سنتياغو – وفا: قال الرئيس محمود عباس، إنه كان لرئيس الوزراء الإسرائيلي ابو مازن : كان لنتنياهو الخيار بين السلام وبين والاستيطان فاختار للأسف الاستيطان.
وأوضح في خطاب ألقاه بالمجلس الاقتصادي لأمريكا اللاتينية والكاريبي التابع للأمم المتحدة لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أنه أمام هذا الموقف الإسرائيلي فإننا نتشاور ونتدارس مع أشقائنا العرب ومع مجموعة الدول اللاتينية والإفريقية والأوروبية والأسيوية، وفي المستقبل مع الإدارة الأمريكية إمكانية الذهاب إلى مجلس الأمن بهدف ترسيم حدود دولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع أن هدفنا الذي سنستمر بالسعي إليه هو دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل بأمن وسلام.
وقال: بعد 61 عاما من النكبة آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يعيش بأمن وسلام في دولته المستقلة ذات السيادة.
وفيما يلي النص الكامل للخطاب:
أصحاب السعادة
السيدات والسادة
أشكركم على دعوتكم وحضوركم، وانتهز هذه المناسبة لأهنئ جمهورية تشيلي، رئيسة وحكومة وشعبا لمناسبة المئوية الثانية للاستقلال، ولأعبر في الوقت نفسه عن فائق شكرنا وتقديرنا لمواقف هذا البلد الصديق في تأييد حقوق شعبنا الفلسطيني كما أقرتها الشرعية الدولية.
كما أتوجه بالشكر إلى المجلس الاقتصادي لأمريكا اللاتينية والكاريبي التابع للأمم المتحدة لتوجيهه هذه الدعوة لي، تعبيرا عن الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة بكافة مؤسساتها في نقل معاناة شعبنا والعمل الجاد على إنهائها
إن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في التاسع والعشرين من نوفمبر من كل عام، يحمل رسالتين، الأولى إن قرار التقسيم عام 1947 نص على إقامة دولتين دولة إسرائيل ودولة فلسطين، والرسالة الثانية أن الشعب الفلسطيني لا زال يعيش المعاناة محروما من حقه في إقامة دولته.
إن وجهة نظرنا أنه لا يوجد شعب زائد في الشرق الأوسط، بل توجد دولة ناقصة، هي الدولة الفلسطينية.
لم يتعرض شعب للظلم في التاريخ الحديث كالشعب الفلسطيني، فمن نتائج الحرب العالمية الأولى صدور وعد بلفور عام 1917 الذي أعطى وعدا للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
أما الحرب العالمية الثانية فنتج عنها قرار التقسيم، ثم النكبة عام 1948 وتشرد شعبنا الفلسطيني في أماكن مختلفة فقسم بقي في إسرائيل و قسم بقي في الضفة الغربية التي أصبحت مع الأردن وقسم في قطاع غزة تحت الإدارة العسكرية المصرية وآخرون تشردوا كلاجئين في الدول العربية المجاورة وفي دول العالم الأخرى.
لم يلتفت العالم، ولم يبال للأسف بمصير الشعب الفلسطيني بعد عام 1948. فإسرائيل اعتبرت القضية الفلسطينية منتهية، إذ سيموت كبار السن، وأما الصغار فسينسون. أما المجتمع الدولي فتعامل مع القضية الفلسطينية كحالة إنسانية للاجئين، تساعدهم الأونروا أي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة.
لم يكن أمام الشعب الفلسطيني وأمام صمت العالم وعجزه من خيار سوى المبادرة إلى القيام بثورة مسلحة، انطلقت بها حركة فتح، ثم قامت منظمة التحرير الفلسطينية لخوض أصعب نضال وأعقده، نضال إبراز هويتنا الوطنية، وإننا شعب له الحق في تقرير مصيره على أرضه.
السيدات والسادة
لقد أدركنا صعوبة الوضع وتعقيدات الصراع وإبعاده، والمفاهيم التي سادت بشأن نكران وجود الآخر منطلقين من أن اليهود الذين يقيمون في دولة إسرائيل لا يمكن أن يعودوا إلى البلاد التي جاءوا منها كما كان يقال والفلسطينيون لا يمكن أن يزولوا وتبتلعهم الصحراء، لذلك اقترحنا عام 1968 إقامة دولة ديمقراطية علمانية في فلسطين، يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون، ولكن هذه الفكرة رفضت من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية مع أنها وجدت أقلية يهودية إسرائيلية قبلت بها.
لا أريد أن أسرد أمامكم تاريخ القضية الفلسطينية، أو تاريخ المنطقة، لذلك سأورد باختصار بعض المحطات بدءا من حرب أكتوبر وأزمة البترول الشهيرة التي حركت المجتمع الدولي بفاعلية اكبر من الماضي لحل الصراع، إذ صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 الذي استند إلى قرار سابق لمجلس الأمن صدر بعد حرب عام 1967 والمعروف بالقرار 242، وفي كلا القرارين دعوة لإحلال السلام ومطالبة واضحة بعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، ولكن القرارين تعرضا للموضوع الفلسطيني في إطار حل قضية اللاجئين.
ولكن النضال الفلسطيني كان قد حصل على اعتراف وتعاطف دولي كبيرين، وبتأييد من حركة عدم الانحياز والدول الاشتراكية آنذاك، وعدم ممانعة دول عديدة في أوروبا الغربية.
في عام 1974 ألقى المرحوم ياسر عرفات خطابه الشهير في الأمم المتحدة قائلا. أتيتكم حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر بيد أخرى، ومنذ ذلك العام تبلورت لدينا فكرة حل الدولتين، عندما أقر مجلسنا الوطني برنامجا سمي برنامج النقاط العشر، ونتج عن هذا البرنامج توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، كما فتح هذا البرنامج الباب أمام البدء باتصالات بيننا وبين بعض القوى اليهودية في إسرائيل وخارجها على قاعدة الدولتين، أما الحكومات الإسرائيلية فاتخذت قرارات تعاقب بموجبها كل من يتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية.
في عام 1988 وأثناء انتفاضة أطفال الحجارة في الضفة الغربية وقطاع غزة قرر مجلسنا الوطني في الجزائر القبول بقراري مجلس الأمن 242و338، أي الاعتراف عمليا بإسرائيل على 78 بالمائة من أرض فلسطين التاريخية وليس المساحة التي كان قرار التقسيم قد نص عليها، وعلى هذا الأساس أصدرنا وثيقة إعلان الاستقلال وقيام دولتنا الفلسطينية التي اعترفت بها دول عديدة، وبعدها بدأ حوار بيننا وبين الولايات المتحدة التي كانت حتى ذلك الوقت ترفض مجرد القبول بعبارة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
أقول بصراحة إننا حاولنا لسنوات طويلة أن نفتح حوارا مع الولايات المتحدة الأميركية، وكان يؤلمنا أن الفيتو الأميركي حال دون تمرير عشرات مشاريع القرارات في مجلس الأمن، وكان يحيرنا التناقض ما بين التصريحات من جهة والمواقف العملية من جهة أخرى للإدارات الأمريكية، وتجلى ذلك في إن الولايات المتحدة مثلا كانت اللاعب الدولي الأقوى في تمرير قرار التقسيم عام 1947، لكنها لم تفعل شيئا من اجل تطبيق الشق الخاص بالفلسطينيين، كما أن الولايات المتحدة أيدت القرار 194 بشأن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض والذي كان شرطا لقبول إسرائيل في الأمم المتحدة ولكنها أيضا لم تسع إلى تنفيذه.
والولايات المتحدة أعلنت بعد حرب عام 1967على لسان الرئيس جونسون ردا على قرار إسرائيل بضم القدس والبدء ببناء المستوطنات بأنها ملزمة بالدفاع عن أمن إسرائيل ووجودها وليس عن توسعها.
إننا ندرك أهمية الدور الأميركي ولسنا ولا نريد أن نكون في موقف العداء للولايات المتحدة، وقد تعاطينا بإيجابية مع كل جهد أمريكي اقترب ولو قليلا من دور الوسيط النزيه والمحايد بدءا من مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم رعاية الولايات المتحدة للمفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين بعد أن توصلنا عبر قناة أوسلو إلى اتفاق إعلان المبادئ والتوقيع عليه يوم 13 سبتمبر 1993 في البيت الأبيض.
