مواضيع اليوم

الدكتور إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقية يلتقي نظيره الإيرانيّ الدكتور محمد جواد ظريف في طهران

التقى الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة نظيره الإيرانيَّ الدكتور محمد جواد ظريف في طهران، وجرى خلال اللقاء بحث التطوُّرات في المنطقة، وتداعيات الأزمة الدبلوماسيّة التي حدثت جراء في المنطقة بعدما أقدمت الحكومة السعودية على إعدام العلامة الشيخ نمر باقر النمر.

الجعفريّ دعا جميع الأطراف إلى ضرورة التهدئة، وعدم الانجرار وراء مُخطـَّط يُراد منه تأزيم الأوضاع في المنطقة، مُؤكـِّداً: علينا الآن أن نمنع تداعيات هذه المُشكِلة، وأن لا نسمح لأعداء المنطقة، وأعداء الإسلام، وأعداء دولنا جميعاً بأن يأخذوا المنطقة إلى أتون حرب، ومشاكل لا رابح فيها، مُبيِّناً: أنَّ العراق لا يُمكِن أن يقف موقفاً حياديّاً إزاء أيِّ أزمة.

الجعفريّ خلال مؤتمر صحفيّ أوضح أنَّ: العراق في قلب المنطقة فمن الطبيعيِّ أن يستثمر علاقاته الواسعة مع الدول العربيّة، ومع دول العالم الأخرى، وأن يُؤدِّي دوره، مضيفاً: نحن نعدُّ هذا مَهمّة مُلقاة على عاتقنا؛ لذا تحرَّكنا منذ الساعة الأولى لتهدئة الأجواء، وتخفيف الأزمة، علاوة على ذلك أنَّ الأزمة إذا ما اشتدَّت، وتحوَّلت -لا سمح الله- من أزمة إلى كارثة فستجرُّ بأذيالها، وانعكاساتها على عُمُوم المنطقة.

وعقب اللقاء عقد الطرفان مؤتمراً صحفياً إليكم نصّه:

 

المُؤتمَر الصحافيّ للدكتور إبراهيم الجعفريّ ونظيره محمد جواد ظريف في طهران

6/1/2016

 

محمد جواد ظريف: أتقدَّم إلى معالي الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير خارجيّة العراق الشقيق، والصديق في طهران، والوفد المُرافِق له بالشكر الجزيل لهذه الزيارة.

هناك علاقة مُوسَّعة بين الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وجمهوريّة العراق، وهذه العلاقات هي علاقات متينة.. إننا نصارع في جبهة واحدة ضدَّ التطرُّف والإرهاب، وندعم ما تقوم به الحكومة العراقيّة لنيل الاستقلال، ومنع التدخـُّل، ومُواجَهة الإرهابيين في العراق، كان هناك تباحُث فيما بيننا سابقاً، وسنستمرّ فيه.

تحدَّثنا اليوم بخصوص الظروف الخاصة التي حلـَّت بالمنطقة بعد ذبح، وقتل العالم، ورجل الدين، والمُصلِح المرحوم الشيخ الشهيد الشيخ نمر باقر النمر -رحمة الله عليه-.

هذا الإجراء لا يُمكِن تبريره بأيِّ شكل من الأشكال؛ لأنَّ الشخص نذر حياته للإصلاح عبر الوسائل السلميّة، والحوار، واستخدام الإمكانيّات المدنيّة، وكان حياته نذراً لمُعارَضة أيِّ إجراء عسكريٍّ، وإرهاب، وتطرُّف، ولا يُمكِن تبرير ما حصل تجاه هذا العالِم، وقد قابَلَ العالـَم هذا الحادث بالاستياء، والاستنكار.

منذ سنتين ونصف كانت هناك مُحاوَلة كبيرة، ومساعٍ من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ضدّ الإرهاب، ومُقارَعة الإرهاب، والتطرُّف، وأنَّ هذا الخطر مُوجَّه للدول في هذه المنطقة ودول أخرى أكثر من الماضي، وهناك بعض الدول تـُؤجِّج هذا الخطر.

