مواضيع اليوم

ابن زريق البغدادي

سلام الهدى

2010-11-16 10:51:55

0

حال العيد في طل من ترك اهله وابتعد عنهم  في ديار الغربة

يقول ابن زريق البغدادي في مستهل قصيدته مخاطبا زوجته:
لا تعذليه فإن العذل يولعه = قد قلتِ حقا ولكن ليس يسمعه

جاوزت في لومه حدا أضر به = من حيث قدّرتِ أن اللوم ينفعه

فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً =من عذله فهو مضنى القلب موجعه

قد كان مضطلعا بالخطب يحمله = فضيقت بخطوب الدهر أضلعه

يكفيه من لوعة التشتيت أن له =من النوى كل يوم ما يروعه

ما آب من سفر إلا وأزعجه = رأي إلى سفر بالعزم يزمعه

كأنما هو في حل ومرتحل = موكلٌ بفضاء الله يذرعهُ

إن الزمان أراه في الرحيلِ غنى = ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه

وما مجاهدة الإنسان توصله =رزقا، ولا دعة الإنسان تقطعه

قد وزّع الله بين الخلق رزقهمُ = لم يخلق الله من خلق يضيعه

لكنهم كلفوا حرصا ، فلست ترى = مسترزقا وسوى الغايات تُقنعه

والحرص في الرزق-والأرزاق قد قسمت = بغي ألا إن بغي المرء يصرعه

والدهر يُعطي الفتى من حيث يمنعه = إرثا ويمنعه من حيث يطمعه


ثم يلتفت ابن رزيق التفاتة محب عاشق إلى بغداد ، حيث زوجته التي تركها دون أن يستمع إلى نصيحتها ، إنها مملكته التي أضاعها ولم يحسن تدبيرها:


أستودع الله في بغداد لي قمراً = بالكرخ من فلكِ الأزرار مطلعه

ودّعته وبودي لو يودعني =صفو الحياة ولا أني أودعه

وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى = وأدمعي مستهلات وأدمعه

ومن غدا لابسا ثوب النعيم بلا = شكر عليه فإن الله ينزعه


وفي ختام القصيدة يتحدث ابن زريق عن واقع الحال مع الغربة ، بين الأسى واللوعة ، والندم والألم، وهنا ينفسح المجال للتأمل ، وينطلق اللسان بالحكمة التي تفجرها التجربة ، ويشرق القلب بالدموع:


اعتضت من وجه خلي بعد فرقته = كأسا أجرع منها ما أجرعه

كم قائل لي ذقت بين ، قلت له: = الذنب ذنبي فلست اليوم أدفعه

ألا أقمت فكان الرشد أجمعه؟ = لو أنني يوم بان الرشد أتبعه

إني لأقطع أيامي ، وأنفذها = بحسرة منه في قلبي تقطعه

بمن إذا هجع النوام بت له = بلوعة منه ليلي لست أهجعه

لا يطمئن لجنبي مضجع ، وكذا =لا يطمئن له مذ بنت مضجعه

ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني = به، ولا أن بي الأيام تفجعه

حتى جرى البين فيما بيننا بيد = عسراء تمنعني حظي وتمنعه

قد كنت من ريب دهري جازعا فرقا = فلم أوق الذي قد كنت أجزعه

بالله يا منزل العيش الذي درست = آثاره وعفت مذ بنت أربعه

هل الزمان معيد فيك لذتنا = أم الليالي التي أمضته ترجعه

في ذمة الله من أصبحتَ منزله = وجاد غيث على مغناك يُمرعه

من عنده لي عهد لا يضيعه = كما له عهد صدق لا أضيعه

ومن يُصدع قلبي ذكره، وإذا = جرى على قلبه ذكري يصدعه

لأصبرن لدهر لا يمتعني = به ولا بي في حال يمتعه

علما بأن اصطباري معقب فرجا = فأضيق بالأمر إن فكرت أوسعه

عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا =حيناً ستجمعني يوما وتجمعه

وإن تغُل أحدا مناً منّيته =فما الذي بقضاء الله يصنعه؟
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !