الإتفاقية الدولية للإختفاء القسرى لم أكن اتوقع أن تظهر إلى العلن ، وتعقد بعض الدول فى أواخر العقد الأول من القرن الحادى والعشرين ما يسمى بإتفاقية الإختفاء القسرى للافراد .
حيث وقعت إحدى وعشرين دولة على هذه الإتفاقية ، وكانت آخر تلك الدول الموقعة عليها هى البرازيل ، ولم توقع عليها أى من الدول العربية ـ ويالها من مفارقة ـ سوى العراق ...!... كما لم توقع عليها من الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى سوى فقط فرنسا .
ويقال أن 63 دولة على مستوى العالم عرفت ممارسة منهجية للإختفاء القسرى منها سبع دول عربية ـ على رأسهم مصر بطبيعة الحال ـ وقد رفضت تلك الدول وبشدة الإنضمام إلى الدول الموقعة على تلك الإتفاقية ، أو حتى الإعتراف بالإتفاقية ذاتها ، على الرغم من أن هذه الإتفاقية لاتهتم بأى فرد إختفى قبل التوقيع عليها ـ المصدر قناة الجزيرة ـ
ويعد أبرز المختفيين قسريا فى مصر هو الصحفى رضا هلال نائب رئيس تحرير الأهرام ـ ومن ثم فهو يبدو ظاهريا ، ومن حيث الشكل ، محسوبا على النظام و بما أن الأهرام تعد من أبرز الجرائد الحكومية ـ ولكنه للأسف لن يستفيد من تلك الإتفاقية حيث أنه قد إختفى فى 11 أغسطس 2003 ، والإتفاقية لا تهتم بالمختفيين قبل إقرارها من تلك الدول التى إعترفت بها وأقرتها . لكن يظل مصير ذلك الصحفى المختفى حتى الآن مجهولا ولغزا كبيرا ، حيث لا يعرف أحد على وجه اليقين عما إذا كان لايزال على قيد الحياة أم لا.ولعل ذلك قد يدلل على تطابق قراءة محمد حسنين هيكل لوثائق ويكيليكس ـ من خلال الجزيرة ـ مع الواقع المعاش ، من ناحية تراجع دور الجيوش فى الدول العربية ، بما فى ذلك مصر ، على حساب إتساع دور الأجهزة الأمنية ، ليس لحفظ الأمن على مستوى المجتمع والفرد بصفة عامة ، ولكن فقط لحفظ أمن الأنظمة الحاكمة ، خاصة تلك التى لاترفض فقط مجرد التوقيع على إتفاقية الإختفاء القسرى للأفراد ، ولكنها تقاومها أيضا وتحرض ، أو تقود ، الآخرين نحو مقاومتها كذلك .
وفى الحقيقة ، وطالما وصلنا إلى ذلك الحد من التفريط حتى فى حقوقنا الدفاعية ومن أن يكون لنا جيوش قوية تكون جاهزة ، وعلى أهبة الإستعداد ، فى أى وقت للدفاع عن تراب الوطن فيما لو تعرض لأى عدوان خارجى، فلنكن إذن صرحاء وصادقون ومتسقون مع أنفسنا ونلغى أو نسرح جيوشنا الوطنية ضغطا للإنفاق الذى يستنزف حوالى ثلث الميزانية العامة للدولة تقريبا فقط فى شكل رواتب ومكافئات لعلية القوم الذين لايصنعون شيئا مفيدا بعد أن همشهم النظام نفسه على حساب إتساع الدور الأمنى والأجهزة الأمنية ، والتى باتت تتحكم بالفعل فى كل شىء ، وفى أى تعيينات ـ أو إنتخابات ـ مجلس الشعب أو الشورى أو حتى المجالس المحلية ، حيث حكى لى صديق سابق ، وكان نائب سابق فى مجلس الشعب عن حزب الوفد ، واسمه صلاح الصايغ ، كيف إنه فى الإنتخابات المحلية الآخيرة قد اجتمع به ، وعدد أخر من مسؤلى الأحزاب بالمحافظة ، المحافظ وأمين الحزب الحاكم فى المحافظة وفرد آخر يمثل أحد الأجهزة الهامة ومدير الأمن فى المحافظة ثم مسؤل أمن الدولة فى المحافظة ، ولم يكن لأى من هؤلاء كلمة مسموعة سوى فقط لمسؤل أمن الدولة فى المحافظة الذى إتفق معه على تعيين شقيقه وزوجته فى المجالس المحلية ـ وهما ليس لهما أى علاقة بالسياسة تماثل من لم يتم إختيارهم فى تك الجالس ، وربما لهذا السبب قد اختيرا كما تم إختيار أو تعيين أغلب أعضاء مجلس الشعب الحالى على هذا الأساس ـ مقابل عدم خوض حزب الوفد ، وكذا بقية الأحزاب الآخرى التى دخلت فى لعبة المحاصصة ، أو المساومة ، مع أمن الدولة ، الإنتخابات .
مجدى الحداد
التعليقات (0)