اتفقنا على إنهاء المفاوضات عام 1999 وصولا إلى قيام دولتين وقد استطعنا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين انجاز أمور هامة خلال سنتين ولكن اغتياله ومجيء نتانياهو أوقف العملية لأنه وخلال تلك السنوات تم عزل القدس الشرقية المحتلة عن محيطها وعومل قطاع غزة وكأنه كيان منفصل، وبقي أسرانا في السجون، وتوسع الاستيطان، وبدأنا نسمع عبارات استيطان شرعي، ونمو طبيعي للاستيطان، وكانت النتيجة جمود عملية السلام وتنامي الإحساس بعدم جدية الجانب الإسرائيلي في تحقيق السلام.
بعد سقوط حكومة نتانياهو وإجراء الانتخابات التي فاز فيها حزب العمل برئاسة أيهود باراك عام 1999، جرت في كامب ديفيد وفي الأيام الأخيرة من ولاية كلينتون، المفاوضات المشهورة التي لم تثمر عن اتفاق، أعقبها مباشرة قيام شارون بدخول ساحات المسجد الأقصى وانفجار الوضع وقيام الانتفاضة الثانية التي كانت لها نتائج مدمرة.
وبعد وفاة الرئيس ياسر عرفات الذي ظل محاصرا أربع سنوات، انتخبت رئيسا للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، كان البرنامج الذي طرحته على الشعب الفلسطيني يتلخص بإقامة نظام ديمقراطي وتعددي وإنهاء ظاهرة فوضى السلاح، وتكريس الأسس الديمقراطية على المستويات المختلفة الرئاسية والتشريعية والبلدية والنقابية، وتطبيق معايير النزاهة والشفافية المعترف بها دوليا.
إلا أن برنامجي تعرض إلى أمرين خطيرين :
1 – حالة الانقسام، بسبب انقلاب حماس في قطاع غزة.
2- استمرار إسرائيل في التوسع الاستيطاني.
لكننا تمكنا من الحصول على رؤية الرئيس جورج بوش بحل الدولتين، إذ قررت إدارة بوش التي خاضت حربين لازالتا مستمرتين، الالتفات إلى الموضوع الفلسطيني ولكن وللأسف بوقت متأخر من خلال انعقاد مؤتمر السلام الدولي في أنابوليس في نهاية العام 2007.
واستطعنا مع حكومة أولمرت - ليفني وبمساهمة هامة من كوندوليزا رايس أن نصل إلى تفاهمات حقيقية حددت حدود الرابع من حزيران عام 1967 كنقطة ارتكاز لحل الدولتين .
جاءت حكومة نتانياهو الجديدة عام 2009 وأعلنت عدم التزامها بالمرجعيات التي نصت عليها خارطة الطريق وتنكرت للتفاهمات، ولا زالت تسعى إلى إرجاعنا إلى نقطة الصفر.
أريد أن اكرر أمامكم بأنه ليس لدينا شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات، بل نطالب بالتزام الجانبين بأسس عملية السلام وفق خارطة الطريق وتحديدا وقف النشاطات الاستيطانية بما في ذلك النمو الطبيعي وبما يشمل القدس.
فالمفاوضات بالنسبة لهم هي أن إسرائيل تفعل ما تشاء على الأرض وبإمكاننا أن نقول ما نشاء على الطاولة.
وما جاء في إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم أمس لم يحمل في طياته أي جديد، فالاستيطان سوف يستمر في الضفة الغربية، وسوف يستمر في القدس التي تم استثناؤها من القرار، ولم يلتزم رئيس الوزراء باستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008، لقد كان لرئيس الوزراء الخيار بين السلام وبين والاستيطان فاختار للأسف الاستيطان.
أمام هذا الرفض الإسرائيلي فإننا نتشاور ونتدارس مع أشقائنا العرب ومع مجموعة الدول اللاتينية والإفريقية والأوروبية والأسيوية، وفي المستقبل مع الإدارة الأمريكية إمكانية الذهاب إلى مجلس الأمن بهدف ترسيم حدود دولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية. إذ أن هدفنا الذي سنستمر بالسعي إليه هو دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل بأمن وسلام.
بعد 61 عاما من النكبة آن الأوان للشعب الفلسطيني آن يعيش بأمن وسلام في دولته المستقلة ذات السيادة والتي ستكون ركنا أساسيا من أركان الأمن والسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم بأسره.
التعليقات (0)