كنا دائماً نتحدَّث عن التعاون، وتبادل الأفكار، والآراء، لكنَّ بعض جيراننا في المملكة السعوديّة -للأسف- كانوا قد تبنـَّوا غير هذا. فيما يتعلق بالاتفاق النوويِّ عارضوا الاتفاق النوويَّ إلى جانب الكيان الصهيونيّ، وحاولوا جهدهم، وجهودهم لإفشاله، وكذلك بعض الإجراءات التي كانت ضدّ الشعب الإيرانيِّ، ومحاولاتهم تخفيض أسعار النفط، لكنَّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة واجهت كلَّ هذه التحرُّكات برحابة صدر، وبضبط النفس؛ لأننا نعتقد أنَّ المزيد من التوترات، وخلق الأزمات في هذه المنطقة لا يدلّ على وُجُود قوة، بل يدلُّ على وُجُود ضعف لدى المُؤجِّجين، ولابُدَّ من مُواجَهة هذه الأعمال بكرامة، وعلى هذا الأساس تبنـَّينا هذه السياسة، لكنَّ هذا التحرُّك الإيرانيَّ، وهذه الحركة الإيرانية قد أسيء فهمها لدى جارتنا العربيّة السعوديّة، ولم تكن هناك استجابة مُناسِبة.

إنَّ هذا المسار يُؤدِّي إلى تأجيج، وخلق الأزمات. الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لا تبحث عن الأزمات، ولا تـُريد الأزمات.

أنا شرحتُ لمعالي الوزير سياستنا في حكومة التدبير، والأمل، وما قامت به الجمهوريّة الإسلامية الإيرانيّة على أساس قناعتها بتحقيق الوحدة في العالم الإسلاميِّ في مُواجَهة أعداء الإسلام الكيان الصهيونيّ، والمُتطرِّفين الذين يُشوِّهون سمعة الإسلام، ويتذرَّعون، ويستفيدون من اسم الإسلام، ويستغلون هذه المفاهيم. إنـَّهم وصمة عار للعالم الإسلاميّ. نعتقد أنه لابُدَّ أن نتصدَّى لهذا الخطر الجماعيِّ، ويكون هناك إجراء مُشترَك في العالم الإسلاميِّ، وقد بذلنا جُهدنا في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وكانت تضبط نفسها في هذا الوقت، وما حدث في ليلة السبت في طهران ومشهد هي أحداث غير مقبولة، وقد أدانها كلُّ المسؤولين سواء كانوا عسكريِّين، أم قضائيِّين، أم السلطة التنفيذيّة، واستنكروا هذه المُمارَسة. والحكومة الإيرانيّة مُلتزمة شرعيّاً وقانونيّاً بأن تـُؤمِّن الحماية للدبلوماسيِّين، ولاشكَّ أنَّ الحادث الذي حصل في ليلة السبت ستـُعاقِب الحكومة كلَّ الذين حاولوا الاعتداء، وبعد هذا الحادث قامت بتوفير كلَّ الحماية للمقرّات الدبلوماسيّة، والعاملين في السفارة، والقنصليّة السعوديّة في مشهد، ومن دواعي الأسف أنَّ الحكومة السعوديّة تتبع نفس سياسة خلق التوترات، ونحن نـُقدِّم التوصية، ونقول للجميع: إنَّ التوتر، وتأجيج النار لا يُفيد أيَّ جهة؛ لأنَّ سياسة الجمهوريّة الإيرانيّة هي سياسة التعاون مع جميع الجيران، ونحن نـُريد دوماً التهدئة مع الجيران، والعالم العربيّ باعتباره جزءاً من العالم الإسلاميِّ، ونكنُّ احتراماً خاصّاً، فنرغب في أن تكون هناك علاقات إيجابيّة، وبنـَّاءة مع العالم العربيِّ، ونـُريد أن نستمرّ فيها.

