مواضيع اليوم

الجمال بمفاهيم خاصة جدا !

عبدالسلام كرزيكة

2010-09-01 15:19:58

0

لماذا يحرص الواحد منا على إنتقاء هندامه بعناية ، عندما تكون لديه مقابلة (مهمة) ، والأهمية هنا قد تعني فقط ذاك الحجم المُضخم الذي نستسيغه ، لاأحجام الأشياء الحقيقية والطبيعية لتفاهة بعض البروتوكولات ، خصوصا تلك المتعلقة بمقابلات العمل بوجه عام وبمصداقيتها ؟! ..

ولماذا يقف الواحد منا أمام المرآة لساعاتٍ طويلة ، وطول الساعات هنا هو نسبة إلى البُطئ الزمني ، كلما كان على موعد مع محبوبه ، ولماذا يحرص على أن يكون مظهره تماما كما يروق لحبيبه أو أكثر ، لكن ليس أقل من ذلك ؟! ..

المُفارقة أن مسألة الحرص على الظهور بهيئة حسنة في مُختلف المناسبات المُتعارف عليها إجتماعيا  هي مسألة عامة ، لكن مسألة الإنتقاء الجيد ، والقدرة على التوفيق بين الألوان مثلا  ، تبقى مسألة خاصة ولا يُتقنها سوى أصحاب الأذواق الرفيعة ، وأصحاب الأحاسيس المُرهفة ، الذين يشعرون بكل ما تلامسه أيديهم ، ويشعرون بجمال كل المخلوقات ، ذاك الذي يدوس عليه غيرهم بالجزم القديمة ! .. فهؤلاء ينتشلونه من تحت الأقدام ، ويعطونه حقه من الوجود ، فيظهرون متجملين به ، ويبدو عليهم رائعاً حتى وإن كان بسيطاً ، وكانت أسهمه متهاوية في بورصة الموضة ! ..

هناك بشرٌ في الحقيقة يُضيءُ كل ما تلامسه أيديهم ، وكأنهم يشحنون ما حولهم بطاقة الحياة .. ويرى الناظر إلى تحركاتهم جمال الأشياء فقط حينما تلامسها أيديهم ، وتحاكيها بإحساسٍ متدفق بها ، حتى وإن كانت تلك الأشياء روث أبقار ! ..

الجمالُ هو إحساسٌ بالحياة ، وبالهواء وبالماء ، وبالأرض وبالسماء ، وبالشجر وبالحجر ،  وحتى بالبول والبراز ! ..

الجمالُ طاقة تتدفق في ذات كل إنسان ، لكن الفرق بين البشر أن هناك مَن يُحاول كبحها وإيقاف تدفقها ، وهناك من يُطلقها فتزين حياته وكل ما حوله ! ..

الجمالُ قبسٌ إلهي ، يُعلّم نفوسنا التواضع ، فتنزل إلى مستوى الجماد وتحاكيه ، وتعطيه حق قدره لأنه ما خُلِق عبثا ، لأنها سترى عظمة الخالق في كل شيء ، وهو خالق كل شيء ، فلا تحتقر شيئاً ! ..

الجمالُ لمسة سحرية يملكها كل واحدٍ منا ، لكن منا مَن لاينظر أبدا إلى يديه ، فلم لاتنظر ـ يا مَن تقرأ كلماتي ـ إلى يديك نظرة جديدة ، لتتمكن من رؤية لمستك الشخصية ؟ .. أنظر إلى يديك وأنت تحركهما ببطئ ، بعدما تفردهما أمامك مع إحناءة بسيطة للأصابع ، وتحاول الشعور بكل أصبع منها ، وبكل خط في راحة يدك ، وبكل إنحناءة وإنتفاخة ، وبكل تصميم ! ..

أنظر إلى يديك ـ هذه المرة فقط ـ بنظرة الحياة ، وسترى كيف ستنفرج أسارير وجهك ، وكيف ستشعر بالغبطة لأنك تعرّفت لتوّك على يديك الجديدتين ، يديك الجميلتين اللتين تجعلان مِن كل ما تلامسانه جميلاً ! .

ـــــــــ

تاج الديــن : 08 ـ 2010

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات