الحكومة الاردنية على طريق الرحيل عبر البرلمان
د.محمد احمد جميعان
الغزل والتصريحات المحمومة هو منهج الحكومة للخروج من الازمة واطالة امدها شهورا قادمة، وهو ما اوقع الحكومة في دوامة المصداقية وتاجيج الحراك عليها، لاسيما انه اقترن بتشكيلة من الاقارب والاصدقاء وآخرين ممن لا يعرفهم الرئيس نفسه، حيث لم تلقى قبولا على كافة الاصعدة في سابقة جعل منها الحكومة التي بدات دون رصيد شعبي، وان اطالة امدها هو على حساب الرصيد الشعبي للنظام، سيما اننا في اجوا حراكات شعبية متاججة ومتصاعدة محلية واقليمية واخرى دولية مؤيدة وداعمة، احسب ان اختيار حكومة شعبية للانقاذ وتقديم الاصلاح ومحاربة الفساد هو الواقع الذي يمكن ان يكون مقبولا .
غزل متواصل سري وآخر مفضوح بين الحكومة والجبهة الوطنية للاصلاح بقيادة ( المعارض ) دولة احمد عبيدات وصل حد اقامة المآدب والمناسف التي هي اداة اساسية لنجاح نوابنا في الانتخابات،ولعل لقاء بعض من تيار 36 مع عبيدات في قرية النخيل مؤخرا وما جرى بينهما كان فرصة لنعلم ان صاحب الدولة رئيس الحكومة يتزاور مع صاحب الدولة المعارض في بيته بعيدا عن الاعلام؟! واصبح الحديث معه لماذا اختزل الرئيس كل الحراك الشعبي بامتداده ونشطائه ورجاله بشخص احمد عبيدات فقط ؟! وهل اصبح الاخير مرجعية للرئيس؟!
وغزل آخر ايضا بمستويات ومناسيب وشائعات عجز عتاة السياسة تفسيرها بين الحكومة وحركة حماس وصل حدا مماثل ( والله اعلم بالقلوب)، مع فارق يمكن تسجيله ان عضوا مؤسسا في الجبهة ( التي تطالب بالاصلاح ) التحق وزيرا في الحكومة بعد ان ظهر على فضائية الجزيرة متابطا ذراع عبيدات في المسيرة اليتيمة له في وسط البلد؟!
في حين ان الغزل الثاني ما زال يراوح مكانة عند تصريحات ( دولته ) التي ( طخ ) فيها على الدولة معتبرا ان قرار ابعاد حماس خطأ سياسي ودستوريا رغم ان ( دولته ) كان من المطبخ السياسي لصناعة القرار؟! واي سياسي حتى لو كان هاو في السياسة سيرد عليه بالقول ولماذا لا تصلح الخطأ يا دولة الرئيس؟! بل وعند العارفين في بواطن السياسة سيقولوا صراحة؛ وعند عودتك رئيسا للحكومة كان بامكانك اعادة فتح مكاتب حماس في الاردن بقرار من حكومتك ( صاحبة الولاية) دون ضجيج ودون تصريحات ما دمت على قناعة بما ادليت به؟! سيما ان مثل هكذا قرار يحظى بشعبية عالية باعتبار ان حماس هي القائد والممثل الحقيقي ( وليس المعين ) للشعب الفسطيني، وهي التي تقف معنا في مواجهة التوطين والوطن البديل ، وليس من يتجول محموما للبحث عن قصور واستثمارت واستقبالات من رام الله واليها؟!
حجم التصريحات الحكومية الكبير غير مسبوق وسقوفها المرتفعة وغير المالوفة وتناقضها احيانا تذكرنا بالمثل الصيني وربما هو هندي لا اعلم يقول ارتفاع صوت المطحنة وهديرها يعني اما؛ انها خلت من الدقيق (فارغة) او انها لم تعد قادرة على طحن الدقيق( خربانه) اوان صاحب المطحنة اراد بذلك الهدير التغطية على عراك داخل مطحنته او بينه وبين زبائنه على نوعية الطحين ( من اجل اسكاتهم قبل ان يفزع الاخرين )؟!
لقد كتب الكثير عن هذه التصريحات ولعل الوصف الدقيق لها بانها تسونامي التصريحات العونية، واصبحت محل انتقاد وبلبلة زادت الطين بلة بالتشكيلة الحكومية التي رفضت من كل الحراك ورجال الاصلاح فيه بل ولاقت رفضا من السياسين والاعلاميين ولم تحظى باي شعبية تذكر، ثم تكتمل حلقات التخبط بالبيان الوزاري الانشائي المكرر والذي كفى ووفى فيه النواب قولا وانتقادا وحجبا، نخلص منه بان اصرار الحكومة واستمرارها في ولايتها (عكس التيار) هو بمثابة مزيد من استتزاف الرصيد الشعبي للنظام في انتظار بضعة اشهر لترحل بضغط الحراك الشعبي الذي يزداد قوة وعنفونا وتوسعا..
ان الحكيم من ادرك الواقع مبكرا، وجنب الامر تعقيدا، وجعل له مخرجا مشرفا، يزيد من رصيد مؤسساتنا الدستورية ، ولعل فرصة المناقشة وطرح الثقة يشكل الخيار الافضل لرحيل الحكومة عبر البرلمان وليس بضغط الشارع المتوقع، وهو مخرج مناسب لحجب الثقة عنها لترحل الحكومة كمخرج مشرف يعزز مصداقية مؤسستنا التشريعية والدستورية ويعطي فرصة لتشكيل حكومة انقاذ تحظى بالرضى والقبول وتقدم الاصلاح الذي من شانه ان ياخذنا الى بر الامان.
drmjumian@gmail.com
www.drjumian.co.cc
0795849459/خلوي
التعليقات (0)