التمسوها في العشر الأواخر

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فقد مضى ثلث هذا الشهر العظيم ، اجتهد فيها من اجتهد بالعبادة والطاعة ، والتقرب إلى الله سبحانه بالحسنات والأعمال الصالحات ، مقتفياً بذلك هدي قدوة الأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي ( كان أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ) ، وعازماً على الصيام والقيام إيمانا بالله وتصديقاً بوعده واحتساباً للأجر المتحصل على هذه الأعمال الفاضلة ، وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم مبشراً لمن هذا صفته وذلك عمله : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) وقال ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) وبقي عشر الأخيرالمباركات ، والتي كان نبينا صلى الله عليه وسلم يحتفي بها ، ويقدمها على غيرها ، بل ويتفرغ للعبادة فيها ، كل ذلك حرصاً منه صلى الله عليه وسلم وهو يبني منهجاً لأمته بأن تجعل من تلك الأيام والليالي معالم في طريق التقرب إلى الله ، واضاءات في طريق المسابقة إلى الخيرات ، ومنارات في طريق المنافسة في الطاعات ، وعلامات في المسارعة للحسنات.وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره .كان رسول الله إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجدَ ، وشد المئزر .
ليلة القدر ، ليلة عظيمة مباركة ، قال الله تعالى عنها :( إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ، لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ ،سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم .أنها في العشر الأواخر من رمضان ، وأن أوتار العشر أرجى من غيرها ، فقال - عليه الصلاة والسلام . التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، التمسوها في كل وتر .
وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .أن هذه الليلة متنقلة في العشر ، وليست في ليلة معينة منها دائمًا ، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين ، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين ، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين ، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين  ، وقد تكون في تسع وعشرين ، وقد تكون في الأشفاع . فمن قام ليالي العشر كلها إيمانًا واحتسابًا أدرك هذه الليلة بلا شك ، وفاز بما وعد الله أهلها . 
 

بوجمعة بولحية
boujemaa1@hotmail.de