الحركة من أجل الأمة والاتهام بالتشيع: وقفة مع بعض أصحاب التهمة (تابع)
الفرق بين زواج المتعة والزنا:
زواج المتعة
الزنا
1-يتم الزواج بدون شهود.
- والزنا كذلك.
2-الرجل في حل من نفقة الزوجة.
- والزنا كذلك.
3- يجوز للرجل الجمع بين أعداد لا تحصى من الأزواج وبلا شروط. - والزنا كذلك.
4- الزوجة لا ترث الزوج.
- والزنا كذلك.
5- موافقة الأب ليست شرطا.
- والزنا كذلك.
6- مدة الزواج قد تكون لربع ساعة أو أقل من ذلك أو أكثر. - والزنا كذلك.
7- يقع الطلاق ولا يشترط حضور الشهود.
- والزنا كذلك.
ما سبق يبين أن زواج المتعة ما هو إلا "زنا مبرقع"، ولذلك قالت إحدى الباحثات بحق، بعد أن أوردت بعض أحكام وشروط زواج المتعة، أن [من يتفحص هذه الشروط يرى بوضوح أن الغرض من هذا العقد هو أن تكون المرأة محلا للتمتع، والتمتع الجنسي فقط ] (1). ثم أضافت:
[ إن كل ما ورد في القرآن والسنة القولية منها والفعلية بشأن المرأة والأسرة والمجتمع –الدور والهدف والمصلحة- يعارض زواج المتعة وعلى تناقض تام معه. فليس في القرآن والسنة، إطلاقا، ما يشير إلى كون المرأة مخلوقا للمتعة، فتكريسها لهذا الغرض يلغي إنسانيتها بالكامل. لقد خوطبت كإنسانة وند للرجل، فقد وصف الرسول النساء بأنهن شقائق الرجال، ووضعها الإسلام أمام مسؤوليتها الكاملة في بناء المجتمع مناصفة مع الرجل في جميع المجالات، وجاء النص على ذلك في القرآن (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر)(آل عمران:104)، وآية:(والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (التوبة:71)، وليس هذا دور من جعلت أداة متعة](2).
لقد أوردنا كل هذا الكلام حول زواج المتعة كي نبين أن من يدعو إلى هذا النوع من العلاقة في المجتمع المغربي لا يبرز عظم جرمه إلا بمعرفة حقيقة المتعة وأحكامها. ولعله من السائد لدى المغاربة أن زواج المتعة دعارة صورتها قيام علاقة جنسية محرمة أساسها التمتع بالمرأة لقاء مال. لكن تشييء المرأة و"تبضيعها" فيه لا تظهر بشاعتها إلا باستعراض أحكامها. ولذلك لا يكاد ينقضي عجبي حينما يقول أحدهم ما يلي:
[ ألا يمكن الاجتهاد خارج المذاهب السنية؟ إن الاجتهاد خارج المذهب السني ليس خروجا عن الإسلام، إنه إما أخذ من مذهب آخر، وإما وضع مذهب جديد. وكم نحن محتاجون إلى هذه الأفعال، العلمية والعملية، الاجتهادية في كلمة واحدة، قصد نفض غبار التقليد عن الفكر الفقهي المغربي... في هذا الاتجاه، نتفهم وقوع الشباب في العلاقات اللازوجية بالرجوع إلى قول الإمام علي : "لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي" (3). ألا يمكن معاودة النظر في "التحريم السني" لزواج المتعة، عمدا نضع التحريم السني بين مزدوجتين لأن زواج المتعة يشكل إحدى "غرائب الشريعة" حسب تعبير الكثير من الفقهاء السنيين (مثل أبي بكر بن العربي) (4). فالمتعة شرعت بآية مدنية ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة من الله... ) (الآية)(5) لا يمكن نسخها بالآية المكية "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين ) (الآية)، خصوصا وأن زواج المتعة يدخل كذلك في حفظ الفرج، وأن المرأة فيه زوجة بعقد. كما أنه ليس هناك اتفاق على تاريخ ومكان تحريم
المتعة من طرف الرسول – - والكل يشهد أن المتعة كانت سارية من عهد رسول الله إلى منتصف خلافة عمر بن الخطاب الذي نهى عنها...(6).
