يظل الحديث عن العلاقة المصرية السعودية مغريا , بيد أننى سأتخذه مدخلا للحديث عن الحالة الأقتصادية فى مصر , مبينا أسباب فقررها , هذا الفقر الذى حتم على أهم شخصيتين فى مصر أن يذهبا إلى السعودية مع وفد من المسئولين وغيرهم فيما يمكن أن أطلق عليه -رحلة طلب العفو - العفو عن جرم قام به بعض المصريين بسبب تظاهرة سلمية أمام السفارة السعودية بسبب ما يعتقدون أنه ظلم وقع على أحد مواطنيهم فى السعودية , ووا ضح أن العفو قد تم وذلك بعودة السفير وبوعد بتحويل خمسمائة ميليون دولار لمصر فى الشهر القادم . الموضوع ببساطة ان مصر دولة مأزومة مهزومة القوة مهيضة الجناح , وأن مسئوليها يتصرفون من هذا المنطلق , وأنها لا تريد أن تستغنى السعودية عن 2ميليون مصرى فيدخلون مصر جائعين . سبق أن كتبت أننى لا ألوم السعودية فمن حق أية دولة أن تبحث عن مصالحها وعن وضع أدبى متميز لها وفق ما تراه من موازين القوى أمامها , ولكن يبقى السؤال وهو هل مصر دولة فقيرة ؟ الإجابة نعم ولكنها فقيرة بحكامها الذيين تربعوا على حكمها منذ نصف قرن من الزمن وجعلوا الفساد وسوء الإدارة فى كل المواقع , وأبعدواأصحاب الكفاءات ليحل محلهم الموالون والمصفقون الباحثون عن المزايا والمخصصات , وجعلوا رؤساء الوحدات الانتاجية والمصانع من الضباط الذين يفتقرون إلى الخبرات الإدارية والعلمية فنشروا الفساد والغهمال فى كل موقع . , وفى سبيل تبرير فسادهم وإفقارهم لوطن هو من أغنى بلاد المنطقة بتنوع ثرواته , حيث الأرض الخصبة وأفضل جو طيلة العام , وثلث آثار العالم , وأهم ممر ملاحى , وكل المعادن فى باطن هذه الأرض ,وتصدير الغاز و النفط . أقول فى سبيل تبرير هذا الفقر تحدث حكامنا عن تبريرين غاية فى الكذب والتدليس . الأول هو الحروب المتعددة التى فرضت عليها , . الثانى هو الزيادة المطردة فى عدد السكان . وللرد على السبب الأول أقول 1 - إن هذه الحروب إنما اخترع هؤلاء القادة أسبابها بحثا عن الزعامة الكاذبة , ذلك أن مصر لم تكن مهددة من أحد , ولم يدخلوا هذه الحروب ضد محتل لأرضهم ., ومع ذلك فإن مصر لم تتحمل نفقات هذه الحروب , وأذكر أنه بعد هزيمة 67 أن عوض الاتحاد السوفيتى مصر عن كل الأسلحة التى فقدتها دون مقابل , وذلك كنوع من الترضية لعبد الناصر لأن السوفيت كانوا يتحملون بعض المسئولية الأدبية لأنهم هم الذين سربوا لعبد الناصر أن إسرائيل تحشد قوات على الحدود السورية على خلاف الحقيقة . وبعد انعقاد مؤتمر القمة العربى فى الخرطوم بعد الهزيمة بقليل تعهد الزعماء العرب بمساعدة مصر , وبالفعل تحمل الاقتصاد العربى و الخليجى بالذات معظم أعباء الحرب , وبعد اتفاقية السلام مع إسرائيل برعاية أمريكية وغربية تلقت مصر مساعدات بحوالى 2 ميليار دولار كل عام ولا يزال ذلك حتى اليوم . أين إذن هى تكلفة الحرب التى تعلل بها حكامنا عديمو الكفاءة والرؤية ؟ . أما عن حجة الزيادة السكانية فإن الشعب المصرى الذى أفقره حكامه قد هجر وطنه وتحول إلى مصدر دخل كبير . أنا على سبيل المثال لا أعرف زميلا واحدا من زملاء المهنة لم يقض فترة فى العمل فى خارج مصر , ولا أعرف وحدة سكنية من البناية التى أسكنها أو منزلا من منازل قريتى ولا أسرة من أقاربى أو أصدقائى لم يسافر منها أحد للعمل فى فترة من حياته . من هنا فإن مصر تدفع ثمن جريمة حكامها , هؤلاء الذين تاجروا بها فى سوق النخاسة , وسقوها كؤوس المذلة , هؤلاء الذين سطوا عليها عام 52 وكان الجنيه المصرى أقوى من الاسترلينى , وكانت مدينة الاسكندرية مأوى ومهربا للكثير من الجاليات الأوربية التى وجدت فيها مستوى حياة أرغد وأكرم من الموجود فى بلادها , والآن أصبح الشباب المصرى يغامر بحياته فى هجرة غير شرعية لهذه الدول يعلم أنها قد تكلفه حياته . هذا إذن حال مصر وتلك كبرياؤها المهينة بفضل حكامها الأشاوس . هؤلاء الذين حمدنا الله أن خلصنا من بقاياهم برحيل مبارك , ولكن يبدو أن ما فعلوه فى الشخصية المصرية وفى تدمير فكرها وتجريف وعيها أكبر من أن تمحى آثاره فى فترة وجيزة من الزمن , ,
التعليقات (0)