استقبل الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة الدكتور خالد العطيّة وزير الخارجيّة القطريّ في مكتبه ببغداد، وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائيّة بين البلدين، وسُبُل الارتقاء بها بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين.
كما جرى بحث الأوضاع السياسيّة، والأمنيّة في المنطقة، وتطوُّراتها، وتبادَلَ الجانبان وجهات النظر، والحُلـُول الناجعة لما تـُعاني منه المنطقة من أزمات.
وعقب اللقاء أدلى الدكتور إبراهيم الجعفريّ ونظيره القطريّ الدكتور خالد العطيّة بتصريحات لوسائل الإعلام إليكم نصّها:
المُؤتمَر الصحفيّ للدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة مع وزير الخارجيّة القطري الشيخ خالد العطيّة 29/5/2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم
ابتداءً أتقدَّم بوافر الشكر لمعالي الأخ الشيخ خالد العطيّة لزيارة العراق، وهذه أوَّل زيارة، ونتمنـَّى أن تتبعها زيارات أخرى.
جرى الحديث بشكل تفصيليٍّ في أوَّل لقائنا بالمطار، ثم تعاقبت لقاءاته مع السيِّد رئيس الوزراء، والسيِّد رئيس الجمهوريّة، والسيِّد رئيس البرلمان، وأخيراً اليوم استكملنا بعض الأحاديث التفصيليّة عن العلاقات العراقيّة-القطريّة، وركـَّزنا على جملة نقاط، إحداها: أصل الارتقاء بهذه العلاقات إلى مُستوى طموحاتنا كدولتين عربيّتين مُسلِمتين تربطنا مصالح كثيرة، ويُمكِن أن تـُفتـَح آفاق التعاون في أكثر من مجال اقتصاديٍّ، واستثماريٍّ، وفي الوقت نفسه أشدنا بموقف قطر في دعمها للنازحين، وموقفها الذي عبَّر عنه معالي الأخ الوزير، وهو موقف تضامُن مع العراق ضدَّ الإرهاب، ونأمل أن تتصاعد هذه الوتيرة أكثر، وتتجسَّد أكثر، وتأخذ مَدَياتها، وطريقها إلى التفاعل مع الشعب العراقيِّ في مُواجَهة الإرهاب خُصُوصاً أننا مُتفِقون بأنَّ خطر داعش كان في الشام بالأمس، واليوم مرَّ على العراق، ويُهدِّد كلَّ دول المنطقة خُصُوصاً أنَّ قطر كانت ضحيّة من ضحايا الإرهاب؛ لأنَّ الإرهاب لا يتوقف عند حدّ.
أكـَّدنا على ضرورة فتح مجالات التعاون بين قطر والعراق، وتطوير العلاقات الدبلوماسيّة الذي قد يقتضي بالضرورة رفع الازدواج الضريبيِّ؛ لتسهيل عمليّة التعامُل، والتعاطي، والتزاور بين العراقيِّين والقطريِّين، وأن تلعب الدولتان دوراً مُهـِمّاً في العالم العربيِّ، وكذلك بقيّة الدول، كما أننا اتفقنا على فتح سفارة، وهُيِّئت بنايات لاستئناف العمل الدبلوماسيِّ، ونحن نـُرحِّب بفتح هذه السفارة في بغداد أشدَّ ترحيب، ونتعامل معها كما نتعامل مع بقيّة الدول العربيّة الشقيقة.
مرّة أخرى أجدِّد ترحابي بأخي الشيخ خالد العطية في بلده الثاني العراق.
وزير خارجيّة قطر: أشكرك أخي معالي الوزير الدكتور إبراهيم الجعفريّ، وأشكر من خلالك الحكومة العراقيّة على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وأعتقد أنَّ معالي الوزير قد ألقى الضوء على طبيعة مُحادَثاتنا اليوم.
عقدنا سلسلة من الاجتماعات بدأت أمس مع دولة الرئيس، ثم سُعِدنا بلقاء فخامة الرئيس اليوم، ورئيس البرلمان، والآن في ضيافة أخي معالي وزير الخارجيّة.
استعرضنا العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين، ودعمها، وتطويرها، واستئناف عمل السفارة، وتكلمنا على التطوُّرات الإقليميّة، والدوليّة بخاصّةٍ في ظلِّ التحدِّيات التي نواجهها جميعاً.