وحتى لو افترضنا أن الدليل القطعي على تحريم زواج المتعة قائم لا لبس فيه لدى أهل السنة، (وهو الشيء الذي ينفيه الفقيه صالح الورداني) (7)، فإن ذلك لا يمنع اليوم من الأخذ من الشيعة باعتبارها مذهبا إسلاميا، خصوصا حين يشكل زواج المتعة حلا ممكنا لأزمة الشباب الجنسية الراهنة، وذلك من داخل الإسلام نفسه] (8).
إن ما يذكره الرجل هنا هو عين ما يقوله الشيعة للدعوة إلى المتعة. ويلزم من قوله هذا أن يقبل للمرأة المغربية بكل ما لدى الشيعة في المتعة من أحكام، مما مر ذكره قريبا.
ومع ذلك لم يقل أحد أن هذا الرجل شيعي !!
ثالثا:
أشير، باقتضاب، إلى مثالين آخرين لتبني بعض المغاربة لآراء شيعية محضة :
يشتم الشيعة الصحابي الجليل أبا هريرة ، واشتهر لأحدهم، وهو عبدالحسين شرف الدين الموسوي، كتاب اتخذ له عنوانا اسم ذلك الصحابي. وفيه من القذف الكثير.
وفي المغرب كتب أحدهم كتابا شكك فيه في صحبة أبي هريرة (9).
ويعلن الشيعة أن أحاديث البخاري لا تساوي لديهم شيئا. وفي بلدنا شتمت امرأة المحدث الفذ الإمام البخاري –رحمه الله- إلى حد السفه !(10).
والأمثلة كثيرة ولم تدفع السلطة –في بلدنا- إلى اعتقال أحد من أمثال هؤلاء، وهو ما لا يطالب به أحد، بتهمة التشيع، كما اعتقلت ذ. المرواني حفظه الله، ولم تدفع أحدا من أولئك
الذين حاولوا التزلف للسلطة لمّا اتهموا "الحركة من أجل الأمة" بالتشيع، إلى أن يقولوا شيئا من قبيل هذه التهمة عمن سبق ذكره !
هل هو النفاق؟ أم "النكاية" أو إظهار "الشماتة" في "العدو"، أي الحركة الإسلامية ؟
أيا كان الأمر، فإنا نبرأ من تهمة التشيع وما يرتبط به من عقائد، ونسأل الله سبحانه أن يطهرنا من الشرك والمشركين، والبدع والمبتدعين، وأن يجزي عنا رسوله الكريم ثم صحابته الميامين خير ما جزى به نبيا عن أمته، إنه سميع مجيب.
ه-دعوى اعتماد أبناء الحركة من أجل الأمة أسلوب التقية، كما هو الحال لدى الشيعة:
سبق أن ذكرنا أن أحد الاستئصاليين المغاربة عرّف التقية بأنها "من الأساليب التمويهية التي اعتمدها الشيعة تاريخيا في صراعهم مع خصومهم والتي كانت تبيح لهم إبداء عكس ما
يضمرونه من عقائد ومواقف سياسية..." (11). كما ذكر أن خطورة "خلية بليرج" " تكمن في اتباعها أسلوب التقية في نشاطها" (12). وقد سبق لهذا الاستئصالي أن قال قبل ذلك: "أخطر استراتيجية اتبعتها هذه الشبكة هي اعتماد التقية في عملها"(13)، ثم أحال على وزير الداخلية المغربي آنذاك، شكيب بنموسى، الذي كان قد صرح هو نفسه بأن " الاستراتيجية طويلة الأمد المتبعة من طرف البديل تدعو إلى التفكير في "التقية"، أي الكتمان والتستر المتبع من طرف الشيعة" (14).
هناك شخص آخر أشار إلى التقية، ويتم تقديمه، بالمناسبة، للقراء بأنه " باحث في الحركة الإسلامية" (15).
هذا الباحث حاول "فهم علاقة شبكة بلعيرج مع قيادات البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة" (16)، فطرح أربع فرضيات لفهم تلك العلاقة، حيث قال في الفرضية الأولى:
"الفرضية الأولى تستند على احتمال التورط المباشر لقيادات البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة مع هذه الشبكة، نتيجة لعدم حسمها في منهج العمل واتباعها لأسلوبي العمل السلمي كواجهة معلنة، والعمل المسلح كواجهة خفية. إلا أن العودة للأسس الفكرية والإيديولوجية لهذه التيارات، تجعلنا في تناقض مع هذه الفرضية، مادامت كلتا الحركتين قد أدانتا تفجيرات 16 مايو. بل إن البديل الحضاري شارك في مسيرة الدار البيضاء المناهضة للإرهاب. إلا أن هذه الفرضية تفسر هذا التناقض، باتباع هذه التنظيمات لأسلوب التقية كوسيلة مستعملة للتغطية والتمويه، لاسيما إذا ما استحضرنا بعض الميولات الشيعية التي كانت تعرف بها هذه التيارات"(17).
هذا الاتهـام الباطل بممارسة "الحركة من أجل الأمة" للتقـية كما يمارسها الشيعة يحتـاج منـا –لتأكيد إبطاله- إلى التعرف على المقصود بالتقية، والبحث عن أوجه الاختلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة في النظر إليها، ثم تنزيل ذلك على مواقف وممارسات أبناء الحركة من أجل الأمة، وهو ما سنراه في الحلقة المقبلة بإذنه تعالى.
الهوامش:
1- د. شيماء الصراف، أحكام المرأة بين الاجتهاد والتقليد، ص 92 .
2- نفسه، ص93.
3- مما يحتج به الشيعة على أهل السنة أن كلام علي – - المنسوب إليه منهم، والذي نقله "عالمنا في الاجتماع" دون تمحيص، (وأنى له شرف تمحيص الروايات)، ورد في مصادر سنية، وأنه أخرجه الثعالبي والطبري في تفسيرهما لقوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن...) الآية. كما أخرجه عبدالرزاق في مصنفه عن ابن جريج.
وبالفعل، فقد روى الطبري هذا الكلام كما يلي: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت ايمانكم) إلى هذا الموضع: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) أمنسوخة هي؟ قال: لا. قال الحكم: وقال علي :" لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي" (جامع البيان، 4/15).
والحكم المذكور ولد سنة أربع وخمسين، وعلي استشهد سنة أربعين. فكيف روى هذا الرجل عن علي ولم يلقه ؟
أما عبدالرزاق فقد روى ما سبق بسنده عن ابن جريج قال: أخبرني من أصدق أن عليا قال بالكوفة : "لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب – أو قال: من رأي ابن الخطاب- ما زنا إلا شقي" (مصنف عبد الرزاق7/499).
وفي قول ابن جريج: ( أخبرني من أصدق ) راو مجهول. فمن هو؟
والمعروف عن ابن جريج ما جاء في قول أحمد رحمه الله : "إذا حدثك ابن جريج: عن فلان، وأخبِرتُ، جاءك بالمناكير » (سير أعلام النبلاء6/328).
فالحديث إذن حديث ضعيف، بل منكر، خاصة وأنه يخالف ماجاء عن علي –فيما رواه مسلم- أن الرسول هو الذي حرم المتعة، وقد مر الحديث بتمامه من قبل.
4- هذا الكلام ذكره ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن" (1/410) كالتالي: "وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة، لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس ثم حرمت بعد ذلك، واستقر الأمر على التحريم".
ولما أورد المتشيع المصري صالح الورداني –وسيأتي ذكره- هذا الكلام في كتابه: "زواج المتعة حلال عند أهل السنة" (ص44) صدره بقوله: "يقول ابن العربي...". لكن "عالم الاجتماع" المغربي يجعل القائل هو " الكثير من الفقهاء السنيين" ، والقائل الحقيقي مجرد "مثال" فقط !!
5- الآية هكذا: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) (النساء: 24). لكن الرجل أضاف إليها كلمتي : "من الله".
6- يلاحظ أن هذا هو نفسه كلام الشيعة !!
7- صالح الورداني متشيع مصري لا يستقر على قرار مذهبي أو توجه حركي، غير أنه في حوار مع "العربية.نت" في أكتوبر سنة 2006، وكذا مع مجلة "المجلة" ، أعلن أنه ترك الآن المذهب الشيعي بعد حوالي 20 عاما من اعتناقه، وأنه انتهى من إعداد مذكرات شخصية يذكر فيها مراجعاته الفكرية، وينتقد فيها المرجعيات والأخماس. ودعا بعض المثقفين لتأسيس جماعة باسم "الخطاب الجديد" بعيدة عن التقسيم المذهبي وتتبنى "الاسلام الواحد". ولما سئل :هل هذا معناه أنه عاد إلى المذهب السني؟ أجاب أنه انتقد الشيعة والسنة وأصبح خارج الساحتين السنية والشيعية ولم يعد يعترف بهما، ولا يعترف إلا بالقرآن الكريم وآل البيت !! وهذا من تقلباته كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وأضاف الورداني أنه كان يوزع مجانا كتبا يتلقاها من إيران ومؤسسات شيعية لبنانية للترويج للمذهب الشيعي في مصر.
و"عالم الاجتماع" المغربي يجعله في كلامه أعلاه فقيها، و"الطيور على أمثالها تقع" !!
8- عبدالصمد الديالمي، مقال: " الاجتهاد والصحة الجنسية"، جريدة الأحداث المغربية، عدد227، 16 يوليوز 1999.
9- الكتاب هو "أكثر أبو هريرة"، وصاحبه هو مصطفى بوهندي.
10-هي خديجة البطار، صاحبة كتاب "في نقد البخاري...كان بينه وبين الحق حجاب"، والذي نشرت صفحاته في البداية في جريدة "الأحداث المغربية" على حلقات، ثم قامت بطبعه الجريدة نفسها.
11-مقال: "الإرهاب وأسلوب التقية" لجمال هاشم، الأحداث المغربية، عدد 3307، وقد سبق .
12-نفسه.
13- "الغطاء الحقوقي وإرباك الأجهزة" لجمال هاشم، الأحداث المغربية، عدد 3306، السابق.
14- جريدة "الصباح" عدد 2457، وقد سبق.
15-وصفه بذلك السيد بلال التليدي، الصحفي في جريدة التجديد، في حوار معه ، عدد 1889، الإثنين 06 جمادى الأولى 1428/12 ماي 2008. وعادة ما ينجز هؤلاء "الباحثون في الحركة الإسلامية " أبحاثهم حولها قبيل محنة تبتلي بها، تمهيدا لتلك المحنة، أو بعيدها تبريرا لها! وتكون هذه الأبحاث مجرد "حواشي" على "متون" المواقف الرسمية!!
16-الإرهاب والعنف السياسي، رشيد مقتدر، ص 85.
17-نفسه، ص 86. والكتاب "حاشية" على "متن" الرواية الرسمية، من "حواشي" عدة صدرت في فترة اعتقال أفراد ماسمي بـِ "خلية بليرج". والكتاب كذلك حافل بالتناقضات والأخطاء اللغوية الفاحشة، مما لم يبصره من أنجز قراءة له في نفس العدد من الجريدة المذكورة، وكذلك صاحب قراءة معنونة بـ"حزب العدالة والتنمية وسياسة النعامة تجاه ملف شبكة بلعيرج (كتاب حول الإرهاب في المغرب يطرح أسئلة حول مستقبل الإسلاميين في المغرب"، جريدة "الحياة المغربية"، العدد 11، 9-15 ماي 2008.
التعليقات (0)