قبل ايام مرت علينا ذكرى يوم القدس او بالأحرى يوم الكذبة الايرانية التي طالما رددتها الأبواق والإمعات الايرانية في محافل سنوية لنشهد فيها المسيرات والندوات والصور الجدارية التي لم تخرج عن كونها الا دعاية إيرانية لسياسة وأفكار ورموز فارسية ، حتى بات شعور الأعم الأغلب بانه يوم ايرانيا وليس فلسطينيا لنجني من تلك المناسبة السنوية تسويقا لمخططات شيطانيا تسعى لبث النفوذ الايراني في المنطقة على حساب القضية الفلسطينية وتمهيدا لولاية مطلقة لصاحب الشعارات الكاذبة علي الخامنئي من خلال نشر صوره الجدارية وخطاباته التي ظاهرها الدعوة لتحرير القدس وباطنها صفقات سياسية وبسط لنفوذ فارسية ، ففي تلك الذكرى نجد كثيرا من الخطابات البراقة التي يصدرها الخامنئي عبر الفضائيات منها
" أن قضية القدس هي القضية الأساس في العالم الإسلامي، وأن الشعب الإيراني المسلم سيوجه صفعة إلى أعداء الإسلام وفلسطين في يوم القدس "
وقوله " أن سعينا لإنقاذ هذا البلد المسلم من هيمنة الصهاينة الغاصبين ومخالبهم وحماتهم الدوليين مسؤولية دينية وينبغي للشعوب الأخرى والحكومات الإسلامية أن تنظر إلى القضية الفلسطينية في هذا الإطار"
ومع شديد الأسف فان البعض صدق بهذه الشعارات وراح يبوق لها متناسيا الصفقات السرية المبرمة بين إسرائيل وأمريكا وإيران ، منها ما أعلنه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جون هوبكينز تريتا بارسي في كتابه " التحالف الغادر "
فيذكر من خلال صفحات كتابه عن الصفقات السرية التي كانت على شكل رسائل بين امريكا واسرائيل وايران فيقول :
بينما كان الأميركيون يغزون العراق في أبريل من العام 2003، كانت إيران تعمل على إعداد " اقتراح" جريء ومتكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون أساساً لعقد "صفقة كبيرة" مع الأميركيين عند التفاوض عليه في حل النزاع (الأميركي–الإيراني)
تم إرسال العرض الإيراني أو الوثيقة السرية إلى واشنطن، وعرض الاقتراح الإيراني السري مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمت الموافقة على"الصفقة الكبرى"، وهو يتناول عدداً من المواضيع منها: برنامجها النووي، وسياستها تجاه إسرائيل، ومحاربة القاعدة.. كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة (أميركية-إيرانية) بالتوازي، للتفاوض على"خارطة طريق" بخصوص ثلاثة مواضيع: "أسلحة الدمار الشامل" ، "الإرهاب والأمن الإقليمي" ، " التعاون الاقتصادي"
ووفقاً لـ «بارسي» فإن هذه الورقة هي مجرد ملخص لعرض تفاوض إيراني أكثر تفصيلاً كان قد علم به في العام 2003 عبر وسيط سويسري " تيم جولدمان" نقله إلى وزارة الخارجية الأميركية بعد تلقيه من السفارة السويسرية أواخر أبريل (أوائل مايو) من العام 2003.
هذا وتضمنت الوثيقة السرية الإيرانية لعام 2003 والتي مرت بمراحل عديدة منذ 11 سبتمبر 2001 ما يلي:
1-عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لـ «تحقيق الأمن والاستقرار، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية، وحكومة غير دينية»
2- عرض إيران " شفافية كاملة" لتوفير الاطمئنان، والتأكيد على أنها لا تطور أسلحة دمار شامل، والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل ودون قيود.
3- عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة، والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين داخل حدود إسرائيل.
4- التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.
5- قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002، أو ما يسمى "طرح الدولتين" والتي تنص على إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية وسلام مع إسرائيل
المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل في استعداد إيران تقديم اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية!!..
باختصار، فان هذا الكتاب يكشف جزءا مهما من العلاقات السريّة بين هذا المثلّث الإسرائيلي – الإيراني – الأمريكي. و لا شك انّه يعطي دفعا و مصداقية لأصحاب وجهة النظر هذه في العالم العربي و الذين حرصوا دوما على شرح هذه الوضعية الثلاثية دون أن يملكوا الوسائل المناسبة لإيصالها للنخب و الجمهور على حدا سواء و هو ما استطاع "تريتا بارسي" تحقيقه في هذا الكتاب في قالب علمي و بحثي دقيق و مهم ، ولكن ما لم يتم ترجمة الكتاب كاملاً للعربية ووصوله للقارئ العربي والمسلم فسيظل الكثير من شعوبنا يعيش في أوهام النصرة و النجدة الإيرانية للقضايا الإسلامية والعربية وعلى رأسها قضايا فلسطين والعراق وسوريا !!
وحتى نكون منصفين في تقييمنا عن خطورة ايران التي لا تقل خطورة عن امريكا واسرائيل في المنطقة فها نحن نشهد اليوم مثالا وأنموذجا واضحا عن الشبه الكبير بين الثلاثي الايراني - الامريكي - الاسرائيلي ، عندما نسمع بشعارات ساسة ايران ورموزها الدينية المطالبة بإغاثة العراق وسوريا ومنع التدخلات في شؤونها الداخلية ومن جانب آخر نجد ان من شرع وساهم وايد بتدهور الأوضاع في البلدين سوريا والعراق هي نفسها ايران ورموزها بهيمنتها على مصادر القرار في البلدين خدمة لمصالحها ونفوذها في المنطقة لإشباع طموحاتها التوسعية على حساب البلدان المجاورة وشعوبها ، فأين إيران من شعارات تحرير البلدان الإسلامية وهي اول من أفتى بجواز دخول قوات الاحتلال للعراق من خلال فتاوى قرابة الأربعين معمم من ذوي النفوذ في إيران وحوزاتها وعلى رئسهم الخامنئي صاحب شعارات تحرير القدس ؟!! ليكون بعد هذه العراق مقرا للنفوذ الإيراني وساحة لتصفية حساباتها وبناء اقتصادها .
وأين إيران من الحراب التي وجهها الحرس الثوري الإيراني بمعية حزب الله اللبناني الى صدور السوريين، مرتكبين ابشع صنوف القتل والتنكيل بالنساء والأطفال والشيوخ العزل ، قائمين بعمليات تطهير طائفية ضد أناس يشهدون بوحدانية الله نصرة ودعما للحزب الحاكم المتمثل ببشار ؟!! بشار الذي لا يقل دكتاتورية عن دكتاتورية صدام وحزبه البعث الذي عاث في العراق الدمار .
ختاما ومن خلال تتبعنا للسياسة الايرانية في البلدان الاسلامية المجاورة لها علينا ان لا ننخدع بشعارات ايران التحررية وما يوم القدس في قاموسهم الا سياسة ماكرة لبناء امبراطوريتهم الايرانية بعد ان يتستروا بعباءة القضية الفلسطينية .
التعليقات (0)