ندعو كلَّ الأطراف لأن تكون ضدَّ الطائفيّة، والإرهاب، والتكفيريِّين، وأن نكون مُوحَّدين، ويداً واحدة، وندعوهم أن لا يستمرّوا في أعمالهم؛ ويُؤجِّجوا نار هذه الإجراءات؛ لأنها خطر على الجميع، ولاشك أنهم سيكتوون بالنار.

أشكر معالي الوزير على المُبادَرة التي أطلقها بخصوص تبادل الأفكار والآراء في هذه المنطقة، ونرجو له التوفيق، ونتمنى أن يكون هناك فهم للخطر المُشترَك، وأن يقوموا بمُواجَهته بصورة مُشترَكة، وأن لا يكون هناك مزيد من التوتر.

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أشكر لكم معالي الوزير حُسن الاستقبال، وكرم الضيافة.

انطلقنا في هذه الحركة، وقد انعقد مجلس الوزراء برئاسة السيِّد الدكتور حيدر العباديِّ يوم أمس، وكان القرار هو ضرورة التحرُّك على هذه الأجواء التي نشرت ظلها بشيء من التوتر في المنطقة خُصُوصاً أنَّ لنا علاقات وطيدة من جانب مع الجمهوريّة الإسلاميّة بحكم الجار، والمصالح المُشترَكة، والتاريخ، والعلاقات الاجتماعيّة، ولنا علاقات مع أشقائنا العرب كلـِّهم؛ لذا لا يُمكِن للعراق أن يقف موقفاً ساكتاً وحياديّاً إزاء أيِّ أزمة يُمكِن أن تبدو في الأفق. ما إن تحرَّكت هذه الأزمة إلا وشعر العراق منذ الساعات الأولى بضرورة المُبادَرة، والتحرُّك لإيقاف هذه المُشكِلة خُصُوصاً أنَّ التوتر قد يجرُّ المنطقة إلى تداعيات، ومشاكل تكون واسعة وبعيدة الأمد.

ما أقدمت عليه المحكمة بالحكم على المرحوم الشهيد الشيخ النمر استنكرناه، ونعدُّه جريمة ولاسيَّما أنَّ الرجل من دُعاة الإصلاح، وأنَّ خطاباته، وكلامه في أكثر من مُناسَبة كان يُؤكـِّد على عدم اللجوء إلى السلاح، وضرورة استخدام الأسلوب السلميِّ في أخذ الحقوق، وهذا نموذج يقلُّ معه في العالم أن يتحدَّث المُعارِض بهذه الطريقة الحضاريّة خُصُوصاً أنني شخصيّاً تحرَّكت منذ مرحلة خادمين الحرمين الملك السابق الملك عبدالله في هذا الصعيد، ووصلني كلام يُطمئِن بعدم الإقدام على هذه الخطوة، وقالوا: إنه إذا ما صدر هذا الحكم سيكون هناك إجراء فاطمئننتُ عندما سمعته من وزير الخارجيّة السابق سعود الفيصل، وسمعته -أيضاً- من مسؤولين آخرين، ولكننا فـُوجـِئنا بالإقدام على هذه الخطوة التي كانت بالنسبة لنا صعقة.

نحن لا نـُريد أن نتدخـَّل في شُؤُون أحد، ولكنه عندما يكون المُواطِن من طبقة العلماء، وترتبط بمفهوم المرجعيّة الدينيّة، وترتبط بمشاعر الأمّة الإسلاميّة عُمُوماً لا يُمكِن إلا نبذل جهداً، ولا نقف مكتوفي الأيدي؛ لذا أوصلنا صوتنا، وبذلنا مساعي، ولقينا تجاوباً من قبل بعض الأطراف العربيّة، ولكن جاءت المُفاجَأة بالنسبة لنا شديدة، ومُؤذية جدّاً. على كلِّ حال علينا الآن أن نمنع تداعيات هذه المُشكِلة، وأن لا نسمح لأعداء المنطقة، وأعداء الإسلام، وأعداء دولنا جميعاً من أن يأخذوا المنطقة إلى أتون حرب، ومشاكل لا رابح فيها الغالب والمغلوب كلاهما خاسران؛ لذا بدأت منذ يوم أمس، واتصلت بخمسة أو ستة من السادة وزراء الخارجيّة العرب، كما تحدَّثتُ مع السيِّد أمين عامّ جامعة الدول العربيّة السيِّد نبيل العربيّ، وواصلت في طهران حديثي مع بقيّة وزراء الخارجيّة العرب، وبصدد أن نـُكمِل الجزء المُتبقي جميعاً.