زيارتنا اليوم تأتي من ثوابت، أهمّها: حرص دولة قطر على العلاقة مع الشقيقة جمهوريّة العراق، والتأكيد على الحفاظ على أمن العراق، ووحدته، وسيادته، وحثثنا أشقاءنا في العراق على احتواء المواقف، ومنع الاقتتال، وتمنينا على الإخوة في العراق العمل مُجتمِعين.
قطر تعتبر العراقيّين بطوائفهم، ومُكوِّناتهم، وعرقيّاتهم كافة عراقيِّين، ونتمنـّى أن يعتبر كلُّ العراقيِّين بأنَّ الحكومة لكلِّ شخص فيهم، وتمنينا على الأشقاء في العراق العمل معاً من أجل التوصُّل إلى مصالحة وطنيّة تلمُّ شمل كلِّ العراقيِّين، وتكون السبب الرئيس في دحر الإرهاب، ومعالجة أسبابه.
اليوم نحن نواجه الإرهاب في كلِّ مكان في بقاع الأرض؛ ومن ثم يجب الغوص في جُذوره، وأسبابه، ومعالجته، ونعتقد في قطر أنَّ المصالحة الوطنيّة قفزة نوعيّة باتجاه دحر هذا النوع من الإرهاب، ونؤكد على ضرورة الالتفاف حول الحكومة الشرعيّة وهو من المُسلـَّمات لدى دولة قطر؛ لأنَّ قطر كانت من أوائل الدول الداعمة للحكومة الحالية، وتجاوز أخطاء الماضي، ودعم هذه الحكومة، والوصول إلى النتيجة المرجوّة، وهي عراق واحد. عراق يُحافِظ على سيادته، ويحتوي جميع مُكوِّناته.
شكراً لك معالي الوزير على دعوتكم، وعلى المُحادَثات المُثمِرة.
سؤال للوزير العطيّة: السياسة القطريّة إلى أين تتجه إلى احتواء الإرهاب، أم إلى إنهاء الإرهاب في إطار الفوضى الخلاّقة التي تضرب المنطقة؟
سؤال للدكتور الجعفريّ: أجريتم لقاءات مع مسؤولين ووزراء عِدّة خلال الأشهُر الماضية لتدعيم جُهُود الدبلوماسيّة العراقيّة.. البعض يسأل: هل حققتم شيئاً من هذه الزيارات، ماذا جنى العراق داخليّاً، وخارجيّاً؟
وزير خارجيّة قطر: معظم الأسئلة صبَّت في بوتقة الإرهاب، وكأنَّ هناك شكاً في موقف قطر. موقفنا واضح من الإرهاب. نحن نـُدين الإرهاب، والعنف بأشكاله وصُوَره كافة، ونحن أعضاء في كثير من المحافل التي تعمل على مكافحة الإرهاب، ومن جانب آخر ننصح أشقاءنا وأصدقاءنا بأنه يجب الغوص إلى جُذور الإرهاب، ومعرفة أسبابه، ومن ثم مُعالجتها.
إذا كانت قطر ترغب في الوصول إلى السبب لمُعالـَجة، واستئصال الإرهاب فلا يعني بحال من الأحوال أنـَّها داعمة للإرهاب.
يجب أن نتكلم بكلِّ صراحة: اليوم لدينا مُشكِلة في العراق. العراق جزء لا يتجزَّأ من الوطن العربيِّ وامتداد، وظهر للوطن العربيّ إذا لم تكن هناك مصالحة وطنيّة حقيقيّة تـُشارك فيها فئات كثيرة في العراق فنحن نخشى ما نخشاه أن تنتقل هذه الفئات من معسكر إلى آخر. لا أحد فينا اليوم في هذه القاعة يرغب في أن يراهم في المُعسكـَر الآخر. هذا موقف قطر.
أريد أن أخرج من موضوع الإرهاب الذي تـُتهَم به قطر دائماً، وأخرجكم من موضوع السياسة إلى موضوع الرياضة. قطر لم تسلم ليس فقط من هذه الاتهامات، بل لم تسلم -أيضاً- من الاتهامات في الرياضة، وعلى سبيل المثال وإن كان هذا شأناً داخليّاً للفيفا لعلَّ أكثركم لديكم خلفيّة عمّا جرى في الفيفا. هذه مُشكِلة داخل الفيفا نقلتها الصحافة العالميّة لتـُحمِّلها لقطر. نحن في جهتنا لما استطعنا أن نحصل على كأس العالم لم نحصل عليه لمصلحة قطر، بل حصلنا على كأس العالم لمصلحة العرب جميعاً؛ لأننا نعلم أنَّ الوطن العربيَّ يستحقُّ منا أن يكون لديه بطولة في هذا المُستوى تجمع كلَّ شباب الوطن العربيِّ.
نعتقد أنَّ هناك دوافع للتي تكتب عن دولة قطر في هذا الشأن، ولو أنَّ هذه الصحافة الغربية، أو خلافها ركـَّزت جهدها على كشف جرائم النظام في سوريا على سبيل المثال، وأظهرت الحقائق التي تجري على الأرض. كانت حكومات هذه الدول وجدت حلاً جذريّاً لإنقاذ الشعب السوريِّ، وليس التشدُّق بإنقاذ.
لعلي ضربت مثالاً خارجاً عن الإطار، لكني أردتُ أن أريكم كيف أنَّ دولة قطر تـُوجَّه لها الكثير من دون البحث في حقيقة ما تقوم به.
موقف قطر ثابت في مكافحة الإرهاب، ولا يستطيع أحد أن يُزايد علينا في هذا الشأن.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما يتعلق بطبيعة المُساعَدات التي نتطلع لها من قطر، ولها علاقة بالمُساعَدة البرّيّة. كلُّ دول العالم اعتذرنا لها عن قبول أيِّ تدخـُّل برّيّ، وتواجُد برّيّ مُسلـَّح على الأرض، وقلنا ذلك في أكثر المنابر، وإنما نتطلع، ومانزال لمُساعَدات في شتى المجالات الأخرى باستثناء التواجُد العسكريِّ البرّيِّ هذا شأن عراقيّ؛ لئلا يُهدِّد السيادة، ولئلا يُعيد شبح القواعد التي كانت سابقاً.
ما يتعلق بدبلوماسيّتنا في حلِّ المشاكل، نعم.. هناك جديد. نحن فتحنا العلاقات مع كثير من الدول التي كانت مُنغلِقة. إلى الأمس القريب المملكة العربيّة السعوديّة باشرت، أو سمَّت سفيرها في بغداد، وقطر هي الأخرى اتخذت قراراً بفتح السفارة في بغداد، وعلى وشك أن تـُسمِّي سفيرها في بغداد، وهناك مجالات أخرى فتحنا الآفاق حولها. بعضها مُساعَدات وصلت، وبعضها الآخر وُعِدنا بها بما فيها دولة قطر إذ قدَّمت مُساعَدات إنسانيّة إلى النازحين في منطقة كردستان، ونأمل أن تتضاعف هذه المُساعَدات، والوقوف إلى جانب الشعب العراقيِّ، وفي الوقت نفسه استثمرنا المُنتدَيات، والمُؤتمَرات الدوليّة لنـُوصِل صوت العراق، والعراقيِّين، ورفع المُلابَسات التي تكتنف الكثير من هذه النقاط؛ فعملنا من خلال هذه الخطابات والعلاقات مع الجميع بأن يقفوا على حقيقة ما يجري، وليس من وحي ما تـُوجِّهه القنوات الإعلاميّة المُنحرِفة.
تحدَّثنا مع السيِّد الوزير عن مواقف العراقيِّين البطوليّة، وما يقومون به بعيداً عن كلِّ الاعتبارات، وأنَّ همُّهم الدائم هو الدفاع عن العراق كلـِّه من دون أن يكون دفاعاً عن الشيعة، أو السُنة، أو العرب، أو الأكراد، بل إنَّ القوات المُسلـَّحة كلـَّها للعراقيِّين كلـِّهم من دون تفريق، وذلك مُعزَّز بالأرقام.
وحين أقول: القوات المُسلـَّحة عندما أعني كلَّ تشكيلاتها، وكلَّ مُكوِّناتها.
تحدَّثنا بشكل صريح، ونأمل أن ينعكس هذا على سياسات هذه الدول بما فيها سياسة دولة قطر.
ما يتعلـَّق بمُنظـَّمة التعاون الإسلاميِّ، والجهات المُكوِّنة لها.. كلُّ الذين يُجنـَّدون تحت عنوان داعش ينتمون في الأعم الأغلب إلى بلدان إسلاميّة، وبعضهم مُسلِمون ليسوا من الدول الإسلامية، بل من عالم أوروبا، وأميركا، ودول أخرى.
هذا الكلام قلناه منذ مُؤتمَر نيويورك في الشهر التاسع من العام الماضي 2014 من على منبرهم، وكلُّ الوزراء، ورؤساء الوزراء، ورؤساء الجمهوريّات، والمُلوك تحدَّثوا في الأمم المُتحِدة، وشجبوا الإرهاب شجباً واضحاً وصريحاً بأنه لا يمتُّ إلى الإسلام بصلة، ولا يقفون مع الإرهاب بأيِّ إسناد، وأعربوا أنهم لن يتركوا العراق وحده، وأنهم يقفون معه ضدَّ داعش.
مُؤتمَر التضامُن الإسلاميّ ليس بمعزل عن هذا، بل جزء من الأمم المُتحِدة، ومع ذلك أكدتْ خطاباتهم ذلك، وكان لي خطاب هناك تحدّثنا عن شجب الإرهاب، والصفحات المُشرِقة لما يقوم به أبناء القوات المُسلـَّحة بكلِّ تشكيلاتها: الحشد الشعبيّ، والبيشمركة؛ دفاعاً عن حياض العراق، وما حققوه من انتصارات بارعة، وأوصلنا هذه الرسائل إلى إخواننا وأشقائنا في التعاون الإسلاميّ.
في خاتمة الندوة أكرِّر شكري لمعالي الأخ على زيارته.
وزير خارجيّة قطر: نحن لدينا حُرّيّة إعلام، ولا يُمكِن في حال من الأحوال أن تكون الجزيرة مُعبِّرة عن السياسة القطريّة.
السياسة القطريّة من خلال القنوات الرسميّة مع الحكومات، وليس من خلال قناة.
أمّا تدخـُّل دول الخليج في اليمن فلم يكن تدخـُّلاً في شُؤُون دولة أخرى، ولكن كان بطلب من الحكومة الشرعيّة، وبناءً على ميثاق الأمم المُتحِدة المادّة 51، ومن ثم انتقلت من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل وفقاً لقرار مجلس الأمن 2216.
قطر كانت تدعو مع أشقائها للحلِّ السياسيِّ. والحلّ السياسيّ يكون في اليمن عبر تطبيق الأطراف التي اعتدت على الشرعيّة لقرار مجلس الأمن 2216، ولكن في النهاية كلنا نؤكد على الحلِّ السياسيّ، لكنَّ الحلَّ السياسيَّ يتطلب مُقدّمات، منها: انسحاب كلِّ مَن احتلَّ المُدُن اليمنيّة قبل قرار 2216، وأعتقد أنَّ هذا العمل مشروع، ويتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما يتعلق باعتبار الحشد الشعبيّ مليشيات.
نحن نفينا هذا بضرس قاطع؛ الحشد الشعبيّ فلسفة هو كلُّ مجموعة عسكريّة، وكل جيش عنده عقيدة عسكريّة كعقيدة هم يُمثـِّلون الشعب، وليسوا مليشيات تابعة لأحد، ولا مُرتبطة بدول، وإنما يُمارسون دورهم من وحي مسؤوليّتهم عندما دهم العراق الخطر المعروف، واقتطع الموصل، وكادت تقتطع بقيّة المناطق؛ فتنهَّد أبناء شعبنا العراقيّ استجابة لنداء المرجعيّة عندما وجَّه السيِّد السيستانيّ -حفظه الله- ذاك النداء، وأن يُقاتِلوا تحت لواء القوات المُسلـَّحة العراقيّة بعيداً عن النزعات الطائفيّة، وعن كلِّ شيء؛ لذلك بلورنا هذا المفهوم، وتحدَّثنا به في أكثر من دولة من دول العالم. ولعلَّ الجواب العمليَّ هو ما حصل في الأنبار مُؤخـَّراً، وما ورد من الأنبار في اليومين، أو الثلاثة الماضية، وحصاد نشاط مجاميع الحشد الشعبيِّ التي تتميَّز بالاستبسال، والبطولة، والتضحية، وأنها لا تميِّز شيئاً إلا ما هو في صالح العراق، فتتفانى من أجله، وتواجه عدوَّ العراق بكلِّ شراسة، وشجاعة.
التعليقات (0)