اللافت للنظر هذه الأيام أن قريحة نشطاء الحزب الوطنى ومنهم مروجى إطلاق الشعارات الرنانة أصبحت تأخذهم لسياق آخر مع الإحتفاظ بالقديم منها ، فلكل حرس منهم شعاراته ، فكانت النقطة الفاصلة بينهما هى شعار – اللى متتسماش – الشفافية ، وبدأت شعارات عكسية فبعد الإستقرار سمعنا التغيير والإنطلاق ، وبدأ النفاق يتسع ودخل رجالات الأديان ليدلوا بدلوهم فى السياسة مع أن دستور الدولة يجرم خلط الدين بالسياسة ، فالشيوخ أفتوا بعدم تحريم التوريث ولم يتحدثوا عن أسباب عدم تحريمه وذلك بعمل إنتخابات سليمة وفرص متكافئة بين المرشحين مثلاً ، ودخل قليل من القساوسة الكبار على الخط مرحبين ومبايعين للسيد جمال مبارك ، فهو شاب صغير السن ، إقتصادى ناجح ، مدنى وليس عسكرى ، وهذه من وجهة نظرهم هى أسباب مبايعتهم له ، وعلى كلامهم هذا لو ترشح الرئيس مبارك للرئاسة ضد أى شخص صغير السن ومدنى سينتخبوا الشخص الثانى (!!) ، وعندما ظهر إسم الدكتور البرادعى كمرشح وما أن نطق بكلمة إمكانية ترشحه بتوافر شروط معينة حتى إنهالت عليه أسلحة الدمار الشامل ، وكانت أسبابهم أنه يعيش خارج مصر ولا يدرى شيئاً عنها وهو مزدوج الجنسية ، فالسبب الثانى نفاه الرجل تماماً ورغم هذا لم يسأل هؤلاء أنفسهم كم وزير كندى الجنسية فى تلك الحكومة المصرية عدا الوزارات السيادية ؟! ، وأما عن الحياة خارج مصر فلا تعنى أن الرجل بعيد عن مصر بدليل أن حكومتنا الذكية تقول لنا منذ سنوات عديدة أن العالم أصبح قرية واحدة ولم تحدد هل هى كقريتها ذكية أم كقريتنا غبية ؟! ، ورغم هذا فهناك فى مصر عشرات من - ولن نقول معظم - المسئولين يعيشون فى مصر ولا يعلمون عنها شيئاً مثلى تماماً فأخبار قريتى التى لا أتركها أسمعها من إبن عمتى بالخارج (!!) ، وبدأت الآن نفس الأسلحة تخرج مرة أخرى ولكن بطريقة مهينه لهم وليس لشخص الدكتور البرادعى ، فيقول أحدهم أن طبقة صوت البرادعى ضعيفة جداً (!!) لا تساعده على توصيل المعانى التى يقصدها ، ويقول زميله فى نفس الجريدة – ذات التوزيع المخزى – نفس الكلام بطريقة جارحة فهما على ما يبدو كانا يعقدان جلسة طوارىء لكيفية الرد وكان ردهم مضحك حقاً ، ولذلك نسأل عن النغمة المطلوبة لصوت المرشح ، هل ينفع صوت عبد المطلب أم صوت تامر حسنى - مطرب المناسبات - أم نستنسخ صوت عبدالحليم أو عبدالناصر ، فالرجل تحدث مع معظم رؤساء الدول ولم تخرج تلك الألفاظ حتى من اليهود ولكنها خرجت من هنا من مصر ، فالرجل عاش عشرات السنوات فى الخارج ولم يتحدث العربية إلا قليلاً فى تلك البلاد فلا عجب فى صعوبة نطقه ، تماماً مثل لاعب الكرة الذى يحترف لسنوات طويلة فى الخارج يأتى ويتحدث بصعوبة ، ولن يضيره شيئاً فى ذلك لأنه يلعب الكرة بأقدامه وليس بلسانه وكذلك السياسى يلعب بأفكاره ورؤاه وأهدافه ، ومع هذا نرى هؤلاء جميعاً قد تناسوا أنهم قد صدعونا بقولهم أن الكل – فى الخارج طبعاً - يشيد بلغة السيد جمال مبارك وإتقانه الإنجليزية ، وآخر شىء هو القول بأن السيد جمال مبارك قد تربى فى المطبخ الرئاسى ومع هذا قد تجد مطبخاً فخماً ولا تجد طبخاً ، وقد تجد مطبخاً متواضعاً وتجد طبخاً شهياً ، لذلك وإن كان المطبخ يهمنا فما يهمنا أكثر هو نوع وجودة الطبخ ، فالطبيخ يحتاج نفس - بفتح النون والفاء – لطهيه ويحتاج نفس – بكسر النون - لتتقبله ثم تأكله !!
22/2
التعليقات (0)