هدفنا من هذه اللقاءات هو تهدئة الأجواء، وحلُّ المُشكِلة بشكل سلميٍّ، ومنع التداعيات.

سُرِرتُ كثيراً لما تفضَّل به أخي، وعزيزي الأستاذ ظريف عندما ألقى الضوء على أمور رُبَّما لم أكن أعرفها بشكل دقيق، وكيف تمَّت إدارة هذه الأزمة هنا في الجمهوريّة الإسلاميّة بالحكمة العالية التي تمتـَّع بها المسؤولون السيِّد رئيس الجمهوريّة، والسيِّد وزير الخارجيّة، واطمأننت كثيراً.

أعتقد أنَّ الذي حصل يجب أن يفهمه العالم كلـُّه، وتفهمه الحكومات العربيّة بأنَّ إيران لم تكن مع أيِّ هُجُوم، وكانت حريصة أشدَّ الحرص على إضفاء حالة السلم والطمأنينة.

العراق كما تعلمون من موقع قوته، وليس من موقع ضعفه يُواجه حرباً ضدَّ الدواعش، وقد دخل الآن عامه الثاني، وقارب العام ونصف العام وهو يُسجِّل انتصارات باهرة، ويردع العدوَّ، ويتراجع، ويتقهقر أمام القوات المُسلـَّحة العراقـيّة بما فيهم الحشد الشعبيّ، والبيشمركة، وأبناء العشائر المُختلِفة. إدارة الحرب على داعش بيد العراقيين، ولا يتدخـَّل أحد من أيِّ دولة، نعم.. لدينا مُستشارون يقتصر دورهم على الاستشارة فقط، ونحن في هذه المُواجَهة الشديدة حصل هناك حادث مُؤسِف من قِبـَل الجارة تركيا بتجاوز حُدُود العراق والدخول 110 كيلومتر داخل الأرض العراقـيّة إلى منطقة بعشيقة، فتحرَّكنا دبلوماسيّاً، وبدأنا بالحوار المُباشِر مع تركيا على أمل الحلِّ.

نحن لا نرفض تركيا؛ لأنـَّها دولة على الجوار الجغرافيِّ، ونـُصِرُّ على التمسُّك بالعلاقة معها، ولكننا نرفض رفضاً قاطعاً التدخـُّل، وخرق السيادة العراقـيّة؛ لذا من موقع الرفض لهذا الاختراق، وهذا التجاوز، والاعتداء على السيادة العراقـيّة بذلنا جُهُودنا، ونـُواصِل من أجل الحفاظ على العلاقة من جانب، ورفض التجاوز، والرُجُوع، والخـُرُوج من الأرض العراقـيّة من الجانب الآخر. وكان أمامنا عِدّة أشواط في مجلس الأمن الذي أبدى تفهُّمه الكامل لهذا الخرق، وشجبوا هذا التدخـُّل، والتجاوز، وطالبوا بالانسحاب، وحلِّ القضيّة في أسرع وقت مُمكِن، وانتقلنا إلى البيت العربيِّ في جامعة الدول العربيّة، وكان لنا طلب أن تنعقد جلسة طارئة، وانعقدت في 25 كانون الأوَّل من العام الماضي 2015، وخرج القرار بالإجماع العربيِّ باستنكار التدخل، والتجاوز على الأرض العراقـيّة، ومُطالـَبة تركيا بالانسحاب؛ إذن العراق يُواجه أكثر من جبهة، ولكنه لن ينسى أن يُواصِل جُهُوده الدبلوماسيّة، ومثلما كان قويّاً بالحقِّ في جبهات القتال، وقويّاً بالحقِّ في الجبهة الدبلوماسيّة التي تحتاج الشجاعة، والإقدام، والحركة بحيث تحفظ للعراق أمنه، واستقراره، ولدول المنطقة خُصُوصاً عندما تكون الدول المُتوترة فيما بينها على جانبي العراق شرق العراق، وغرب العراق.

نحن كنا نسعى منذ الأوَّل، والآن السعي مُكثـَّف من أجل مُواصَلة الجُهُود حتى يعمَّ الأمن والسلم على عُمُوم المنطقة، وبصورة خاصّة بين الدولتين الجمهوريّة الإسلاميّة والمملكة العربيّة السعوديّة؛ لأننا نعتقد أنَّ من صالح المنطقة، وهذه الدول أن تبقى العلاقة طيِّبة بيننا.

أشكركم كثيراً. ومرّة أخرى أجدِّد شكري، وتقديري لأخي العزيز الدكتور ظريف.

 

  • السؤال إلى وزير الخارجية الإيرانيّ: تعوَّدنا بأن تكون الخطوات السعوديّة مُقترنة بإيجاد ائتلافات، وتحالفات، وعمليّة قطع العلاقات مع الجمهوريّة الإسلاميّة كانت بمُجارَاة بلدان أخرى لتأجيج أوسع، وأكبر، ورُبَّما عمليّة تأثير أكبر من الناحية الإقليميّة والدوليّة.. كيف تردُّون على هذه الخطوات؟
  • السؤال إلى وزير الخارجيّة العراقيّ: ما الذي دفع العراق إلى إيجاد وساطة بين إيران والسعوديّة بخاصّة أنَّ الجمهوريّة الإسلاميّة من خلال المُتحدِّث باسم الخارجيّة الإيرانيّة أعلنت أنَّ طهران لم تكترث أصلاً لعمليّة قطع العلاقات، والذي قطع العلاقات كالسعوديّة، والبحرين، وجيبوتي لا تمتلك أيَّ مصلحة مع إيران. ما الذي يدفعكم لهذه الوساطة بخاصّة أنكم تواجهون العديد من المشاكل على المُستوى الإقليميِّ والدوليِّ في الداخل العراقيّ؟

محمد جواد ظريف: نحن على أساس التعاليم القرآنيّة التي تقول ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) نعتقد أنَّـنا لابُدَّ أن نتعاون ضدَّ الإجراءات التي تعارض الإسلام وهو التكفير، والإرهاب، والتطرُّف، والطائفيّة، فعلينا أن نجتمع في مكان واحد، ونتعاون معاً، لا أن نقوم ببعض الإجراءات، وبعض التحالفات ضدّ الآخرين فإنها لا تـُفيد، وليست جدّية، وليست بإمكانها مُواجَهة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ولكنَّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لم تكن ترضى مثل هذه الطرق، والآليّات، ولا تعتقد أنَّها تكون لصالح العالم الإسلاميّ.

نعتقد أنَّ كلَّ العالم الإسلاميِّ يواجه خطراً وتحدِّياً مُشترَكاً، والتصدِّي له بحاجة إلى عمل مُشترَك، ولابُدَّ للذين لم يُدركوا خطورته أنهم كانوا شركاء في هذه الخطورة في الواقع أن يعودوا إلى رشدهم؛ لأنهم سيكتوون من هذا الخطر أكثر من الآخرين.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: اسمح لي أن أعيد السؤال بصياغة أخرى: لماذا لا يتحرَّك العراق، وليس لماذا تحرَّك العراق؟

الغريب أن لا نتحرَّك؛ لأنَّ ما يربطنا بالجمهوريّة الإسلاميّة علاقات وطيدة، والتاريخ، والجغرافية، والمصالح المُشترَكة، وعلاقات حيويّة، وعدالة القضيّة التي أثيرت الآن، وفي الوقت نفسه نحن نرتبط مع السعوديّة كدولة جوار، ودولة عربيّة، وبلد الحرمين الشريفين؛ فبحكم الإحساس المُشترَك بأهمّـيّة العلاقة بين الجمهوريّة الإسلاميّة والمملكة العربيّة السعوديّة من جانب، وأنَّ هذه المُشكِلة قد لا تقف عند حُدُود هذه البلدين العزيزين فرُبَّما تمتدّ إلى بلدان آخرى.

