إيران تبشير سياسي عنصري
لإيران مشروع تبشيري ثقافي سياسي إستراتيجي تسعى لتنفيذه بشتى الطرق وبمختلف الأدوات معتمدة على استغلال مختلف الظروف داخل المجتمعات مستفيدةً من إرث تاريخي قديم , إيران حالياً فارس سابقاً دولة دينية مشوهة سيست الدين منذ عدة قرون وأزداد تسييسها بعد أن سيطر الخميني وأنصاره على السلطة في نهاية ثورة 1979م , الخميني أتخذ من المذهب ستاراً لتمرير مشاريعه السياسية ومشاريع أنصاره , تسييس الدين يقوم على تسييس الآراء والأدبيات والأفكار عبر لي أعناق النصوص الشرعية والمواقف التاريخية لتوافق ذلك الاتجاه المشوه , الخميني لا يختلف عن سيد قطب ولا عن غيره قديماً وحديثاً فتسييس الدين كفكرة وحركة سياسية هدفها السلطة بإسم الدين وإقامة شريعة الله الشعار المرفوع قديماً وحديثاً , تلك الفكرة لم يبتدعها الخميني بل سبقه كثيرون منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب الذي قٌتل وقٌتل من بعده بسبب تسييس الدين وشحن العواطف بشعارات ظاهرها الحق وباطنها الباطل ؟.
حاولت بعض الأنظمة العربية صد تداعيات الثورة الإيرانية بعد أن تمكن دعاة الدين والتدين من السلطة , فشكلت تحالفات متعددة داخل المجتمعات وخارجها ومن بين تلك التحالفات ما يٌعرف بالصحوة الإسلامية التي نشأت بالسعودية وامتدت للكويت وخرجت من حدود الخليج العربي لتضرب المجتمعات العربية والإسلامية أجمع , الصحوة خليطٌ من الفكر الحركي لجماعة الإخوان المسلمين و أدبيات دعوة محمد بن عبدالوهاب خليط مركب متناقض في كثير من المواقف فكانت الصحوة ثمرة ذلك الخليط الذي أكل المجتمعات العربية والإسلامية بشراهة وقتل الأحلام وتصدر المشهد الاجتماعي بعد أن غاب العقل المجتمعي مجموعة من الشخصيات الخمينية بقالب وشكل سني , الصحوة الخليط المركب ردة فعل فاشلة أكلت كل شيء وتساقط رموزها وتلونوا تبعاً للمواقف والظروف فتارة مفكرين ومعتدلين وتارة منظرين ودعاة نفره ونفير.
الإسلام السياسي السني و الشيعي بينهما الكثير من المشتركات والقليل من المتناقضات , فالمشتركات تتلخص في تجييش المجتمعات واستغلال عواطفها خدمةً لمشاريع هلامية وهمية , مشروع الخلافة السنية يقابله مشروع الإمام الغائب الشيعي , ومشروع المرشد العام بالفكر الشيعي يقابله مشروع المرشد العام بالفكر الحركي السني كلا المشروعين يقومان على وجود قائد ديني يقود المجتمعات شرقاً وغرباً دون أدنى اعتبار للقيم والثوابت والمسلمات والرغبات الجماهيرية ودون احترام للثوابت الدينية والمسلمات الغير قابلة للتأويل والاجتهاد الفردي والجماعي , الإسلام السياسي الشيعي الذي تبناه إيران لا يختلف عن الإسلام السياسي الذي تبنته طالبان من قبل وتتبناه بعض الأنظمة العربية سراً وجهراً فالهدف واحد والاختلاف محصور في الطريقة والأدبيات الجزئية المبنية على اجتهادات فردية , للإسلام الشيعي أدوات دموية مثلما للإسلام السياسي السني أدوات , فأدوات الإسلام السياسي بشكل مٌجمل عبارة عن مليشيات وقوى سياسية متسترة بالدين والمذهب تمارس القتل الطائفي والمذهبي والتكفير وترهب المجتمعات بتبريرات همجية , فالقاعدة أداة سنية و داعش كذلك وحزب الله وعصائب أهل الحق أدوات شيعية وغيرها الكثير والكثير من القوى والحركات من مشرق الأرض لمغربها , تلك الأدوات تنفذ مشاريع مستنده على أدبيات ورؤى شاذة كأدبيات الخميني ومن سبقه وأدبيات قطب ومن أتى بعده من صحويين وإخوانيين ومرتزقة ؟.
إيران استغلت التشيع كفكر وطريقة دينية فسيسته وزادت من جرعات تسييسه واستغلت الأقليات الشيعية المضطهدة لتمرير مشروعها السياسي العنصري فإيران دولة شعوبية عنصرية تسعى لنشر تشيعها الصفوي تضطهد الأقليات الشيعية العربية بإيران وتضطهد الأقليات العرقية والدينية الأخرى الغير فارسية, مشروعها عنصري شعوبي طائفي عرقي حتى وإن بدأ متستراً بستار المذهب , دعم إيران للأقليات الشيعية العربية يأتي من باب ضرب وحدة المجتمعات وبث الفرقة وإيجاد ثغرة للدخول وسط المجتمعات فالدعم هدفه سياسي إستراتيجي بعيد المدى .!.
إيران تمددت شرقاً وغرباً حتى وصلت لأفريقيا , تنشر التشيع السياسي الصفوي وتشرعنه بدعم اقتصادي وتواصل ثقافي وكل مشاريع مواجهة إيران فشلت لسبب واحد وهو استخدام الإسلام السياسي السني في المواجهة فكيف تحارب إسلام سياسي بإسلام سياسي لا يقل عنه إجراماً وتكفيراً وطائفية ومسخاً للمجتمعات , مواجهة فاشلة نتائجها المزيد من التدخلات والصراعات والطائفية الدموية والاحتقان المذهبي داخل المجتمعات .
الطريقة المٌثلى لمواجه مشاريع إيران التوسعية يكمن في تعزيز وحدة المجتمعات ونزع فتيل الاحتقان المذهبي والطائفي وتعزيز قيم المواطنة بغض النظر عن الانتماء المذهبي أو العرقي أو الديني وإيجاد قنوات ومراكز أبحاث فكرية تعمل من أجل دراسة الواقع الإيراني بشكل دقيق , الحوار مع إيران حلقة مفقودة حالياً , فعاصفة الحزم التي وجهت لجيوب إيران باليمن صدمت إيران وجيوبها بالمنطقة العربية , الحزم العاصف لابد أن يقابله حزم قوي تجاه الدخلاء وقوى الإسلام السياسي السنية والشيعية المختلفة فالأدوات مختلفة والرحم واحد ؟ .
المشروع الإيراني لا يمكن إيقافه عسكرياً فقط لكنه خيار باهظ التكاليف ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً , هناك الكثير والكثير من الخيارات المتعددة الفكرية والثقافية والاقتصادية , الخيارات المتعددة يجب الا تغفل عن أهمية تعزيز وحدة المجتمعات وصيانة مواطنتها وحماية حقوق الأقليات بها فالدول تتكون من مجموعة من الأقليات المختلفة وتهميش أقلية أو اضطهاد أخره كارثة تجعل العدو يتسلل للداخل بعد أن يستغل ظروف تلك الأقليات ويحولها لأداة هدم بعد أن كانت عامل بناء وصمود ؟..
مشروع إيران التوسعي شبيه تماماً بمشروع القاعدة وداعش وجماعة الإخوان فالرحم واحد , مشروع إيران التوسعي مكارثي تسبب بالكوارث دموية بالمنطقة العربية ومستقبلاً ستكون القارة الأفريقية مركزاً لنشر الدموية وتصدير المكارثية الصفوية الإيرانية إذا لم يستيقظ العرب وساسة أفريقيا ويقفوا صفاً واحداً لمواجهة ذلك المد التبشيري المتطرف , العاقل لا يقف ضد مذهب معين فالدين لله وكلٌ يعبد الله على طريقته لكن ذلك العاقل يقف بوجه من يستغل المجتمعات لتمرير أجنداته السياسية والفكرية ويقف بوجه من يحاول استبدال الهوية القومية بهوية قومية أخرى , مشروع إيران التوسعي تعرض لضربة موجعه مثلما تعرض مشروع جماعة الإخوان من قبل لضربة موجعة أوقفته بشكل مؤقت , توقف مشاريع إيران ومشاريع غيرها من القوى والحركات ومن يقف خلفها يبدأ بتعرية أدبيات الإسلام السياسي السنية والشيعية وبث روح المعرفة والفكر داخل المجتمعات وتعزيز الانتماء الوطني والقومي وصيانة وحدة المجتمعات بقوانين وإجراءات أساسها المشاركة والتعددية والتعايش , فالإسلام السياسي السني والشيعي ولد من رحم التاريخ المشوه والثوابت المسيسة وتغلغل داخل المجتمعات مستفيداً من الجهل والغباء والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومستنداً على شعار نصرة المستضعفين وغيرها من الشعارات الرنانة المفجرة للعواطف , سبل المواجهة كثيرة لكن يجب الا يغفل الساسة عن المجتمعات المتعددة المتنوعة فهي سلاح ذو حدين إما عامل بناء وصمود أو أداة هدم وتشرذم والتاريخ شاهد وقال الكلمة من قبل وسيقولها لاحقاً . !.
التعليقات (0)