مواضيع اليوم

الحاج محمد أبو كشك.. الكبار يموتون حقا.. لكن الصغار يثورون ولا ينسون

غازي أبوكشك

2011-12-29 16:47:36

0

 

 

الحاج محمد أبو كشك.. الكبار يموتون حقا.. لكن الصغار يثورون ولا ينسون


 

 


 

: "الكبار يموتون والصغار ينسون"، عبارة رددها الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان في العام 1950 كخيار لحل القضية الفلسطينية، وأهمها قضية اللاجئين.
ذاكرة اللاجئ الحاج  محمد إسماعيل أبو كشك ابوجواد القيادي في حركة فتح والذي امضى في الاعتقال اكتر من عشرة سنوات  ذو الـ75 عاما لم تقوى على نسيان كلمات ترومان لتعيد الحديث مجددا:" يومها كنت أستمع لجهاز، وتوجه صحفي بالسؤال لترومان حول آليات حل القضية الفلسطينية، فقال ترومان أن عامل الزمن كفيل بإنهاء هذه القضية، فسأله الصحفي مرة أخرى، كيف ذلك، فأجابه الكبار يموتون والصغار ينسون وهكذا تنتهي القضية".
أبو كشك الذي حاورته "شبكة اخباريات" في منزله في مخيم عسكر القريب من مدينة نابلسابو كشك في أحد أزقة مخيم عسكر بالضفة الغربية، يتذكر أيضا كيف كان الرد الفلسطيني على تصريحات ترومان تلك، وتلخص الرد بعبارة "الكبار يموتون حقا، لكن الصغار يثورون".
بعد صمت دام بضعة ثوان، حمل الحاج أبو كشك، كأسا من الشاي، تناول رشفة واحدة، وتابع الحديث :" الزمن أثبت صحة ما نقول، فالكبار ماتوا، لكن الصغار ثاروا، وكنا نحن في ذلك الوقت من الصغار اللذين ثاروا ضد الاحتلال، وأثبت عامل الزمن الذي راهن عليه ترومان فشل المخططات الأميركية".
محمد أبو كشك لاجئء فلسطيني من قرية أبو كشك التابعة لمدينة يافا، واجه كغيره من اللاجئين مأساة تهجير أصطلح الجميع على تسميتها "النكبة"، تدور عجلة الزمان وتتكرر المعاناة لعيش مرة أخرى مع مصطلح جديد أُسمي "النكسة".
حديث أبو كشك عن الحنين إلى بلده لا يتوقف، :" عندما تأتي ساعات المساء، وتريد أن تخلد إلى النوم، تعود بك الذاكرة إلى الوراء، لتتذكر أيام أشجار البرتقال والليمون، تتذكر جلسات الديوان، والحياة الجميلة التي كنا نعيشها".
حديث الشوق ليافا لا ينقطع لدى أبو كشك سوى للتأكيد على حق العودة إلى الديار 
ويتابع بعد أن ألقى نظرة على صورة في أحد زوايا المنزل، لشقيق شيخ عشيرة أبو كشك وهي الصورة التي تذكره ببلده: "نحن حلمنا بالعودة، ولم تحن هذه اللحظة حتى الآن، لكن هذه أمانة في أعناق الجميع والكل يتحمل مسؤوليتها".

سنوات التشرد واللجوء
يوم 15/3/1948 يحمل الوجع الأكبر لقلب الحاج أبو كشك الذي يقول:" في هذا اليوم خرجنا من قريتنا، لم يكن أمامنا خيار آخر سوى الخروج، بعد أن تم منحنا فترة سبعة أيام لمغادرة المكان وتركه لليهود المحتلين، وسبق ذلك سقوط لعدد من القرى الواقعة خلفنا، وبدأ سكانها يرحلون نحونا، وباتت كل المناطق الواقعة في الخلف مكشوفة للاحتلال بعد أن احتلوا تلك القرى التي رحل منها سكانها".
وحمل الحاج أبو كشك قادة بعض الجيوش العربية مسؤولية دفع الفلسطينيين إلى ترك قراها وبلداتهم الأصلية. وأضاف:" كان هناك ضابط عراقي اسمه مدلول بيك وهو من ضباط فوج القاوقجي، التابع لجيش الإنقاذ، قال لنا أن علينا أن نغادر المكان لأننا سنكون في وجه المدفعية العربية التي ستقاوم قوات الاحتلال، البعض غادر وبقي آخرون ولم يكن هناك مقاومة عربية، وبعد ذلك تم تهديدنا من قبل اليهود للرحيل خلال سبعة أيام، وكان بمثابة فترة لنقوم بنقل أمتعتنا".

لا مقاومة عربية
لا يتوقف حديث الحاج أبو كشك عن ضعف الجيوش العربية التي كانت متواجدة في فلسطين خلال فترة النكبة. ويتابع قائلا في سياق حديثه مع شبكة اخباريات:" المقاومة الفلسطينية كانت قادرة على دحر الاحتلال، لو لم يكن هناك تدخلا من الجيوش العربية، فالأوامر كانت تصدر بطريقة عشوائية وبشكل أدى إلى الهزيمة الصعبة، لم يكن هناك مقاومة حقيقية، ودخول الجيوش العربية أساء للمقاومة الفلسطينية، فما كانت تقوم به بريطانيا التي كانت تحتل الأرض كانت تقوم به القوات العربية، فبعض القوات تركت اليهود خلفها ووصلت إلى منطقة بيت لحم والخليل بينما كان اليهود يسيطرون بشكل كامل على المناطق الواقعة في الخلف مثل بئر السبع والنقب، الامر الذي أدى لاحقا لانسحاب القوات العربية بعد أن وجدت نفسها محاصرة، كما أن بعض القيادات العربية طلبت من جنودها التراجع بعدما كانت في صفوف متقدمة".