إنَّ العراق في قلب المنطقة فمن الطبيعيِّ أن يستثمر العراق علاقاته الواسعة مع الدول العربيّة، ومع دول العالم الأخرى، وأن يُؤدِّي دوره.. نحن نعدُّ هذا مَهمّة مُلقاة على عاتقنا؛ لذا تحرَّكنا منذ الساعة الأولى لتهدئة الأجواء، وتخفيف الأزمة، علاوة على ذلك أنَّ الأزمة إذا ما اشتدَّت، وتحوَّلت -لا سمح الله- من أزمة إلى كارثة فستجرُّ بأذيالها، وانعكاساتها على عُمُوم المنطقة. الأزمة عندما تشتدّ تتحوَّل إلى كارثة لا تـُفرِّق بين أرض وأخرى، ولا تـُفرِّق بين شعب وآخر، بل ستعمُّ المنطقة كلـَّها.

استشرافاً للمُستقبَل، وحرصاً منا على منع تداعياتها كان لابُدَّ لنا أن نتحرَّك؛ فاتصلنا هاتفيّاً مع بعض إخواننا وأشقائنا العرب، وأنوي بعد أن أغادر اليوم أن أزور بعض البلدان العربيّة في هذا الاتجاه سعياً لإيجاد أجواء طيِّبة، وسأستثمر مجلس وزراء العرب المُزمَع عقده الأحد المقبل، وسأشارك لأهمّـيّة هذا الموضوع، وسأحضر، وألقي خطاباً إن شاء الله.

 

  • السؤال إلى وزير الخارجية الإيرانيّ: تحدَّثتم عن مواقفكم بخصوص التطوُّرات الأخيرة للسعوديّة، وفي الأيام الأخيرة كانت هناك بعض الأنباء بأنَّ السيِّد جون كيري اتصل بكم هاتفيّاً، واليوم كانت هناك بعض المصادر الأميركيّة قالت: إنَّ هذا الحوار مُستمِرّ بينكم. بما أنَّ مُفاوَضاتنا كانت على القضايا النوويّة فهل كان هناك حوار، واتصال بينكم وما طرحه الأميركان معكم بهذا الخصوص؟
  • السؤال إلى وزير الخارجيّة العراقيّ: نظراً للاجتماع القادم وزراء الجامعة العربيّة. ما الذي يُريده العراق في هذا الخصوص، وكذلك كيف ترون، وتـُقيِّمون مُستقـبَل العلاقات في هذه المنطقة؟

محمد جواد ظريف: نحن اقتربنا إلى يوم تنفيذ اتفاقيّة برجام، ورُبَّما بعد عِدّة أيام بفضل من الله -سبحانه وتعالى- أن نصل إلى يوم تنفيذ الاتفاق النوويِّ، وأكبر دور في هذا المجال ستؤدِّيه إيران والولايات المتحدة الأميركيّة؛ وعلى هذا الأساس كان هناك اتصال بيني وبين السيِّد كيري، وكذلك أخي العزيز الدكتور صالحي، وزميله الدكتور مونيز كانت هنالك اتصالات عن طريق البريد الألكترونيِّ؛ لأننا على وشك تنفيذ اتفاق برجام النوويّ، ولابُدَّ أن يكون هناك تنسيق؛ لأنه خلال الأيام المقبلة سيكون هنالك لقاءات بين زملائنا والأطراف 5+1، وستكون هناك اجتماعات، ولابُدَّ لهذه الاجتماعات أن تـُدار شُؤُونها عن طريق التنسيق بيني وبين السيِّدة موغريني، والوزير كيري.

في الواقع كان هناك اتصال مع السيِّدة موغريني بخُصُوص القضايا الإقليميّة، وتحدَّثنا بخصوص الاتفاق النوويِّ. فالموضوع الأساسيّ يتعلق بتنفيذ الاتفاق النوويِّ، وكذلك نحن على وشك التوصُّل إليه هذه الأيام؛ وبما أنَّ الخبر الأوَّل في العالم كان الإجراءات التي قامت بها الحكومة السعوديّة في هذا المجال.

إنَّ أيَّ دبلوماسيٍّ عندما يلتقي دبلوماسيّاً آخر فبالتأكيد أن يتبادل الآراء في هذا الخصوص، لكنَّ هذا لا يعني أننا دخلنا في المُفاوَضات مع الأميركان في هذا المجال، وكما قلتم: نحن أعلنـَّا منذ البداية بأنَّ المُفاوَضات مع الأميركان تقتصر على مسألة الاتفاق النوويِّ، وكيفيّة تنفيذه، وفي هذا المجال هناك عندنا صُعُوبات، ومشاكل نتمنى -إن شاء الله- أن نـُعالِجها بسُهُولة؛ حتى نرى تنفيذ الاتفاق النوويِّ خلال الأيّام المقبلة، ليكون للشعب الإيرانيِّ وللعالم يوماً مُبارَكاً -إن شاء الله- ويوماً جيِّداً.

وزير الخارجية العراقيّ: الخطاب المُزمَع إلقاؤه في يوم الأحد يغلب عليه أن أتحدَّث عن طبيعة العلاقات في المنطقة ودول المنطقة بغضِّ النظر عن الاختلافات المذهبيّة، والاختلافات القوميّة، وبغضِّ النظر عن كلِّ الأمور الجانبيّة، وإنما يجب التركيز على وحدة دول المنطقة، واستثمار ثرواتها لتعزيز الصفِّ بين هذه الدول، وأحذر من خُطـُورة التصعيد؛ لأنَّ من شأنه أن يجرَّ المنطقة إلى ويلات، ومآسٍ؛ لذا يجب أن نـُعيد ترتيب الأولويّات في المخاطر، وترتيب الأولويّات في المصالح، وسنجد أنَّ المصالح المُشترَكة، والأخطار المُشترَكة مع الجمهوريّة الإسلاميّة تحتلُّ التوافق، ولا خشية منها أبداً؛ وهذا دورنا نحن جميعاً مادامت تحترم سيادة الدول، ومادامت بقـيّة الدول تحترم سيادة إيران فلا خشية على ذلك، وأنَّ ما يُثار ليس إلا أوهاماً.

مسألة وُجُود فوارق في الغالبيّة من أبناء الشعبين هنا في إيران الغالبيّة الشيعيّة، وفي السعوديّة غالبيّة سُنيّة مدعاة للحوار، وللإخوّة هذا مبدأ القرآن الكريم في إدارة الاختلافات إذ يُحدِّدنا بالتعارُف، والتحاور مع الآخر، وليس تصعيد الأجواء. في تصوُّري أنَّ هناك مَن يُخطـِّط للدول العربيّة وبعض الدول لأن تـُقدِم على مُمارَسات سلبيّة وسيّئة بينما يجب أن نتمسَّك بوحدة الصفِّ، وجمع الكلمة.

أنا أسجِّل لأخي الدكتور ظريف أنـَّه قويّ عندما يتحدَّث، وواعٍ، ويُدرك جيِّداً، وفي الوقت نفسه يُحافِظ على دبلوماسيّـته. والإنسان القويّ من قوته أن يكون دبلوماسيّاً، لكنني أراه كيف يتمسَّك بحقه، والدولة التي يُمثـِّلها بكلِّ قوة، ويتحدَّث بلا تردُّد، ويعرفه وزراء الخارجيّة البقيّة كذلك.

هذه هي الدبلوماسيّة. نحن يجب أن نحفظ المنطقة، ونصونها من أيِّ توتر؛ لأنه إذا ارتفع سيُؤذِي الجميع بلا استثناء.

سأبلغ رسالتي هذه بهذه المضامين، ورُبَّما أضيف إليها مضامين أخرى في لقاء الأحد المُزمَع في القاهرة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !