استقبل الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة السيِّدة فيسنا بوسيتش وزيرة خارجيّة كرواتيا، وبحث الطرفان الأوضاع الإقليميّة، والدوليّة، والتطوُّرات الميدانيّة في عدد من الدول، كما بحثا الأوضاع في العراق، وما يشهده على الصعيد السياسيّ من تقدُّم على مُستوى العمل الحكوميِّ، والبرلمانيّ، وما حقــَّقته القوات المُسلـَّحة، وقوات الحشد الشعبيّ من انتصارات عسكريّة على عصابات داعش الإرهابيّة.
الجعفريّ عبّر عن حرص العراق على استتباب الأمن في عُمُوم المنطقة والعالم، كاشفاً أنَّ العراق يخوض حرباً ضدَّ عصابات إرهابيّة قدِمت عناصرها من أكثر من 62 دولة؛ ممّا يعني أنَّ الحرب وإن كانت تدور رحاها على الأرض العراقيّة إلا أنها حرب على إرهاب مُعولـَم، داعياً دول العالم إلى أن تمدَّ يد المُساعَدة إلى العراق لدحر الإرهاب.
مُثمِّناً مواقف كرواتيا الإيجابيّة في دعم العراق على الصعيدين الأمنيِّ، والإنسانيّ.
وعقب اللقاء أدلى الوزيران بتصريحات لوسائل الإعلام إليكم نصَّها:
المُؤتمَر الصحافيّ للدكتور إبراهيم الجعفريّ ووزيرة خارجيّة كرواتيا فيسنا بوسيتش
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم
في مُستهَلِّ الحديث نـُرحِّب بالسيِّدة فيسنا بوسيتش وزيرة خارجيّة كرواتيا هنا في بغداد، ونتطلع إلى أن تكون هذه الزيارة خطوة تقدُّم في العلاقات العراقيّة-الكرواتيّة، ونأمل أن تشهد تقدُّماً ملموساً في المجالات المُهمّة.
تحدَّثنا عن مجال الإسناد الأمنيِّ، والعسكريِّ، وفي مجال الاقتصاد، وفي مجال التنمية، والتعاون السياسيّ ليس فقط على مسرح الدولتين، بل على المسرح الإقليميِّ، والمسرح الدوليّ.
تنتظر العلاقات العراقيّة-الكرواتيّة خطوات مُهمّة يُمكِن التعاون على تحقيقها في سبيل ترسيخ، وتجذير العلاقات المُشترَكة بيننا وبين كرواتيا؛ للإفادة من تجربة كرواتيا في التغلـُّب على المشاكل التي مرَّت في تاريخها، كما أنَّ كرواتيا تـُزمِع عقد مُؤتمَر قريب في تموز، وسوف تكون هناك مُشارَكة عراقيّة، ونتمنى أن تكون مُشارَكة فاعلة.
الإرهاب اليوم يُشكـِّل تحدّياً أمنيّاً بارزاً على المسرح الدوليِّ عُمُوماً، وبكلِّ تأكيد العلاقات بيننا وبين أصدقائنا من بقيّة الدول بما فيها كرواتيا ستـُستثمَر في هذا المجال خـُصُوصاً أنَّ خطر الإرهاب يقرع طبوله في كلِّ العالم من دون استثناء.
مجالات الاستثمار مفتوحة لكلِّ الشركات بما فيها الشركات الكرواتيّة، ولاسيَّما أنَّ كرواتيا وقفت موقفاً إيجابيّاً على الصعيدين الأمنيِّ، والإنسانيّ. فنـُرحِّب بالسيِّدة فيسنا على هذه الزيارة، ونتمنى لها المُوفـَّقيّة.
وزيرة خارجيّة كرواتيا: شكراً جزيلاً معالي الوزير الدكتور إبراهيم الجعفريّ. إنـَّه لشرف كبير أن نكون اليوم في بغداد، وأن نـُساعِد في تطوير العلاقات بين البلدين.
إنَّ لبلدينا تاريخاً طويلاً من التعاون، واهتماماً عالي المُستوى ليس فقط على مُستوى الشركات، بل على مُستوى التعاون في المجالات التي ذكرها معالي الوزير التي تشمل الأمن والدفاع. وبعد أن أصبحت كرواتيا عضواً كامل العضويّة في الاتحاد الأوروبيّ قبل سنتين يُمكِننا أن نلعب دوراً في التعاون بين العراق والاتحاد الأوروبيّ من خلال أعيننا، أو من خلالنا -إذا صحَّ التعبير-.
لقد مرَّت كرواتيا بظروف الحرب، وخاضت حرباً قبل عشرين عاماً؛ حفاظاً، ودفاعاً عن أراضيها. نفهم بشكل كبير شُعُوركم عندما تـُقاتِلون دفاعاً عن أراضيكم، أو دفاعاً عن سلامة أراضيكم، ونحن مُستعِدّون لأن نـُقدِّم الدعم للعراق في مجال الدفاع، وفي مجال الأمن، وقدَّمنا العديد من التبرُّعات؛ لكي يتمكَّن العراق من الدفاع عن أرضه، وسيادته. وبلا تكبُّر نحن نرى ما يحدث في العراق اليوم يُمكِن أن يحدث في أيِّ جزءٍ من العالم، ونـُؤمِن بأنَّ أوروبا وغيرها ليست حصينة من هذا التهديد، ومن هذا القتال يُمكِن أن ينتشر في أيِّ مكان في العالم؛ لذا نرى قتالكم هذا ليس فقط دفاعاً عن الأراضي العراقيّة، بل دفاعاً عن العالم ضدّ شكل جديد من الإرهاب.
إنَّ تعاوننا اليوم ليس فقط للدفاع عن الاستقرار، ومُحارَبة الفقر، بل نتعاون في مجالات الاقتصاد، وتوفير حياة كريمة للعراقيِّين.
ناقشتُ مع معالي الوزير التعاون في مجال الهندسة الكهربائيّة، والهندسة المَدَنيّة، وهندسة الطاقة، والإعمار، وتكنولوجيا المعلومات، وتعليب وتحويل الموادِّ الغذائيّة، وأودُّ أن أعلمكم أنَّ هناك 35 شركة كرواتيّة أعربت عن رغبتها في الاستثمار في العراق.
أنا أؤمن أنَّ العراق وكرواتيا يُمكِن أن يكون بينهما شراكات كبيرة في مشاريع في كلا البلدين، وكذلك في المنطقة، ونأمل أن أتمكَّن من إقناع معالي الوزير الدكتور الجعفريِّ بالمُشارَكة في مُنتدى كرواتيا الذي سيُعقـَد قريباً في شهر تموز المقبل.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نرقب ما انعكس في الإعلام من كثب عن كلُّ شيء يتعلق بالعراق خُصُوصاً إذا كانت هناك مُؤشِّرات لمسِّ السيادة، والوحدة الوطنيّة، والتعامُل مع مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، لكننا في الوقت الذي نرقب ذلك، ونـُحدِّد المواقف المُناسِبة في الوقت المُناسِب لا نـُستدرَج بالتسرُّع قبل أن تكون الصورة واضحة، ومُحدَّدة؛ لذا وزارة الخارجية ترقب ذلك جيِّداً، وستتحرَّك بعد أن تتثبَّت من حقيقة الموقف الذي نـُسِبَ إلى الولايات المُتحِدة الأميركيّة.
وزيرة خارجيّة كرواتيا: نعم.. اتخذت الحكومة الكرواتيّة قراراً بتوفير فرص تدريب للجيش العراقيِّ، وقد أبلغنا ذلك للحكومة العراقيّة، والسلطات العراقيّة، ونحن نتعاون في هذا المجال؛ لنقل خبرات التدريب، ونقل المعرفة في المجال العسكريّ.
وزيرة خارجيّة كرواتيا: إنَّ كرواتيا جزء من التحالف الدوليِّ لمُحارَبة الإرهاب، ولا نقوم بتمويل، أو تجهيز أسلحة لأيِّ طرف من أطراف الصراع.
الأسلحة المُنتشِرة في هذه المنطقة تأتي من مصادر مُتنوِّعة، ونحن دقيقون، وحريصون جدّاً عندما نـُقدِّم مُساعَدات عسكريّة. المُساعَدات تنحصر بالجيش العراقيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا نحتاج إلى مزيد من الجهد حتى نصل إلى هذه النتيجة. إنَّ الإرهاب اليوم يُهدِّد كلَّ دول العالم.
الأفراد، والجُنـُود المُجنـَّدة تحت لواء داعش، والإرهاب بصورة عامّة تضمُّ عدداً كبيراً من دول العالم زادت عن 62 دولة. الدول الضحايا -أيضاً- تستطيع أن تعطينا بصمة ثانية لهُويّة الإرهاب أنها لم تستثنِ بلداً، نعم.. بدأ في سورية، وعبر إلى العراق، ومارَسَ عملاً إرهابيّاً في فرنسا، وفي أستراليا، وفي كندا، وهدَّد السعودية، والكثير من بلدان العالم؛ هذا يعني أننا نـُواجه إرهاباً مُعولـَماً.
ما ذكرته السيِّدة الوزيرة فيسنا كان يُعبِّر عن حقيقة، وهذا يُفرِحنا أنَّ دول العالم بدأت تعي هذه الحقيقة، ولا تقف عند حُدُود الوعي إنما تتحرَّك للدعم الأمنيِّ، والدعم الخدميِّ، والإنسانيِّ، والدعم السياسيِّ؛ وهذا هو ما دار في الحديث قبل أن نأتي إلى المُؤتمَر الصحفيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: صحيح أنَّ المملكة العربيّة السعوديّة انتقلت الآن من الملك الراحل إلى الملك الحالي خادم الحرمين سلمان، لكني أعتقد أنَّ فتح السفارة انعكاس عن العلاقة الاستراتيجيّة بين العراق وبين المملكة العربيّة السعوديّة. عملنا عليها منذ زمن، وأكَّدنا في أكثر من مُناسَبة على مُستوى الوزراء، ثم ارتقى إلى الحوار مع خادم الحرمين الملك عبد الله قبل وفاته رُبّما بشهر يزيد، أو ينقص بعض الأيام أكَّد ذلك قبل بضعة أيام وأنا في الخارج في أداء مَهمّة دبلوماسيّة وصلني ترشيح المملكة العربيّة السعوديّة أحد الشخصيّات أن يكون سفيراً للمملكة العربيّة السعوديّة في بغداد، ونحن في طور الردِّ على هذا المُقترَح، وأتمنى أن يكون الردُّ إيجابيّاً.
أنا أعتقد أنَّ هذا من الاستراتيجيّات الثابتة، ونحن مُصِرّون على فتح العلاقات مع كلِّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيّة، وبالأخصّ الدول المُجاورة للعراق.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أيّ دولة من الدول تفتح ذراعها، وتـُريد أن تـُقدِّم مُساعَدة إلى العراق نستقبلها برحابة صدر، وبكلِّ مَحبّة، ونـُشجِّع الدول الأخرى أن تحذو حذوها، ولكن لم تصل المُساعَدات إلى مُستوى الكفاية خُصُوصاً أنَّ الحاجة مُتزايدة باعتبار العدد الكبير جدّاً، والظروف شاذة، واستثنائيّة. نأمل من هذه الدول أن تزيد من مُساعَداتها، كما أوجِّه رسالة إلى الدول الأخرى أن تشترك إلى جانب شقيقاتها خُصُوصاً في الاتحاد الأوروبيِّ الذي تربطنا معهم مصالح، وعلاقات جيِّدة، وأن تُشمِّر عن ساعد الجدّ، وتـُساهِم في هذا.
ما يمرُّ به العراق اليوم هو اختبار دوليّ -كما تفضّلت السيِّدة فيسنا- وليس العراق فقط فبالأمس في سورية، واليوم في العراق، وغداً في أيِّ دولة من دول العالم. يجب أن يُسجِّل العالم اليوم، والاتحاد الأوروبيّ بصورة خاصّة موقفاً تاريخيّاً بأنه عندما يدخل الإرهاب في كلِّ بلد لم يجد فقط أبناء البلد يُدافِعون عنه، وإنما سيجد الأسرة الدوليّة كلها تقف إلى جانب البلد المنكوب أمنيّاً، واقتصاديّاً، وتنمويّاً.
هذه رسالة بدأ العالم الآن العالم يُحِسُّ بقيمتها، وبدأ يتحرّك باتجاهها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتعامل مع القرار الذي خرج، وأدَّعي أنه قرار من الكونغرس كما أنـَّه بغضِّ النظر عن التحليل هل هو بالون اختبار، أم هو حقيقة نحن نتعامل بشكل طبيعيٍّ بالشيء الذي خرج.
أعتقد أنَّ العراق غير مُهيَّأ، ولا يتقبَّل مثل هذا التقسيم، وهذه القراءة غير مبنيّة على صفقات سياسيّة لهذه الجهة، أو تلك الجهة، أو هذا الشخص، أو ذاك، بل مبنيّة على قراءتنا بأنَّ الشعب العراقيَّ مُتعدِّد المُكوِّنات، ومُتعدِّد المُجتمَعيّات: المُجتمَعيّة العربيّة، والمُجتمَعيّة الكرديّة، والمُجتمَعيّة التركمانيّة، والمُجتمَعيّة السُنـّيّة، والشيعيّة، والمسيحيّة. كلُّ هذه المُجتمَعات تشعر أنَّ عزَّها، وكرامتها تتوقــَّف على وحدة العرق؛ لذا يشتبه مَن يظنُّ أن يدخل في صفقة من هذا القبيل، وسيبقى صوت العراق المُوحَّد بكلِّ مُجتمَعيّاته هو الغالب.
أنا أعتقد أنَّ هذا درس يجب أن يُستوعَب. وما حصل في البرلمان ظاهرة طبيعيّة في كلِّ برلمانات العالم. مرّة تتفق، وأخرى تختلف، وأحياناً يغلب هذا الصوت، وأحياناً صوت آخر، لكنَّ الرهان الحقيقيَّ على الشعب العراقيِّ الذي بقي مُوحَّداً رغم كلِّ التحدِّيات، وسيُواصِل -إن شاء الله- توحُّده في المُستقبَل.
وزيرة خارجية كرواتيا: لقد جئنا بحُزمة كاملة من الاتفاقيّات الثنائيّة بين البلدين؛ لتوقيع التعاون الاقتصاديّ، وتشجيع الاستثمار، وإلغاء الازدواج الضريبيِّ، وجزء من هذا يُمكِن أن يشمل إعفاء العراقيِّين من منح السمة لقسم مُعيَّن منهم يشمل الجوازات الدبلوماسيّة، والجوازات الخاصّة.
إلغاء السمات بين كرواتيا ودول أخرى جزء من سياسة الاتحاد الأوروبيّ، ويجب أن يتمَّ ذلك التفاوض بين العراق والاتحاد الأوروبيّ، وهو أمر أعتقد أنه غير مُتاح حاليّاً؛ بسبب ظروف الحرب في العراق.
التعليقات (0)