خدع يهودية
ويوضح أبو كشك أن اليهود اعتمدوا على الدعاية والسلاح من أجل ترهيب الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن قراهم، فمثلا في قرية دير ياسين التي استشهد فيها عبد القادر الحسيني في معركة القسطل، مارس اليهود أنواعا مختلفة من الدعاية، إضافة لعمليات القتل الجماعي والمجزرة التي ارتكبوها في تلك البلدة، وقام اليهود ببث الأنباء حول قيام عصاباتهم بقتل النساء والأطفال لدفع سكان العديد من القرى والمدن إلى مغادرة أماكن وجودهم باتجاه الضفة الغربية، وقطاع غزة".
وكان أكثر من 100 فلسطيني استشهدوا في تلك المجزرة، غالبيتهم من النساء والأطفال.

شراء الأراضي
لم يدخر اليهود وسيلة إلا واستعملوها للسيطرة على فلسطين، حتى ما قبل النكبة، معلومات يؤكدها الحاج أبو كشك من خلال حادثة وقعت مع شاكر أبو كشك وهو شيخ العشيرة أنذاك. 
يقول الحاج السبعيني ورغم عدم معاصرته لتلك الحادثة إلا أنه حفظها من والده ويقول :" في العام 1921 كان اليهود يقيمون مستوطناتهم فوق الأراضي الفلسطينية، وقام الشيخ شاكر أبو كشك مع مجموعة من المقاومين باقتحام أول مستوطنة يهودية وتم حرقها بشكل كامل، وتدخلت القوات البريطانية واعتقلت الشيخ شاكر، ومن ثم تم احتلال أراضي القرية بشكل كامل، وتم حرق منزل شيخ العشيرة مع كافة محتوياته، كما كان هناك مساع لحرق الشيخ شاكر لكن أحد الجنود يقال أنه هندي يعمل في الجيش البريطاني، قام بسحب الشيخ شاكر من بين النيران".
وأضاف قائلا:" بعد ذلك تم اعتقال الشيخ وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاما، لكن ومن خلال تدخلات شيوخ العشائر وبعد مفاوضات مع المندوب السامي البريطاني تم الاتفاق على الإفراج عنه بعد سنتين مقابل أن يدفع تعويضات لليهود، وكان ذلك بداية الخطة لبيع الأراضي لليهود بشكل سري، حيث قام الشيخ شاكر ببيع أجزاء من أرضه لمجموعة من المسيحيين ليسدد التعويضات المطلوبة منه، لكن تبين لاحقا أن تلك المجموعة لم تكن سوى وسيط ونقلت الأرض بعد ذلك لليهود، وأعادوا بناء المستوطنات هناك، وأحاطوا المنطقة بأكملها".


اللجوء مرتين
ذاكرة الحاج أبو كشك التي تعود بين الحين والآخر إلى الوراء مرة أخرى لتتحدث عن تفاصيل اللجوء، تروي المزيد من قصص المعاناة بالقول :" بعد أن تركنا قريتنا توجهنا إلى مناطق طولكرم وقلقيلية، وبعدها انتقالنا إلى منطقة الأغوار وكنت أنا ممن توجهوا إلى تلك المنطقة. لكن في العام 1967 بدأ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس، وتم السيطرة بشكل كامل على منطقة الأغوار التي كنا نعيش فيها، واضطررنا للخروج مجددا تحت تهديد السلاح، وتوجه جزء منا إلى منطقة نابلس بينما غادر آخرون باتجاه الأردن، ووصل بنا المطاف إلى مخيم عسكر الذي أعيش فيه الآن.

العودة بشكل مؤقت
بعد احتلال إسرائيل للضفة وغزة والقدس، تمكن الحاج أبو كشك من زيارة منزله في قرية أبو كشك، للحظات معدودة، وقال:" عندما ذهبت في زيارة بعد العام 1967 شعرت بمدى الشوق للبيت والمكان، بعض المنازل كانت لا زالت قائمة، والبعض الآخر تم بناء منازل جديدة مكانه لليهود".
وأضاف:" أختي أيضا وصلت إلى بيتنا ووقفت أمامه وأخذت للبكاء، فخرجت عليها يهودية، وسألتها عن سبب بكائها، فأخبرتها أختي أنها تبكي على منزلها، فسارعت اليهودية وطردتها من المكان".
أبو كشك كما بدأ حديث بالحنين إلى البلد الأصلي، يختم حواره مع "شبكة اخباريات" بحنين أكثر ولا زال يصر على أن حق العودة هو أمانة في أعناق الجميع, ويكتفي بالقول:" في 14/5/1948 انسحب آخر جندي بريطاني من فلسطين وبعد ذلك بساعات أعلن عن قيام دولة إسرائيل فوق أرضنا"




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !