استقبل الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة موري ماكولي وزير خارجيّة نيوزلندا، وبحث الطرفان العلاقات بين البلدين، وسُبُل النهوض بها، والتطوُّرات السياسيّة بالمنطقة، وأكـَّد الجعفريّ حرص العراق على تمتين العلاقات مع نيوزلندا، وتبادُل المصالح خدمة للشعبين الصديقين، مُشيداً بموقف نيوزلندا الداعم للعراق في حربه ضدَّ عصابات داعش الإرهابيّة.
من جانبه وزير خارجيّة نيوزلندا السيِّد موري ماكولي أعرب عن موقف بلاده الداعم للعراق، مُبدياً استعداد بلاده لإرسال مُدرِّبين إلى العراق لرفع قدرات القوات المُسلَّحة العراقيّة، تتلوها مراحل أخرى تشمل التسليح وغيره .
وعلى هامش اللقاء أدلى الطرفان بتصريحات صحفيّة إليكم نصَّها:
المُؤتمر الصحفيّ للدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة موري ماكولي وزير خارجيّة نيوزلندا
23/3/2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم
يُسعِدني كثيراً أن أستقبل اليوم السيِّد موري ماكولي وزير خارجيّة نيوزلندا في سفرة سريعة إلى بغداد، وكنتُ قد وجَّهتُ إليه الدعوة أثناء وجودي في أوكلنت عندما زُرتُ نيوزلندا.
تربطنا بنيوزلندا علاقة قديمة، وكانت قد اختارت بغداد من الشرق الأوسط عام 1975، ونحن حريصون أشدَّ الحرص على أقوى العلاقات مع نيوزلندا؛ لاعتبارات مُتعدِّدة، منها: طبيعة المواقف السياسيّة لنيوزلندا، وكونها دولة مُحايدة، وتميل إلى الموقف الوسط، والابتعاد عن بُؤرَة التوتـُّر، ومن جانب آخر مُجتمَع نيوزلندا مُجتمَع يحترم حُقوق الإنسان، ويحترم حُقوق المرأة، ويُكافِح الأمّيّة، ويمنح الحُرّيّة للمُواطِنين، وينتشر فيها التعليم العالي، والثقافة؛ لذا نعتبر هكذا دول التي تـُعطي حقوق الإنسان القِيمة المطلوبة تنسجم مع قِيَمنا ومبادئنا؛ فتدفعنا أكثر فأكثر لإبرام أقوى العلاقات معها.
عُرِفت نيوزلندا بتصديراتها الاقتصاديّة من اللحوم، والألبان، وكذلك العراق يُصدِّر لها النفط الخام؛ لذا هناك مصالح اقتصاديّة، وتبادُل تجاريّ مُشترَك، كما نشكر نيوزلندا على مُبادَرتها فتح سفارة لها في بغداد.
وإذا جئنا على مُفرَدة خطر المُشترَك في العالم، وهو الإرهاب نجد موقف نيوزلندا داعماً لاستقرار الوضع الأمنيِّ في العراق، ونحن نـُرحِّب بهذه الاستجابة بأن يقفوا إلى جانب العراق في المُنتدَيات الدوليّة، ويدعموا العراق مع الحرص على حفظ سيادته .
وزير خارجيّة نيوزلندا: شكراً معالي الوزير لترحيبكم الحارِّ بنا، وأشكر تعليقاتكم الكريمة حول دور نيوزلندا في المحافل الدوليّة، وحرصها على نشر الديمقراطيّة، وحقوق الإنسان في داخل نيوزلندا وخارجها.
لقد أسعدنا اللقاء معالي الوزير في نيوزلندا في أوكلاند، وقد مكَّنتنا هذه الزيارة من بحث مُستقبَل فرص التجارة المُتبادَلة بين البلدين، والتركيز على سُبُل دعم العراق وهو يُواجـِه خطر الإرهاب الدائم، وما يُمثـِّله من تهديد للعراق.
لقد راقبَ الشعب النيوزلنديّ من كثب على قنوات التلفاز، والإنترنت الوحشيّة التي أظهرها الإرهابيّون تجاه الشعب العراقيِّ، ولأنّنا نتناول التهديد الإرهابيَّ نرى خطر هذه التحدِّيات، وما قاموا به من تجنيد للمُغرَّر بهم من كلِّ الدول للانخراط معهم.
معالي الوزير.. خلال زيارتكم لنا ذكرتم أهمّيّة الدعم الدوليِّ للعراق؛ وبناءً عليه اتخذنا قراراً من حيث المبدأ بالمُساهَمة في تدريب القوات العراقيّة، وبناء قدراتها، وتوفير فرص التدريب. وهذه الزيارة تأتي لوضع الترتيبات اللازمة لكلا البلدين؛ لتحقيق ذلك، مع توفير الحماية المُناسِبة للمُدرِّبين بما يُلائِم، ويضمن سيادة العراق. إنَّ قراراتنا الأخيرة بدعم العراق جاءت استناداً إلى التزام الحكومة العراقيّة بتشكيل حكومة وطنيّة شاملة تشمل جميع المُكوِّنات، وإصرار الحكومة العراقيّة على تحقيق المُصالَحة الوطنيّة مع جميع مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، ولدعم قراراتنا الأخيرة أبلغتُ معالي الوزير قرار الحكومة النيوزلنديّة إقامة سفارة صغيرة لنيوزلندا في بغداد؛ لتسهيل أمُور التدريب.
أشكر مرّة أخرى معالي الوزير لما قدَّمه، وأشكر كذلك كلمات السيِّد رئيس الوزراء، ونحن سنـُعِدُّ معاً الترتيبات اللازمة؛ لكي تتمكّن الفرق النيوزلنديّة من القدوم، وتوفير فرص التدريب للجيش العراقيّ.
- السؤال إلى معالي وزير الخارجيّة الدكتور الجعفريّ: أكَّدتم في أكثر من مُناسَبة خلال زيارتكم للسعوديّة أنَّ الرياض وعدتكم بافتتاح سفارة لها في بغداد. هل هناك عراقيل اليوم تـُواجـِه افتتاح السفارة، أم إنَّ السعوديّة غيَّرت رأيها؟
وزير خارجيّة نيوزلندا: إنَّ الهدف من هذه الزيارة اليوم؛ هو التوسُّع في النقاشات التي ابتدأت عند زيارة معالي الوزير إلى أوكلاند، وتأتي للتركيز على إعداد حُزمة من الترتيبات المُناسِبة التي تضمن حماية العناصر النيوزلنديِّين عندما يقومون بتوفير خدمات التدريب بشكل كامل بما يضمن سيادة العراق.
إنَّ قرار الحكومة النيوزلنديّة يستند على أن نـُعيد إلى الحكومة النيوزلنديّة التفاصيل، وقرار الحكومة العراقيّة في هذا الشأن، وأؤكـِّد لك أنَّ النقاشات كانت بنـَّاءة جدّاً في هذا المضمار.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما يتعلـَّق بالسفارة السعوديّة في بغداد فقد شرعنا منذ اليوم الثاني بعد تسنـُّم موقع وزارة الخارجيّة في أوَّل لقاء في جدّة مع السيِّد سعود الفيصل، وفتح موضوع جدّيّة قرارهم في فتح السفارة ببغداد، وتوالت عمليّة التأكيد في سلسلة اللقاءات التي حصلت بعد جدّة، ومنها: باريس، ونيويورك، ومرّة أخرى في لندن، وكلّما كنا نتكلّم كان يُؤكِّد ذلك، أخيراً جاءت على لسان الملك الراحل قبل وفاته بأقلَّ من شهر وكنا في زيارة أيضاً للسعوديّة، وأكـَّد بجدّيّة قرار السعوديّة بفتح السفارة السعوديّة في بغداد، ومن جانبنا هيَّأنا التعاون بيننا وبين السعوديّة للبناية المُناسِبة، وقد أرسلت الخارجيّة السعوديّة وفداً باستكشاف المكان، ووافقت عليه، وهي تتولى الآن عمليّة تأثيث المكان، وتهيئته لمُباشَرة سفارة السعوديّة في بغداد .
وزير خارجيّة نيوزلندا: إنَّ قرار توفير الحكومة النيوزلنديّة مُدرِّبين؛ لبناء القدرات جاءت استجابة لطلب العراق، والمُجتمَع الدوليّ، ونحن اتخذنا هذا القرار؛ استجابة لهذا الطلب، ونحن مُلتزِمون به، وسنتجاوز ذلك؛ ليشمل مراحل أخرى، منها: التسليح، وغيره .
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لسنا بصدد تشكيل تحالفات، أو تقاطعات محوريّة دوليّة إنما نحن بصدد تحشيد الصفِّ الدوليِّ بصورة عامّة؛ لخطر داهم يُهدِّد المنطقة كلـَّها؛ لذا نمدُّ يدنا، ونـُصافِح كلَّ الأيادي التي تتحرَّك باتجاه دعم العراق، ودعم الدول المنكوبة من داعش سواء كانت مُتحورة في التحالف الذي تشكّل في نيويورك، أم خارج التحالف كالصين، ونيوزلندا، وروسيا.
لسنا بصدد تشكيل تحالفات، وسياستنا مُستقِلّة من الناحية الأمنيّة، وكذلك من الناحية السياسيّة، وعندما نقتنع بخطوة لا ننتظر إجازة من أحد، القرار السياديُّ العراقيُّ تصنعه الحكومة وفق الدستور .
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: طبيعة الوفد الذي تشكّل معي في زيارتي إلى موسكو شمل أكثر من وزارة، منها منها ذات طابع تجاريّ، واقتصاديّ، وسياسيّ، وأمّا الجانب الأمنيُّ فقد أوكلتُ مَهمَّة إدارة ملفِّ الاتفاق الأمنيِّ إلى الاتفاقيّات السابقة، وقد سبق أن شكّلتُ لجنة، وتتواصل هذه اللجنة بمُستويات جيِّدة سواء كانت دفاعاً، أم الأمن الوطنيّ.
هذه اللجنة تتولّى عمليّة إدارة الحوار. بالنسبة إلينا ناقشنا موضوعات مُتعدِّدة، وهناك أكثر 40 مُذكّرة تفاهُم واتفاقيّة منذ عام 1972 بين العراق وروسيا -للأسف الشديد- كانت مُعطـَّلة، ونعمل، ونحرص على تحريك هذه الملفات، ونجد ضرورة تعميق العلاقة بيننا وبين روسيا .
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحشد الشعبيّ تأسَّس؛ تلبية لنداء مرجعيّة دينيّة، وغطاء دينيٍّ، واستنهاضاً لإرادة مُجتمَعيّة عراقيّة وطنيّة بعد أن تعرَّض مدينة الموصل لانهيار في حالة استثنائيّة، فالجميع كان يُوجِّه الحشد الشعبيَّ أن يتجه لحماية العراق من دون أن يُفرِّق بين طائفة أو طائفة، أو بين دين ودين، أو بين قوميّة وقوميّة، أو بين اتجاه سياسيٍّ واتجاه سياسيٍّ آخر، وجاء مُتنهِّداً لنداءات واضحة وصريحة، وحتى في بُنيته الاجتماعيّة يستبسل، ويُقاتِل بشكل يُثير الإعجاب، ولكن مثلما يُوجَد خُرُوقات أمنيّة في القوات المُسلّحة سابقاً رُبَّما تكون هناك خروقات إعلاميّة مُغرِضة تحاول أن تـُشوِّه هذه الصورة، وتـُضفي عليها طابعاً مُجانِباً للحقيقة.
نحن لا نزعم أنه لا تـُوجَد مُفارَقة استثنائيّة هنا وهناك لكنَّ الحركة الإجماليّة العامّة، والجيِّدة، والصحّيّة لا يُنكِرها أحد.
البطولات التي يصنعها لا يُنكِرها أحد؛ وبدورنا -كوزارة خارجيّة- نفرد في كلِّ محفل من المحافل أكثر من مُفرَدة؛ لتجلية الوجه المُشرِق لعُمُوم أبناء قواتنا المُسلّحة بكلِّ مُكوِّناتها وندفع غائلة هذه الشبهة المُغرِضة والظالمة.
إنَّ أبناء الحشد الشعبيّ يذودون، ويُدافِعون عن العراق، ولا يُفرِّقون بين أبناء الطوائف المُختلِفة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نعيش عصر الإمبراطوريّات الإعلاميّة، وكثير منها قد تـُجانِب الحقيقة عن قصد أو غير قصد، ولكننا لا نستطيع أن نـُخرِس فضائيّة مُعيَّنة، لكننا نستطيع أن نتبارى معها، ونصدح بصوت الحقيقة في تحليلاتنا، وتصريحاتنا، وأقوالنا، وما ننقله من مَشاهد مُطابقة للواقع؛ هذا هو الذي يُكسِبنا الانتصار في الجولة النهائيّة وإن طال الأمد.
نحن نتحدَّث بكلِّ صراحة وعندما نخسر في موقع ما نقول بصراحة خسرنا، وعندما نربح نقول ربحنا، ولا نحتاج لأن نفتري كما يفتري الآخرون من بعض الإعلاميِّين.
أنا أجد تحوُّلاً، وتفهُّماً جيِّداً لما يحصل في العراق لدى كثير من دول العالم التي زُرتها من خلال لقائي بالإدارات السياسيّة على أعلى المُستويات؛ هذا ما انعكس عليَّ في الكثير من وزراء الخارجيّة الذين التقيتهم هذا الأسبوع أو الأسبوع الذي قبله من مُختلِف دول العالم. كان تفهُّمهم مُمتازاً خُصُوصاً أنَّ داعش لا تحتاج إلى كثير من العناية ليفهمها العالم؛ لأنَّ مشاهد الذبح، والحرق للأبرياء وهم أحياء لا تحتاج إلى تجشُّم عناء البحث لمعرفة مَن هم.
إنـَّهم يدَّعون أنَّ القضيّة في الداخل حرب طائفيّة -والمحافظات المنكوبة هي كلّها من إخواننا السُنّة: (الموصل، والأنبار، وصلاح الدين)- وأنَّ القضيّة صُبَّت على أبناء الديانات المُختلِفة وكأنَّ الحكومة هي التي قامت بذلك.
الحكومة تـُدافِع عن أبناء العراق في سنجار من الإيزيديّة والقضيّة واضحة جدّاً، وفي الأمس القريب تعرَّضت كنيسة النجاة لحادث إرهابيٍّ، وغيرها.
أعتقد أنَّ لدينا قضيّة عادلة، وسيكون لدينا مُحامٍ ناجح -إن شاء الله- يُعرِّف بحقيقة ما يجري في العراق، ونحن نفتح أبواب العراق لكلِّ الإخوة الوافدين؛ حتى يروا بأعيُنهم ما يحصل في العراق، وأحد أهداف زياراتنا إلى هذه الدول هو التعريف بحقيقة ما يجري في العراق، وبَدْء صفحة جديدة؛ لذلك كانت زيارتنا إلى نيوزلندا بعد أستراليا، وزُرنا السيِّد وزير الخارجيّة، ووجّه دعوة موري ماكولي، وزُرنا كذلك السيِّد بيجون، وأملنا الاستمرار بهذه الزيارات؛ لتجلية الوجه المُشرِق عن حقيقة ما يجري في العراق، والاختراق الظالم لسيادة العراق، والشعب.
وزير خارجيّة نيوزلندا: أودُّ أن أؤكِّد مرّة أخرى أنَّ قرار الحكومة النيوزلنديّة؛ جاء تأسيساً على التزام الحكومة العراقيّة بتشكيل حكومة كاملة، وأن يبدأ بمراحل المُصالَحة الوطنيّة؛ ولكي يتمتع جميع العراقيِّين بغضِّ النظر عن خلفيّاتهم بمُستقبَل واعد.
إنَّ هذه هي الأسس التي بناءً عليها قرَّرنا تقديم الدعم، والإسناد للعراق.
التعليقات (0)