اكتئاب.كوم
يطرح عالم الانترنت نفسه كموضوع مهم، ليس فقط بسبب الثورة التي أحدثها في عالم الاتصال، وما ترتب عن ذلك من عولمة للمعرفة. وانما أيضا بفعل الدراسات المختلفة التي وجدت في جوانب كثيرة من حضور هذه التقنية التواصلية في حياة الانسان مادة خصبة للبحث والتحليل. والجديد على هذا المستوى جاء هذه المرة من السويد. حيث قال ( جان برجستروم) في رسالة قُدِِّمت في معهد " كارولينسكا " السويدي: " ان الإنترنت يمكن أن يكون وسيلة فعالة في علاج إضطرابات الهلع، كما يُمكن أن يؤدي وظيفة فعالة في التخفيف من نوبات الإكتئاب الخفيفة والمتوسطة ".
هذا الأسلوب يندرج ضمن العلاج المعرفي السلوكي، الذي يستقي أفكاره وأدواته من علم النفس المعرفي و هو علاج مباشر تستخدم فيه آليات وأدوات وفنيات معرفية لمساعدة المريض على تصحيح أفكاره السلبية، التي يصاحبها خلل انفعالي، وتحويلها الى أفكار يصحبها ضبط للانفعالات والسلوكات. وهذا يعني أن العلاج المعرفي يربي في الانسان المريض التدرب على فحص مدى صحة أفكاره ومعتقداته بخصوص ما يحيط به، بدل التسليم بها وتصديقها دون التساؤل عن مدى صحتها. لكن يبدو أن استغلال تقنية الانترنت في هذا العلاج ستكون له نتائج أكثر فاعلية سواء تعلق الأمر بتكلفة العلاج أو بالمقارنة مع الأسلوب المتبع حاليا في جلسات العلاج المباشرة. حيث يمكن للمريض أن يخضع لبرنامج علاج ذاتي بمساعدة الطبيب المعالج الذي يتواصل مع المريض عبر البريد الالكتروني. و قد بدأ التنفيذ الفعلي للاستراتيجية العلاجية الجديدة بعدما تم تبني هذه التقنية رسميا من طرف السلطات الصحية في هذا البلد الاسكندنافي الذي يعرف واحدة من أكبر نسب الاكتئاب في العالم، وما ينتج عن الظاهرة من مضاعفات قد تؤدي الى الانتحار.حيث أوصى " المجلس القومي للصحة والرعاية الاجتماعية " باستخدام الانترنت في علاج الاكتئاب و الخوف المرضي.
الجدير بالذكر أن الدراسة التي تم تقديمها تحت اشراف معهد " كارولينسكا "، قامت بتجارب اكلينيكية بشكل عشوائي على عينة ضمت 104 أشخاص مصابين بمشاكل نفسية تتجلى في " اضطرابات الهلع ". وتمت مقارنة لنتائج بين مجموعة تلقت اساليب علاجية عادية، واخرى عولجت عن طريق الانترنت. وتبين أن العلاج المعرفي السلوكي عن طريق الانترنت كان فعالا للغاية حتى بعد مرور ستة اشهر من العلاج. كما لوحظ أن هذه الفاعلية تظهر بوضوح حينما يتم التعامل مع المرض مبكرا، غير أن الأمر لا يحقق نفس النتائج الايجابية في الحالات التي يعاني أصحابها من اكتئاب شديد أو أولئك الذين سبق أن تعرضوا لنوبات اكتئاب حادة ومتكررة.
ان نتائج الدراسة العلمية المذكورة، تؤكد أن سحر الانترنت لاحدود له، وبالرغم من التخوفات الطبية والأخلاقية من الوقوع فريسة الادمان على الابحار في الشبكة العنكبوتية، فان هذا الارتباط بالحاسوب هو على الأقل أفضل من الادمان على الاكتئاب وما يرافقه من سوداوية وميل الى الانطوائية والانعزال.
محمد مغوتي01/05/2010.
التعليقات (0)