّة الحقيقية..أيضا نوضح أنه لا عقوبة في الإسلام للردة مُطلقا، وكان هذا المثال للتشبيه وتقريب الفكرة كمثالاً للتفكير العقلاني للسنّي الحقيقي لا أكثر..وبهذا سيُخضع السُنّي الحقيقي طريقة تفكيره ومقابلاته الشرعية بحالة عقلية افتراضية تتسق مع طُرق التفكير السليم، كان هذا بياناً خفيفاً أوضحنا فيه أهمية التفكير وتنشيط الذهن لكسر التقليد الذي هو آفة مُخزية للسُنّة المُزيفة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !