وأخيرا نجح مرشح الإسلاميين فى انتخابات الرئاسة المصرية , لا أتحدث عن الشخص ولكن عن الفكر الذى سوف ينتزع مصر من خارطة الحضارة الإنسانية بل ومن أحضان تراثها الممتد لآلاف السنين , الأهم من الذى حدث هو طرح سؤال كيف حدث ؟ ذلك أننى وقبل ظهور نتيجة الانتخابات بيومين كنت مع مجموعة من الناس , أجمع ثلاثة منهم على أن أحمد شفيق هو الذى سيحصل على منصب الرئيس بسبب تدخل المجلس العسكرى , وكان ردى عليهم أن مرسى هو الذى سيفوز بالمنصب لأن المجلس العسكرى أثبت أنه لا يملك الشجاعة لتى تؤهله للتدخل فى النتيجة , فضلا عن افتقاره لصدق الرؤية وحكمة القرار ,والأهم من ذلك كثافة الدعاية الإخوانية واستخدامها الدين فى مفردات إعلامها , وترويع الآخرين المخالفين لنهجها . والمتتبع للأحداث لا بد أن يدرك حالة الرعب التى سادت المجتمع المصرى قبيل ظهور النتيجة خوفا وإشفاقا مما يمكن أن يحدث فى حالة فوز أحمد شفيق , ومن الغريب أن يسمح حكم مفروض أنه حكم عسكرى يسمح بتجمع مئات الآلاف من الجماهير المحتقنة فى ميادين مصر تحت شعار حرية التظاهر السلمى أية حرية لشعب لم تنضج ممارسته للحرية , شعب عاش عاما ونصف تحت ظل الفوضى , شعب انطلق وسطه المتنادون بالجهاد وتصفية الحسابات فور خروجهم من معتقلاتهم ؟ . من هنا فقد كان واضحا أنه فى حالة فوز أحمد شفيق فإن هذا التظاهر السلمى كان سيتحول إلى تظاهر تدميرى , وكانت هذه الجماهير الهادرة سوف تستجيب إلى ما أوعز به مرسى وبعض قادة تيار الإخوان من أنه فى حالة عدم فوزهم فسوف تحدث ثورة لن تكون سلمية , كيف يمكن أن يحدث فرز أصوات وإعلان نتيجتها تحت ضغط هذه الحالة البالغة الخطر ؟ وأية ديموقراطية تلك التى يمكن أن تتسبب فى أنهار الدماء وخراب وطن ؟ . لقد كان من الممكن للمجلس العسكرى أن يجمع قادة حملة المرشحين , وقادة كل الأحزاب , وطلب عدم التظاهر مؤقتا لحين إعلان نتيجة الانتخابات حرصا على سلامة الوطن , وأنه لن يسمح بإعلان النتيجة تحت هذا التهديد المريع . من هنا فأنا أعتقد أن هذا الأمر كان أمام لجنة الانتخابات وهى تراجع الطعون التى تقدم بها أحمد شفيق , وأظن أنه حدثت بعض المواءمات كما نشرت بعض الصحف . وأنا كمواطن انتخب أحمد شفيق من منطلق أن بعض الشر أهون من بعض , مع ذلك فقد تمنيت عدم نجاحه وأنا أرى الوطن كله مهددا بالخطر . ونجح مرشح الإخوان , ولكن تبقى العبرة وهى أن الخوف من الممكن أن يحول الدفة لصالح من يملك أسلحة التخويف , وهى أسلحة أثبت الإسلاميون أنهم يجيدون استخدامها , لقد وعوا الدرس جيدا , وها هى حشودهم لا تزال فى ميدان التحرير تحاول القفز على حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب الفضيحة مستعملين سلاح التخويف والترويع , . ورغم أن فارق الأصوات بين المرشحين ضئيل فقد لاحظت أن الكثيرين من مؤيدى أحمد شفيق لم يكونوا يصرحون بذلك خوفا من النبذ والتهديد المعنوى والاتهامات السابقة التعليب . أية ديموقراطية تلك التى تقوم على ترويع المخالفين , بل ونبذهم واتهامهم فى أخلاقهم ودينهم ؟ ! إن ما حدث له دلالة خطيرة وهى أننا ندعى الإقبال على عصر الديموقراطية وحرية اختيار الحاكم ولكنها ديموقراطية الخائفين لا ديموقراطية الأحرار
التعليقات (0)