في مقالي "الأسد ووأد الفتنة" تناولت الخبر الذي نقلته صحيفة "الرأي الكويتية" نقلاً عن مصدر مقرب للأسد بأنه سيلقي خطاباً قبل بداية العام الميلادي الجديد يتناول فيه الدور السلبي لدول الجامعة العربية حيال الأحداث الجارية في سوريا، ، جاء فيه تهديد للزعماء العرب بأنه لم يستخدم للآن ما لديه من أوراق وأنهم سيعودون إلى دمشق معتذرين، فقلت:" اللهم إلا إذا كان يقصد بهذا أنه سيعمل على فضح هذه الزعامات كما هددت به سوزان مبارك بنشرها أفلاماً جنسية للحكام العرب في حال تمت محاكمة مبارك وإدانته، وهو ما يبرر كيف وأدت المبادرة العربية وتركت الشعب السوري يواجه مصيره تحت آلة القتل الأسدية الجهنمية، وكيف برئت ساحة مبارك من الدماء التي أزهقت أثناء الثورة المصرية!!"
ولم أكد احلل مقصد الأسد بما عناه من استخدام الأوراق ضد الحكام العرب، إلا وجاء هذا التفسير واضحاً وجلياً، بتهديدات "بثينة شعبان" لبعض حكام الخليج بنشر فضائحهم الجنسية صوتاً وصورة حسب ما نقلته صحيفة "السياسة الكويتية" والتي تم تسجيلها خلال زياراتهم لدمشق، واحتفظ بها النظام ليظهرها في الوقت المناسب، وكان الرد الخليجي بأن لديه تسجيلات لبعض أركان النظام السوري سيقوم بنشرها في حال تم تنفيذ تهديدات دمشق.
والغريب أنه في الحالتين المصرية والسورية كان المهدد امرأة دون خوف أو وجل، وبكل وقاحة أنثى تهدد ذكوراً، ففي الحالة المصرية هددت سوزان مبارك بأنها ستقوم بنشر أربعين فيلماً فاضحاً قدمها لها صفوت الشريف بعد تسجيله ثلاثين ساعة كاملة من الفضائح لحكام ومسئولين مصريين وعرب لا يزالون في الحكم حسب ما نقلته صحيفة الديار اللبنانية؛ إذا ما أدين مبارك بقتل المتظاهرين، مما استدعى قيام المشير طنطاوي بتبرئة ساحة المجرم حسني، وشهادته بأنه لم يُعطي أية أوامر لقتل المتظاهرين.
وفي الحالة السورية ورغم مرور عشرة أشهر من القتل والإبادة والتنكيل والتشويه والاغتصاب والاعتقال والاختفاء القسري وإثارة الطائفية وسحق إرادة الشعب السوري، الذي أثبت أنه من أشجع الشعوب وأوعاها وأكثرها توحداً وإصرارا على نبذ الطائفية؛ كانت الجامعة العربية تقف متآمرة ومساندة للأسد بإجرامه، وإعطائه الفرص تلو الأخرى، وتوقعنا أن يقوم هؤلاء – الملوثين أخلاقياً وجنسياً، والذين لم يلتزموا ببنود المبادرة ويسحبوا السفراء، ويسحبوا عضوية الأسد المجرم الذي لم يوقف القتل مطلقاً، ويعترفوا بالمجلس الوطني ممثلا لإرادة الشعب السوري– بموقف حازم بعد أن اتهمهم الشعب السوري بقتلهم في جمعة "الجامعة العربية تقتلنا" وبعد أن ثبت كذب هذا النظام المجرم عشرات المرات، ولكنهم عادوا لإعطاء الأسد مهلة جديدة بالإعلان أنه قد وقع على المبادرة العربية ووافق على برتوكول إدخال المراقبين، والالتزام بالمبادرة العربية؛ بالرغم من مواصلة المعلم لأكاذيبه، حيث زعم أنه قد تم اعتماد أكثر من ثلاثين بالمائة من التعديلات التي طرحتها دمشق، وأن الموافقة كانت على البرتوكول وليس على المبادرة، بينما كان التوقيع على المبادرة العربية ودون أي تعديل يذكر على المبادرة؛ وبالرغم كذلك من سقوط مائة وعشرون شهيداً يوم توقيع المعاهدة، منهم سبعين جندياً ندبوا أنفسهم وبسلاحهم البسيط للدفاع عن شعبهم، وبالرغم من استمرار قوات المجرم الأسد بمحاصرة المدن السورية في حمص وإدلب ودير الزور ودمشق ودرعا وحماة، وسقوط أكثر من تسعين شهيداً بعد اليوم التالي من توقيع الاتفاقية، في مجزرة ارتكبها المجرم الأسد من جديد في محافظة إدلب في قرية "كفرعويد" وقرية "كنصفرة" التي حوصر أهلها في أحد الوديان بعد تشريدهم من بيوتهم، وتمت تصفيتهم عن بكرة أبيهم، ليقتل يوم توقيع الاتفاقية واليوم الذي تلاه أكثر من مائتين شخص، لا لشيء إلا لأن بثينة شعبان قد ترجمت مقولة رئيسها الأسد ببدء استخدام أوراقه ضد الحكام العرب ففعلت.
ولا شيء يبرر هذه المهل والمشاركة في قتل الشعب السوري إلا خوف هذه الحكومات من الفضائح ونشر أفلامهم الجنسية، وستبقى هذه المهل تعطى لهذا النظام القاتل لكي يحقق حلمه بوأد ثورة أشجع شعوب العالم إطلاقاً، وبعد أن تبقى هذه المبادرة سنوات في حضن الجامعة ليتم تحويلها إلى مجلس الظلم والعدوان الدولي ليأخذ بدوره كذلك عدة سنوات كمهل جديدة، وهكذا دواليك..!!
أما الشعوب العربية فهي لم تعد تهتم لهذه الجامعة الملوثة أخلاقيا وجنسياً، ولم تعد تأبه لهذا المجتمع الكاذب، الذي يعمل جهده على منع الشعوب من الإطاحة بالأصنام التي صنعها؛ وهي ماضية في هدفها وهو اقتلاع هذه الأسر الحاكمة المليئة بالفساد والخيانة، وأن لا تعود أبداً بعد أن قدمت وضحت وأثمرت جهودها بإسقاط ثلاثة منهم، وآخرين يتأرجحان على أهبة السقوط، شعارهم أنه ما دام يحكمنا حكام ملوثين أخلاقياً وجنسياً، فلن نربح معركة التحرر من القبضة الغربية إلا بتخلصنا من هؤلاء الأقزام، وخلق قيادات شريفة، تمثل إرادة شعوبنا الأبية، وسيكون عار تتناقله الأجيال القادمة إذا سمحنا لهذه التفاهات بأن تستمر في حكمنا، إذ لا يمكن لإنسان ملوث أن يغار على دماء المسلمين ويثأر لأعراضهم المنتهكة، وفاقد الشيء لا يعطيه، ولن يعطيه.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
التعليقات (0)