الثورة بين سهام الاعداء وجهل الابناء
استعرت هذا العنوان من اسم احد الكتب التي نشرت في السبعينات وكان اسمه "الاسلام بين سهام اعداءه وجهل ابناءه"
لما استشعره حاليا بتشاؤم شديد علي عكس سجيتي فانا متفاءل بطبيعتي ، سبب تشاؤمي ولا اريد ان انقله لاحد هو احساسى بان الثورة لم تفعل شيئا ،
فاذا كان ما فعلته علي اعظم تقدير هو ازاحة حسني مبارك فان الرجل قد بلغ من العمر ما بلغ ولم يكن باق له في احسن الاحوال اكثر من ثلاث او خمس سنوات – طبعا في علم الغيب- وان ثلاث او خمس سنوات قهر اخري لم تكن تستحق كل هذه التضحيات ،
او بصياغة اخري فان الثمن المدفوع لا يتناسب مع الانجاز الذي تحقق .
تشاؤمي لان التعديلات الدستورية التي طرحت للاستفتاء واجيب عنها بنعم هي نفسها المواد التي طلب تعديلها مبارك قبل ان يغادر وذلك خلال مساومته للثوار.
تشاؤمي هو ان الشعب بدا في نسيان الوطن وعاد منكبا علي طلباته الشخصية ،
فالكل يطلب زيادة الاجور والكل يطلب مساكن وشقق والكل يطلب تحسين العلاج والتعليم وكلها مطالب مشروعه .
فقط ، لم يكلف واحد نفسه بان ينذر نصف ساعة عمل زيادة لتعويض ما نهبه الفاسدون خلال فترة حكم مبارك، او تعويض العمل والانتاج الذي تعطل خلال فترة الثورة .
اذا كان اعداء الثورة يقودون الحملات تلو الاخري من خلف الستار لاجهاد واجهاض الثورة وما غلاء الاسعار وتردي الخدمات وشيوع الفوضي الامنية وانتشار البلطجة والسرقة وترويع الامنين وتغذية المطالب الفئوية وتعطيل العمل ،الا شكلا مباشرا من اشكال الاجهاد والاجهاض الذي تتقنه الجماعات المؤهله والمدربة من عناصر الثورة المضادة .
يساعدهم جهل الابناء الذين انشغلوا بجمع الغنائم (يذكروننا بيوم احد) دون ان يوقظهم التاريخ او ينبههم عظم الحدث وكأن (احد) لم تمرعلينا ولم ندرسها او نتدارسها .
الثوارلم يعودوا ليبنوا الامجاد كما قال الشيخ الشعراوي عن الثائر الحق بانه "يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الامجاد" ولكنهم وقفوا - عن جهل - الي جوار الانتهازيين وسارقي الفرح ومدعي البطولة والمتباكين علي ظلم طالهم واستهلكوا انفسهم في معارك كلامية ونسوا بناء الامجاد .
يا شباب الثورة ، الانتهازيون والادعياء موجودون علي مر التاريخ اما انتم فحالة نادرة لن تكرر فلا تنخدعوا باصحاب الشعارات الزائفة والمختبئين خلف قيم صحيحة ولكن نواياهم باطلة .
هل يعجبكم حال الانتاج في البلد هل يرضيكم مستوي الانضباط في المصالح الحكومية ،هل يروق لكم حال التسيب المروري في الشارع المصري ،هل استشعرتم حالة قلة الذوق العام وسوء الادب في الحوار بين البائع والمشتري او حتي بين المارة والمشاة .
بمجرد ان انفض الناس من امام شاشات التلفاز التي كانوا مربوطين اليها ربطا، حتي سارعوا الي نهر الطريق يتربصون ببعضهم لدرجة (التلاكيك) وساد قانون الغابة من جديد ، وانتشرت حالات العراك اللفظي والتشابك بالايدي ،
وكثر المتمسحون في الثورة والادعياء ، بل ان بعضهم سبه في مجال عمله فلا هو قدوة علي مستوي السلوك البشري ولا هو متميز في اداء عمله ولا يراعي ربا ولا ضميرا .
جهل الابناء قادهم الي التطاول علي رؤساءهم في العمل رغم ان الطلبات تتعلق بتنفيذ تعليمات العمل وقد نالنا بعض من شذر ووساخات بعضهم .
جهل الابناء قادهم الي التزويغ من العمل والي عدم تادية الاعمال المطلوبة.
المتمسحون في الثورة يتهمون من يضغطون عليهم لتأدية واجباتهم الوظيفية بانهم من فلول العهد البائد وان الضغط عليهم بسبب ثورتهم ونسوا ان مجلس الحكم العسكري هو ايضا من العهد البائد بل ان عبد المجيد محمود النائب العام ، الذي يحاكم الفاسدين هو ايضا من العهد البائد.
ونسوا اننا ناضلنا طوال عمرنا واضرنا ولكننا لسنا نادمين ،
قلت لاحدهم ان ما فعلته ايام الجامعة في عام دراسي واحد يساوي عمرك كله
- وانا صادق-
ولكنه تباهي بانه كان في ميدان التحرير ، هذا هو كل ما فعله طوال عمره من اجل مصر .
ثم عاد من ميدان التحرير ليتخندق مع اعداء الثورة وجامعي الغنائم .
قالوا قديما : الفشل له اب واحد والنجاح له الف اب .
ايتها الثورة المجيدة يا بنت الف اب .
الذين تنوعوا بين ثوريين حقيقين وادعياء وانتهازيين وجامعي الغنائم ومرتدين علي النظام السابق ، ومتحولون وما اكثرهم .
اخشي عليكي من كل هؤلاء .
اخشي عليكي من سهام الاعداء ،
واخشي عليكي اكثر من جهل الابناء .
التعليقات (0)